إعلان “حلف دفاعي” خطوة رمزية ستساعد نتنياهو وترامب انتخابياً

Spread the love

رون بن يشاي – محلل عسكري اسرائيلي

على خلفية تصاعُد التوتر في الخليج الفارسي والخطوات الإيرانية للانسحاب من الاتفاق النووي مع الدول العظمى، جرى الحديث هذا الأسبوع عن إمكان إعلان الولايات المتحدة وإسرائيل قيام “حلف دفاع استراتيجي”. الموضوع ليس جديداً وسبق أن طُرح عدة مرات خلال التاريخ المشترك للدولتين، وخصوصاً في الحالات التي كان فيها الرئيس الأميركي يحاول إقناع رئيس حكومة إسرائيل بتقديم تنازلات في إطار مفاوضات سياسية جرت برعاية البيت الأبيض.
من الواضح أن نتنياهو وترامب يتحادثان في هذه الأيام – بما فيه هذا الأسبوع عبر مكالمة هاتفية – عن فعل تصريحي من المفروض أن يساعد نتنياهو في المعركة الانتخابية الحالية، ويبرهن للجمهور حجم تأثيره في الرئيس الأميركي، والتأييد الاستراتيجي الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى إسرائيل.
هذه المرة ترامب لا يعطي فقط، بل أيضاً يحصل على مساعدة لإعادة انتخابه لولاية ثانية. ما يتحدث عنه الاثنان ونشرته “معاريف” ليس حلفاً دفاعياً رسمياً بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مستقراً في وثيقة يتعهد فيها الطرفان بالمساعدة عسكرياً في حال حدوث تهديد خطر على سيادة وأمن وحياة مواطني إحدى الدولتين أو كليهما، مثل الحلف الموجود بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمالي الأطلسي، وبين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
بحسب المؤشرات كلها يتحدث الاثنان عن إصدار بيان يكرس الوضع القائم، تقدم فيه الإدارة الأميركية، كل إدارة، لإسرائيل هبة أمنية سنوية تتعاون ضمن إطارها المنظومات الأمنية وأجهزة الاستخبارات والجيشان في الولايات المتحدة وإسرائيل، ويجري تبادل وثيق المعلومات بصورة يومية، بالإضافة إلى مناورات مشتركة يقوم بها الجيشان، في الأساس للاستعداد عندما تحتاج إسرائيل إلى مساعدة أميركية لاعتراض الصواريخ والقذائف، ومساعدة لوجستية عاجل في وقت الحرب.
في الفعل التصريحي الذي لا يُعَدّ حلفاً ملزماً، يجري الحديث بلغة غامضة عن “التزام” الولايات المتحدة بمساعدة إسرائيل في حال تعرضها لتهديد نووي وصاروخي إيراني، وكذلك عن الوضع الذي تواجه فيه إسرائيل خلال الحرب نقصاً لوجستياً أو نقصاً في الأسلحة الجوية الدقيقة، وأيضاً في العتاد ومنصات اعتراض الصواريخ.
فعلياً، المقصود هو تعهد علني من جانب الولايات المتحدة بتقديم مساعدة محددة إلى إسرائيل لمواجهة تهديدين أساسيين تتعرض لهما: سلاح نووي وسلاح صاروخي منحني المسار. مثل هذا التعهد العلني سبق أن أعطاه الرئيس بوش الأب في التسعينيات، عندما هدد صدام حسين بصورة غير مباشرة باستخدام سلاح نووي ضد إسرائيل، قبل حرب الخليج الأولى “[هدد صدام] بإحراق إسرائيل”. يومها قال الرئيس بوش إن كل هجوم بسلاح غير تقليدي على إسرائيل سيُعتبر هجوماً على الولايات المتحدة.
عندما نشبت الحرب أرسل الرئيس بوش بطاريات باتريوت إلى إسرائيل مع طواقمها للدفاع عنها في مواجهة صواريخ غراد المطورة (صاروخ “الحسين”) التي أطلقها صدام حسين. وبالمناسبة، الرئيس الأميركي قام بهذه الخطوة من أجل منع عملية عسكرية إسرائيلية ضد العراق، كان يمكن أن تفكك التحالف العربي الذي أقامه ضد صدام حسين، أكثر منه لمساعدة إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، تخزن الولايات المتحدة عتاداً عسكرياً وسلاحاً للقوات المسلحة للولايات المتحدة لاستخدامه في حال اضطرت إلى العمل بسرعة في الشرق الأوسط. وهذا السلاح مخزّن في إسرائيل بحسب مذكرة تفاهم وقّعتها الدولتان، وهو موضوع في تصرف إسرائيل عند الحاجة.
يبدو أن المقصود هنا أيضاً مأسسة ما يحدث الآن أصلاً، أي مساعدة الولايات المتحدة بمعلومات استخباراتية ضد إيران وضد داعش، وتقديم معلومات من أجل الدفاع عن الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومختلف أنواع التعاون التكنولوجي واللوجستي عند الضرورة: على سبيل المثال معالجة سريعة وإنقاذ جنود أميركيين جرحى، واستخدام قواعد سلاح الجو وغير ذلك.
الإعلان بشأن الموضوع النووي – إذا جاء من البيت الأبيض – من المفترض أن يردع إيران وأن يكون بمثابة التزام ضبابي من الولايات المتحدة، مثل الذي قدمه الرئيس بوش الأب في سنة 1991، ووعد فيه بنشر مظلة نووية فوق إسرائيل. لكن يجب ألّا ننسى أن الرئيس الأميركي اليوم هو (صاحب التغريدات) دونالد ترامب.
بالاستناد إلى كل المؤشرات، من المهم التشديد على أن الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة الإسرائيلية لا يتحدثان عن حلف دفاعي حقيقي، بل عن فعل تصريحي لا يغيّر شيئاً على الأرض أو في الوضع السياسي – الأمني. على ما يبدو سيكون هذا الأمر خطوة رمزية تشبه نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
بناء على ذلك، لا فائدة من الحديث عن حسنات أو سيئات حلف دفاعي مع الولايات المتحدة. وإذا وافق ترامب ونتنياهو على إعلان أمني فإن هذا لن يحد من حرية التحرك العملاني للجيش الإسرائيلي، ولن يفرض على حكومة إسرائيل التنسيق مسبقاً مع الولايات المتحدة في كل عملية عسكرية، ولا يفرض على الجيش إرسال جنوده للقتال إلى جانب الأميركيين في أفغانستان، وفي أماكن أُخرى في العالم كما يفعل جنود دول حلف شمال الأطلسي.
كما ذكرنا، التأثير الحقيقي لمثل هذا الإعلان سيكون في تعزيز فرص إعادة انتخاب نتنياهو، الذي ستتأكد مواهبه كسياسي عالمي وتتعزز من جديد، كما ستعزز فرص ترامب في إعادة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة بمساعدة الإنجيليين من مؤيدي إسرائيل الذين يشكلون مكوناً مهماً في قاعدة الدعم السياسي له.
المصدر : موقع Ynet – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية