الاستخدام الخطأ للقبة الحديدية يدل على عصبية متزايدة حيال غزة

Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل – معلق عسكري إسرائيلي —

•الاستخدام الخطأ للقبة الحديدية يوم الأحد بعد إنذار كاذب عن إطلاق صواريخ من قطاع غزة، يدل أيضاً، على ما يبدو، على درجة كبيرة من العصبية على حدود القطاع في ضوء تحضيرات “حماس” لمسيرة واعتصام بالقرب من السياج في نهاية الأسبوع. هذا الحدث ليس الأول من نوعه. ففي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي سُمعت صفارة إنذار في أنحاء غوش دان، وذلك في ذروة فترة توتر سادت الحدود الشمالية نُسبت فيها هجمات جوية ضد سورية إلى إسرائيل.

•في جنوب البلد أيضاً حدثت أحياناً إنذارات كاذبة هرع بسببها السكان إلى أماكن محصنة، لكن إطلاق صواريخ اعتراضية على تهديد غير مهم هو أمر غير مألوف للغاية. الجيش الإسرائيلي يجري تحقيقاً اليوم بشأن ملابسات الحادث الذي دفع عشرات الآلاف من السكان إلى المكوث في الأماكن المحصنة، وأُطلقت خلاله صواريخ اعتراضية تقدر تكلفتها بمئات آلاف الدولارات كما أُطلقت قذائف مدفعية في اتجاه مواقع للمراقبة تابعة لـ”حماس” على طول الحدود.

•يظهر من الفحص الأوّلي أن الإنذار جرى تشغيله بسبب إطلاق نيران رشاشات مدفعية في الهواء من أراضي القطاع في اتجاه منطقة زيكيم الواقعة جنوب عسقلان. بالأمس أجرت الذراع العسكرية للحركة تدريباً واسعاً في غزة. والسؤال هل إطلاق النيران من مدافع رشاشة هدفه فقط عرض قوة رمزي، أم من المحتمل أن “حماس” بذلت جهداً متعمداً للتسبب في أن ترتكب منظومة القبة الحديدية خطأ.

•تعمل “حماس” من دون توقف على تطوير وإجراء تجارب تتعلق بقدرتها الصاروخية. وظهر في الماضي أن الحركة تبحث عن وسيلة للتسلل إلى نقاط ضعف محتملة في المنظومة الاعتراضية من خلال إطلاق صليات كثيفة من الصواريخ في وقت واحد على عدة أهداف. في جميع الأحوال الفجوة بين ما فعلته “حماس” وبين التكلفة الهائلة للوسائل التي استخدمتها إسرائيل، كي لا نتحدث عن إزعاج سكان غلاف غزة، أثارت بالأمس شيئاً من الحرج في الجيش الإسرائيلي وتحتاج إلى فحص جذري. في الخلاصة، ما حدث خطأ في الحسابات أدى إلى رد فعل دفاعي وهجومي مبالغ فيه من جانب إسرائيل. ولو كان قصف الدبابات تسبب بخسائر لـ”حماس” لكان من الممكن أن يحدث تصعيد في الوقت الذي ترغب فيه إسرائيل بالحؤول دون وقوعه.

•إن السبب الأساسي لحدوث هذا الخطأ في تحديد أهمية التهديد هو أن بطاريات القبة الحديدية في الجنوب وأجهزة الاستشعار المتصلة بها هي الآن حساسة جداً. يمكن أن يكون لهذا صلة بالتوتر العام، لكن أيضاً له صلة بحادث وقع في كانون الأول /ديسمبر بعد التصعيد الناجم عن إعلان الرئيس ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس. يومها أُطلقت ثلاثة صواريخ في اتجاه سديروت، اثنان اعترضتهما القبة الحديدية. وشكّل هذا إنجازاً عملانياً مهماً. لقد أطلق الفلسطينيون على سديروت صواريخ من عيار 107 مليمتراً جو – أرض من الصواريخ التي نُهبت من مخازن جيش القذافي في ليبيا، وهُرِّبت إلى القطاع، وجرى تطويرها بصورة مرتجلة من أجل تحديثها. هذا تهديد ضئيل وبعيد عن التهديدات الأصلية التي طُورت من أجل مواجهتها القبة الحديدية، ومع ذلك فقد نجحت في اعتراضه. لكن فيما بعد برزت انتقادات بشأن عدم اعتراض الصاروخ الثالث الذي سقط بالقرب من روضة أطفال كانت خالية.

•في أعقاب الانتقادات رُفعت درجة الحساسية في التعرف على طبيعة التهديد. لقد بُنيت القبة الحديدية للدفاع عن مثلث معيّن، هو المنطقة المرسومة لها مسبقاً والمطلوب منها الدفاع عنها بالقرب من المراكز السكانية. وعندما تفترض المنظومة بالاستناد إلى التعرف على مسار الصاروخ وجود احتمال أن يقع الصاروخ داخل المثلث يجري الاعتراض.

•في مثل هذه الظروف هناك دائماً شخص ما موجود، لكن على الغالب تردّ المنظومة التكنولوجية بسرعة على التهديد. ( وكما شاهدنا في أشرطة الأمس يجري إطلاق عدد من الصواريخ الاعتراضية). إن تدخُّل ضباط في استخدام القبة جرى في أغلب الحالات في الاتجاه المضاد: قرار الاعتراض. وأيضاً لمزيد من الثقة، عندما لا تتعرف المنظومة التكنولوجية بوضوح على تهديد يخرق حافة الخطر. وينضح من تحليل عمليات الاعتراض التي حدثت خلال عملية الجرف الصامد في صيف 2014 أنه من أصل 700 عملية اعتراض ناجحة، في نحو 60 حادثة تدخّل العنصر البشري وقرر الاعتراض. وتبين أن هذا الأمر كان صواباً في جميع الحالات.

•لقد أصبح حادث الأمس وراءنا، لكن التوتر حول غزة لا يزال على حاله ويثير عصبية كبيرة لدى المستوى السياسي في إسرائيل. الوزير نفتالي بينت قال في مقابلة هذا الصباح إنه ارتفعت معقولية حدوث مواجهة في غزة في أواسط أيار/مايو في ذكرى النكبة، إذ من المنتظر أن تصل المسيرات والتظاهرات بالقرب من السياج إلى ذروتها.

•في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أنه من الممكن السيطرة على الوضع، ومن خلال السلوك الصحيح يمكن منع الاشتباك مع الجماهير على حدود القطاع في تظاهرات يوم الجمعة القادم. وكثير من هذا يتعلق بمدى جذرية التحضيرات التي تجري حالياً، وبوجود قادة كبار على الأرض، وبإعطاء توجيهات واضحة للقوات بشأن فتح النار. يبدو أيضاً أنه من الحكمة أن يضم الجيش إلى قواته بصورة أكبر قوات من الشرطة ومن حرس الحدود الذين لديهم تجربة كبيرة في مواجهة أعمال شغب عنيفة.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole