إذا ضمّت إسرائيل المنطقة “ج” فالعالم كله سيعاقبها

Spread the love

بقلم: افيشاي بن شاشون-غورديس – باحث إسرائيلي في مشروع “ديريخ” [طريق] في مؤسسة بيرل كتسنلسون —

•موسم التصفية السياسي لنهاية حقبة نتنياهو، والشعور بأن كل شيء مسموح به في ظل حكم ترامب، جعلا حديث الضم حاضراً في حياتنا. وسواء تحدث نتنياهو مع الأميركيين عن الضم أو أنه استخدمهم من أجل لجم وزارئه التواقين إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية، من الواضح أن من هم في اليمين يحاولون أن يجعلوا الضم أمراً طبيعياً. لقد تعودنا التحذير من الانعكاسات السياسية والديموغرافية لمثل هذه الخطوات، لكن أحياناً لمواجهة أفكار سخيفة، من الأفضل ببساطة أن نتخيل كيف سيتصرف العالم إذا حاولنا تطبيقها.

•أحد الردود التي يقدمها اليمين عنما نسأله عن المخاطر التي ينطوي عليها الضم بالنسبة إلى إسرائيل اليهودية الديمقراطية هو أنهم يريدون فقط ضم المنطقة ج، التي تبلغ مساحتها ما نسبته 60% من الضفة الغربية، والتي توجد فيها المستوطنات والمواقع الاستيطانية. لكن بحسب ما أوضح العميد في الاحتياط شاؤول أريئيلي مؤخراً، يعيش في المنطقة ج أكثر من 250 ألف فلسطيني. بالإضافة إلى ذلك، فإن منطقتي أ وب اللتين ستبقيان في يد الفلسطينيين لا يتوفر فيهما تواصل جغرافي، بل هناك 169 وحدة منفردة يجب ربطها بطرقات وتأمينها. وبدلاً من جدار الفصل الموجود حالياً والممتد على طول 700 كيلومتر، سنكون بحاجة إلى الدفاع عن آلاف الكيلومترات من حدود إسرائيل وعن جيوب صغيرة وغير منطقية.

•لنفترض أنه مع ذلك سنمضي قدماً نحو ضم مناطق ج. يتخيل جماعة الضم أنهم سيقدرون ببساطة على استيعاب هؤلاء المواطنين في إسرائيل، سواء كسكان لديهم حقوق محدودة أو كمواطنين متساوين في الحقوق. إذا سمحتم لدي بضعة أسئلة: كيف ستردون على العداء المتبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين في المناطق، والذي لن يختفي بين ليلة وضحاها؟ هل تريدون توقيف مواطني إسرائيل الجدد من خلال مئات الآلاف من الاعتقالات الإدارية؟ هل الشرطة ستطلق عليهم النيران الحية، لأنه ليس هناك ديمقراطي حقيقي سيتقبل أن يتعامل الجيش الإسرائيلي يومياً مع المواطنين؟ وأي نوع من الدول ستكون إسرائيل إذا كانت هذه هي أحجام استخدام القوة فيها؟ باختصار، أنتم الذين تدّعون أنه لا يمكن الانفصال عن الفلسطينيين، هل تريدون منا أن نؤمن بأن عناق الدب ومحو الهوية القومية للفلسطينيين سيقومان بالعمل المطلوب؟

•دعونا نتخيل ونفكر في أن الفلسطينيين في مناطق ج سينضمون بسلام. الآن اشرحوا لنا كيف ستبدو منظومة الرفاه الإسرائيلي، التي تعجز حالياً عن تحمل الضغوط، إذا اضطرت إلى استيعاب 250 ألف رجل وإمرأة من منطقة تنتمي من الناحية الاقتصادية للعالم الثالث؟ هل الضمان الوطني الذي من المنتظر أن يعلن افلاسه بعد عقد ونصف العقد قادر على مواجهة هذه الزيادة؟

•في اليمين هناك من يحاول الاجابة على هذه الأسئلة، لكن الجواب يستند إلى افتراض أنه بعد مرور بضع سنوات سيحقق عرب المناطق إنجازات مشابهة لتلك التي حققها العرب في إسرائيل (هؤلاء هم عرب وأولئك عرب، ما الفارق؟ ). لكن هذا ليس سهلاً، لأن الفلسطينيين في المناطق لم يكبروا في جهاز تعليم دولة من العالم الأول. ببساطة لا توجد في الضفة البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية المطلوبة من أجل تحقيق اندماج سريع كهذا. وإذا اتضح أن معجزة اجتماعية ستتيح عملية استيعاب سلس، هل تتخيلون ما هي المعابر التي ستسمح لهؤلاء المواطنين الإسرائيليين بزيارة أراضيهم وأصدقائهم وعائلاتهم في 169 جيب مستقل ذاتياً نحن أوجدناهم؟ هؤلاء سيكونون مواطنين إسرائيليين ولن يكون ممكناً أن نقول لهم “لا” كما نسمح لأنفسنا بأن نقول للفلسطينيين اليوم. وماذا بشأن خطط البناء؟ إذا كانت هذه أراض إسرائيلية، ليست المستوطنات فقط التي ستتوسع، فهل أنتم مستعدون لذلك؟

•باختصار، عندما نبدأ بتفكيك المشكلة إلى عناصر يتضح أن الضم هو مشكلة ليس فقط لأن العالم سيعاقب إسرائيل على هذه الخطوة، أو لأن الفلسطينيين في منطقتي أ وب يمكن أن يرفعوا أيديهم ببساطة ويطالبون هم أيضاً بالجنسية. إن الضم فكرة مجنونة، ولكي نؤمن بأنه سينجح على المستوى الأساسي، نحن بحاجة إلى تفاؤل أكبر مما يمكن انتظاره من شرق أوسط جديد.

المصدر: صحيفة “مكور ريشون” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية