إسرائيل و”حماس” تستعدان لتطبيق وقف إطلاق نار طويل الأمد

Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي —

اللقاء الذي أجراه زعيم “حماس” في قطاع غزة يحيى السنوار مع قادة الفصائل الفلسطينية الأُخرى، قبل أيام من الانتخابات في إسرائيل، يكشف تفاصيل كثيرة عن طبيعة التفاهمات التي يجري التوصل إليها بين الطرفين، بوساطة من الاستخبارات المصرية. وتُظهر القراءة الكاملة لنص كلام السنوار أنه يحضّر الأرضية في غزة لوقف إطلاق نار طويل الأمد مع إسرائيل، في مقابل تحسّن واضح في الوضع الاقتصادي. ويمكن أن نعرف المدى الذي وصلت إليه الاتصالات من خلال تبريرات كلام المسؤول الكبير في “حماس” في حديثه مع الفصائل.
لقد حرص السنوار في كلامه على التشديد على أن الحركة لم تخرج عن مبادىء المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل. قال إن الاتصالات لم تجرِ قط بصورة مباشرة ولا تتضمن اعترافاً بإسرائيل. الاتفاق ليس سياسياً، أي لا علاقة له بمبادرة السلام لإدارة ترامب، ولا علاقة له بمسألة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، وهو ليس بديلاً من مساعي المصالحة الداخلية-الفلسطينية مع قيادة السلطة في رام الله. وبحسب السنوار، “حماس” لن تتخلى عن “سلاح المقاومة”، وهي ترفض المطالب المطروحة بشأن نزع سلاح القطاع. وشدّد السنوار، الذي كان رئيساً للذراع العسكرية لـ”حماس”، على أن “الأصبع ما يزال على الزناد”. أي أن “حماس” مستعدة أيضاً لاحتمال انفجار عسكري.
تحدث السنوار عن التسهيلات التي سيحصل عليها الفلسطينيون في القطاع لقاء هدوء طويل الأمد: زيادة المساحة المسموح فيها بالصيد مقابل ساحل غزة إلى 15 ميل بحري (وهذه المساحة هي الأكبر منذ عقدين)، إلغاء منع دخول نحو ثلث المواد “الثنائية الاستخدام” التي لا تسمح إسرائيل بدخولها إلى غزة خوفاً من استخدامها في أنشطة عسكرية بدلاً من هدف مدني، تسهيلات كبيرة في التجارة وعلى المعابر.
بالإضافة إلى ذلك، ستوافق إسرائيل على عدد من المبادرات من الدول الخليجية التي تهدف إلى تحسين الوضع في غزة: مضاعفة المساعدة الاقتصادية من قطر إلى 30 مليون دولار شهرياً حتى نهاية السنة، وإضافة نحو 40 ألف وظيفة جديدة في القطاع حتى نهاية السنة، إلى إقامة منشأة لتنقية المياه بتمويل سعودي، وتوسيع مستشفى الشفاء في غزة بتمويل كويتي. وثمة خطوات إضافية ستطبّق، على ما يبدو، في مرحلة متأخرة تشمل زيادة تزويد القطاع بالكهرباء، وتركيب خط كهرباء جديد، وتوسيع استخدام الطاقة الشمسية. وهذا مرتبط بالتزام “حماس” بالامتناع من القيام بأي عمل عنيف من القطاع ضد إسرائيل.
في هذه الأثناء توقف أمس إضراب الأسرى عن الطعام الذي بدأ في 7 نيسان/أبريل، أي قبل يومين من الانتخابات، والذي كان رداً على تركيب أجهزة تشويش على إرسال الهواتف الخلوية في الأقسام الأمنية في السجون. إسرائيل وافقت على طلب الأسرى تركيب هواتف عمومية في الأقسام، والسماح لهم بالاتصال بعائلاتهم تحت رقابة المؤسسة الأمنية. وأوضحوا في إسرائيل أنهم رفضوا طلب الأسرى إزالة أدوات التشويش على إرسال الهواتف الخلوية التي كانت تسمح لهم بالقيام باتصالات عبر الهواتف الخلوية المهربة إلى الأقسام.
يدل كلام السنوار، والاتصالات لوقف إضراب الأسرى، والوضع على حدود القطاع على محاولة جدية من الطرفين للتوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد. في المواجهات التي اندلعت في أثناء تظاهرات يوم الجمعة [الماضية] في القطاع قُتل شاب فلسطيني بنيران الجيش الإسرائيلي، وجُرح عشرات من المتظاهرين، لكن مستوى العنف كان أقل نسبياً من التظاهرات الماضية. أيضاً التظاهرات الليلية على طول السياج تضاءلت في الأسابيع الأخيرة وكذلك عدد البالونات الحارقة والطائرات الورقية المشتعلة التي أُطلقت.
يمكن الافتراض أن الأمور لها علاقة، على الأقل جزئياً، بنتائج الانتخابات في إسرائيل. في “حماس” يدركون أن الظروف السياسية تغيرت. قبل الانتخابات، كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يريد أن يجتازها بسلام وسعى إلى عدم نشوب مواجهة عسكرية في تلك الأثناء. الآن بعد فوزه، أصبح نتنياهو أقل تعرضاً للضغط. أغلبية الجمهور الإسرائيلي تؤيد سياسته أيضاً إزاء غزة، وهامش المناورة لديه أكبر بكثير. هذا الوضع، بالإضافة إلى الضائقة الاقتصادية الصعبة في القطاع، يدفعان “حماس” نحو تسوية. لكن الأمور يمكن أن تتعرقل مجدداً بسبب حادثة محلية أو نقاش موضوعي حول مضمون الاتفاقات.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole