ثقافة الديمقراطية في التنظيمات الإسلاموية

Spread the love

بقلم: بكر أبو بكر* —

مقدمة:

في محاولة للافصاح عن طبيعة العلاقات الاسلاموية مع مفهوم الديمقراطية نتساءل هل لدى عموم التنظيمات الاسلاموية ممارسة ديمقراطية؟ وهل هذه الممارسة تنعكس داخليا في التنظيم؟ أم تقتصر فقط على الخارج؟

وهل هذه الديمقراطية مُتبنّاة في الخطاب الداخلي أم المرواحة مازالت قائمة ما بين الشوري غير الملزمة والإلزام؟

وهل تحولت الديمقراطية إلى حقيقة وتعبئة وثقافة داخل التنظيمات الاسلاموية؟ وإن كنا نفترض منذ البداية أن التنظيمات الاسلاموية العنيفة لا تؤمن قطعا بالديمقراطية فلا حكم الا لله كما يفهمونها، فالحديث يتناول غالبا التنظيمات الاسلاموية الموسومة أنها معتدلة بنموذج السلفيين و”الاخوان المسلمين” ومنهم “حماس” أي الفرع الفلسطيني لحزب/جماعة الاخوان المسلمين.

ولمزيد من التعرف على الثقافة الديمقراطية وحقيقة تغلغلها أم تستخدم مطيّة من الممكن الرجوع للتعبئة الداخلية في داخلهم، وأيضا فيما يظهر في حربهم الدعائية الاعلامية في نماذج للاخوان المسلمين، وحيث خصصنا نموذج “حماس” في الحرب الدعائية مستندين لممارسات لها في إطار معركة من المفترض أنها غير مفصلية هي معركة الانتخابات البلدية المحلية في فلسطين.

عن محاولة الربط بين الديمقراطية كفكرة وكممارسة وكثقافة يفترض انعكاسات في السلوك السياسي والتنظير الداخلي، وفي الدعائية الحزبية عامة و الاسلاموية منها، ومقدار الحرية والاعتراف بالآخر، فهل تحققت هذه المعطيات في التنظيمات الاسلاموية ؟ ام أنها تحققت لدى أطراف بها فقط؟ أم هي في طور “التمكين” تختلف في نظرتها عن طور المظلمة و”المحنة” والاستضعاف؟ أم لعل من متغيرات الحال والثقافة الوافدة والاحتكاك بالآخر أن تغيرت تنظيرات البعض فيهم؟

الديمقراطية صندوق أم حوار؟

إن الديمقراطية ليست صندوق انتخابات فقط ، وهي ليست قطعا ممارسة لمرة واحدة ، وهي لا تكون ديمقراطية نزيهة متى فزنا وتصبح فاسدة متى خسرنا. إن الديمقراطية أسلوب حياة وثقافة مجتمع، وممارسة وقيم، وهي إن لم تُفهم في هذا الإطار تُصبح ألعوبة يستخدمها القوى في وجه الضعفاء فيما يمكن أن يُطلق عليه اسم الاستبداد الديمقراطي.[1]

من حيث أن الديمقراطية ثقافة[2] فهي بالحوار الدائم والالتزام بين المختلفِين، ومن حيث هي ممارسة فإنها تتضمن آليات دورية من صندوق وناخبين أحرار ومرشحين وتداول للسلطة نزيه ومقر ومعترف به ومتبع.

أما من حيث هي قيم فلا بد أن تتصف بالمصداقية والأمانة في إطار الحرية والمساواة، وفي ظل تشرّب قيم الاعتراف بالآخر – أيّ كان اختلافه الديني والعقدي أو الفكري أو السياسي أو المجتمعي .. – وهذا الاعتراف كقيمة يؤسس لقيمة التقبّل ثم التجاور للمختلفين معا تحت نفس القبة، أوفي نفس المساحة.[3]

“الديمقراطية المتوخاة في البلدان العربية ستبقى ناقصة، وقد تنطوي على ما يثير المخاوف، إذا لم تتطعّم بحمولات ليبرالية، تتعلق بالحرية والمواطنة وإعلاء شأن الإنسان الفرد، وضمن ذلك ضمان حقه في الاختيار والمساواة وتكافؤ الفرص”[4]

أنه المجتمع المدني الذي لا يعترف بالفواصل وينصاع للقانون والدستور.

يقول د.عبدالحق العزوزي (صناديق الاقتراع تكون هي الحكم الفيصل، وتكون الأحزاب السياسية هي الممثل والمجسد للطلبات الاجتماعية، وتكون هي المتبارية داخل حلبة الصراع السياسي، وكل حزب يجب أن يكون جزءاً من اللعبة السياسية كباقي الأحزاب، ويجب أن يكون هناك إجماع على قواعد اللعبة السياسية، وأن يكون هناك قانون أسمى وهو الدستور المتوافق عليه، وإلا برزت الفتن ما ظهر منها وما بطن.)[5]

مضيفا (بإمكانك أن تصلي صلاة الجنازة على وفاة البلاد إذا لم تستبطن الأحزاب السياسية قاعدة تحويل النظام السياسي الجديد إلى ملكية عمومية باسم مفهوم حكم الشعب بالشعب بعيداً عن الاحتكار السياسي والاستئثار الفئوي أو المذهبي باسم الدين، أو باسم مبدأ ما أو شعار ما لا يحظى بالإجماع الاجتماعي أو القبول داخل قواعد العلوم السياسية المقارنة، وإلا ظهرت شمولية أخرى تسيء إلى المبدأ أو المرجع الذي تستند إليه أكثر مما تدافع عنه، ويكفي الرجوع إلى التجربة العراقية الحديثة لتبين ذلك.)

يقول د.حنا عيسىى[6]: (الديمقراطية الحقة التي نشدو إليها في فلسطين تعني ممارسة الإرادة والمشاركة في وضع خطط المجتمع وتحويل أهدافه العامة إلى برامج وخطط تفصيلية يمكن ترجمتها إلى واجبات يمارس في كل مواطن فلسطيني دوراً بشكلٍ يحقق الخطة الشاملة وأهدافها الديمقراطية تعني تفجير طاقة الإنسان الفلسطيني لزيادة الإنتاج وتعني استخلاص الحقول الذاتية لمشاكل المجتمع المحلية وفوق هذا وبالضرورة تعني الرقابة الشعبية الواعية على المؤسسات العامة والإدارية ومحاسبتها.) ويضيف (الديمقراطية الجديدة في النهاية لا تتحقق إلا بالفرص المتكافئة بين المواطنين ولا تتم بمعزل عن القوى الشعبية المنتجة والتي يجب أن تهيأ لها فرص للمشاركة السياسية واستعادة الثقة بالنفس.)

الاسلامويون بين الرفض والخلط

الديمقراطية أن فهمناها كذلك، فلا يعد هذا المفهوم متغلغلا في كل التنظيمات الاسلاموية سواء الموسومة أنها متطرفة أو إرهابية، أو حتى تلك الموصوفة بالمعتدلة إلا من رحم ربي منها، وهي فئة قليلة نأمل بإذن الله أن تزداد وتكبر لتغدو حينها قوة تضاف لقوى المجتمع المتعددة جميعا.

مرّ مفهوم الديمقراطية (والحزبية والتعددية والشراكة) بمراحل لدى التنظيمات الاسلاموية فمن بُغض أو تكفير الحزبية والأحزاب، إلى تكفير الديمقراطية باعتبارها مؤشر “العلمانية الكافرة” هي الأخرى وباعتبارها حُكم العِباد في ظل أن الحكم بالأرض لله رب العباد كما تفهم المعنى كل أو غالب التنظيمات الاسلاموية.

وقع الخلط منذ البداية بين مفهوم الانتماء للاسلام -أو هكذا أريد له- وبين الانتماء للحزب الديني (الاسلامي)، ليصبح أن لا اسلام بلا انتماء لحزب ديني، وعليه يكون الوعاء الوحيد المتاح هو “الاخوان المسلمين” ناهيك عن أنه كان الحزب الاسلاموي الأول (والوحيد) في فترة كان ولم يكن غيره، في بدايات القرن العشرين،[7] وحيث ربط حسن البنا في رسائله بين العقيدة والإخوان كجماعة بوضوح فهو يقول (أن أن لا خير الا في طريقكم، ولا صواب الا فيما تعملون) ويقول: (غاية الاخوان المسلمين إسلامية صميمة، ولا تخرج عن الاسلام ولا تحيد عنه قيد شعرة)[8]، ليضيف أنه (على كل مسلم أن يعتقد أن هذا المنهج-منهج الاخوان-كله من الاسلام) ويستطرد في رسائله ليحدد أن فهم الاسلام هو ما يفهمه هو والاخوان المسلمين فيما يسميه الأصول العشرين حصريا.[9]

وعن الفرضية الخاطئة بالربط بين الاسلام والحزب والديني والسياسي يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي[10] أن (الانتماء إلى حزب ديني ليس من ركائز الإسلام، ولا يضير إسلامي شيء إنْ لمْ أنْتَمِ إلى هذا الحزب. فأنا مسلم قبل أن أعرفكم، وأنا مسلم قبل أن تُكوّنوا حزباً، وأنا مسلم بعد زوالكم، ولن يزول إسلامي بدونكم. إنّنا كلّنا مسلمون، وليسوا هم وحدهم من أسلموا…..، هو حزب سياسي قبل أن يكون ديناً وهو يمثل الفكر السياسي لأصحابه ولا يمثل المسلمين.)

كما وقع الخلط منذ البداية بين مفهوم (التديّن) ومظاهره وبين التقوى ونسبته للحزب ذاته وأصحابه، ووقع الخلط أيضا بين التدين مع مفهوم العمل السياسي، كما أصبح الخلط بين العقيدة (باعتبارها صُلب الدين وأحد ثوابته الرواسخ) وبين الشأن الحياتي (السلطاني/ السياسي) المتغيّر، حيث افترضت هذه الجماعات الربط بعلاقة وهمية أنتجت الدمج بين العقيدة “الثابتة” وبين الشأن الإنساني السياسي “المتغير”،[11] وبين حاملي الفكرة أنفسهم، فتقدس الثلاثة معا على الأقل في وعي الناس البسطاء وما أكثرهم، (أي ربط المعتقد/الاسلامي، مع الشخص أو التنظيم حامله، ورأيه السياسي المتغير)[12] في علاقة أفرزت تعددية الفهم المتطرف لمعنى “الشريعة” ومعنى “العقيدة” ومعنى “الديمقراطية”.

بين “الاسلام السياسي” و”الاسلاميين”

بل لن الخلط وأحيانا المتعمد بين الإسلام كدين وحاملو دعوته إلى الدرجة التي أطلق فيها عليهم تخصيصا كجماعات صفة (الإسلام السياسي) رغم أن الإسلام واحد لا ينقسم، أو كما أطلق عليهم من الغرب أولا (الاسلاميين) رغم عدم اتفاقنا مع تعريفهم عليه إضافة لجدته، إلا أن الخلط وقع وبأهداف ليست صحيحة بظننا، ما جعل حتى عديد التنظيمات الاسلاموية تفاخر وتكابر باستخدام المصطلح ما دام يُلبسها هذا الثوب أي “الاسلامي” الحصري في عقول الناس، وحول الموضوع يذكر الاخواني د. رحيل محمد غرايبة[13] -ما نتفق معه فيه- أن (هذه المجموعات المتعددة لا تمثل الإسلام، ولا تنطق باسم الإسلام، وليست وصية على الإسلام، ولم توكلها الأمة بهذه المهمة، وإنما هم عبارة عن مجموعات من الناس التي تحاول أن تقدم اجتهادها للأمة، فإما أن تقبله أو ترفضه، وقبوله ورفضه لا يعني رفضاً للإسلام ولا يتعلق بقبوله، وإنما هو حكم على اجتهاد هذه المجموعة من حيث قربه من الصواب أو بعده عن الحق الذي يراه غيرهم، وينبغي أن تكون هذه الآراء عبارة عن مفاضلة بين الاجتهادات والرؤى والأفهام المختلفة، ولا يملك أحد أن يفرض رأيه واجتهاده لبعض القضايا الدينية أنها الدين بعينه، فهذا لا يصح ولا يجوز.)[14]

الأدبيات الاسلاموية و5 تكفيرات

ما زالت أدبيات التيارات الاسلاموية تحفل وتحتفل بمفهوم (أهل الحل والعقد)[15] وهم الصفوة الحاكمة، وبمفهوم (الشورى) الملتِبس ما بين الشروط المطلوبة بالعضو ، وما بين أنها مُعلِمة أو ملزمة، ولم ينقطع فيها الجدل حتى الآن.

تحفل أدبيات الاسلامويين بإسقاطات عديدة تأنف من التعامل مع النتاج الفكري الغربي (ينظر له باعتباره الغرب الصليبي، أو الصليبي الماسوني أو الصليبي اليهودي) ، فيما تستهلك كل منتجاته واختراعاته بل ونظرياته في العلوم المختلفة دون وجل، رغم أنه من صنع (الكفار)! وهي برفضها أفكار (الكفار) وفلسفتهم كفّرت منذ البداية مفاهيم الشيوعية والقومية والعلمانية والوطنية[16] والديمقراطية، فأصبح من يوصم بأحد هذه التهم فهو وطني = وثني = كافر، أو هو ديمقراطي والديمقراطية ضد شعار (لا حكم إلا الله)، فهو كصاحبه وكذلك الأمر مع العلمانية والقومية والشيوعية. [17]

جاء حسن البنا رحمه الله في مرحلة تاريخية عاصفة حاول فيها بجهد واضح أن يختط دربا بين دروب شتتته وحيّرته وذبذبته، وافترض تشتيتها لأمة المسلمين، فحارب على جبهتين لا سيما وأنه كان الحزب الإسلاموي الوحيد حينذاك، في ظل تغريب وفي ظل شيوعية، لذا فهو يصنع فكر الواقع حينها، ويعتبر أن كل العبء ملقى على عاتق حزبه/جماعته، إذ يقول: (إن العالم الآن تتجاذبه شيوعية روسيا من جانب، وديمقراطية أمريكا من جانب آخر، وهو بينهما مذبذب حائر لن يصل عن طريق إحداهما إلى ما يريد من استقرار وسلام، وفى أيديكم أنتم قارورة الدواء من وحى السماء، فمن الواجب علينا أن نعلن هذه الحقيقة فى وضوح، وأن ندعو إلى منهاجنا الإسلامي فى قوة، ولن يضيرنا أن ليس لنا دولة ولا صولة؛ فإن قوة الدعوات فى ذاتها، ثم فى قلوب المؤمنين بها، ثم فى حاجة العالم إليها، ثم فى تأييد الله لها متى شاء الله أن تكون مظهر إرادته وأثر قدرته ورحمته (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ*وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِى الأَرْضِ وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرونَ)[القصص: 5-6].)[18]

بل ويضيف البنا[19] معتبرا أن (غايتهم: فهم يريدون سيادة الفكرة الإسلامية وهيمنتها على كل مظهر من مظاهر الحياة .. مع الانتفاع بكل جديد لا يتنافى معها ..مهمتهم: مهمة الإخوان تكوين الأمة المسلمة والاضطلاع بعبء تبليغ دعوة الرسول الأعظم من جديد! ..رسالتهم: ورسالة الإخوان إصلاح شامل يتناول كل نواحي الحياة .. في الأمم الإسلامية عامة ومصر على وجه الخصوص ..)

ويقول الاخواني الدكتور محمد عبد الرحمن المرسي في مقاله (أبعاد الصراع بين الحق والباطل): أنه (من الأهمية بمكان تعديل وتصويب العقل المسلم وردّه إلى أصول منهجه الإسلامي:فالمنهج الإسلامي له موازينه ومقاييسه الخاصة به، وبالتالي رؤيته الواضحة المنبثقة عن تلك القيم والموازين والأهداف.ويجب أن يحذر المسلم عند التفكير والانطلاق بالرؤية من جرّه وصبّه في قوالب خارج تلك المفاهيم الربانية وبالتالي تضطرب عنده البوصلة.)

تناقض العنف والديمقراطية

يقول د.محمد حبيب النائب السابق لمرشد الاخوان السابق محمد مهدي عاكف في مقاله حول مراجعة فكر البنا مشيرا للتناقض بين العنف والديمقراطية في فكر البنا: ((يقول «البنا»: «هل فى عزم الإخوان المسلمين أن يستخدموا القوة فى تحقيق أغراضهم؟» فيجيب قائلا: «إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدى غيرها، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة، وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء، وسينذرون أولا، وينتظرون بعد ذلك، ثم يقدمون فى كرامة وعزة، ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضاء وارتياح». والسؤال هو: ألا يعطى هذا أى جماعة أخرى الحق فى الوثوب إلى السلطة متى امتلكت وسائل القوة؟!

وما هو الوضع الذى يمكن أن تؤول إليه الدولة، إذا حدث ذلك؟! من العجيب أنه فى نفس الرسالة، يقول «البنا»: «يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستورى هو أقرب نظم الحكم القائمة فى العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاما آخر»..))

رغم محاولات حسن البنا كمؤسس الإخوان المسلمين منذ البداية أن يتعامل مع مفاهيم الوطنية والديمقراطية[20] والقومية بتفسيراته وتطويعها حسب ثقافته، إلا أنه لم يبلور طرحا متقدما يتقبلها بوضوح، ليأتي سيد قطب المتأثر بالنفحات الاسلاموية الهندية المتطرفة، ويرسم طريقا جديدا يحكم فيه على المجتمعات بأنها (جاهلية) ويقرر أن (الحاكمية) هي لله فيقع تصنيف المجتمع تحت سيف الحق والباطل الذي يؤسس داخل المجتمع المسلم لمدرسة المعسكرين أوالفسطاطين، فسطاط الحق وفسطاط الباطل داخل أمة المسلمين.

الاحتفاء بفكر قطب

يقول سيد قطب في تفسيره لسورة الأعراف: (إن البشرية تنقسم شيعاً كله جاهلية… وشيعة تسمى نفسها مسلمة وهي تتبع مناهج أهل الكتاب حذوك النعل بالنعل خارجةً من دين الله إلى دين العباد… لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين للبشرية وانتكست البشرية بجملتها إلى الجاهلية)، وأضاف (فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منهم يردد على المآذن: لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها) ويعلق المفكر الاسلامي د.فاروق حمادة: هذا الكلام في غاية الخطورة لم يسبقه به إلا الخوارج الذين حاربهم الصحابة، لأنه يكفر الناس ويرميهم بالردّة وكأنه قد شق عن قلوبهم وعرف ما بداخلهم.

ورغم ذلك فإن الاحتفاء بفكر سيد قطب تجده حتى اليوم ممن يسمون أنفسهم المعتدلين في “الاخوان المسلمين” حيث يمدح الاخواني د.عزالدين الكومي سيد قطب في رسالة الاخوان الدورية الموجهة للأعضاء وذلك يوم 2/9/2016 بالقول (سيد قطب شهيد القرآن والتفسير والعقيدة والدعوة والبلاغة والأدب، عاش فى ظلال القرآن الوارفة وعشق كتاب الله، فأبدع فى ترجمة ما فهمه منه إلى سلوك عملي حي يتحرك به ويدعو الناس إليه، وقد خدم الإسلام من خلال القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة)؟!.

ويمدحه الشيخ يوسف القرضاوي قائلا: “هو أحد عظماء الرجال في أمتنا، هو مسلم عظيم، إذا قسنا العظمة بالبذل والتضحية في سبيل الله، وهو داعية عظيم إذا قسنا العظمة بقوة التأثير في الدعوة والتوجيه، وهو عالم ومفكر عظيم، إذا قسنا العظمة بمقدار الاستقلال في الفكر وأصالة العلم”.[21]

الدولة المدنية والواقع المقدس

وقبل الخوض في الديمقراطية لدى التنظيمات الاسلاموية نعرج قليلا برأينا على مفهوم (المدنية) أو العلمانية، حيث تعددت الآراء في “العلمانية” وتطبيقاتها كثيرا فمابين (العلمانية الشاملة) التي تلغي دور الدين في كل المجالات سواء في السياسة أوالمجتمع أو القيم والأخلاق الدينية المنشأ، وتُعلي من شان الإنسان فقط دون مرجعية كما عرّفها د. عبد الوهاب المسيري إلى (العلمانية الجزئية) التي تبعد إقحام الدين (قداسة الرأي والشخص والفهم) في الدولة والسياسة فرق كبير حيث اعتبرت (العلمانية الجزئية) من حيث فصل الدين (استغلال الدين) عن الدولة (استغلال الحكام بالدولة للمذهب في الحكم) اعتبر هذا الفصل مقبولا ، بل وزاد على ذلك الشيخ د.راشد الغنوشي إذ أصّل لهذه العلمانية الجزئية، وقرر أن لها قبولاً في الفكر الإسلامي وأسماها العلمانية الجزئية المؤمنة، وفي الكثير من مفكري المسلمين اتجاه نحو فصل المذهبي والطائفي والتطبيق المحدد منهما للشريعة عن الحكم.

نحبذ استخدام مصطلح الدولة المدنية لا مصطلح العلمانية، لما ثار حول الأخير من جدل ولتعدد وتضارب تعريفاته، ونرفض “الدولة الدينية” التي تدعو لها التنظيمات الاسلاموية سواء تلك السنية او الشيعية المؤمنة بولاية الفقيه.

يقول الكاتب الاسلامي د.حسن حنفي ما نتفق معه فيه أن (الدولة المدنية تقوم على تعددية القوى السياسية بتغير قوى أحزابها وثقافة التفاهم واستمرار منطق الحوار السياسي بينها وتداول السلطة، فلا يكون الحكم لحزب واحد دائم، ولا لسلطة واحدة، دون مراعاة قواعد اللعبة السياسية، وخدمة المصلحة العامة.) ويخلص للقول (ولا توجد أصلاً دولة دينية بل دولة مدنية. الدين كالثقافة والعلم أحد مكوناتها.)

نعم، هناك إشكالية كبيرة في حل عقدة الربط الوثيق بين الدين عامة بمعنى القداسة والمطلق والتنزيه للفكرة الخالدة وبين قائلها، وبين الثقافة الشعبية الماضوية المتجذرة في هذا الاتجاه حيث يتم التعامل مع الرأي أو المعنى أو الفهم للقضايا بنفس منطق التعامل مع النص القرآني فيتم ربط الرأي والشخص القائل للرأي بقداسة شبيهة بتلك القداسة للقرآن الكريم في العقل الشعبي فيسهل السيطرة والتحكم في عقول الناس، فتنقاد بلا تفكير، وهذه معضلة تحتاج إلى جهود حثيثة في مستويات عدة لا تقتصر على المفكرين والمثقفين والمصلحين والسياسيين بل يجب أن تبدأ منذ البداية، والبداية صعبة ولا تكون إلا في العقل والقرار السياسي، وحيث ننطلق من الأسرة والمدرسة والمسجد والمناهج وفي الإعلام.

إن إشكالية الربط المقدس وتجذره قد تجر المجتمع حين تحكمه التيارات الاسلاموية للمطالبة بمعاقبة المخالفين من المسلمين أنفسهم، باعتبارهم ضد الدين أكانوا مارقين أو مرتدين او زنادقة[22] أو منافقين أو فسقة أو كفار فنعود بالعصور لفرض اتجاه اجتهادي فقهي معين على غيره كما حصل في فتنة القرآن والتي انهيت بالفتنة القادرية أي فتنة تلتها فتنة في العصر العباسي، وكلها ارتبطت بقداسة الدين مربوطا بالحكم ومربوطة بالرأي المفروض.

في العصر الحديث نرى الأشباه في بعض الدول من تبني مذهب او اتجاه ديني محدد وفرضه على الناس أنه الاسلام الصحيح، ما يتعارض مع فكر الدولة المدنية بل ومع تعددية الفكر الاسلامي ذاته،[23] ومع فكر الديمقراطية، ولكن تجذر الافكار الاسلاموية القطعية تؤهل لذلك كما كاد يحصل في مصر، وكما يحصل حاليا من دعوات شبيهة في غزة على سبيل المثال.[24]

يقول فولتير[25]: «بأن أحد أسباب التعصب هو إبقاء الشعب معلقاً بالأوهام، وأفضل طريقة لعلاج ذلك الداء هو الاحتكام إلى العقل»

أما مدى “واقعية” الدعوة للدولة المدنية في هذا السياق وفكرة “العلمانية” فرغم صعوبتها إلا أن الدولة المدنية –كما نرى-بالقيم الإنسانية والتي يشكل الإسلام العظيم بالفهم المستنير جوهرها تصبح قادرة على النفاذ في الثقافة الشعبية برأيي من حيث قلنا أن البداية هي صعبة جدا.[26]

تطور بطيء مقابل ثبات آخرين

عودة لمفهوم الديمقراطية في فكر وتطبيق الأحزاب الاسلاموية مجال بحثنا، يمكننا القول إن التعامل معها قد وقع في عدة مراحل من التطور البطيء جدا ليستطيع المستنيرون في التيارات الاسلامية أن يتفهموه ويتقبلوه، وإن كان تحت مسمى (الديمقراطية الإسلامية) كبداية لدى بعضهم، انتقالا للمفهوم ذاته ، ولا جدال أن مفكرين اسلاميين مستنيرين كُثُر كان

لهم اسهام بذلك ومنهم الشيخ يوسف القرضاوي[27] والشيخ راشد الغنوشي[28] ود.محمد عمارة[29]…وغيرهم .

ونقرأ عند الدكتور محمد عبدالرحمان المرسي الكادر في “الاخوان المسلمين” رؤيته للديمقراطية: ((إن الديمقراطية تعنى التنافس، وأن هناك معارضة وأغلبية يحددها صندوق الانتخابات وأن هناك آلية لتداول السلطة.فالأصل في الديمقراطية هو التنافس وليس التوافق، ولا بد أن يكون هناك معارضة وأغلبية، وأىّ تصور يلغى وجود المعارضة ويلغى التنافس للوصول للحكم، فإنه يضعف بذلك العملية الديمقراطية. بل يتجاوز بعضهم فيقول إن الصندوق الانتخابى – الحر النزيه – لا يعنى الديمقراطية ولا يمثل إرادة الشعب.ومع ذلك أيضاً فنحن نرحب بأى جهة تتوافق مع برنامجنا، أو حتى جزء منه.

إن التنافس الديمقراطى تحكمه قواعد أساسية :

1- هناك دستور يحترمه الجميع.

2- الالتزام بسلمية التنافس.

3- عدم إقصاء المعارضة، وعدم التعدى على حقوقها.

4- احترام صلاحية الأغلبية.

5- احترام الجميع لطبيعة النظام الديمقراطى، وآلية تبادل السلطة.

وهذا التنافس السياسى الديمقراطى، يختلف عن الصراع المذموم الذى يستهدف الفوضى وعدم الاستقرار في المجتمع، سواء جاء هذا من المعارضة أم من الأغلبية.))[30]

ظلت الديمقراطية متّهمة عند السلفيين[31] عامة، إلى أن انقسمت السلفية حديثا ما بين تقليدية أو علمية، وبين حركية/حزبية، وتلك المتطرفة القتالية، والحركية منها التي أقرت التعددية والانخراط في العملية الديمقراطية، كما حصل في الكويت ومصر كمثال واضح.

أما لدى “الاخوان المسلمين” فمما لا شك فيه أنهم استفادوا من احتكاكهم بالغرب كثيرا وأثر عليهم القمع أو التضييق أو ما يسمونه في أدبياتهم (المحنة) ليتوصلوا – ليس كلهم – لاعتناق الديمقراطية ممارسة -ولا نقطع بتبنيها ثقافة- عبر البرلمانات في الجزائر ومصر والأردن والكويت والمغرب، وفي فلسطين منذ العام 2006 رغم الاحتلال واتفاق أوسلو الذي (دخلوا تحت مظلته ربما مكرهين ).

يقول الكاتب الأردني حمادة فراعنة عن تجربة الاخوان المسلمين في الديمقراطية: (في تونس والمغرب ، تحرر فصيلا الإخوان المسلمين من تراث حركتهم الام وتصرفوا كأحزاب سياسية تونسية ومغربية لها أجندات محلية وطنية وإن تمسكا بمرجعيتهما الاسلامية وحافظا على هامش واسع من الاجتهادات الإسلامية المنسجمة مع قيم العصر والتعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع وقبول الشراكة مع الأخر ، وهذا سبب نجاحهما كحزبين سياسيين في تونس والمغرب ، لم يكن سهلاً فقد وجهت لهما سيولاً وعواصف فكرية وسياسية وعقائدية ، سواء من قبل شخصيات من داخل الحزبين التونسي والمغربي ، أو من اتجاهات إسلامية منافسة ، تتهم راشد الغنوشي ، مثلما تتهم عبد الإله بن كيران بالتخلي عن تراثهما الاخواني والدوس على قناعتيهما التاريخية مقابل البقاء في السلطة) .[32]

إذن كانت الفكرة الأصل لدى الاسلامويين عامة أن الديمقراطية تعنى “العلمانية”، أي مفهوم هذه التيارات الوحيد ما يسمونه (فصل الدين عن الدولة)، ورفض حكم “الشريعة” الإسلامية كما يفهمونها أيضا ، وبالتالي فهي “كفر” إلى أن تم تقبلها لدى كثير منهم ورويدا رويدا، وإن كانت التجربة في كل من مصر وفلسطين غير مشجعة أبدا، وتحاط بالشكوك.[33]

في العام 1996 رفضت (حركة المقاومة الإسلامية–حماس)[34] المشاركة بالانتخابات[35]، لكنها فجأة انقلبت رأسا على عقب عام 2006 لتدخل في أتون المعركة الانتخابية.[36]

إن الصدى الذي خلّفه شريط المرئي (الفيديو) لأمير قطر الذي اعترف مؤخرا بصراحة أن الأمير الوالد هو من اقنع (حماس) الدخول بالانتخابات بناء على طلب أمريكي قد وضع ظلالا من الشك حول تبنيها العملي من عدم تبنيها للديمقراطية كفكرة وثقافة وتطبيق وتربية! لاسيما وإن التصريحات الأخيرة (شهر 8 / 2016) ليونس الأسطل أحد مفتي “حماس” قد رفض فيها الديمقراطية واعتبرها تناقض (حكم الله)[37] ما أكد الشكوك المستمرة والتي تعززت منذ الانقلاب الدموي في غزة عام 2007 وحيث لم تجري أي انتخابات لجامعة أو نقابة أو مؤسسة (باستثناء الجامعة الإسلامية في مدينة غزة المحسومة لحماس)، حيث لا تقبل التعبئة الداخلية لهذه التنظيمات عامة مفهوم “الشراكة”.[38]

من الممكن أن نوضح أن الخطاب في “حماس” متذبذب ومرتج بدرجة مثيرة خاصة بين غالب الفصيل في غزة من التيار المتطرف، وبين أخوتهم الآخرين خاصة في الخارج والضفة الغربية والقلة في غزة، وعليه فمن الممكن أن نرى ملمحا ديمقراطيا في ندوات خالد مشعل الذي يعترف بالاخطاء بشجاعة ويقر بضرورة الشراكة لا منطق البديل ويقول (“نحن محتاجين للديمقراطية، وممارسة الاقتراع الحر، ونذهب لشراكة في تحمل المسؤولية وبناء المؤسسات السياسية في كل بلد، والتوافق الوطني سياسيا ونضاليًا”.)[39]

نشير لدفاع د.عصام العريان عن الديمقراطية دون تدخلات خارجية عام 2009 كنموذج يحاول أن يأخذ “الاخوان المسلمين” باتجاه جديد فهو يرفض تدخلات الغرب لأنه يعمد الى: (حرمان الشعوب العربية الحريات العامة، وبالذات الديموقراطية منها، التي يمكن من خلالها التعبير عن إرادة الشعوب التى ما زالت تتمتّع بفطرة سليمة، وتختلف بوصلتها كثيراً عن بوصلة زعمائها، وتعرف أعداءها الحقيقيين، وتتمسك بهويتها الإسلامية والمسيحية الشرقية ضد محاولات قادتها جرفها إلى نظم علمانية أو إلحاق الكنيسة الشرقية بكنائس غربية.)[40]

ويكتب د.خضر محجز (الاخواني السابق) مخاطبا الجماعة بالطريقة التي يفهمونها: (الديموقراطية ليست هي الله، ولا هي بديل عن الله، ولا هي تتعارض مع دين الله، إن التطبيق الدنيوي لدين الله في الأرض ــ بعد الخلفاء الراشدين ــ كان شديد السوء، شديد الطغيان، شديد الإغراء بنبذ الدين.الديموقراطية آلية دنيوية ابتدعها البشر لإدارة حياتهم، بأقل قدر من السوء.)[41]

تفشل محاولات بعض الاسلامويين للربط بين المفهوم القديم للشورى باعتباره جذر مفهوم الديمقراطية الحديث ، بل وتحاول أن تحقق تقاطعا تعسفيا بين طرق اتخاذ القرار في التاريخ العربي الاسلامي وطرائق الحكم وبين فكرة الديمقراطية الحديثة، والتي بعد أن بدأ تبينها داخل بعض هذه الأحزاب تحت مسمى الشورى وقفت عند حدود الإعلام والإشعار (أن يُعلم القائد من معه بقراره بعد أن يشورهم، غير ملتزم بالأغلبية أو غيرها) والإخبار وليس الإجبار والإلزام لتظل الهيمنة والسيطرة والتسلط من نصيب القائد أو”المرشد” أو “الإمام”.

أن الديمقراطية لدى الأحزاب الاسلاموية عامة –مع بعض الاستثناءات– لا تمثل قناعة مطلقة أو ثقافة مستقرة أو تعبئة داخلية أبدا، وإنما يتعاملون معها بغية الانقلاب عليها أو كمرحلة وقنطرة توصلهم للغايات، وحين (التمكين)[42] فإن لكل حادث حديث حيث تصبح الحكومة الربانية كما قالوها في مصر وفي غزة للأبد.

يقول د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الإسلامية بجامعة الخرطوم عن الفهم الصحيح “للتمكين”: (مفهوم التمكين هو مفهوم قراني كلى ، ولهذا المفهوم تفسيرين، التفسير الأول هو التفسير الديني (الشرعي) له ، وهو التفسير الذى يتسق مع التعدد الدلالي للمفهوم في القران، ومع تفسير السلف وعلماء أهل السنة للمفهوم، فضلا عن انه يتسق مع مقاصد وضوابط الشرع ،وطبقا له فان مفهوم التمكين هو مفهوم شامل، فهو يشمل الكثير من المجالات ، ولا يقتصر على مجال معين (كالمجال السياسى مثلا) ، كما انه يشمل جماعه المسلمين لا ينفرد به فرد أو جماعه دونها كما هو الحال في قسمه التكليفى، بل قد يمتد فيشمل بني آدم كما هو الحال في قسمه التكويني كما في قوله تعالى (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) (10: الأعراف )، وطبقا لهذا التفسير أيضا فانه على تعدد غايات التمكين الدنيا ، فان غايته القصوى ليست السلطة أو الثروة أو المنصب بل هي أقامه الدين. أما التفسير الثاني لمفهوم التمكين فهو التفسير السياسى له ، ويقوم على التأكيد على البعد السياسي لمفهوم التمكين، لكنه يتطرف في هذا التأكيد لدرجه إلغاء الأبعاد الأخرى للمفهوم، فهو تفسير يتصف بالقصور لأنه يقصر مفهوم التمكين على مجال معين (هو المجال السياسى)،كما يقصره على جماعه من المسلمين، بينما المفهوم اشمل من ذلك كما سبق ذكره، كما أن هذا التفسير يتناقض مع التعدد الدلالي للمفهوم في القران، ومع تفسير السلف وعلماء أهل السنة للمفهوم، وفضلا عن انه يستند إلى أو يلزم منه جمله من المفاهيم التي تتناقض مع مقاصد وضوابط الشرع، وبالتالي يعتبر بدعه.)[43]

آليات الجذب الدعائي/الاعلامي والتسويق النفسي[44]

في الاستخدام للآليات تتخذ التنظيمات السياسية عامة وسائل محددة الهدف منها “الحشد” نحو الفكرة والأهداف والتنظيم، والحشد مطلوب لكن الأصل هو “البناء” حول الفكرة بمعنى تكوين النواة الصلبة بما يُحسِن الاستثمار أو الاستخدام بحسب أهداف جهة التسويق أوالاستقطاب والدعوة/التبشير.

تستخدم التيارات الاسلاموية عامة المنابر في المساجد والمدارس والجامعات ووسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لترويج أفكارها وتسويقها مستعينة بقيادات (إسلامية) تبدو بعيدة عن الفكر الحزبي، وأحيانا شباب ملتفين حول الفكرة وليسوا بالضرورة من صلب (التنظيم)، وهنا يأتي دور “التوظيف والاستخدام”[45] لهدف مخالف لما قد يريده الشخص المستَخدَم.

وفي (الآليات) ثلاث خطوات، نشير فيها تحديدا لنموذج تلك التيارات المتطرفة،[46] حيث الخطوة الأولى: هي “الهز والتحفيز والاستبدال” والتي يتبعها عند نجاحها خطوة “التطويع”، ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة “الاستخدام والتوظيف”. وفي الخطوة الأولى (الهز والتحفيز والاستبدال) بإمكاننا الاشارة لسبع نقاط.

آلية هز القناعات : فأنت في مجتمع مقرف مليء بالخطايا والإباحية والابتعاد عن دين الله فهو مجتمع جاهلي (كافرأو مرتد أو..) والدليل …. من القرآن والسنة كما يفهمونها ويطوعونها، ومن كتب التراث.
آلية الإشعار بالذنب: فأنت مقصّر ولا تفعل شيئاً لدينك أو ربك أو مذهبك، فيرى الشخص الواقع تحت سيطرة “وهم قداسة” اللحية والجلباب وافتراض أن في أمثال هؤلاء ينطقون الحق دوما فلا يأتيهم الباطل لا من بيد أيديهم ولا من خلفهم، فيشعر أنه ذليل أو خجِل إن لم ينصاع لهم .
ألية تحفيز الواجب: إذ ينتبه الشخص بعد كل ذلك، وعبر “تكرار”هذه الآلية أن بإمكانه أن يفعل شيئا ولو على الأقل بالانتماء لهذا التنظيم، أو دعمه ولو على “توتير” أو “الفيسبوك”، أو قد يصل لدرجة الموت في سبيله .
خطاب مشاعر الحميّة والنجدة والنُصرة للدين: كما حال خطاب “داعش” لأهل السنة مثلاً في العراق ما يشعرالبسطاء منهم أن كل واحد يدافع عن الشريعة وتطبيقها ضد “الرافضة”، ما يترابط مع تحفيز الواجب ، ونفس المبدأ استخدمه “الحشد الشعبي الشيعي” أيضا في العراق فاعتبر حربه ضد “النواصب” خدمة للحسين وتعجيلا بظهور الامام المهدي المنتظر.
تأتي عملية استثارة (المأمول) أو المحلوم به أو ما هو في الحقيقة فيه الكثير من الكذب أو “الوهم” كخطوة لاحقة لما سبق، فأنت بقيامك بالواجب أكان بحده الأدنى أو الأقصى ستجد أمامك جنة الخلافة الأرضية (عبر الواقع الافتراضي في الشابكة (=الانترنت)، أو في داخل الحزب المغلق على المؤمنين، أو بالهجرة عن المجتمع، أو مؤخراً في دولة الخلافة بالموصل،……) كما تنتظرك الحوريات ال 72 في الجنة! ان قتلت في سبيل الخليفة أو الدعوة سيان. [47]
تقنية إبدالية الرموز: وهي تقنية مستخدمة من قبل التنظيمات الاسلاموية لغرض إحداث أثر كبير ووقع أكبر من خلالها، فالشعار والعيش فيه قد يحل محل الحقيقة ، كما أن إظهار الرموز والصور والتفخيمات والشارات وأحياناً بعض الانجازات كأنها دلائل وبشائر النصر النهائي يعد تقنية ناجحة.
في الخطوة الأولى ب”الهز وتحفيز الآمال” يصبح المجتمع البديل جاهزاً في الصورة المرسومة عبر الاعلام والتسويق لأنه يظهر “الحزب مقابل المجتمع” بشكل كامل.
أما الخطوة الثانية في الآليات التسويقية للأحزاب هذه فهي التطويع التنظيمي، والتجهيز لتنفيذ الأوامر (يقول عمر التلمساني : كنت بين يدي الإمام حسن البنا كالميت بين يدي المغسل) ويتأتى ذلك عبر الإخضاع الكلي في أدبيات التنظيم عبر التشديد على الطاعة العمياء للأمير والبيعة له وللدعوة (وليس للإسلام-أنظر قسم الاخوان المسلمين كمثال) ثم القيام بتدجين هؤلاء عبر مخيمات أو معسكرات مغلقة لا تبقى في العقل أي مساحة يستطيع من خلالها أن يتنفس خارج مادة التسويق التي أزاحت ثم حلت مكان أي شيء آخر كليا.

ينتقل التنظيم للخطوة الثالثة: وهي “الاستخدام والتوظيف” الإرادي أو اللارادي، إلى الدرجة التي ينتخب فيها الشخص المستهدَف القائمة الطلابية (الاسلامية) حتى لو كان هو في سلوكه كما يعتقد لا يماثلهم فهو ينظف نفسه بمثل هذا الفعل الإبدالي، أو قد يتمادى غيره فينضم “للجنّة” في التنظيم، او يفجّر نفسه ضد الكفار والمرتدين وأصحاب الأهواء ليستشد في سبيل الله (ما هو نمط التطويع الذهني في دولة الحشاشين في التاريخ الإسلامي)

نموذج: مقال في صحيفة

وفي نموذج بسيط لترويج الفكر المتطرف بهدوء وسلاسة تقوم صحيفة اسمها “السفير” وهي ليست السفير اللبنانية الشهيرة، وإنما صحيفة من تونس، وتضع مقالا تحاول إظهاره كمقال “علمي اجتهادي” لكاتب اسمه هاني الشمري، ومن صورته يتضح أنه خليجي، ومع كثير من الاقتباسات المتعددة يؤصل للفكر المتطرف الاستئصالي الذي يرفض الآخر ويطالب بقتله، وهو الفكر الخارجي الداعشي/غير الديمقراطي.

حيث يقول في ختام مقاله[48]: ((جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية ، في تعليقٍ له على حديث جابر رضي الله عنه ، قال:( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمرنا أن نضرب بهذا ـ يعني السيف ـ من خرج عن هذا ـ يعني المصحف ـ). علق ابن تيمية رحمه الله على حديث جابر رضي الله عنه قائلاً ،(قال تعالى {لقد أرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز }، فبين سبحانه وتعالى انه أنزل الكتاب وأنزل العدل ، ومابه يعرف العدل، ليقوم الناس بالقسط،وأنزل الحديد فمن خرج عن الكتاب والميزان قوتل بالحديد، فالكتاب والعدل متلازمان والكتاب هو المبين للشرع ، فالشرع هو العدل والعدل هو الشرع ، ومن حكم بالعدل فقد حكم بالشرع).فان ابن تيمية يرى أن السلطة حين تخرج في حكمها عن كتاب الله فان هذا الفعل يستوجب قتالها وهذا واضح بقوله:( فمن خرج عن الكتاب والميزان قوتل بالحديد)، ومن استدلاله بحديث جابر رضي الله عنه.))-انتهى. ولك أن تنظر مقدار استثارة المأمول من المقال وهو تحت عنوان مضلل: (الخلافة.. العروة العُظمى التي تستوثق بها باقي العُرَى) موهما أن “الخلافة” أصل من أصول الدين ما لم يكن وما لم يقله أي من علماء السنة (في الشيعة الإمامية الامر مختلف)، وموغلا بإيراد أحاديث غير مسندة، وتفسيرات ماضوية متطرفة لاتصح مع اختلاف الأفهام والأزمان ومناهج الفهم والتفكير وآراء المفكرين المسلمين اللاحقين، كما تجد من الجملة المقتبسة والمقال المنشور في عام 2016 والحرب قائمة على “داعش” تجد أن الرجل يزرع البذرة المتطرفة، و”يستثير الآمال” و يخاطب بوضوح كما فصلنا بالنقاط السبعة أعلاه ” خطاب مشاعر الحميّة والنجدة والنُصرة للدين”، ما يمثل انتقالا للخطوة اللاحقة من هز القناعات بالتدجين ثم بالخطوة الثالثة وهوي الاستخدام والتوظيف.

استغلال أماكن العبادة :

يتم ببساطة استغلال المساجد من كافة التيارات الفكرية لأنها تفترض (وصيتها) على الدين، وبالتالي على الناس، وما دام المسجد هو قناة التوصيل الأساسية التي تخاطب الجمهور السلبي المنصاع فإن الاستيلاء عليها يصبح هدف أساس لا لعبادة الله وليس للعلم وليس للدعوة وليس للوحدة (كما يرى الشيخ عبد العزيز عودة في غزة في تعريفه لوظيفة المسجد بأنها للعلم أو الدعوة أو الوحدة) وإنما كمنصة جاهزة ومنبر للدعوة الحزبية/السياسية، مهما تغطت برداء الاسلام الفضفاض والذي ينقشه كل حزب بألوانه وخطوطه المختلفة.[49]

إن نموذج الاستغلال للمساجد في فلسطين – كما هو الحال في دول العالم الأخرى حيث تتواجد الاحزاب الاسلاموية – كان بارزا ما قبل دخول فصيل “حماس” بالانتخابات، كما كان أكثر ظهورا بعد دخولها الانتخابات التشريعية حيث تحول الاستغلال للمساجد من دعوات مبطنة على المخالفين بالويل والثبور وعظائم الأمورالى دعوات صريحة ارتبطت بافتكاك حماس للمساجد في غزة من أيدي التنظيمات الأخرى وبالقوة وخاصة تنظيم الجهاد الاسلامي والسلفيين ما بعد الانقلاب الدموي على غزة عام 2007. [50]

إن مجرد صعود قائد سياسي من فصيل ما وبشكل دائم (كل جمعة) على منبر الرسول ليلقى خطبة فهو استغلال حزبي-سياسي بشع للمساجد بلا شك، فما بالك عندما يصعد أكبر قائد حزبي لفصيل سياسي أو أحد طاقمه على هذا المنبر ، أنه سيتحول قطعا لدعاية حزبية صريحة تبتعد عن (المساجد لله) لتتحول الى (المساجد لدعوة الحزب) أو (المساجد للأشخاص) تماما كما دأب قادة حماس على الفعل لعشر سنوات حتى الآن.

يعتلي اسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي ل”حماس” (ورئيس الوزراء الفلسطيني سابقا) أحد منابر مساجد غزة كما يعتلي غيرها من زملائه فيعبرون عن مواقف حزبهم السياسية ليحرضوا الناس على تبنيها باعتبارها من الاسلام فهم يتحدثون على المنبر، وما أشد شناعة واستغلالا من ذلك أنظر فقط كمثال لما يقوله هؤلاء: (قال إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لفصيل حماس، خلال خطبة الجمعة في غزة في 5/8/2016 “ندعو إلى التمسك بإجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية للبلديات في موعدها المقرر في أكتوبر المقبل” قائلا “أمام الدعوات لتأجيل أو تعطيل أو إلغاء انتخابات البلدية فإننا ندعو للذهاب لهذه الانتخابات بقوة وبمنافسة شريفة”.)[51] وما شأن عباد الله في المسجد بموقف حماس بالموافقة من عدمها وهل لو كان الموقف غير ذلك ماذا سيكون الفعل بالطبع مغايرا، ما يعني العبث بعقول المصلين لمصلحة حزبية ليست بالضرورة تعني كل المصلين. [52]

وقال القيادي في فصيل “حماس” إسماعيل رضوان خلال استغلال السياسة للمساجد في خطبة وصلاة الجمعة من مسجد فلسطين في غزة بتاريخ 22/7/2016 منظرا لموقف فصيله الذي قد لا يتفق معه به المصلون :(فخامة الرئيس أردوغان حفظه الله ورعاه وقف مع القضية الفلسطينية وأن الشعب التركي ضحّى بدمائه في سفينة مرمرة من أجل شعبنا الفلسطيني فجاء لكسر الحصار)….وهكذا.

لقد استطاعت “حماس” منذ استيلاءها على السلطة في غزة بقوة السلاح عام 2007 من تأميم المساجد لصالحها من الفصائل الأخرى، ومن لم تلتزم بذلك كحالة الشيخ عبد اللطيف آل موسى كانت المواجهة العسكرية وقصف المساجد وقتل الشيخ ورفاقه هو الحل، حيث وقعت مجزرة دموية في مسجد ابن تيمه في رفح على ادعاء “حماس” أنها تواجه تيارا سلفيا متطرفا، بينما يشير رفاق الشيخ الى مشاكل مالية لهم مع حماس، عوضا عن سعي حماس لانتزاع المسجد من جماعة الشيخ عبد اللطيف آل موسى الذي طالب في خطبته قبل مقتله بيد “حماس” طالبها (إن أرادت البحبوحة والسلامة عدم الإقتراب من مسجد بن تيمية).[53]

بغض النظر عن حقيقة تصفية الشيخ ورجاله داخل المسجد في مدينة رفح بشكل عنيف ووحشي، أو في بيته بعد قصف المسجد في 14/8/2009 فإن الحقيقة الناصعة أن سيطرة “حماس” تمت، وهي التي تجوب غزة تفتش على المخالفات وتجبر الناس على دفع الضرائب الباهظة والإتاوات ، وتجوب الخط الفاصل بين قطاع غزة والداخل الفلسطيني (اسرائيل) لتمنع أي (معتدي) بإطلاق النار أوصاروخ أو حجر ضد العدو، بعد كل حرب من الحروب العدوانية الثلاثة للاحتلال الصهيوني على غزة، ولم تنفع مع “حماس” في ردعها الصلوات للجماهير في العراء لعدة أسابيع، فاستقر الوضع في المساجد لدعوة “الاخوان المسلمين” فقط.

فتاوى “حماس” والتحريض :

لم تكن الديمقراطية لدى غالبية التنظيمات الاسلاموية لتعني إلا قنطرة يعبرونها للتمكين الأبدي، والتنفيذ وهو المرحلة الثالثة بعد مرحلتي التعريف والتكوين ، لذا فإنه يصح استخدام (التقية) أو الفتاوى للتخلص من المخالفين فهم المنافقين أو العصاة أو العلمانيين أو الكفرة أو أتباع الغرب الصليبي او المتآمرين الخونة الذي يجود فيهم حد الحرابة.[54]

في الفتاوى و (الرؤى) الخيالية رأينا العجب العجاب في مصر فترة حكم الاخوان المسلمين ، ورأينا من “حماس” التهليل لوصم المخالفين بأنهم (خونة) أو (كفرة) أو (منافقين) مع ما يستتبع هذا الوصف من رحلة لدمائهم تماما كما كان التحريض السابق على الانقلاب عام 2007 والذي لم يتوقف حتى اليوم على لسان محمود الزهار وصلاح البردويل وفتحي حماد بشكل أساسي.(أنظر دراستنا في التعبئة الداخلية للإخوان المسلمين وحركة حماس).

ونموذج فتاوى يونس الأسطل في “حماس” صارخة إذ ينسب له أنه أفتى بقتل ملازم فما فوق في قوات الأمن الوقائي في غزة إبان الانقلاب عام 2007 وإن لم نعثر على مصدر يؤكد المعلومة، فإننا عثرنا في مواقع “حماس” على نفي لها، لكنه في الشريط (يوتيوب) الموزع على الشابكة يقال ما هو أشد من ذلك في استحضار للآية الكريمة (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك) حيث يأتي الرد المعاكس من احد مفتيي حماس (لأن بسطت إلي يدك لتقتلني… ساقطع عنقك.)

وكي لا نذهب بعيدا في التاريخ القريب فإن المذكور في شهر 8/2016 قد كفّر الديمقراطية علنا مُرجعا الامر إلى أنه (لا حكم إلا لله) وكنا قد رددنا عليه في ورقة منفصلة شارحين معنى الاستشهاد المنبوذ من الامة المنسوب للخوارج في مقولة (لا حكم الا لله).

ما أريد قوله أن الفتاوى مقترنة بالتعبئة الداخلية لفصيل حماس الذي يتلوّن في طرق طرحه للأسف أي في خطابه (وثقافته) فيقول لشعبنا في فلسطين ما يظن أنه يستسيغه من (دعوة اسلامية ومقاومة) ويعطي للعالم موافقة على التفاوض والاعتراف وعلى الدولة الفلسطينية في حدود 1967 (انظر لقاء خالد مشعل مع صحيفة DNA)[55] وفي المقابل يعطي الاسرائيلي أمنه على الحدود استنادا لاتفاق 2012 تحت رعاية الاخوان المسلمين ابان حكمهم مصر فيمنع ويعتقل ويطلق النار على (المجاهدين) الذين يجرؤون على اطلاق الصواريخ من غزة!

لا تكف حلقات الاخوان المسلمين الداخلية على التعبئة ضد المخالفين (انظر كتاب عماد الفالوجي عضو المكتب السياسي السابق لحماس[56] ، وأنظر عن الاخوان المسلمين المحامي مختار نوح والمحامي ثروت الخرباوي ، ونائب المرشد العام السابق للاخوان في مصر د.محمد حبيب) وفي جميع الاحوال تنطلق التعبئة من زاويتين رئيستين الأولى: هي التلميع والتضخيم، والثانية هي التشويه والمغالاة، فحيث يقع الحدث من قِبَل الاخوان أو أي من فروعها مثل حماس يتم تضخيمه إن كان ذو تأثيرات ايجابية أو العكس إن كان سلبيا، ويتم تلميع القائمين عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت متنفس الاسلامويين عامة.

اما التشويه فهو لتصريحات الآخرين أو مواقفهم أو مقالاتهم عبر الطعن في ذات الشخوص وخلفياتهم لا النقد لذات الموضوع أو الرأي بل وينطلقون بالتشويه لحقل ملئ بالمخاطر يدوسونه بلا تأنيب ضمير هو حقل الردح والشتم والبذاءة وحقل التكفير وحقل التخوين على الاعلام ومنصاته المختلفة (تابع قناة أقصى التابعة لحماس – غزة، أو تابع تصريحات صلاح البردويل القيادي في “حماس” بشكل أساسي ، وأنظر غيره الكثير).

إن الترابط بين التشويه والمغالاة أو التطرف في التعامل مع الآخرين يقابله كما قلنا تلميع وتضخيم (على درجة التقديس أحيانا) للشخصيات الاخوانية وما يقوله وتفعله فلا غنى عن (الامام) حسن البنا و(الشهيد) فلان والأستاذ أو الدكتور فلان في تنويه يسبق اسمه فالإمام هو (المرشد) وأعضاء مكتب الارشاد هم الأساتذة لاسيما أن الاخوان المسلمين يسعون إلى (أستاذية العالم).[57]

إننا من الممكن أن نرى التعبئة الداخلية في “حماس” والاخوان المسلمين تتناقض مع الثقافة الديمقراطية في أكثر من نقطة وإن لخصناها دون شرح يمكننا القول أنها كالتالي أولا: المظلومية والضحية، ثانيا: المؤامرة وعدم الاعتراف (الإنكار)، ثالثا : القداسة والولاء ، رابعا: الحصرية مقابل الإقصاء (الفسطاطين)، خامسا : التُقية والتبرير، سادسا : خلط السياسي الحزبي بالدعوي العقدي، سابعا : السمع والطاعة (كالميت بين يدي المغسل)،ثامنا : الممانعة والمقاومة، تاسعا : حاضنة للفكر المتطرف والتكفير، عاشرا: التميّز وعقلية العُصبة أو الطائفة.[58]

المنابر كمنصة تحريض: تكفير وتخوين

إن الخطاب التخويني والتكفيري يمثل لدى التنظيمات الاسلاموية عامة وسيلة دفاعية وهجومية في آن واحد، فهي تدافع عن تراجعها وأخطائها وهزائمها بالهجوم على الآخرين بدلا من الاعتراف بالفشل أو بالخطأ أو التراجع عنه وتقويمه ما هو مفقود في غالب هذه التنظيمات تماما، فهي ترى ذاتها (ربانية) الفعل السياسي فكيف لها أن تخطيء! كما تعتمد على صورة الضحية والمؤامرة العالمية على الإسلام (أي عليها حصريا)، وعليه يصبح تشويه واتهام وشتم الخصم والتحريض عليه سياسة متبعة تربط ما بين الوطني والديني بشكل تخريبي، ضمن مركب القداسة المطلقة لهم والدناسة للمخالفين.

مما لا شك فيه أن ما وقع لعديد من زعامات وكادرات الاخوان المسلمين من سجن ومطاردة في كثير من المراحل والدول (وان كان حصل لغيرهم ما حصل لهم ولم يتجهوا للتحريض والعنف ضد المجتمع) قد ألقى بظلاله على فكرهم-إضافة لعوامل أخرى- ليتجه سريعا نحو الانشقاقات بما أصبحت لاحقا التيارات المتطرفة اليوم، وإن ظل الخطاب الاخواني الداخلي الرسمي يتجه عامة نحو رفض الآخر وتنزيه الذات خاصة منذ أصبح سيد قطب يعتلى منبر التيار الحاكم في “الاخوان” القاضي بتجهيل المجتمعات الاسلامية كافة، وفي إسقاط فهمه للحاكمية الإلهية على الناس أي ضمن مفهومي “الجاهلية” و”الحاكمية” المستحدثين والاشكاليين.

التخوين والانقلاب في “حماس”

في فلسطين تحديدا ازداد الخطاب التكفيري والتخويني الأصيل في التراث الاسلاموي حدة منذ العام 2005 ، وبعد الدخول بالانتخابات التشريعية (بعد أن بُغضت ورفضت عام 1996)، إلى أن وقع الانقلاب الدموي عام 2007 حيث كان شعار (قتلاكم بالنار وقتلانا بالجنة) الصيحة المرتبطة بالتراث الاسلامي بالخطاب بين المسلمين والكفار التي انطلقت من “حماس”-غزة مقدمة مترافقة مع القتل المفزع والاشتباكات التي أودت بحياة المئات، وترافقت مع مقالات التكفير المنسوبة لبعض الشيوخ ضد الأجهزة الأمنية.

لم تتراجع حدة الخطاب التعبوي التحريضي لدى حماس حتى في مرحلة سيطرة حماس الكاملة على القطاع حتى اليوم، بل أصبحت من على المنابر وجهرا، حيث تم احتكار (المقاومة) إثر الحروب العدوانية الصهيونية الثلاثة التي دمرت غزة، كما سبق واحتكر الاسلام في منطوق فهمهم المحدود للاسلام بأدبياتهم الخاصة، لا سيما وخطاب “حماس” (لئن بسطت يدك لتقتلني…) ليس بجواب (سأقطع يدك) كما قالها الوليد بن عبدالملك بحق مخالفيه، وليس كما كان الجواب الرباني التعليمي العظيم (ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، إني اخاف الله رب العالمين-سورة المائدة 28) كما هو منطوق الآية الكريمة، وانما كما قالها مروان أبوراس من على منبر رسول الله في غزة (لئن بسطت يدك لتقتلني ….سأقطع عنقك) دون أن يخاف الله قطعا، وهو ما حصل في الانقلاب.

وما أدى في أحد المساجد في الضفة لأن يصدح احد الخطباء في المسجد مشيرا للأجهزة الأمنية بوضوح (أنهم يعتقلون من يوحدون الله)! وكأن كل الناس ومن في داخل المسجد من عديد الفصائل ممن لا يوحدون الله! ولولا وقوف المصلين له بشراسة لتطاول على الدين وفرض رأيه الحزبي الخاص كما الحال في غزة.

ترافق التحريض في الحروب الثلاثة التي دعى فيها قادة “حماس” (تحديدا من أولئك في غزة) المواطنين في الضفة الغربية لمقاومة السلطة الفلسطينية وإشعال الضفة ضدها، كما أصبح يقرِن الخطاب بين مقاومة المحتل ومقاومة السلطة واجهزتها الى الدرجة التي تدخل فيها مراقب “الاخوان المسلمين” في الأردن المتشدد همام سعيد ليقول (أن مقاومة السلطة أولى من مقاومة الاحتلال).

واليكم نُتف من التكفيرات والتخوينات، في فلسطين، ونتساءل لماذا كل ما يحدث اليوم من تحريض مستمر ضد الأجهزة الأمنية أفعلت خيرا أم أخطأت؟

يقول عطا الله أبو السبح من قادة حماس عام 2011 أن السلطة تقوم ب(إخراس البنادق وزج المقاومين في داخل سجونها المجرمة)، مضيفا ان ذلك يتم (من خلال التنسيق الأمني الخياني)؟!! وداعيا الشعب في الضفة للانقلاب على السلطة جهارا نهارا حيث يقول (يجب أن يهب شعبنا في الضفة الغربية ضد السلطة التعسفية الظالمة المجرمة) ؟! وهل في ذلك ما هو أوضح وأكثر حقدا وتحريضا من ذلك.

وفي ذات العام ومن على فضائية أقصى في شهر11/2011 يقول مروان أبوراس من قادة حماس-غزة أن السلطة غير فلسطينية! حيث صرح بكل جراة أن (الكارثة الكبرى) هي (التي تقوم بها السلطة الفلسطينية وبالمناسبة هي ليست فلسطينية)؟!! مضيفا أنه على (محمود عباس أن يعيد حساباته وعلى فياض ان يحمل أمتعته ويرحل)، ثم يتمادى المفتي أبوراس في غيّه إذ يقول ان السلطة (تبيع المساجد والأقصى لأجل السهر في تل أبيب)؟! مضيفا أن (المقاومة موجودة في الضفة ولكن يتآمر عليها فكا الكماشة الأجهزة الأمنية التابعة لعباس والتابعة لفياض، والأجهزة الأمنية الصهيونية)؟! ومتهكما ومحرضا يقول ان عباس (حتى ان انتفاضة الطناجر لم يقم بها)؟! ثم يتعمق مقررا أن (الشعب الفلسطيني لا يستطيع أن يتحمل .. التواطؤ من قبل هذه الأجهزة)؟! مضيفا ان (الحكومة التي ربطت مصيرها بالاحتلال سيكون زوالها أسرع من زوال الاحتلال)![59]

وعودة إلى أبوالسبح فإنه يختم حديثه كما أسلفنا بالقول (يجب أن يهب شعبنا بالضفة الغربية وان يقول لا لهذه الإجراءات الخيانية التعسفية الظالمة المجرمة)

أما د.محمود الزهّار من قادة حماس كمثال بسيط وقريب فإنه يقول محرضا بشكل مسف بشهر 8 عام 2016 لمراسل وكالة أنباء فارس الايرانية: أن الرئيس عباس جزء من المشروع الغربي ” ومهمته تكسير كل حركة إسلامية أو دولة إسلامية سواءً كانت سنية أو شيعية، العدو عندهم ليس المذهب، وإنما الإسلام”. ليتابع الزهار حديثه: “ولذلك تلتقي هذه العصابات أو الشخصيات العميلة للغرب، في أي لحظة، وأي مكان، بأوامر من أسيادهم لينسقوا خطواتهم”.

ويقول صلاح البردويل في 16/2/2016 على قناة “حماس” التي تبث من غزة (الاجهزة الامنية وقيادة السلطة في رام الله ليس بمقدورها حماية المواطنين وليس ايضا بعقيدتها الامنية ان تحمي المواطنين فهي بعقيدتها الامنية ان تحمي الاحتلال )!

وفي ذكرى النكبة 68 يفاجئنا صلاح البردويل أيضا مخاطبا الرئيس أبومازن أنت (تخرج أو تختم حياتك وقد تركت الضفة ملغومة بالمستوطنات والقدس تهود، وقوات فلسطينية تحمي أمن الاحتلال، فماذا فعلت بالقضية الفلسطينية أنت دمرتها من ثم رشوة لـ”صبية الطائف” ليهجموا على كل قيمة نبيلة.) مضيفا على قناة التحريض المتخصصة التابعة لحماس-غزة (انت”عباس”متهم بالرشوة وبالتنازل ومتهم بالدكتاتورية ومتهم بتسمين المستوطنات ان الاوان ليكون هناك بديل وطني.) أي أن الرئيس ليس وطنيا كما الأجهزة الامنية وكل المخالفين.

وهذه النماذج البسيطة ما هي الا غيض من فيض من مئات التصريحات التحريضية (والأفعال) التي لم تتوقف مطلقا في الاعلام والمنابر والمساجد والاجتماعات من سنين، رغم كل الاتفاقيات بين حركة فتح وحماس والفصائل، وخاصة اتفاق العام 2011 ، بل ومنذ المفاوضات بينهما منذ العام 2006 في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وما هو أشد منها في التعبئة الداخلية والتربية التنظيمية داخل حماس، ونتحدث نحن عن آليات وقف التحريض ضد المخالفين؟ كيف يستقيم ذلك؟

الخطاب التحريضي التربوي

إن كل الخطاب التحريضي المذكورأعلاه ضد المخالفين وضد الامن الفلسطيني (أو في أي بلد آخر) الذي يتبارى في الجهر به العديد من قيادت “حماس” الدينية والسياسية (وان كان الخلط متعمدا ومقصودا) خطاب لا يستقيم مطلقا في دولة تسعى لجعل القانون والديمقراطية والدولة المدنية التي لا تميز بين مواطنيها حقيقة واقعة.

إن التخلص من الخطاب التربوي الداخلي والتحريضي والاعلامي هو في البداية بمنع اعتلاء منابر المساجد في غزة وغيرها من قبل القادة السياسيين من كل الأحزاب ، بل ومعاقبته فمن يفعل ذلك يشوه عقيدة المسلمين بأخلاط فكره وفهمه (أو فكر وفهم حزبه الاسلاموي) الانساني السياسي المتغير.

وإن كانت غزة قد تسربلت مساجدها بقيود “حماس” للأسفـ، وتم استغلاها سياسيا وحزبيا ضمن غلاف العقيدة فإن الخطورة تقع لدى المصلي المستمع في ربطه بين المنبر الديني العقدي الثابت وما يعرض عليه من رأي أو موقف سياسي متغير لشخص أو فصيل، يصبح بنفس احترام وقداسة النص الديني ما هو مقصود أصلا بالسيطرة على المساجد.

عن الغزو الحزبي-السياسي-الديني للمساجد (في مشرق الامة ومغربها من الفصائل الاسلاموية) هو ما دعى الشيخ راشد الغنوشي في مؤتمر حزب النهضة التونسي هذا العام لأن يخطب جهرا قائلا أننا تنظيم وطني تونسي ونحن مسلمون ديمقراطيون، رافضا كليا صفة “الاسلامي” الانتقائية والمحيرة، فكل مسلم –كما أقول أنا-هو اسلامي بغض النظر عن درجة اقترابه من العبادات وبغض النظر عن رأيه السياسي، والغنوشي ذاته من أعلن جهارا نهارا فك الصلة بين الحزبي-السياسي وبين الدعوي-الديني، وهو أيضا صرح بجلاء بضرورة إبعاد المساجد عن الاحزاب والسياسة وهنا تكمن البداية ما لا أراه قريبا في عقلية الاخوان المسلمين المشارقة وفي غالب قيادات”حماس” فرع غزة تخصيصا.

بالطبع لم يلقى مثل هذا الخطاب المستنير للغنوشي قبولا من “الاخوان المسلمين” التقليديين إذ يكتب الكاتب الاخواني المقيم في لندن عزام التميمي[60] معلقا على مؤتمر النهضة في تونس الذي حضره دون مشاركة رسمية للاخوان المسلمين المصريين، قائلا:(لا أتفهم أبدا أن يحرص إخواننا على التبرؤ من إخوانهم ورفقاء دربهم ومن وقفوا معهم في محنتهم وكانوا لهم عونا في أحلك الظروف وأشدها. لا أتفهم بتاتا ذلك الإفراط في النأي عن جماعة الإخوان المسلمين) مضيفا (كان بإمكان إخواننا في حركة النهضة أن يدافعوا عن توجهاتهم الجديدة دون أن يؤذونا ويؤذوا إخوانا لهم مازالوا وراء القضبان، ثابتين).

وقال التميمي منتفدا عملية فصل الدعوي العقدي عن السياسي الحزبي بل ورافضا أيضا الفصل بين ما يسميه تلازم الدين والدولة، ليقول : (لو أن قيادة النهضة أبقت على النهضة حركة إسلامية دعوية وأسست حزباً يكون ميداناً سياسياً لنشاط أتباعها لربما سهل علينا استيعاب الفكرة وتصور المشروع) ومثيرا أن الفكرة هي فكرة أولئك القادمين على الحزب من الخارج.[61]

كيف نتخلص من الخطاب التحريضي والمتطرف؟

إن وقف التحريض المستمر ضد المخالفين عامة (من الجميع وخاصة من قبل التنظيمات الاسلاموية) حيث الربط الثلاثي بين التشويه والتكفير والتخوين يجب أن يصبح سياسة وطنية عامة يعاقب مرتكب إثمها وفق القانون، فكيف نكون في وطن واحد ونحن نعتلي المنابر لنخوّن او نطعن أو نكفّر فلان أو التنظيم العلاني، وأمامنا الحديث الشريف (ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا الفاحش ولا البذيء) وأمامنا الدستور أو القانون يحكمنا.

إن في التعليم والثقافة والتربية من المدارس وفي المؤسسات وفي البيت على الثقافة الديمقراطية (التي يرفضها المفتي يونس الأسطل بوضوح) وعلى ثقافة احترام الآخر وعلى قيم وأخلاق المحبة والتسامح، وعلى احترام الرأي المخالف يكون من عندها نقطة البداية الصحيحة في تغيير المجتمع والفصائل، وتوجيه قدراته نحو العمل والعطاء والابداع ،ونحو مقاومة المحتل ، مع استمرار نقد السلوكيات التسلطية والديكتاتورية وانعدام العدالة والظلم قطعا من أي طرف كانت، لا التجاذب الممض وفق الرأي والرأي المشاكس.

اشكالية الخطاب التنويري ومنه الاسلامي المستنير في مقابل الخطاب المتطرف والفكر الارهابي تأتي من ثلاث قضايا الأولى هي الأرضية التراثية الماضوية التي تحكم عقلية المسلمين عامة والتي تعانقت عبر السنين لتتماهى مع الخطاب الاخواني-القطبي والسلفي-القتالي الذي كرس مفاهيما تحصر الفكرة المطلقة المقدسة بجماعاتهم وشخوصهم وطريقة فهمهم وتبرر للتطرف أو العزلة أو تجهيل المجتمعات أو (إرهابها) فسيطروا على عقول كثير من الناس لا سيما وتداخلهم في المناهج التربوية بالمدارس عامة منذ الصغر.

يقول د.عبدالحميد الأنصاري حول الفكرالمتطرف والارهابي عامة (الفكر الإرهابي قديم قدم تنظيم الخوارج الذين خرجوا على الخلافة الراشدة، وأرهبوا المسلمين. وعلى مر التاريخ الإسلامي، عرفت المجتمعات الإسلامية الإرهاب، حيث لا مظالم غربية ولا (إسرائيل) مزروعة في فلسطين، ولا استبداد سلطوي أو تعذيب ضد «الإسلاميين»، ولا فاقة أو حرمان اقتصادي، ولا «غلو علماني».. ومع ذلك وُجِد الفكر الإرهابي على امتداد التاريخ، يطفو على السطح كفقاعات الماء الزائفة من حين لآخر، في شكل جماعات متشددة تكفر المجتمع والدولة وتشهر السلاح وترهب الآمنين. يذكر التاريخ الإسلامي تنظيمات عديدة: الخوارج، والحشاشون، والقرامطة، و«الإخوان» الذين انشقوا على موحد الجزيرة الملك عبدالعزيز، وجماعة جهيمان، والجماعات التكفيرية في مصر والجزائر وباكستان، وجماعة «طالبان» و«القاعدة» و«داعش» و«بوكوحرام».. إلخ.)[62]

وثانيا ارتباط الخطاب التنويري عبر السنوات بأنه مناهض “للاسلام”لمجرد مناهضته لهذا التنظيم أو ذاك الفهم أو تينك الشخص، وغني عن القول أن هذا الخطاب التنويري التقدمي ارتبط العداء لديه في مرحلة سابقة -او عند الكثيرين منهم- بالربط المغلوط بين الإسلام والأحزاب الاسلاموية فناهضوا الطرفين دون فصل، فسفهتهم التنظيمات الاسلاموية: فهم الكفار والعلمانيين ونحن فسطاط الحق.

أما ثالثا فنحن لا يمكن أن ننكر دور الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ودورالتسلط والاستبداد للحكام، ولأسباب سقوط الأفكار الكبرى من شيوعية وقومية عنصرية، وحاجة الناس لأمل، ولا ننكر دور انعدام العدالة الاجتماعية وتسفيه دور المرأة، ودور الإعلام السلفي الماضوي الخرافي. لا ننكر دور كل هذه العوامل في تقوية البديل الاسلاموي المتطرف، وإضعاف التنويري حتى الإسلامي المستنير منه.

[1] في كتاب د.عصمت سيف الدولة عن “الاستبداد الديمقراطي” اقترب من قناعاته الفكرية التى تربط بين الحرية من الفقر والبطالة وبين الحقوق السياسية مستشهدا بالفيلسوف السويسرى جان جاك روسو صاحب “العقد الإجتماعى “والذى إعتبره فيلسوف الحرية الحقة الذى سبق عصره. (أنظر مقال الخضر هارون في موقع السودان الاسلامي 21/6/2012)

[2] تعرف الموسوعة العربية العالمية الثقافة بأنها: (هي التراث الفكري الذي تتميز به جميع الأمم عن بعضها البعض، حيث تختلف طبيعة الثقافة وخصائصها من مجتمع لمجتمع آخر، وذلك للارتباط الوثيق الذي يربط بين واقع الأمة وتراثها الفكري والحضاري، كما أن الثقافة تنمو مع النمو الحضاري للأمة، وكما أنها تتراجع مع ذلك التخلف الذي يصيب تلك الأمة، وهي التي تعبر عن مكانتها الحضارية بالثقافة التي وصلت إليها). ويرتبط المصطلح ثقف بالعربية بالحذق والذكاء والفطنة والمهارة، ويرى د.نصر عارف أن (مفهوم “الثقافة” في اللغة العربية ينبع من الذات الإنسانية ولا يُغرس فيها من الخارج.) ولعلّ أقدم تعريف للثقافة، وأكثرها شيوعاً، ذلك التعريف الذي وضعه / ادوارد تايلور / والذي يفيد بأنّ الثقافة : (هي ذلك الكلّ المركّب الذي يشتمل على المعرفة والعقائد، والفن والأخلاق والقانون، والعادات وغيرها من القدرات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع.)

[3] قال تعالى: “ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين” سورة يونس(مكية)/الآية 99. والمعنى حسب ما جاء في التّحرير والتّنوير للشيخ ابن عاشور هو: لو شاء الله لجعل مدارك الناس متساوية منساقة إلى الخير فكانوا سواء في قبول الهدى والنظر الصحيح و(لو) تقتضي انتفاء جوابها لانتفاء شرطها. لكنه لم يشأ ذلك فاقتضت حكمته أن خلق عقول الناس متأثرة ومنفعلة بمؤثرات التفاوت في إدراك الحقائق. والاستفهام “أفأنت تكره الناس” إنكاري. فنزل النبي صلى الله عليه وسلم لحرصه على إيمان أهل مكة وحثيث سعيّه لذلك بكلّ وسيلة صالحة، منزلة من يحاول إكراههم على الإيمان فشبه حرصه على إيمانهم بحرص من يستطيع إكراههم عليه والإكراه هو الإلجاء والقسر.

[4] ماجد كيالي في مقاله على موقع قنطرة 2016 تحت عنوان: الديمقراطية في الخطاب السياسي العربي

[5] من مقال عبدالحق العزوزي في الاتحاد الاماراتية 30/8/2016 تحت عنوان: المجال السياسي والانتقال الديموقراطي

[6] من مقال لحنا عيسى على الشابكة 5/12/2016 تحت عنوان: الديمقراطية الحقة.. الارادة والمشاركة.

[7] تواجدت منظمة غير سياسية هي: جمعية الشبان المسلمين، قبل نشأة الاخوان المسلمين، واستمرت متواصلة.

[8] من رسالة “الاخوان المسلمين” في 12 اكتوبر 2016 تحت عنوان: الغاية واستاذية العالم.

[9] يقول حسن البنا نصا: “إنما أريد بالفهم :أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة و أن تفهم الإسلام كما نفهمه ، في حدود هذه الأصول العشرين الموجزة كل الإيجاز” والرابط عن الأصول العشرين في موقع المعرفة http://www.marefa.org

[10] محمد متولي الشعراوي ( 15 أبريل 1911 – 17 يونيو 1998م) عالم دين ووزير أوقاف مصري سابق. يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛ حيث عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة وعامية مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، لقبه البعض بإمام الدعاة، وله عشرات الكتب القيمة-عن الموسوعة الحرة

[11] يقول المفكر المستنير سعود الزدجالي في صحيفة الفلق http://www.alfalq.com/?p=8599 (أن “الافتراق” في الدين ومقولاته فرع من الاختلاف في السلطة وأهوائها، ويعيش المسلم العادي حياته اليومية على هوامش الافتراق (الديني-السياسي)) ويضيف قائلا:( أن“الحق” فرعٌ من وضوح البرهان، وما يحاول الدلالة عليه، وليس فرعاً من مكانة الأشخاص وتقديسهم عند الأتباع في المذهب الواحد؛ لذا فإن على المرء أن يتهم رأيه أولاً، ويضعه تحت مجاهر النقد الذاتي؛ فإن العصبية تصنع الغشاوة، وهي تحجب الثغرات؛ وهذا الاتهام للرأي يضعنا أمام “المعقولية” التي تصنع الثقة المتبادلة بيني وبين الآخر المختلف . وتبعا لذلك فإن كثيراً من المصطلحات الدينية، والألقاب المذهبية خادعة؛ من حيث إنها تجعل الإنسان المسلم لا يقترب من الآخر، ولا يحاول اكتشافه، ولكنّه يصطحب معطيات التكريس الديني التي تجعل الآخر شراً محضاً؛ فما يجده في تاريخه أنه يقف على نقيض وعداوة وبراءة.)

[12] يقرر حسن البنا مؤسس “الاخوان المسلمين” أن : “الإسلام عبادة وقيادة ودين ، ودولة وروحانية وعمل وصلاة وجهاد ، وطاعة وحكم ومصحف وسيف لا ينفك واحد من هؤلاء عن الآخر”. رابطا في فهمه الخاص بذلك بين العقيدة والايمانيات التي تمثل الشأن الثابت، وبين متغيرات الفهم والفكر الانساني-السياسي الاسلامي ضمن تقليب الأوجه والعقل في فهم معنى العمل في الدولة والسيف والقيادة.

[13] د.رحيل غرايبة شغل منصب رئيس المكتب السياسي وعضو المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وهو لاحقا صاحب مبادرة وطنية في مواجهة “الاخوان المسلمين” الرسميين بالاردن، اسمها “مبادرة زمزم” ضمن تيارات عدة منذ العام 2013

[14]من مقال د.رحيل غرايبة على موقع (نقطة وأول السطر) وفي صحيفة الدستور http://www.noqta.info/page-102692-ar.html

.[15]يقول الشيخ فتحي منصور قاضي المحكمة الشرعية في القدس عن أهل الحل والعقد كنموذج للفكر المستقر: (حق اختيار الحاكم هو للأمة بواسطة أهل الحل والعقد، فالحكم بالإسلام هو عقد عن تراض بين الأمة والحاكم، والبيعة تعني الطاعة والقبول، و الحاكم مقيد بتبني الأحكام الشرعية المستنبطة استنباطاً صحيحاً من الأدلة الشرعية ومقيد بالحلال والحرام،و لا يخرج على الحاكم أو يعزل إلا إذا أظهر كفراً بواحاً)- أنظر موقع http://www.passia.org/

[16] يقول حسن البنا في “رسالة دعوتنا”:”وجه الخلاف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية ، فكل بقعة فيها مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وطن عندنا له حرمته و قداسته و حبه و الإخلاص له و الجهاد في سبيل خيره ، و كل المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية أهلنا و إخواننا نهتم لهم و نشعر بشعورهم و نحس بإحساسهم “، وكذلك الأمر ينشيء البنا مفهوما مختلفا للقومية في ذات الرسالة.

[17] من المهم الإشارة أن معنى كافر عند هذه التيارات الاسلاموية عامة معناه جواز قتله، أي الكافر=قتل، على فرضية أن من ارتد أو غيّر او بدّل دينه يجب قتله، وهو الحديث المنسوب للرسول (ص)، والذي فسره علماء المسلمين المستنيرين بمعنى أن من يغير دينه ويصبح معاديا أي يتعامل مع الطرف المحارب الآخر هو من يجب قتله فقط، وليس معناه الحد من حرية اعتناق الايمان من خلافه، لأن تكملة الحديث تقول (“المفارق” للجماعة) حيث تعني هنا “المحارب” للجماعة، أي المحارب لجماعة (أمة) المسلمين.

[18] جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (720)، السنة الثالثة، 3 ذو القعدة 1367ه- 6 سبتمبر 1948م

[19] لاحظ أن البنا فيما يطلقون عليه (رسائل الغمام البنا) يقول نصا أن: مهمتهم “تبليغ دعوة الرسول الأعظم من جديد”؟! وهذا افتراض النقصان في الأمة! وأنهم وحيدين يقومون بالدعوة، ومن جديد؟!، ما يجعل المساحة أمامهم مفتوحة لاعتبار كل من لا ينتمي لهم خارج عن الملة، أو يحتاج لتجديد وتصويب كما يفهمون هم هذا التبليغ أو التجديد، وفي ذلك حصرية دينية تقترب من مفهوم الطائفة.

[20]

http://www.mubasher24.com/49863[21] عن موقع مباشر 24 و في ذات المصدر فان

الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، يرى أن سيد قطب كان مثقفا قبل انضمامه لجماعة الاخوان، مشيرا الى أنه تحول بعد انضمامه الى الجماعة الى مفتٍ للارهاب. وأضاف حجازي أن قطب كان شاعرا وتلميذا للاستاذ العقاد، وكان أول من بشر بنجيب محفوظ، ولكنه بمجرد انضمامه للاخوان المسلمين، صار مفتيا للقتل. وقال حجازي إن ظهور جماعة الاخوان المسلمين في مصر جاء كرد فعل مضاد للنهضة الثقافية التي شهدتها مصر في عشرينيات القرن الماضي.

[22] ظهر مصطلح الزندقة في التاريخ الإسلاميّ للمرّة الأولى في العهد العبّاسيّ بين عامي 749 و1285 ميلاديّ، ويطلق على من أنكر أشياء معلومة من الدين الإسلاميّ، أو استهزأ بتعاليمه، ولم يؤمن بها، وهو وصف يشبه الكفر والإلحاد والردّة عن الإسلام.

[23] يقول خالد عبدالله الخميس الأستاذ بجامعة الملك سعود في مقاله عن (صاحب الفكرة الدينية وأتباعه): “أن المسلم الحر لا يرضى أن يصنف نفسه بأنه تابع لفلان أو علان، وليس بملزوم أن يتخذ من اسمه امتداداً لفكر فلان أو علان حتى ولو كان هذا الفلان عالماً جليلاً. إنني أتعجب من المسلم عدم رضاه عن أن يلقب بـ «المحمدي» (نسبة الى محمد صلى الله عليه وسلم) في الوقت الذي يرضى أن يلقب بالأشعري أو المالكي أو الحنبلي، وأحياناً يتفنن في تفصيل التعريف بنفسه، ليقول: أنا حنفي المذهب، ماتريدي المعتقد، أو يقول أنا شافعي المذهب أشعري المعتقد، أو يثلث في وصفه لنفسه، فيقول أنا مالكي المذهب، أشعري المعتقد، نقشبندي الطريقة. يكفيك يا مسلم مهما كان تعليمك، أن تقول مفتخراً: أنا مسلم وكفى، من دون أن تضع مع اسم الإسلام أسماء أشخاص مهما علوا.” ونقول: فما بالك واليوم يروّجون لذاتهم ليس عبر مذهب وانما حزب/جماعة شيئا فشيئا تتحول لمذهب!

[24] منشورات عدّة في الأيّام الأخيرة بدأت تصدر منذ يوم 9 أيلول/سبتمبر2016 في قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس، على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، لأستاذ التاريخ في الجامعة الإسلاميّة في غزّة الأكاديميّ الفلسطينيّ المقرّب من حماس خالد الخالدي، طالب فيها بسنّ قانون الزندقة، أثارت ردود فعل عاصفة، بين مؤيّد ومعارض، حيث كانت صفحات شبكات التواصل هي المحطة الرئيسة لردود الفعل المختلفة، ويقول الخالدي إنّ “دعوته إلى سنّ قانون ضدّ الزندقة جاءت عقب انتشار جملة أفكار هدّامة بين المسلمين في فلسطين، كإنكار عذاب القبر، وعدم الإيمان بكتب الأحاديث النبويّة”، ويضيف أن من يعتبرهم الزنادقة يجب على المجلس التشريعي إقرار ذلك وأن يتمّ مناداتهم بكلمة زنديق، ويقاطعون من الفلسطينيّين، فلا يزوّجون، ولا يوظّفون ولا يكلّمون- لمراجعة موقع المونيتور، مقال بقلم عدنان أبوعامر تحت عنوان: قانون الزندقة… فرصة “حماس” لإثبات هويّتها الوسطيّة.

[25] فرانسوا ماري آروويه (François-Marie Arouet) و فولتير (بالفرنسية: Voltaire) اسم شهرته. (21 نوفمبر 1694 – 30 مايو 1778) كاتب وفيلسوف فرنسي عـاش في عصر التنوير. عُرف بنقده الساخر، وذاع صيته بسبب سخريته الفلسفية الظريفة ودفاعه عن الحريات المدنية خاصة حرية العقيدة، والمساواة وكرامة الإنسان-عن الموسوعة الحرة.

[26] التحالف الوطني للإصلاح (تحاف جماعة الإخوان) قدم نفسه كلاعب رئيس على الساحة الأردنية، تحت شعار « دولة مدنية»، بعيدا عن شعاره السابق “الإسلام هو الحل”، بل وقدم التحالف نفسه كاطار وطني جامع ضم مقاعد الكوتات «الشركس والشيشان والمسيحيين» وشخصيات مختلفة، واستخدم مظاهر وأدوات معلنة وكانت لافتة للنظر باعتبارها غير مسبوقة “إخوانيا” وتتعارض مع أفكارهم، ومنها أغاني وموسيقى خلال المهرجانات، وابراز سيدات دون حجاب في مقاطع الفيديو التي أصدرها تحالف الإخوان، باعتبار أنه يسعى إلى الدولة المدنيةعن موقع صحيفة الغد الأردنية يوم 22/9/2016 تحت عنوان

[27] الديمقراطية ليست بدعة وليست كفرا كما يقول الشيخ يوسف القرضاوي، أنظر الشريط https://www.youtube.com/watch?v=Or6OKplvizI

[28] يرد د.راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة (الاسلامي التونسي) على رافضي الديمقراطية باعتبارها ضد الاسلام، كما تنقل عنه موسوعة الاخوان المسلمين على الشابكة: (أن بعض الاسلاميين يرى في الديمقراطية مخالفة للإسلام، هل تراهم يرون الاسلام داعية للإستبداد، أم تراهم ضد إختيار الأمة لحكامها، أم تراهم لا يرون المسلمين أهلا للحرية التي ينعم بها غيرهم من الأمم الاخرى، مالهم كيف يحكمون، عجبا لضحايا القمع والاستبداد وغياب الديمقراطية كيف ترتعد فرائصهم من الحرية. هل يخشون منها على الاسلام وقد كان ثورة تحررية شاملة أم يخشون على أنفسهم؟ وهل سجل التاريخ أن مسلما هُزم في مناظرة حرة؟ أوليس الاسلام اليوم أكثر الديانات انتشارا حيث تنداح الحرية وينكمش حيث يسود الاستبداد حتى أن دعاته قد ملؤوا الفضاءات الديمقراطية العلمانية هربا من بيئات إسلامية متخلفة دكتاتورية. وهل من يدفع ضريبة غياب الحرية والديمقراطية أكثر من التيار الاسلامي، تملأ به السجون وينكل بأهله ويصادر حقه في الكلمة والتعبير.)

[29] يقول د.محمد عمارة أن لا فرق بين الشورى الاسلامية والديمقراطية الغربية الا أن تحل حراما أو تحرم حلالا. أنظر الشريط https://www.youtube.com/watch?v=uZtzboZ_MeE

[30] من رسالة “الاخوان المسلمين” في 19/10/2016 وفي مقالة للدكتور محمد المرسي تحت عنوان: الصراع بين الحق والباطل ، لكنه في السياق يعتبر نفسه صاحب الحق كحزب/جماعة/دعوة في إطار التنظير الحزبي في المقال إذ يقول: (الدعوة الإسلامية بصبغتها ووجهتها وأهدافها لا تقبل أن تتقابل مع دعوات الباطل – مهما انتفش – في منتصف الطريق، أو تركن إليهم أو تخرج نموذجاً مشتركاً من الأثنين وترضخ للباطل وتعطى له أي قدر من الصلاحية والبقاء كمصدر للتوجيه وفق قيمه ومبادئه أو الإقرار بالمرجعية له في ذلك.) ويقول: (إرادة الأمة هي التي تحدد انحيازها لأى دعوة ولأى مشروع، وتتشكل هذه الإرادة في الأمة بفعل الدعاة، وقد ثبت عملياً وتاريخياً أن المشروع العلمانى هو الذى يرفض وجود أفراد تحمل المشروع الإسلامي، ويحرص على إقصائهم من مراكز التأثير.)لا سيما وأن (الدعوة للإسلام وتطبيق منهج الله، سوف تواجهها دوماً عقبات وصدود ورفض من قوى الباطل وممن يملكون مشاريع ودعوات خارج المنهج الإسلامي.)

[31]يقول الشيخ السلفي محمد صالح المنجد: ” الديمقراطية نظام مخالف للإسلام ؛ حيث يجعل سلطة التشريع للشعب ، أو من ينوب عنهم (كأعضاء البرلمان) ، وعليه : فيكون الحكم فيه لغير الله تعالى ، بل للشعب ، ونوابه ، والعبرة ليست بإجماعهم ، بل بالأكثرية ، ويصبح اتفاق الأغلبية قوانين ملزمة للأمة ، ولو كانت مخالفة للفطرة ، والدين ، والعقل”

[32] من مقال لحمادة فراعنة منشور في 16/10/2016

[33] عديد التيارات السلفية التقليدية، ومعها السلفية القتالية (مثل القاعدة وداعش…) مازالت تنظر للديمقراطية ككفر صُراح.

[34] “حماس”هي التنظيم الإسلاموي الذي يمثل الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين كما يقول ميثاقها حيث تنص المادة الثانية فيه على أن: “حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين. وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث”.

[35] (اتخذت حماس موقفاً رافضاً للانتخابات التشريعية الأولى التي جرت عام 1996م، مستندة في هذا الرفض على الثوابت الإسلامية التي ترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني، وترفض اتفاق «أوسلو» الذي انبثق عنه المجلس التشريعي باعتباره يقرّالاحتلال وجرائمه، كما رفضت الحركة مبدأ إقامة الانتخابات في ظل الاحتلال، وكثُرت الفتاوى في رفض هذه الانتخابات، وبذل العلماء والخطباء جهداً من خلال المساجد لشرح هذا الموقف الرافض ولإقناع الجماهير المسلمة بذلك.)- الباحث أحمد فهمي في مجلة البيان الصادرة عن المنتدى الإسلامي، عن موقع الموسوعة الإسلامية الشاملة http://www.islamport.com/

[36] قال موسى أبومرزوق عضو المكتب السياسي لحماس حينها والرئيس الأول لمكتبها السياسي (سوف نتعامل مع كل نتائج «أوسلو» التي استمرت على الأرض سنوات عديدة، نحن دخلنا الانتخابات التشريعية وأحد إفرازات «أوسلو» هو المجلس التشريعي نفسه، ولذلك ـ في البداية ـ نحن قاطعنا المجلس التشريعي، والدخول فيه وكان المقصود من ذلك هو شرعية النظام السياسي الذي أفرزته «أوسلو»، أما الآن فنحن دخلنا بناء على نتائج، نتائج هذه الاتفاقية، والتي انتهى مفعولها إلى حد ما، ولكن ظلت نتائجها، ولذلك نحن نتعامل معها، بكل واقعية)-عن الباحث أحمد فهمي في بحثه السابق الإشارة له.

[37] على محطة أجيال الاذاعية بتاريخ 3/8/2016 نقل قول القيادي في فصيل حماس يونس الأسطل:”ان الديمقراطية بتعريفها التقليدي مرفوضة.” (؟!) مكررا فهم سيد قطب حول ما يسمى “الحاكمية” الذي استند لرأيه ورأي حزبه في الآيات التي تتعرض وفق مفهوم أن لا حكم الا لله وحيث ذكر نصا حسب المقابلة المرفقة صوتيا: (الديمقراطية التي تعني أن الناس أحرار في أن يشرعوا لأنفسهم ما يشاؤون من خلال ممثليهم مرفوض في الإسلام (؟!) معللا ذلك (لأنه لا حكم الا لله) (؟!)-لمراجعة المقابلة للأسطل

http://www.arn.ps/archives/184003

[38] يقول حسن البنا في كتيب “رسالة دعوتنا” قاطعا برفض الشراكة مع جماعته: ] فهي دعوة لا تقبل الشِركة إذ أن طبيعتها الوحدة، فمن استعد لذلك فقد عاش بها وعاشت به ومن ضعف عن هذا العبء فسيحرم ثواب المجاهدين ويكون مع المخلفين ويقعد مع القاعدين ويستبدل الله لدعوته به قوماً آخرين[

[39] رئيس المكتب السياسي ل”حماس” خالد مشعل، خلال ندوة بعنوان “المقاومة الفلسطينية وتحولات الربيع العربي”، نظمها مركز الجزيرة للدراسات،24/9/2016 ، وقال في ذات الندوة منتقدا ذاته أيضا: “خطأ يحصل لدى الكثير وهو الشعور بزهو القوة، وشرعية الأغلبية يزهد في الحرص على التوافق، ثم اكتشفنا أن نظرية البديل خاطئة، بمعنى أن تأتي حركة تجد نفسها بديلا عن الاخر لان برنامجه السياسي فشل أو فقد شرعيته، أو ترهل أو فسد؛ وهذا خاطئ، والمنهج الصحيح الشراكة والتوافق.. علينا ان ننزل لمسالة الشراكة والتوافق وليس البديل”. وكان قد سبقه د.احمد يوسف من قيادة حماس في غزة الى مثل هذا الاعتراف وعانى الكثير في سبيل رأيه المستنير.

[40] ضمن مقال لعصام العريان في الأخبار اللبنانية عام 2009 تحت عنوان الهرب من الحرب الحقيقية إلى الحروب الوهمية.

[41] للنظر في مدونته الهامة على الفيسبوك تحت اسم: خضر محجز، بالعربية

[42] يذكر حسن البنا في “الخصائص العامة لدعوة الاخوان المسلمين” على موقعهم بالشابكة أن: ((أستاذيه العالم : بنشر دعوة الإسلام في ربوعه (حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)،( ويأتي الله إلا أن يتم نوره).)) ويوضح د.أبومروان في مدونته أن (الغاية البعيدة لتحقيق التمكين في فكر البنا هي: الجهاد لإعزاز الشريعة وتشمل إصلاح الحكومة وإعادة الخلافة، وتحقيق السيادة (أي التشبث بالسلطة) ، الأستاذية (أي سيادة العالم)) ://ikhwanwayonline.wordpress.com في موقع الاخوان المسلمين https://ikhwanwayonline.wordpress.com/2009/04/25/%D8%A3%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9-%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B5%D9%84/

[43] د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم في ورقة مفهوم التمكين بين التفسيرين الديني والسياس، على موقع بالشابكة https://drsabrikhalil.wordpress.com

بكر أبوبكر، أوعية الفكر الاسلاموي- محاولة للفهم، دار الجندي، القدس، 2016[44]

[45] يقول الكاتب الامريكي “نيكولاس كريستوف” في مقال له في الاتحاد الاماراتية 17/9/2016: ( لعل أحد الفخاخ الفكرية التي يقع فيها كثيرون، بما في ذلك الصحفيون، هو محاولة فهم وإدراك السياسة من خلال الروايات الشائعة. فقد كان الرئيس جيرالد فورد لاعب كرة قدم أميركي شهيراً ولكننا أشعنا في وسائل الإعلام رواية عنه مؤداها أنه أخرق، ولذا فكل مرة كان يتعثر فيها يظهر مقطع مصور لهذا في نشرة الأخبار المسائية. وبالمثل، رسمنا في وسائل الإعلام بطريق الخطأ صورة للرئيس جيمي كارتر على أنه سياسي من الوزن الخفيف على رغم علاجه لأصعب التحديات، من التعامل مع الصين إلى إعادة إدارة قناة بنما إلى دولة بنما. وفي عام 2000، رسمنا صورة لآل جور بأنه متكلف وأن لديه ميلاً للمبالغة في تضخيم ذاته، ولم نركز على تصريحات جورج بوش الابن المغلوطة.)

[46] قد تستخدم نفس الآليات في التنظيمات الدينية (أو الايديلوجية) عامة، وليست فقط الاسلامية، فلقد سبقتها قطعا تلك المسيحية الغربية التي خاضت حروبا قاسية لمئات السنين في أوربا بين المذاهب، مع ما خالطها من قتل وذبح وسجن ومحاكم وترهيب فظيع، وليس ببعيد عن ذلك العنصرية الطاغية في التوراة، اما الاسلامويين فيختلفون في الشدة والنتيجة المرجوة من الاستخدام ما بين معتدل ومتطرف.

[47] وفقا لتقرير صحيفة الدستور الأردنية، فإن قيادة الاخوان المسلمين في الأردن في الانتخابات النيابية عام 2016 شخر أيلول “استخدمت خطابين مزدوجين في عملها الانتخابي، الأول كان باتجاه القواعد الاخوانية لحثها على المشاركة في الانتخابات والحشد لها واستثمار الفتاوى الدينية بهذا الاتجاه علاوة على التأكيد لهذه القواعد بان هذه المرحلة تكتيكية ويجب استخدام هذه الاساليب لحماية الجماعة وحسب تعبيرهم “الوصول الى الدولة الاسلامية”، أما الخطاب الثاني فكان خارج اطار الجماعة ويستهدف المجتمع المحلي الأردني بكافة أطيافه، وطمأنة الداخل الاردني والخارج بأن الجماعة لا تشكل اي خطر مرحلي على الدولة الأردنية.”

[48] عن صحيفة السفير التونسية assafir.tn للكاتب هاني الشمري والرابط هو : http://assafir.tn/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8F%D8%B8%D9%85%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%AB%D9%82-%D8%A8%D9%87/

[49] رفض الشيخ راشد الغنوشي في كلمته أمام المؤتمر العاشر لحزب النهضة في تونس عام 2016 استغلال المساجد لأهداف حزبية او سياسية وطالب بتحييدها.

[50] أنظر ٠٤ أبريل ٢٠١٤غزة- موقع أمد: (في مدينة غزة حماس استولت بقوة السلاح، على 14 مسجد منذ 8 سنوات تقريبا”. ويقول القيادي في حركة الجهاد الاسلامي خضر حبيب” صراحة هذا امر محزن ومؤسف للغاية، نحن لدينا ارشيف كامل عن الاعتداءات على المساجد من قبل الاخوة في حماس” ).

[51] أنظر موقع (نقطة واول السطر) http://www.noqta.info/page-99842-ar.html

[52] أنظر عمل الدول المستقرة، فيما قاله وزير الأوقاف المصري في الرد على سؤال الصحفي في “الوطن”: هل وافقت الوزارة على تخصيص مساجد للتيار السلفى أو غيره للاعتكاف أو التهجد خلال شهر رمضان؟ فكان رده: (على الإطلاق، لن نسمح لأى تيار أو فصيل أو حزب باقتحام أو احتكار المساجد فى الاعتكاف ولا فى صلاة العيد، فالمساجد لله بعيداً عن أى توظيف سياسى أو حزبى، والحمد لله منعنا غير المتخصصين من اعتلاء المنابر أو إلقاء دروس بالمساجد، وأؤكد أن زمن الاستغلال السياسى للمساجد قد انتهى ولن يعود ولن نسمح به واتخذنا لذلك عدة إجراءات حاسمة لعدم السماح لغير المؤهلين أو المتخصصين باعتلاء المنابر أو اعطاء دروس.)-صحيفة الوطن المصرية بتاريخ 20/6/2016

[53] أنظر موقع http://negrine.montadarabi.com/t4930-topic وأنظر أيضا موقع المسلم http://www.muslm.org/vb/archive/index.php/t-388995.html

[54] يمكنك النظر لما يسميه محمد بن عبدالوهاب (نواقض الاسلام العشرة) ( ) والتي يتم الاحتفاء بها اليوم وتستغل وكانها من جزء من العقيدة او الايمانيات القطعية ما لم يثبت مطلقا، حتى أنها ترد في مواقع التنظيمات الاخوانية وليست السلفية فقط.

https://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=1143828

[55] صرح مشعل لموقع هندي في قطر اسمه (دنا انديا DNAINDIA ) في لقاء له مع افتخار جيلاني في 26/7/2016 أنه مستعد في مرحلة ما للاعتراف بدولة (اسرائيل)، والقضية مرتبطة بموافقة الشعب ضمن استفتاء، كما أعلن امكانية التفاوض مع العدو، بينما الأهم فيما قاله هو موافقته “المتكررة” كما قرأنا بوضوح على دولة في حدود 1967. والرابط هو

http://www.dnaindia.com/india/report-we-are-a-national-resistance-movement-not-a-terrorist-organisation-khalid-mashal-2238099

[56] حول التعبئة الداخلية الصارمة داخل الاخوان المسلمين ضد المخالفين يراجع كتاب عماد الفالوجي عضو المكتب السياسي السابق لحماس : “درب الأشواك، حماس، الانتفاضة، السلطة”. ويراجع كتيبنا https://ar.scribd.com/document/207246581/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D9%83%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A8%D8%A6%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%A8%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D8%A8%D9%88-%D8%A8%D9%83%D8%B1-2014

[57] رغم تبرؤ عدد من الإخوان المسلمين من فكر سيد قطب التجهيلي والتكفيري فأنهم في موقع موسوعة الإخوان يدافعون عن فكره ويبجّلونه فهو (عملاق الفكر والأدب الإسلاميين)

[58]لمراجعة دراستنا حول الموضوع http://www.slideshare.net/bakerabubaker/207246581-2014

موقع (نقطة وأول السطر) للعودة لتصريحاتهم عامة www.noqta.info [59]

[60] من مقال عزام التميمي في موقع عربي 21 الاخواني فتحت عنوان: عودة إلى “الفصل بين السياسي والدعوي” في 29 مايو 2016 ومقال آخر تحت عنوان: فصل السياسي عن الدعوي أم التبرؤ من الإخوان؟

[61] يتساءل الاكاتب الاخواني عزام التميمي في مقالاته في موقع عربي 21 إضافة لما سبق بالقول (وإذا كان الحزب –يقصد النهضة في تونس-سينظم ممارسة العمل السياسي، فكيف ستنظم عملية الدعوة ومن سيشرف عليها ومن سيرشدها أو يوجهها، ومن سيجني ثمارها داخل المجتمع ولصالح الحزب السياسي الذي ينشد التغيير نحو الأفضل؟ لقد اكتفى أهل النهضة بالقول إن هذه ستكون مهمة المجتمع المدني. ولكن هل تأسست المنظومة الديمقراطية التي تحمي المجتمع المدني من تغول الدولة؟ ومن الذي ستكون المساجد تحت إشرافه، وهي التي تقوم بدور مهم في التوجيه والتوعية وحتى التربية؟ هل ستحرر المساجد من قبضة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي تقيد النشاط في المساجد لصالح الفئة الحاكمة؟) ما يدلل على عمق الفكرة الاستبدادية بالحكم وقهرية الربط بين الدعوي لمصلحة السياسي كما قال ذلك علنا.

[62] ويضيف المفكر الاسلامي د.عبدالحميد الأنصاري أيضا في ذات المقال على الاتحاد الاماراتية 24/8/2016 (لكن ما يميز الإرهاب المعاصر عن الإرهاب التاريخي، أن الأول كان يظهر على هامش المجتمعات لفترة ثم يختفي إلى حين، بينما الإرهاب المعاصر له بناؤه الفكري العقدي الخاص، وله مفاهيمه الدينية، ومنابره وخطباؤه ومنظروه الذين يروجونه عبر مختلف الوسائط، وله أهدافه المعلنة وغير المعلنة)

*باحث فلسطيني.

Optimized by Optimole