أنا خسرت؟ أيضاً نتنياهو يدرك أن القصة انتهت

Spread the love

بقلم: يوسي فيرتر – محلل الشؤون الحزبية في “هآرتس” —
اليوم، في 30 أيار/مايو 2019، بدأ العد العكسي لنهاية عهد نتنياهو. في هذا اليوم بالتحديد، كان من المفترض أن نرى الاتفاقات الائتلافية الخمسة النهائية والمحكمة مع الأحزاب. وكان من المفترض أن يدعو نتنياهو أعضاء كتلة الليكود لتوزَّع عليهم الوزارات التي تركها الشركاء بعد أن أزعجوه بعمل شاق وابتزوه. وفي يوم الإثنين المقبل كان من المفترض أن يعقد الكنيست جلسة احتفالية ويصوّت على الثقة بحكومة نتنياهو الخامسة، والرابعة على التوالي منذ أيار/مايو 2009. وفي اليوم التالي ومن دون تأخير أو تأجيل، كان سيبدأ سباق تشريعي قانوني – شخصي ذو رأسين: الأول، الغرض منه إنقاذ المشتبه به من المحاكمة، والثاني ينوي إلحاق ضرر جسيم بالجهاز القضائي الإسرائيلي وباستقلاليته وقوته.
هذا لن يحدث الآن. دولة إسرائيل تتوجه مرة أُخرى نحو الانتخابات في 17 أيلول/سبتمبر. هذا هو الجنون مجسّداً. سياسي متورط حتى رقبته جنائياً، وتحوم لائحة اتهام خطِرة فوق رأسه، يجر دولة بأكملها نحو الانتخابات من دون أن يقف أحد من أعضاء حزبه ومن أعضاء الائتلاف العتيد ليدق على الطاولة ويقول له: كفى! قف عند حدك!حل عنا!
نتنياهو فهم بالأمس، وهذا كان يمكن ملاحظته لديه، أن القصة انتهت. انتخابات في 17 أيلول/سبتمبر، وحكومة (على افتراض أنه انتصر وحصل على كتلة من 61 عضواً من دون ليبرمان هذه المرة) في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر. سيكون قد مرّ شهر على جلسة الاستماع. لن يكون هناك قانون التغلب [الذي يسمح للكنيست بأغلبية 61 مقعداً برفض أحكام محكمة العدل العليا]، ولن يكون هناك قانون حصانة، وسيكون هناك لائحة اتهام وسيصبح نتنياهو جزءاً من التاريخ. ثمة شك في أن أحداً من شركائه “الطبيعيين” بصورة عامة سيوافق على توقيع اتفاق ائتلافي مع مريض على وشك الموت سياسياً.
انتهى أحد أكثر الأيام جنوناً وفضيحة في تاريخ البرلمان الإسرائيلي عندما اجتمع الكنيست الحادي والعشرون، الأقصر مدة في تاريخ الدولة، للتصويت على حلّ نفسه. نتنياهو، الشخص الذي احتفل ليلة 9 نيسان/ أبريل مزهواً بنشوة قوة “الانتصار الهائل”، وصل إلى قاعة الكنيست مهزوماً وذليلاً.
حتى اليوم كان لدينا مرشحان لرئاسة الحكومة فشلا في مهمتهما بعد حصولهما على تفويض من رئيس الدولة. شمعون بيرس في سنة 1999، بعد “المناورة القذرة” لتفكيك حكومة الوحدة الوطنية الثانية، وتسيبي ليفني في سنة 2008، بعد استقالة إيهود أولمرت. كان لدى بيرس 65 عضو كنيست. وليفني المبتدئة سياسياً لم تؤلف حكومة قط.
نتنياهو هو الثالث الذي يفوز بهذا اللقب المشبوه. وفشله هو الفشل الأكبر: مباشرة بعد الانتخابات، ومع فوز واضح وكتلة، ومع تجربة سياسية لا تتوفر لدى شخص آخر في الكنيست. ما هي الكتلة؟ علامة تساؤل كبيرة تحوم فوق هذا المصطلح. أفيغدور ليبرمان وإصراره على عدم الموافقة على قانون التجنيد الذي لا يفهم أحد تفصيلاته، أدى إلى جنون المنظومة السياسية، لم يعد يُعتبر جزءاً من الكتلة. على الأقل طالما نتنياهو هو الذي يقودها.
هذا هو الفشل السياسي الثاني الذريع لنتنياهو في هذا العقد، بعد فشل جهوده في منع انتخاب رؤوفين ريفلين رئيساً للدولة قبل خمس سنوات. ومن أجل زيادة مستوى الإذلال، قضى نتنياهو الساعات الحرجة أمس في ملاحقة منهكة ومهينة وغير نافعة بحثاً عن شركاء محتملين، أفراداً وجماعات. فعرض حقيبتي الدفاع والمال على تال روسو وآفي غباي (الذي وقع في الفخ و”درس” الاقتراح)، وحقيبة الإعلام على حزب العمل، وحقيبة العدل على شيلي يحيموفيتس. ووعد بالتخلي عن قانون التغلب وقانون الحصانة، اللذين كان الغرض منهما أن يكونا مخرجاً للهرب من المحاكمة، وربما من السجن.
نعم، كان مستعداً للتضحية بأغلى ما لديه، السبب الذي من أجله قدّم منذ البداية موعد الانتخابات، فقط للبقاء على كرسيه، على أمل بأن يكون في إمكانه الاستمرار في البقاء في منصبه (كما يسمح له القانون) حتى بعد توجيه لائحة الاتهام ضده.
البهدلة التي حدثت بالأمس تشير فقط إلى أي مدى كانت المفاوضات الائتلافية فاشلة. لقد كان ينبغي له القيام بهذه الخطوات مسبقاً، وبهدوء وبالسر. لقد شك منذ اللحظة الأولى في ليبرمان، فلماذا لم يبحث عن دعم؟ هذه غطرسة وهذا هو ثمنها.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole