دور حركة المقاطعة (BDS) في دعم القضية الفلسطينية.. الواقع والتحديات

قرارات إيرلندا وتشيلي مقاطعة منتوجات المستوطنات:
Spread the love

شجون عربية – إعداد: سلام الجمل* –

مقدمة
أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ومنذ احتلالها للأراضي الفلسطينية سنة 1948، قد أمعنت في انتهاج سياسات وتطبيق استيراتيجيات هدفت من خلالها بالدرجة الأولى والأخيرة الإستيلاء على أرض فلسطين، وطرد السكان الأصليين منها.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف الرئيس، مارست دولة الكيان الإسرائيلي سياسة التطهير العِرقي للفلسطينيين، وفرضت عمليات التوسع الاستيطاني على الأرض التي احتلتها منذ سنة 1948. ناهيك عن قيامها بسنّ مجموعة كبيرة من القوانين العنصرية التي تُشرعِن للمستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال، إحكام قبضته الاستعمارية على الأرض، وفرض الحصار المباشر وغير المباشر للفلسطينيين في كافة مناحي الحياة؛ الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وعلى الرغم من صدور العديد من القرارات الدولية عن هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والتي تُدين في الغالبية العظمى منها ما تقوم به سلطات دولة الاحتلال من انتهاكات وممارسات قمعية، وما تفرضه من مخططات استيطانية، وما تقرّه من قوانين عنصرية، إلاّ أنّ دولة الاحتلال ضربت بعرض الحائط كل ما صدر من تلك القرارات وما هو على شاكلتها من المواقف المحلية والإقليمية والدولية؛ باعتبارها تقف حائلاً أمام تنفيذ المشروع الصهيوني على كامل الأرض الفلسطينية، والمتمثل بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
وأمام فشل المحاولات الرسمية الفلسطينية في ثني دولة الاحتلال الإسرائيلي عما تقوم به من تهويد للأرض وتهجيرٍ للإنسان، من خلال اللجوء إلى المنتظم الدولي وعلى رأسه هيئة الأمم المتحدة بكافة أجهزتها من جهة أولى. وضعف الطرف الفلسطيني على المستوى العسكري، ومحدودية النتائج التي تحققها المقاومة الشعبية الفلسطينية المسلحة، من جهة ثانية. كان لا بدّ للشعب الفلسطيني وكل من يرى في القضية الفلسطينية أنّها قضية عادلة تستحق الدعم في نضال شعبها للبقاء على أرضه وممارسة حقه في تقرير المصير، من البحث عن كافة السبل والوسائل السلمية وغير السلمية التي يمكن تبنيها في سبيل مواجهة ومقاومة السياسات الاستعمارية والإحلالية التي تنتهجها دولة الكيان الإسرائيلي بحق الفلسطيني وأرضه.
ومن تلك الوسائل التي تصطبغ بالطابع السِلْمي واللاّعنفي؛ لكنه أثبت نجاعته وفاعليته على أرض الواقع في مواجهة نظام الأبارتهايد الإسرائيلي الذي دأبت دولة الاحتلال على تطبيقه تجاه الشعب الفلسطيني، نجد: حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، والمعروفة اختصاراً بحركة ال (BDS).
عطفاً على ما سلف ذكره، فإن إشكالية هذه المقالة البحثية تتمثل في محاولة الإجابة على السؤال التالي:
كيف تُساهم حركة المقاطعة (BDS) كأداة للمقارومة السلمية، في دعم الشعب الفلسطيني في نضاله المستمر لمواجهة نظام الأبارتهايد الإسرائيلي؟
وفي سبيل البحث عن الإجابة لهذا السؤال، سيتم التطرق إلى مفهوم ونشأة هذه الحركة، ثم بيان طبيعة وآليات عمل حركة المقاطعة والأهداف التي تسعى لتحقيقها. ناهيك عما حققته هذه الحركة من إنجازات، وكشف ما يواجهها من تحديات وصعوبات، لننتهي – وبالضرورة – إلى الوقوف على حيثيات الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي من هذه الحركة.
وتتمثل أهمية المقالة باعتبارها محاولة لتقديم قراءة وتحليل للدور الذي تلعبه حركة المقاطعة في دعم وإسناد النضال الوطني الفلسطيني في مواجهة آلة القمع الهمجية الإسرائيلية؛ لا سيما إذا ما استحضرنا التجربة الناجحة التي خاضتها حركة مقاطعة نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا في القرن الماضي.
وعليه يمكننا القول: أنّ هذه المقالة البحثية ستسلط الضوء على الحركة العالمية لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية وسحب الاستثمارات الأجنبية وفرض العقوبات عليها، من حيث: الأهداف المراد تحقيقها، والاستيراتيجيات المتبعة في سبيل تحقيق تلك الأهداف، وعرض جانب من الإنجازات التي تمّ تحقيقها على أرض الواقع، لننهي الحديث ببيان الموقف الفلسطيني من اعتماد نهج هذه الحركة في مسار التحرر الفلسطيني من نير الاستعمار، وإلى أين وصلت ردّة الفعل الإسرائيلية على تعاظم دور هذه الحركة على الساحة الدولية، في خاتمة هذه المقالة.
وتنقسم المقالة إلى ثلاثة محاور رئيسية، على النحو الآتي بيانه:
أولًا: ماهية حركة المقاطعة وجذور نشأتها
ثانيًا: إنجازات حركة المقاطعة و آليات ووسائل عملها
ثالثاً: أبرز التحديات والعراقيل التي تواجه حركة المقاطعة
أولاً: ماهية حركة المقاطعة وجذور نشأتها
منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في 28 أيلول/سبتمبر 2000، ظهر توجه قوي لدى الفلسطينيين قائمٌ على ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة الفعّالة في المقاومة بشتى أنواعها؛ ومنها توظيف الجهود الدولية للتضامن ومواجهة الاحتكار الاقتصادي الإسرائيلي للفلسطينيين، وبذل جهود النضال والمقاومة في ظلّ التراجع المستمر لمشروع التحرر الوطني .
وقد استند هذا التوجه إلى مخرجات مؤتمر دوربان الأول (Durban) ، والذي كان له تأثير كبير على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني التي أطلقت نداءً تاريخياً سنة 2005 مخاطبة فيه أحرار العالم وكافة الشعوب؛ تطالبهم من خلاله بدعم حركة مقاطعة إسرائيل باعتبارها شكلاً رئيسياً من أشكال المقاومة الشعبية السلمية الفلسطينية، وحرصت في ندائها على إبراز دور عملية المقاطعة كأهم وجه من وجوه التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني لممارسة حقه في تقرير مصيره واستعادة حقوقه الوطنية المسلوبة .
فبعد مرور عام على صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، والذي أكد بما لا يدع مجالاً للشكّ أن قيادم دولة الاحتلال الإسرائيلي ببناء جدار على الأراضي الفلسطينية المحتلّة يعتبر عملاً غير قانوني ومخالف لكافة الأعراف والقوانين الدولية، ومع ذلك فإسرائيل استمرت في بناء جدار الفصل العنصري متجاهلة قرار المحكمة بهذا الصدد .
وكما سلفت الإشارة، ساهم انخفاض سقف التوقعات المفترضة والآمال المرجوة من عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، ناهيك عن تغوّل دولة الاحتلال في تطبيق سياساتها العنصرية وممارساتها القمعية ضدّ الفلسطيني وأرضه، ساهم ذلك كله في دفع الناشطين الفلسطينيين على المستويين المحلي والدولية مؤازرين بحلفائهم الدوليين، للسعي لإيجاد وسائل بديلة لمواجهة ومقاومة إسرائيل، بل ومعاقبتها بهدف إجبارها على الاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وهو الأمر الذي تُرجِم على أرض الواقع سنة 2005، عبر ميلاد الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.
وعلى ضوء حقيقة أنّ أصحاب الضمير في المجتمع الدولي قد تحملوا تاريخياً المسؤولية الأخلاقية في مناهضة الظلم، كما حدث في النضال من أجل إلغاء نظان الفصل العنصري في جنوب إفريقيا بأشكال متعددة. واستلهاماً من نضال شعب جنوب إفريقيا ضدّ نظام الأبارتهايد، وبروح التضامن العالمي والانسجام الأخلاقي والتزاماً بمحاربة الظلم والاضطهاد. توجهت أكثر من مائة وسيعين منظمة فلسطينية غير حكومية ، بالنداء التالي :
” نناشد، نحن ممثلو المجتمع المدني الفلسطيني، منظمات المجتمع المدني في العالم وكل أصحاب الضمائر الحية بفرض مقاطعة واسعة لإسرائيل، وتطبيق سحب الاستثمارات منها، في خطوات مشابهة لتلك المطبقة ضد جنوب أفريقيا خلال حقبة الأبارثهايد. كما ندعوكم لممارسة الضغوط على حكوماتكم من أجل فرض المقاطعة والعقوبات على إسرائيل. ونتوجه إلى أصحاب الضمائر في المجتمع اﻹسرائيلي لدعم هذا النداء من أجل تحقيق العدالة والسلام الحقيقي”
وكما يظهر على الموقع الإلكتروني للحركة، فإنّ نداء المقاطعة المُشار إليه آنفاً، يسعى بشكل رئيس إلى مطالبة دولة الاحتلال الإسرائيلي بالإعتراف بحق الشعب الفلسطيني في ممارسة حقه في تقرير مصيره من جهة أولى، وتطالب الحركة إسرائيل بالإلتزام بأحكام وقواعد القانون الدولي، وتطبيق القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة بكافة أجهزتها .
وقد حدد نداء (BDS) ثلاثة شروط تشكل الحد الأدنى المطلوب لكي يمارس الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، وهذه الشروط هي :
1- إنهاء احتلالها واستعمارها لكل الأراضي العربية وتفكيك الجدار.
2- الاعتراف بالحق الأساسي بالمساواة الكاملة للمواطنين العرب الفلسطينيين داخل أراضي ال 1948، وإنهاء كافة أشكال التمييز العنصري ضدهم.
3- احترام وحماية ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، واستعادة ممتلكاتهم تطبيقاً لنصّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
وفي سبيل تحقيق ذلك؛ انتهجت حركة المقاطعة (BDS) استيراتيجية محورية بُنِيت على ثلاثة ركائز أساسية، نوجزها على النحو الآتي شرحه :
1- مقاطعة (Boycott): وتشمل هذه الركيزة وقف التعامل مع إسرائيل، ومقاطعة الشركات الإسرائيلية وكذا الدولية المتواطئة في انتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين، ومقاطعة المؤسسات والنشاطات الثقافية والرياضية والأكاديمية الإسرائيلية.
2- سحب الاستثمارات (Divestment): وتهدف هذه الركيزة إلى تنظيم حملات سحب الاستثمارات، عبر الضغط على المستثمرين والمتعاقدين مع الشركات الإسرائيلية والدولية المتورطة في جرائم الاحتلال والأبارتهايد. بسحب استثماراتهم أو إنهاء تعاقدهم مع هذه الشكرات. وقد يكون هؤلاء المستثمرون أو المتعاقدون أفراداً، مؤسسات، صناديق سيادية، صناديق تقاعد، كنائس، بنوك، مجالس محلية، جهات خاصة، جمعيات خيرية، أو جامعات.
3- فرض العقوبات (Sanctions): المقصود بهذه الركيزة هو الإجراءات العقابية التي تتخذها الحكومات والمؤسسات الرسمية والأممية ضد دولة أو جهة تنتهك حقوق الإنسان؛ بهدف إجبارها على وقف هذه الانتهاكات. تشمل تلك العقوبات: العسكرية والاقتصادية والثقافية، وغيرها.
وبالعودة إلى الركائز الأساسية الثلاث سابقة الذكر، يتضح لنا أنّ اختصار ال (BDS) قد جاء من الأحرف الأولى لتلك الركائز (B= Boycott, D= Divestment, S=Sanctions).
ومنه يمكن القول أنّ حركة ال BDS،هي: حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وهي حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد تسعى لمقاومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي؛ ما أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات .
ثانياً: إنجازات حركة المقاطعة وآليات ووسائل عملها
استطاعت حركة مقاطعة إسرائيل خلال خمسة عشر عاماً ومنذ إطلاق الغالبية الساحقة في المجتمع المدني الفلسطيني لنداء المقاطعة سنة 2005، أنْ تصل إلى مستوى من التأثير جدير بالاحترام والاهتمام والدعم في آن واحد.
وهذا التأثير وجب فهمه في سياقٍ من التناغم تمتزج فيه إنجازات حركة المقاطعة على كافة المستويات؛ الاقتصادية و الثقافية والأكاديمية والرياضية، بل وحتى على مستوى عديد التشريعات البرلمانية والنقابية، والتي جعلت من مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، ومقاومة نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد)، أساساً لها وهدفاً تسعى لتحقيقة في ذات الوقت.
فاستيراتيجية حركة المقاطعة وهي سلمية بطبيعتها، قائمة على احترام القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، تقوم على عزل إسرائيل محلياً وإقليمياً ودولياً، في شتى المجالات وبشكل متدرج حسب ظروف الزمان والمكان. وذلك كله عن طرق كسب الرأي العام العالمي، وتحويل تضامنه المعنوي مع حقوق الشعب الفلسطيني إلى أفعال مؤثرة ومتراكمة تحاصر دولة الاحتلال، وكل ما يساعد متواطئاً دولة الاحتلال في انتهاكها لحقوق الشعب الفلسطيني .
وتنتهج حركة مقاطعة إسرائيل، في سبيل تحقيق ذلك كله العديد من المسارت لتكريس سبل ووسائل المقاطعة الشاملة، وقد حققت العديد من الإنجازات على أرض الواقع، نورد شرح ذلك وبيانه على النحو التالي :
1- المقاطعة الثقافية والأكاديمية: لقد كثفت حركة المقاطعة دعوات المقاطعة على الجانب الشعبي أكاديمياً وثقافياً، ودليل ذلك إعلان العديد من الشخصيات كالكتّاب والمثقفين والأكاديمين مقاطعتهم لدولة الاحتلال على الصعيد العلمي والأكاديمي، ودعم الكامل لحركة (BDS) وحقوق الشعب الفلسطيني.
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، مارسيل خليفة، أمين حداد، مريد البرغوثي، إبراهيم نصر الله، عمرو واكد. إضافة إلى عديد الشخصيات الغربية، مثل: لورين هيل، وإلفيس كاستيلو، وفانيسا بارادايس، إذ أقدم هؤلاء الثلاثة على إلغاء عروض في تل أبيب بعد مناشدة ومخاطبة حركة المقاطعة (BDS) لهم.
إضافة إلى بعض الشخصيات اليهودية، كالبروفيسور إيلان بابيه الذي يعتبر من أشهر المناصرين لحركة المقاطعة (BDS)، والذي كان من أوائل الشخصيات الثقافية التي دعت إلى مقاطعة دولة الاحتلال في تسعينيات القرن المنصرم.
وفي سنة 2013، رفض عالم الفيزياء الشهير ستيفين هوكنج المشاركة في مؤتمر يرعاه الرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريس، بل وقرر الانضمام لحركة المقاطعة.
وفي سنة 2020، أنهت أكبر جامعة في ماليزيا (UITM)، اتفاقية رعاية لمدة ثلاث سنوات مع شركة (PUMA)؛ بسبب رعاية هذه الشركة لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي (IFA).
2- المقاطعة الفنية والرياضية: لا تقل المقاطعة الفنية أهمية عن غيرها من سبل ومجالات المقاطعة الأخرى التي تهتم بها حركة (BDS)، وذلك في محاولة تكريس استيراتيجية عزل إسرائيل على كافة المستويات، لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن دولة الاحتلال تحاول من طرفها خلق شراكات على مستوى العالم في جميع المجالات لغاية الوصول إلى رأي عام عالمي يتعاطى بشكل طبيعي مع دولة الاحتلال باعتبارها دولة قائمة بصفة شرعية وليست دولة استعمارية، ومن تلك المجالات: مجال الفن.
وهذا الأمر لم تغفل عن متابعته حركة المقاطعة، وقد حققت في سبيل عزل إسرائيل دولياً في الوسط الفني، عديد الإنجازات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
في صيف 2017، قرر العديد من الممثلين مقاطعة مهرجان السينما الدولي الذي عُقد في تل أبيب، ومن ضمن المقاطعين: مخرج أفلام من جنوب إفريقيا كان من المقرر عرض فيلمه في أول أيام المهرجان، بالإضافة إلى انسحاب تسع فرق فنية من مهرجان (POP Culture) في برلين بسبب رعاية سفارة دولة الاحتلال في ألمانيا للمهرجان .
وفي سنة 2020، تلقى مهرجان تل أبيب للأفلام الوثائقية (دوكافيف) الذي أقيم برعاية من وزارتي الثقافة والرياضة والخارجية الإسرائيلية، ضربة موجعة بعد تسجيل أربعة انسحابات في صفوف المشاركين في لجان التحكيم وكضيوف للمهرجان؛ استجابة لنداء المقاطعة الذي أطلقته الحركة .
وفي سنة 2021، تكرر ذات الإنجاز على صعيد المقاطعة الفنية، أدان الآلاف من الفنانين والرموز الثقافية، بمن فيهم نجوم هوليوود وموسيقيون معاصرون وفنانون مرموقون، نظام الأبارتهايد الإسرائيلي، وتبنوا نهج عزل قطاع الثقافة الإسرائيلي المتواطئ .
وفي سبيل المقاطعة الرياضية، قام فريق برشلونة الإسباني بإلغاء مباراة كرة قدم ودّية كانت ستقام مع فريق “بيتار” الإسرائيلي سنة 2020، وذلك نتيجة لضغط أطراف عديدة فلسطينية ودولية وعلى رأسها حركة المقاطعة على مسؤولي النادي الإسباني للعدول عن لعب تلك المباراة؛ لاسيما كونها كانت ستقام على أرض فلسطينية محتلة، وهو ما كان الغرض منه ليست المباراة الرياضية بحدّ ذاتها، وإنما محاولة من دولة الاحتلال لعكس فكرة أن الأرض أرضٌ إسرائيلية وليست فلسطينية.
3- المقاطعة الاقتصادية: لا يخفى على المتتبع لإنجازات حركة المقاطعة، ما حققته الحركة من نجاحات في العديد من الحملات الاقتصادية لمقاطعة كافة المنتجات الإسرائيلية، سواء منها ما تم إنتاجه داخل إسرائيل، أو ما تمّ إنتاجه في المستوطنات التي أقامتها دولة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها سنة 1967.
وفي هذا الصدد، يمكننا رصد عشرات بل مئات الأمثلة على الإنجازات التي كانت وراء تحققها واقعاً حركة (BDS)، ومنها في سنة 2020، أطلقت الحركة حملة قاطعوا –أكسا: وتعهد إزاء ذلك عشرة آلالاف شخص و مئتان وخمسون منظمة بمقاطعة شركة التأمين الفرنسية (AXA)؛ بسبب استثماراتها في البنوك الإسرائيلية التي تمكّن منظمومة الاضطهاد الإسرائيلي .
أضف إلى ذلك أنه في سنة 2021، أعلن أكبر صندوق لمعاشات التقاعد والتأمين في النرويج (KLP) سحب استثماراته البالغة قيمتها واحدٌ وثلاثون مليون دولار، من ستة عشر شركة متورطة في الجرائم الإسرائيلية، من بينها “موتورلا” و”سيلكوم”، بسبب صلاتها في دعم الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة .
وغيرها الكثير من صناديق التقاعد والبنوك المركزية، في عديد الدول الأخرة والتي حذت حذو مثيلها في النرويج، ومن تلك الدول: كندا، نيوزيلاندا، اسكتلندا، وغيرها.
4- التشريعات البرلمانية والنقابية لمواجهة الأبارتهايد الإسرائيلي
يمتزح في هذا البند خاصيتي الإنجاز الفعلي لعزل إسرائيل من جهة أولى، وخاصية الإدانة القانونية للاضطهاد والفصل العنصري الذي تمارسه دولة الاحتلال تجاه الفلسطيني وأرضه، عبر استصدار العديد من التشريعات على مستوى مختلف برلمانات العالم بالشكل الذي يُدين إسرائيل ويحملّها المسؤولية القانونية عن تلك الانتهاكات، وتكثيف ترسانة المواقف الصادرة عن اتحادات ونقابات المجتمع المدين في مختلف دول العالم. ومنها نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
تعرضت الحكومة البريطانية لهزيمة قضائية عام 2017، عندما نجحت حملة التضامن مع الفلسطينيين وحلفائها بالحصول على قرار محكمة يرفض تجريم أي جهات تدعوا إلى سحب الاستثمارات من شركات متورطة في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين، كما صدّ البرلمان السويسري جهود اللوبي الإسرائيلي لتجريم مساندة حركة (BDS) .
وفي عام 2020، قضت المحكمة الأروروبية لحقوق الإنسان (ECHR) بالإجماع، أنّ الدعوة إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية تندرج ضمن حرية التعبير التي تحميها الاتفاقية الأوروبة لحقوق الإنسان، معتبرة قرار الحكومة الفرنسية العليا والذي أدان مجموعة من نشطاء حركة المقاطعة، انتهاكاً للمادة العاشرة من الاتفاقية. يضاف إلى ذلك، حكم المحكمة العليا في المملكة المتحدة الذي ساند سحب الاستثمارات محليا .
وفي عام 2021، قدم البرلمان التشيلي مشروع قانون لحظر استيراد منتجات المستعمرات الإسرائيلية في الأراض الفلسطينية المحتلة، باعتبار الاستيطان غير شرعي.
وفي ذات السنة، أيد المركز الدولي للتضامن، والذي يشكل ائتلافاً كبيراً يضم أكثر من ستين نقابة عمالية ومؤسسة مجتمع مدني في “كيوبيك” بكندا، حركة المقاطعة (BDS) بالإجماع، وطالب الحكومة الكندية بتصنيف إسرائيل كدولة أبارتهايد .
ثالثاً: أبرز التحديات والعراقيل التي تواجه حركة المقاطعة
على الرغم من الإنجازات الكثيرة التي حققتها حركة المقاطعة على كافة المستويات محلياً وإقليمياً ودولياً، إلاّ أنها تواجه كمّاً هائلاً من التحديات والعراقيل على ذات المستويات، والتي تحاول محاربة استيراتيجيات الحركة وأنشطتها في دعم نضال الشعب الفلسطيني ضد الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي. ويمكن أن نوجز تلك التحديات، على النحو التالي :
1- التحدي الأول: على المستوى الإسرائيلي
أدى الاهتمام المتزايد من قبل وسائل الإعلام العالمية، والمقاطعة الفعلية من بعض الشركات أو التجمعات الأكاديمية الكبيرة للنشاطات الإسرائيلية إلى اضطراب القيادة الإسرائيلية، التي باتت تتخوف من فقدانها مكانتها في العالم.
ولقد اعتبرت الحكومة الإسرائيلية في حزيران/يونيو حركة المقاطعة تهديداً استيراتيجياً للوجود الإسرائيلي؛ أي لنظامها الذي يجمع بين الاحتلال والاستعمار الاستيطان والفصل العنصري، وعلى إثر ذلك نقل رئيس الحكومة مسؤولية مجابهة حركة المقاطعة إلى وزارة الشؤون الاستيراتيجية، بعد أن فشلت وزارة الخارجية في مجابهة الحركة، وإيقاف النمو المضطرد عالميا لحركة المقاطعة.
وفي سبيل مواجهة حركة المقاطعة؛ قامت دولة الاحتلال الإسرائيلي بالعمل على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية للحد من تنامي إنجازات هذه الحركة، وللتخفيف من أثر عمليات المقاطعة على كافة مناحي الحياة في إسرائيل: سياسياً واقتصادياً وأكاديمياً وثقافياً، إضافة إلى فضح ممارساتها العنصرية على المستويات الدولية.
ولأغراض الحد من تنامي امتداد الحركة، وما ترتب على ذلك من خطر حقيقي بات يشكل تهديداً ملموساً لنهج وسياسة دولة الاحتلال في قمع الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم. فقد تبنت إسرائيل العمل على جبهتين مترابطين ً :
أ‌. الجبهة الداخلية: سنّ الكنيست الإسرائيلي سنة 2011، قانوناً عُرفَ بقانون المقاطعة، وصادقت المحكمة العليا الإسرائيلية على هذا القانون في سنة 2015. بحيث يتيح هذا القانون الملاحقة القانونية والقضائية، لكل شخص يحمل الهوية الإسرائيلية ويدعوا للمقاطعة أو يدعمها بأيّ شكل كان.
ناهيك عن شنّ سلطات الإحتلال حملات قمعية مستمرة بحق أيّ ناشط ينتمي أو يدعم حركة المقاطعة، وتصعيد العمل الاستخباراتي في الملاحقة، وغيرها الكثير من الإجراءات التي تهدف إلى سدّ الباب أمام أيّ تنامي لجهود ونشاط الحركة.
ب‌. الجبهة الخارجية: تُدرك دولة الاحتلال أن أرض المعركة مع حركة المقاطعة (BDS) تتخطى حدودها، بل ليس من قبيل المبالغة إن قلنا أنّ مجال المواجهة يمتهد ليشمل كل بقاع الكرة الأرضية وإن اختلفت حدة المواجهة في بلد عن بلد آخر، بمعنىً آخر: أنّ ساحة المواجهة هي الساحة الدولية.
لذلك قامت إسرائيل في رصد مبالغ طائلة جداً لمواجهة نشاط الحركة على الصعيد الإعلامي، إذ تخطت ميزانية المواجهة إعلامياً حاجز المئة مليون شيقل. ويضاف إلأى ذلك، المواجهة عبر الوسيط الدبلوماسي الإسرائيلي، إذ استنفرت دولة الاحتلال كافة سفاراتها على مستوى العالم كافة لمواجهة، تنامي الحركة محلياً ودولياً.
واستعانت في صعيد المواجهة القانونية، بكافة حلفائها في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وذلك للتحرك قانونياً ضدّ الحملات الدعائية الداعية للمقاطعة، وتشريع قوانين تجرم المقاطعة في تلك البلدان. ناهيك عن الدور الرئيس الذي يلعبه اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية؛ من أجل الضغط على الشركات والمؤسسات التي قررت مقاطعة إسرائيل، ومواجهة الحملة دولياً .
2- التحدي الثاني: على المستوى العربي (التطبيع)
يشكل التطبيع العربي مع إسرائيل أحد أخطر الأسيلحة الإسرائيلية ضدّ حركة المقاطعة، حيث إنّ التطبيع يساعد على كسر عزلة إسرائيل عالمياً ويقوّض نجاحات المقاطعة، والأخطر من ذلك أنّ تزايد التطبيع الرسمي بالتزامن في آن الوقت مع تنامي المقاطعة وتصاعد الحرب المضاّة لها، يتحول معها التطبيع إلى مشاركة في الحرب الإسرائيلية ضدّ حركة المقاطعة، وتحجيم نشاطاتها وتقليص الرقعة الجغرافية لتلك النشاطات؛ وذلك عائد بالضرورة إلى أنّ كل دولة تطبّع مع إسرائيل فهذا يعني أنها أصبحت حليفة لها على كافة المستويات، الاقتصادية والسياسية والأمنية.
إذ هناك عدة دول تربطها علاقات اقتصادية ودبلوماسية مع دولة الاحتلال، سواء من خلال مكاتب سفارات أو مكاتب للعلاقات الاقتصادية، من ضمنها: الإمارات الأردن ومصر، إضافة إلى عديد الدول العربية التي تجمعها علاقات اقتصادية وسياحية مع إسرائيل، منها: المغرب، تونس، قطر .
3- التحدي الثالث: تباين الموقف الفلسطيني من حركة المقاطعة
لا يقتصر موقف السلطة الوطنية الفلسطينية على عدم توفير الدعم لحركة المقاطعة باعتبارها تتبنى نهج مقاومة مستند إلى الشرعية الدولية، وإنما تقوم بعض الجهات الفلسطينية بمقاومة عمل الحركة بطرق مختلفة؛ ففي سنة 2014: قامت أجهزة السلطة الفلسطينية باعتقال أربعة ناشطين من حركة المقاطعة؛ بسبب احتجاجهم على استضافة فرقة رقص هندية في إطار جولة تقوم بها الفرقة وعرضت خلالها في مدينة تل أبيب .
أما على مستوى الخطاب الرسمي الفلسطيني، فيغلب عليه طابع التذبذب بين مؤيد غير جريء ومعارض جريء لحركة المقاطعة، فمثلاً: يفرق الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية في تأييده لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية التي مصدرها المستوطنات المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة، في حين لا يؤيد مقاطعة المنتجات التي مصدرها دولة الاحتلال. وهذا موقف لا يتناسق ويتلاءم مع الموقف اواقعي والموضوعي لحركة المقاطعة من المنتجات الإسرائيلية بصفة عامة، خصوصاً إذا ما استحضرنا بالبحث والتحليل حقيقة أنّ العوائد الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية التي لا يمانع الموقف الرسمي الفلسطيني التعامل معها، إنما تساهم بطريق مباشر أو غير مباشر في زيادة حدّة الاستيطان ومصادرة الأرض الفلسطينية.
ناهيك عمّا يواججه الطرف الفلسطيني من إشكاليات وتحديات التبعية الاقتصادية لدولة الاحتلال، والتي تمّ تكريسها بشكل رسمي بعد توقيع بروتوكول باريس الاقتصادي لسنة 1994، حيث ترتب عن هذا الاتفاق تقييد الاقتصاد الفلسطيني بشكل شامل، والتحكم بعمليات الاستيراد والتصدير، وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الحدود والمعابر، التي من المفترض أن تعود سيادتها للطرف الفلسطيني.
ولم يتوقف الحال عند تضارب الموقف الرسمي الفلسطيني، بل ذهب في كثير من الأحيان إلى القيام بمشاركات وفعاليات جنباً إلى جنب مع الطرف الإسرائيلي، وهو الأمر الذي تسعى حركة المقاطعة لمحاربته على كافة المستويات، نذطر منها على سبيل المثال لا الحصر:
أ‌. مشاركة السلطة الوطنية الفلسطينية في معرض “إكسبو دبي”، على الرغم من مشاركة دولة الكيان الإسرائيلي في ذات المعرض. وهو الأمر الذي يمكن اعتباره تكريساً لسياسات التطبيع الإقليمية التي تسعى لها دولة الاحتلال في العامين الأخيرين. لذلك، كان حريٌّ بالطرف الفلسطيني مقاطعة هذا المؤتمر وعدم المشاركة فيه، خصوصاً إئا ما استحضرنا للأذهان ما تقوم به دولة الاحتلال في الآونة الأخيرة من سياسات ضمّ للأرض، وتهويد للقدس وتهجير للسكان من مناطق النقب.
وذلك ما يتعارض جملة وتفصيلا مع توجهات حركة المقاطعة وبرامجها، ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن حركة المقاطعة تبذل جهوداً مضنية في الدعوة لمقاطعة معرض “إكسبو دبي”.
ب‌. انضمام السلطة الفلسطينية إلى منظمة غاز الشرق الأوسط كعضو مؤسس، على الرغم من نهب إسرائيل للغاز الفلسطيني، وتصديره للخارج. وهذه الخطوة تقوّض حقوق الشعب الفلسطيني في الاستفادة من موارده الطبيعية، وتعطي هذه المشاركة غطاءً فلسطينياً لتعميق العلاقات التطبيعية الإسرائيلية مع أنظمة عربية، بل وتكرّس فرصة الاحتلال من أن يصبح مركزاً للطاقة في المنطقة، مما يعزز هيمنته بشكل أوسع، وفقدان الحق في مساءلة ومحاسبة دولة الاحتلال قانونياً، عن نهبها للموارد الطبيعية الفلسطينية، وعلى رأسها الغاز. تحت ذريعة شراكة السلطة الفلسطينية لإسرائيل في منتدى الغاز وعدم وجود شكاوى منها بهذا الصدد.
وبالرغم من النجاحات المتتالية التي تحققها حركة “بي دي إس” على الصعيد الدولي، إلا أن تأثيرها لا يزال ضعيفًا على المستوى المحلي؛ حيث تعتبر السوق الفلسطينية في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية من حيث تسويق المنتجات الإسرائيلية. يرجع ذلك بشكل كبير إلى ضعف التنسيق ما بين الحركة والسلطة الفلسطينية؛ فالأخيرة لا تزال تعوِّل على إحياء عملية السلام والمفاوضات الثنائية مع الجانب الإسرائيلي؛ حيث تتخوّف من ردّة فعله في حال أقدمت على تبنِّي المقاطعة الشاملة .
خاتمة
من المعلوم بالضرورة، أنّ تنامي نشاط حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) على المستوى العالمي، قد شكل ومازال يشكل مصدر إزعاج حقيقي للقيادة الإسرائيلية التي أصبحت ترى أن الحركة تمثل أكبر الأخطار الاستيراتيجية التي تقف حائلاً أمام تنفيذ كافة المخططات الاستعمارية التي تنتهجها دولة الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية؛ لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار اتساع رقعة المواجهة بين الحركة ودولة الاحتلال على المستوى الجغرافي من جهة أولى، وشمولية المجالات التي تنشط فيها حركة المقاطعة بحث تكاد لم تُغْفِلْ أيّ وسيلة من وسائل الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل للوصول إلى عزلها في شتى الميادين؛ اقتصادياً وثقافياً وأكاديمياً وقانونياً، بل وحتى رياضياً.
وتحظى حركة المقاطعة بدعمٍ متنامٍ من قبل العديد من الاتحادات الدولية، والنقابات العمّالية على مستوى العالم، وكذا شريحة لا بأس بها من الأحزاب السياسية، إضافة إلى الكثير من الشخصيات العالمية المؤثرة بالرأي العام العالمي، إضافة إلى البرلمانات الشعبية في بعض دول العالم. الأمر الذي ساعد حركة BDS في إحداث تأثير وخلق فوارق في ميزان المواجهة مع العدو الصهيوني، وهذا التأثير آخذٌ بالتصاعد شيئاً فشيئاً بفضل الحملات الممنهجة والاستيراتيجات المدروسة.
لكن وكما سلفت الإشارة، تواجه حركة المقاطعة على الرغم من أنها تكتسي الصبعة السلمية والشعبية في المقاومة، وتستند في تطبيق استيراتيجياتها إلى ما يبيحع القانون الدولي وقواعد الشرعة الدولية في مقاومة أيّ مُحْتلّ، إلاّ أنها تواجه كمّاً هائلاً من التحديات وتتم محاربتها على كافة المستويات الدولية والإقليمية (التطبيع العربي) ومحلياً (الموقف الرسمي المضطرب فلسطينياً).
وهذا التحدّي الأخير، يجعل من تأثير حركة المقاطعة في الدخل الفلسطيني محدود إن لم نقل هشّاً، وهو ما يشكل نقطة ضعف في مسار حركة المقاطعة، لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنّ السوق الفلسطيني ما زال يحتلّ المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي.
وفي الختام، لا يخفى على الباحث في الشأن الإسرائيلي حجم الخطورة التي أحدثتها حركة المقاطعة (BDS) على المشروع الكولونيالي الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية؛ وما باتت تشكلة هذه الحركة من هاجس يقضّ مضجع الساسة والمسؤولين في مراكز صنع القرار الإسرائيلي.

*باحثة في دراسات الشرق الأوسط، الجامعة العربية الأميركية، فلسطين.

Optimized by Optimole