الهستدروت: اتحاد العمال الإسرائيليين

الهستدروت: اتحاد العمال الإسرائيليين
Spread the love

بقلم: د. هيثم مزاحم — اتّفقت الاحزاب والحركات العمّالية الصهيونية في فلسطين على وجوب تنظيم شؤونها المهنية وفصلها عن ميدان الخلاف الفكري والسياسيّ، فبادرت إلى تأسيس الهستدروت(الاتّحاد العامّ للعمّال الإسرائيليّين) الذي انعقد مؤتمرُه التأسيسيّ في 5 كانون الأوّل/ديسمبر 1920، وضمّ 87 ممثِّلاً منتخَبًا عن جميع الأحزاب. وتمّ انتخاب دايفيد بن غوريون رئيسًا للهستدروت.
وأعلن مؤتمر الهستدروت أنَّ هدفه الرئيس تحقيق الفكرة الصهيونية، وتأسيس اقتصاد قادر على استيعاب أكبر عدد ممكن من المهاجرين وتوطينهم في فلسطين، إضافةً إلى تنظيم شؤون العمّال والمزارعين. وقد تمكّنت الحركة الصهيونيّة العمّالية من خلال الهستدروت، من تسلّم مقاليد الأمور في التجمّع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، حيث تناوب كلّ من بن غوريون وبيريل كاتزنلسون على رئاسته خلال 15 عامًا في الفترة ما بين 1920 و1935.
وتحوّل الهستدروت إلى جهاز نقابيّ و إداريّ واستثماريّ ضخم، شكّل قوّة سياسيّة كبرى تضمّ جميعالأحزاب والحركات السياسيّة، وقوّة اقتصادية واجتماعيّة كبيرة تشرف على المؤسسات الاقتصادية الصهيونية، أي أنه كان بمنزلة نواة الدولة والاقتصاد الصهيونيَّين.
وكان الهستدروت منذ بداية تأسيسه أكثر من نقابة عمالية، إذ كان متعهّدًا يقدّم الوظائف، ويتكوّن من مجموعة شركات ومؤسسات. وقد ارتبط الهستدروت منذ تأسيسه بحزب أحدوت هعفودا ثمّ بحزب الماباي بشكل وثيق. وبعد تأسيس الدولة العامَ 1948، بدا كأحد فروعها إذ كانحزب العمل – ولا يزال نسبيًّا – يسيطر على قيادة الهستدروت ومؤسّساته رغم تراجع سيطرته على الهستدروت تدريجيا منذ العامَ1949 .
وفي العام 1994، انشقّ حاييم رامون أحد قادة حزب العمل وخاض انتخابات الهستدروت بلائحة مستقلّة سمِّيَت رام، وفازت اللائحة في انتخابات الهستدروت. وانشقّ في العام 1999 أمين عام الهستدروت عمير بيريتس عن حزب العمل وخاض الانتخابات البرلمانية في لائحة مستقلّة سمِّيَت “شعب واحد” ونالت مقعدين في الكنيست.
ويضمّ الهستدروت أكثر من 43 نقابة مختلفة، وله هيكلية تنظيمية شبيهة بهيكلية الأحزاب؛ مؤتمر عامّ(1501 عضو) ينتخب لجنة تنفيذية(185 عضوًا) تنتخب مكتبًا قياديًّا وأمانة عامّة. وتمثَّل كل الأحزاب في الهستدروت من خلال انتخاباته العامّة وفقا للتنثيل النسبي. وفي العام 1977 كان نصف العمال الإسرائيليين أعضاء في الهستدروت أو أحد فروعه. وبلغ عدد أعضاء الهستدروت في أواسط التسعينيات أكثر من مليون ونصف المليون عضو يرتبطون به مباشرة أو بالمؤسسات التابعة له. كما ينتسب 90% من العمّال المنظّمين في إسرائيل إلى إحدى نقابات الهستدروت.
والجدير ذكره أنَّ الهستدروت يسيطر على قطاعات واسعة من الاقتصاد الإسرائيلي؛ أبرزها: صندوق الضمان الاجتماعي أو صندوق المرضى(الذي يشتمل على أكثر من 16 مستشفى وألف مئتي عيادة ومستوصف، و17 مأوى للعجزة، زيزفّر العناية الصحية لنحو 75% من الإسرائيليين)، والصناعات العسكرية، وحركة الكيبوتس الموحَّد، وبنك هابوعاليم(المصرف الثاني في إسرائيل) وشركة هاماشبير هاماركازي لاستيراد وتوزيع الموادّ الغذائية، وشركة ميكوروت للمياه، وشركة البناء الكبرى(سوليل بونيه) وشركة إنتاج الألبان الكبرى(تانوفا)، وشركة كور للصناعة المعقّدة، وشركة دان للنقل، والشركة الوطنية للباصات(إيجيد)، ونحو 84% من الإنتاج الزراعي الإسرائيلي، والكلية الوطنية للمعلّمين.

Optimized by Optimole