أوجه التشابه والاختلاف بين قصف المفاعلين السوري والعراقي

Spread the love

بقلم: عاموس يادلين – مدير مركز دراسات الأمن القومي، ورئيس سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية —

•بُني المفاعل النووي العراقي على شاطىء نهر دجلة. وبُني المفاعل السوري على شاطىء نهر الفرات. المفاعلان هاجمهما سلاح الجو الإسرائيلي: في سنة1981، والآن يمكننا أيضاً أن نكشف ما حدث في سنة 2007. قراران تاريخيان اتخذتهما مستويات سياسية وعسكرية شجاعة وحازمة. لقد شاركتُ كطيار في الهجوم على العراق، وخبرت الهجوم على سورية كرئيس للاستخبارات العسكرية، التي كان لها دور كبير في عمليات جمع المعلومات، والتقدير، والتخطيط للعملية واتخاذ القرارات.

•في صباح 7 حزيران/يونيو 1981، وعشية عيد البواكير، غادرتُ المنزل الصغير في حيّ العائلات في عين دور وأنا أفكر فيما إذا كانت 8 طائرات إف-16 بقيادة زابيك راز ستنجح في العثور على الهدف البعيد والمحصّن جيداً وضربه؟ وهل سأتمكن من العودة وأرى زوجتي وابنتي التي وُلدت حديثاً؟ في 6 أيلول/سبتمبر 2007 غادرت مبنى رئاسة الحكومة في القدس وأنا واثق بأن سلاح الجو سينفذ بنجاح كبير المهمة التي جرى إقرارها. لكن المهمة الملقاة على عاتقي لم تنتهِ مع إشعار من الطيارين بأنه قد تمّ تدمير الهدف. وكان سؤال “هل ستنشب بعد الهجوم حرب” سؤالاً صعباً للغاية، والتحدي المهني كان يقع ضمن مسؤوليتي.

•التجربة الشخصية تشير إلى نقاط من التشابه والاختلاف بين هذين الهجومين التاريخيين: كان بينهما قاسم مشترك: فالاثنان طبّقا “عقيدة بيغن” غير المعلنة التي تقول إن إسرائيل لن تسمح لدولة معادية تدعو إلى القضاء عليها بتطوير قدرة تكنولوجية للحصول على سلاح نووي. وفي الهجومين قام سلاح الجو بالعملية، وأثبت أنه الأكثر ملاءمة لتنفيذ مهمة هجومية في مناطق بعيدة ومحصنة جيداً، وللقيام بعدد من عمليات القصف التي تضمن التدمير الكامل للهدف، مع فرص كبيرة جداً لإعادة المقاتلين سالمين إلى قواعدهم. ثمة قاسم مشترك آخر هو: في العمليتين نجحت عملية تكتية منفردة قام بها تشكيلان من الطائرات في تحقيق إنجاز استراتيجي مهم وخارج عن المألوف، وتأجيل المشروع النووي لدول معادية سنوات طويلة.

•من المهم أن نلفت الانتباه إلى الاختلاف بين الحادثتين. التحدي العملاني في الهجوم على العراق كان أصعب بما لا يقاس. فقد كانت منطقة بغداد محمية بواسطة طائرات اعتراض ومنظومة بطاريات صواريخ كثيفة. وكانت إيران قد فشلت في محاولتها مهاجمة المفاعل العراقي قبلنا بستة أشهر، الأمر الذي أدى إلى رفع الاستعداد العراقي لمواجهة إمكان مهاجمة المفاعل، وزيادة الدفاعات حوله بواسطة بطاريات صواريخ إضافية مضادة للطائرات. لم تكن إسرائيل تملك في تلك الفترة صوراً من الأقمار الصناعية، ولم يكن لديها إمكان التزود بالوقود في الجو. كانت المسافة إلى بغداد تدخل ضمن نطاق مدى طائرات “الصقر” [F-16]، ويومها كان السلاح عبارة عن قذائف تسقط بصورة حرة وليس سلاحاً موجهاً. في مقابل ذلك كان سلاح الجو في 2007 لديه القدرة على التزود بالوقود في الجو، ومسلحاً بقذائف موجهة. لقد اختار السوريون الإخفاء كاستراتيجيا مفضلة للدفاع عن مفاعلهم، لذا لم ينشروا في المنطقة بطاريات صواريخ.

•هناك فارق آخر هو القدرة على الرد: كان العراقيون قادرين على إرسال تشكيلة طائرات لمهاجمة إسرائيل، وسلاح الجو الإسرائيلي كان قادراً على اعتراضها بسهولة. الحرب لم تكن مطروحة (لأن العراق كان حينها في حرب ضد إيران)، ولم يكن يملك صواريخ أرض – أرض تستطيع الوصول إلى إسرائيل. في المقابل السوريون قادرون بصورة نظرية على إرسال صلية صواريخ في اليوم التالي للهجوم، وحتى خوض حرب ضد إسرائيل. لكن المعضلة لم تكن في 2007 بشأن تخطيط العملية ولكن بكيفية تنفيذها من دون الانجرار إلى حرب. هذا هو “هامش الإنكار” الذي دخل فيه الأسد نظراً إلى أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن العملية، وهي فكرة ذكية طورتها قيادة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي وساعدت على منع حدوث حرب.

•ثمة اختلاف آخر، هجوم سنة 1981 الذي لم يفاجئ فقط العراق بل فاجأ العالم كله الذي دان بحدة إسرائيل. ولم يفرض مجلس الأمن وحده، بل الولايات المتحدة أيضاً فرضت حظراً على شحنات السلاح إلى إسرائيل، بينما في 2007، أشركت إسرائيل الولايات المتحدة حليفتها في الوقت الحقيقي بمواد استخباراتية وجرى تنسيق استراتيجي نادر قبل الهجوم وساد مستوى عال من الثقة بين رئيس حكومة إسرائيل وبين الرئيس الأميركي. وكل هذا منع وقوع ضرر سياسي. من المهم أن نذكر أن التاريخ لا يكرر نفسه أبداً. وفي كل تحدٍّ مستقبلي يجب أن نحلل كل العناصر العسكرية والسياسية، بحسب السياق الخاص بها، وأن نفحص صلاحية العقيدة القتالية ودروس الماضي المهمة.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole