واقع “الإخوان المسلمين” في أوروبا

Spread the love

خاص بمركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط — بقلم: د. هيثم مزاحم* —

 

تُعتبر “جماعة الإخوان المسلمين” التي تأسست في مصر عام 1928 على يد حسن البنا وأنشأت تدريجاً فروعاً لها في أنحاء العالم العربي منذ الأربعينات من القرن العشرين، أشبه بالسديم؛ أي بتيار فكري ذي تأثير ومرونة يمتدّ إلى شتّى المجالات، فهو أشبه بحركة فكرية اتخذت أشكالاً متعددة؛ لتقف في منتصف الطريق ما بين تكوين شبكات قابلة للتكيّف وبين إنشاء منظمة دولية ذات هيكل هرمي[1]. وأخيراً قررت السلطات البريطانية والكندية – نتيجة ضغوط حكومات عربية – التحقق من أنشطة جماعة الإخوان المسلمين على أراضيها ومدى علاقتها بالترويج للعنف والإرهاب وعلاقتها بتنظيمات أصولية متطرفة في الشرق الأوسط، مما حدا بنا تقديم قراءة لواقع “الإخوان المسلمين في أوروبا”.

فقد نشأت جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا منذ بداية الخمسينيات، وبدأت في بعض الدول الغربية كبريطانيا تتشكل بصورة منظمة في بداية عام 1963م، وقد تشكلت الحركة في أكثر الأقطار الأوروبية على أيدي بعض الطلاب الوافدين من أبناء حركة الإخوان في المشرق الإسلامي مع بعض المهاجرين الذين فروا من ظلم بعض الأنظمة، وبخاصة في أيام محنة الإخوان المسلمين مع الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر في مصر. وانتقلت هذه الحركة إلى أوروبا مع هؤلاء، وتشكلت وهي محملة بكل الخصائص التي كانت عليها في المشرق الإسلامي، ونشأت وهي تحمل ذات المكونات الفكرية، والدعوية، والحركية، والتنظيمية، ونحوها. وأصبح التنظيم الإسلامي الأكثر ثقلاً في أوروبا خلال عقدين من الزمن، فالجماعة تتمتع بقوة تنظيمية كبيرة وتحظى بإمكانات مالية مدهشة مكنتها من نسج شبكة ضخمة من الخدمات الاجتماعية والدينية في أوروبا خلال عشر سنوات[2].

وكان من المقرر أن يؤدي قرار الرئيس المصري جمال عبد الناصر بحل الجماعة إلى شرذمتها، والقضاء عليها بصورة نهائية، إلا أن رموز الحركة قد أثبتوا نجاحاً ملفتاً في إعادة تنظيم أنفسهم، وإعادة تشكيل الحركة من جديد عبر محورين رئيسيين، هما المحور السعودي والمحور الأوروبي، واستطاعوا في كلا المعسكرين تشكيل قوة سياسية مؤثرة.

وكان الوجود الإسلامي في أوروبا إبان قرار حل الجماعة عام 1954، لا يتسم بالزخم أو بالتواصل، إذ لم يكن للمسلمين في ألمانيا، على سبيل المثال، سوى مسجدين تفصل بينهما مسافات شاسعة أحدهما في هامبورغ والآخر في برلين. ومع انحسار الموجة الإمبريالية في بداية النصف الثاني من القرن العشرين وتحرر أغلب الدول الإسلامية من براثن الاستعمار الغربي، عمد الغرب إلى توظيف العرب والمسلمين توظيفاً جديداً يتساوق مع طبيعة المرحلة، وذلك بتفعيلهم في حربه الكونية آنذاك ضد الشيوعية، مما سمح لموجات من الهجرة العربية والإسلامية، بالتلاحق على الشواطئ الغربية من كل حدب وصوب. في ذلك الوقت عمد غيرهارد فون مندة، الذي قضى سنوات الحرب العالمية الثانية كوزير للأقاليم الشرقية المحتلة في نظام الرايخ، ليتحول بعدها إلى العمل الاستخباراتي، إلى تجنيد المسلمين الذين كانوا يحاربون ضمن صفوف الجيش الأحمر، وسقطوا كأسرى في معسكرات النازيين، وذلك بتهديدهم بالقتل حيناً، وبتقديم الوعود بتحرير بلدانهم التي وقعت تحت الهيمنة السوفيتية أحياناً. وفي إطار السعي الحثيث للتقرّب من هؤلاء العملاء الجدد، قام مندة ببناء مسجد في مدينة ميونيخ وتأسيس جمعية قانونية تألفت من أبناء الجالية الإسلامية في المدينة، للاضطلاع بهذه المهمة. في عام 1958- وفي ظل هذا الظرف السياسي الشائك، برز سعيد رمضان، صهر مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا ومساعده، على مسرح مدينة ميونيخ، وتمكن في غضون عام واحد من جمع خيوط مشروع المسجد في يده، وتولى الإشراف عليه بعد أن أطاح برجالات “مندة”، بل ونجح في توظيف رئاسته للجنة التي عرفت آنذاك بـ”لجنة إنشاء مسجد ميونيخ” للتجوّل عبر أرجاء العالم الإسلامي برفقة مساعده غالب همت الذي تحوّل إلى منافس له بعد ذلك[3].

بدأت إرهاصات تكوين تيار إسلامي موحد ومنظم في أوروبا بتجاوز الاختلافات الإثنية والأيديولوجية بين عناصره في مؤتمر لندن عام 1973، أي قبل شهور قليلة من افتتاح مسجد ميونيخ، حيث عقد عدد من النشطاء الإسلاميين في ضاحية مسرح لندن اجتماعاً هاماً شمل عدداً من الرموز الإسلامية آنذاك، مثل غالب همت، الذي كان قد نُصب رئيساً للجالية الإسلامية في جنوب ألمانيا (الاسم الرسمي الجديد لمسجد ميونيخ)، وخورشيد أحمد، أحد رموز الجماعة الإسلامية في باكستان، فرع الإخوان في منطقة جنوب آسيا، وغيرهما. وبرغم أن الاجتماع لم يأتِ بنتائج مباشرة، إلا أنه مثّل الخطوة الأولى على طريق تجميع الإسلاميين. وبعد أربع سنوات عُقد اجتماع مفصلي آخر في تاريخ الإخوان، أي في العام 1977، في منتجع لوغانو على شاطئ البحيرة في سويسرا؛ وشهد الاجتماع حضور عدد من رموز حركة الإخوان المسلمين وناشطين إسلاميين مثل غالب همت ويوسف ندا، أحد رموز مسجد ميونيخ، والشيخ يوسف القرضاوي، الذي يصفه الباحث إيان جونسون بالأب الروحي للجماعة، واسماعيل الفاروقي، المنظر والمفكر الإسلامي الكبير وغيرهم. وكان هذا الاجتماع اللبنة الأولى في إعادة تشييد الصرح الإخواني الذي تهدم تحت وطأة معاول الاستبداد والقمع الناصري[4].

وفي عام 1978، عُقد اجتماع آخر في السعودية وتقرر فيه تحويل مقر المعهد من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليكون تحت إمرة الدكتور الفاروقي الذي كان يشغل منصباً تعليمياً في جامعة تمبل في ولاية فيلادلفيا آنذاك. وكان ثمة عملية تمدد واضحة  للدور الذي يضطلع به مسجد ميونيخ، والذي تغير اسمه في عام 1982 إلى “المنظمة الإسلامية في ألمانيا”، حيث أضحى يمثل مقر القيادة للمجموعة الدولية التي تتولى الإشراف على سلسلة من المساجد والمراكز الثقافية، والتي كانت تمتلك فروعاً في جميع المدن الكبرى في ألمانيا الغربية أنذاك، وصارت العضوية الشرفية للمسجد تُمنح للعديد من رموز الحركة الإسلامية من شاكلة خورشيد أحمد، أحد حواريي أبو الأعلى المودودي، وعصام العطار، الرئيس الكاريزمي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، والذي انتقل إلى بلجيكا في بداية الستينيات، ومنها إلى مدينة آخن الألمانية عام 1968[5].

وبرغم التنوعات الأيديولوجية والعرقية بين عناصر هذه المجموعة، إلا أن وجودهم في أوروبا قد ساعد على جمع شتاتهم، ليكونوا طليعة لحركة إسلامية كبرى في الغرب. ومع بداية التسعينيات من القرن الفائت، تكوّن في القارة الأوروبية عدد من المنظمات والهيئات الإسلامية من شاكلة اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا – ومقره بروكسل – والذي  يهدف إلى لم الشمل والتنسيق بين جماعات الإخوان المسلمين، في أكثر من عشرين دولة، والمجلس الأوروبي للفتوى والبحوث – ومقره دبلن – والذي يضطلع بمسؤولية الإفتاء في القضايا المتعلقة بالأقليات المسلمة في أوروبا، والمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية الذي يتولى مهمة تدريب الأئمة في ثلاث جامعات موزعة على فرنسا وويلز، فضلاً عن مجموعة من الكيانات الاقتصادية والتي تقوم على توصيل الأموال القادمة من الخليج إلى المنظمات والحركات التابعة للإخوان، وذلك للتوسع في عمليات بناء المساجد في جميع الأنحاء الأوروبية[6].

ويوضح الباحث الالماني غيدو شتاينبرغ من المركز الألماني للسياسات الامنية خلال الفصل الذي حرره في كتابه “الغرب والإخوان بعد ثورات الربيع العربي”*، العلاقة بين الإخوان والحكومة الألمانية من جهة، وأجهزة استخباراتها من جهة أخرى، قائلاً: “مرت العلاقة بين الحكومات الألمانية والقيادات “الإخوانية” القابعة في برلين، بثلاث مراحل رئيسية ، إذ تميّزت المرحلة الأولى (أواخر الخمسينيات، وحتى العام 1979) بعدم الفهم العميق لظاهرة “الإسلام السياسي”، فضلاً عن “جماعة الإخوان”. لذلك كان أن اقتصرت العلاقات الألمانية ـ الإخوانية على اتصالات عدد من عناصر الجماعة وأجهزة الاستخبارات الألمانية، دون باقي مؤسسات الدولة. وبعد الثورة الإسلامية في إيران -عام 1979م -اكتسبت جماعة” الإخوان” مزيداً من اهتمام الحكومة الألمانية، رغم أن العديد من صانعي القرار كانوا ولا يزالون ينظرون إلى الحركة على أنها تمثل نهجاً متخلفاً لا يمكن أن يلعب أي دور رئيسي في مستقبل العالمين العربي والإسلامي. لذلك اقتصرت المرحلة الثانية 1979 ـ 2011 بشكل عام، على الجانب الاستخباراتي أيضاً[7].

 

نشاط الأخوان المسلمين في أوروبا

تلفت دراسة آيان جونسون، التي حملت عنوان (Europe Underestimated Islamists) والتي نشرتها مجلة (Middle East Forum) الفصلية في عددها لخريف 2011، إلى أن الوضعية السياسية في أوروبا، بكل ما تنضوي عليه من نظم ديمقراطية ودساتير مؤيدة للحريات ونزوع نحو التعددية، في مقابل بيئة الاستبداد العربي، كانت تمثل الحاضة الخصبة لهذا الغرس الذي كانت بذرته الأولى هي “المعهد العالمي للفكر الإسلامي”، والذي تمثلت مهمته الأساسية في التنظير للحركة الإسلامية في القارة الأوروبية. وفي عام 1978، عقد اجتماع في السعودية وتقرر فيه تحويل مقر المعهد من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأميركية، ليكون تحت إمرة الدكتور اسماعي الفاروقي الذي كان يشغل منصباً تعليمياً في جامعة تمبل في ولاية فيلادلفيا الأميريكية آنذاك. في هذه الأثناء كان ثمة عملية تمدد واضحة للدور الذي يضطلع به مسجد ميونيخ، والذي تغيّر اسمه في عام 1982 إلى المنظمة الإسلامية في ألمانيا، حيث أضحى يمثل مقر القيادة للمجموعة الدولية التي تتولى الإشراف على سلسلة من المساجد والمراكز الثقافية، والتي كانت تمتلك فروعاً في جميع المدن الكبرى في ألمانيا الغربية، وصارت العضوية الشرفية للمسجد تُمنح للعديد من رموز الحركة الإسلامية من شاكلة خورشيد أحمد، أحد حواريي أبو الأعلى المودودي، وعصام العطار، الرئيس الكاريزمي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، والذي كان قد انتقل إلى بلجيكا في بداية الستينيات، ومنها إلى مدينة آخن الألمانية عام 1968.

مع تطور أوضاع الأقليات في أوروبا، وتطور الوجود الإسلامي هناك، وانتقاله من مرحلة فقدان الهوية إلٍى مرحلة الشعور بالهوية، جاءت مرحلة الصحوة والاستيقاظ منذ نهاية الستينيات إلى منتصف السبعينيات، ثم مرحلة بناء المؤسسات وتجميع الجهود، والتي استمرت إلى منتصف الثمانينيات لينتقل الوجود الإسلامي في أوروبا إلى مرحلة التفكير في ضرورة توطين الدعوة وتوطين الإسلام، والسعي نحو مرحلة التفاعل الإيجابي مع مكونات المجتمع الأوروبي، فمع كل هذه التطورات حصل تطور ملحوظ لدى الحركة في أوروبا. [8]

ومع بداية التسعينيات من القرن الفائت، تكوّن في القارة الأوروبية عدد من المنظمات والهيئات الإسلامية من شاكلة اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا – ومقره بروكسل – والذي  يهدف إلى لمّ الشمل والتنسيق بين جماعات الإخوان المسلمين، في أكثر من عشرين دولة، والمجلس الأوروبي للفتوى والبحوث – ومقره دبلن – والذي يضطلع بمسؤولية الافتاء في القضايا المتعلقة بالأقليات المسلمة في أوروبا، والمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية الذي يتولى مهمة تدريب الأئمة في ثلاث جامعات موزعة على فرنسا وويلز، فضلاً عن مجموعة من الكيانات الاقتصادية والتي تقوم على توصيل الأموال القادمة من الخليج إلى المنظمات والحركات التابعة للإخوان، وذلك للتوسع في عمليات بناء المساجد في جميع الأنحاء الأوروبية[9].

ويؤكد جونسون أن هذه المنظمات والكيانات على تعددها وتشعبها تتلاقى جميعها في النهاية عند طرف “جماعة الإخوان المسلمين” عبر شبكة من المستشارين، على رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي؛ كما تتلقى هذه الهيئات والمنظمات تمويلات سخية من عدد من الجهات الأجنبية[10].

يعتبر تنظيم الإخوان تنظيماً هرمياً، وهذا يعني أن قيادات التنظيم مطلعة على خارطة التنظيم بالأسماء والعناوين والاتصالات، وبما أن التنظيم قد مرّ سابقاً بعدد من الانتكاسات والمواجهات المسلحة خلال أكثر من ثمانية عقود، فهذا يعني أن الجماعة باستطاعتها إعادة الاتصال بأعضائها وأنصارها في الخارج والداخل.

وتنقسم المنظمات الإسلامية في أوروبا إلى نوعين: الأول هو منظمات أو جمعيات عامة تتولى الأنشطة الدينية والاجتماعية والتعليمية، وتربطها علاقات تختلف في قوتها بجماعة الإخوان، فهي إما جمعيات دعوية، وإما جمعيات متعاطفة، وإما جمعيات منتمية بشكل رسمي للإخوان المسلمين.

والنوع الثاني: هو كيانات أخرى أكثر تخصصاً مكملة لشبكة الدعوة الإسلامية، مثل جمعيات الشباب والطلاب مثل “جمعية الطلبة المسلمين”، وجمعية المرأة مثل “المنتدى الأوروبي للنساء المسلمات”، وجمعيات إنسانية مثل “الإغاثة الإسلامية”، وجمعيات فلسطينية مثل “لجنة إغاثة ودعم فلسطين”، وجمعيات طبية مثل جمعية “ابن سينا” [11].

 

 

التوزع الجغرافي للإخوان المسلمين في أوروبا

دفعت ملاحقات قيادة الإخوان المسلمين في مصر إلى الاعتماد على التنظيم الدولي في الخارج، بالإضافة الى العمل السري. وتعتبر لندن مركز الجماعة الإعلامي بالإضافة الى مركز نشاط للتنظيم. وكانت الحركة الإسلامية دائماً تضع تنظيم ظل لإدارة التنظيم عند الأزمات، فاحتفظت على سبيل المثال بمنير ابراهيم في لندن، المتحدث باسم الجماعة في لندن وجمعة أمين وكذلك زهير سالم، ومركز الشرق للدراسات في لندن، وفي المانيا احتفظت بابراهيم الزيات، مسؤول اللجنة المالية للتنظيم، وكذلك مصطفى الطحان والعراقي سعد الراوي وغيرهم من القيادات في الخارج. [12]

كانت لندن موطناً للإخوان المسلمين خارج مصر، وكان فيها المكتب الرئيسي لموقع الإخوان باللغة الإنكليزية الذي انطلق عام 2005. وكان أول تواجد للجماعة في لندن يعود إلى الخمسينات وأعقبتها موجة في التسعينيات عندما فتحت مركز المعلومات العالمي التي سعت جماعة الإخوان من خلاله إلى نقل “رسالتها” إلى وسائل الإعلام العالمية.

وهناك أيضاً “الرابطة الإسلامية في بريطانيا” (MAB) التي تمثل الإخوان المسلمين هناك. وقد أنشأها كمال الهلباوي العامَ 1997 الذي ظل لوقت طويل ممثلاً للإخوان المسلمين في أوروبا، ويعمل حالياً مستشاراً لقضايا الإسلام والجهاد، على غرار المتحدث الرسمي السابق الفلسطيني عزّام التميمـي الذي ألف العديد من الأعمال الجامعية عن الإسلام المعاصر مثل “الإسلام والعلمانية في الشرق الأوسط” الصادر عن دار النشر البريطانية “هيرست”. ثم تولى إدارة الرابطة الإسلامية في بريطانيا – بعد ذلك – أنس التكريتي العراقي الأصل وأستاذ الترجمة في جامعة “ليدز” حتّى العامِ 2005. وقد تولى الإخوان المسلمون إدارة مسجد فينسبيري بارك تحت رعاية الحكومة البريطانية[13].

أما “رابطة مسلمي بلجيكا” (LMB)، القناة التاريخية للحركة في بلجيكا، فهي ممثلة جماعة الإخوان المسلمين هناك. وأسس الرابطة العامَ 1997 كل مِن منصف شاطار وكريم عزّوزي لتتخذ تسميتها الحالية العامَ 2006، وزعيمها الروحيّ هو باسم حتاحت. وتملك الهيئة عشرة مساجد ومقرات في مدن عدّة منها بروكسيل وأنفير وغراند وفيرفييه، ويديرها كريم شملال من مدينة أنفير، وهو من أصل مغربي يعمل طبيباً في مجال علم الأحياء[14].

وتمثّل جماعة الإخوان المسلمين في هولندا، “رابطة المجتمع المسلم” التي أسسها في لاهاي يحيى بويافا المغربي الأصل العامَ 1996. وتضم الرابطة منظمات عدّة على وجه الخصوص “مؤسسة اليوروب تراست نيديرلاند” (ETN) و”المعهد الهولندي للعلوم الإنسانية والإغاثة الإسلامية”.

في إيطاليا، يعتبر “اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطاليا (UCO11)الممثل الرسمي للإخوان المسلمين في إيطاليا، وقد تأسس العامَ 1990، ويديره محمد نور داشان السوري الأصل. ويضم الاتحاد ما يقرب من 130 جمعية، ويتحكّم في 80 بالمئة تقريباً من المساجد في إيطاليا، كما يمتلك الاتحاد فرعاً ثقافياً وفرعاً نسائياً وآخر شبابياً. وبالإضافة إلى داشان والأمين العام الأوّل أبي شويمة؛ إمام “المركز الإسلامي في منطقة سيغراتي”، فإن اثنين من معتنقي الإسلام حديثاً يؤديان دوراً مهمًّا في قلب المؤسسة، وهما عبد الرحيم روزاريو باسبيني الذي يتولى إدارة المركز الثقافي في سيغراتي وإصدار مجلة “رسول الإسلام”، وحمزة روبرتو روزاريو؛ سكريتير الاتحاد والمتحدث الرسمي باسمه وأحد مؤسسيه، وهو صحافي يساري سابق وصاحب دار نشر[15].

أما في سويسرا فإن الإخوان المسلمين ممثلون من خلال “رابطة مسلمي سويسرا” (LMS) التي أسسها العامَ 1994 التونسي محمد كرموس، المقرب من الحركة الإسلامية التونسية والذي انضم أولاً إلى اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا قبل أن يستقر في سويسرا العامَ 1991. محمد كرموس هو أستاذ في كلية الهندسة، وصاحب رسالة علمية في الفيزياء، ومؤسسة مقر الرابطة في بلدية بريلي بالقرب من مدينة لوزان؛ حيث أقيم مركز ثقافي إسلامي كبير. وتدير زوجته ناديا القسم النسائي للرابطة، وهو “الجمعية الثقافية للنساء المسلمات في سويسرا”. ويدير “رابطة مسلمي سويسرا” حاليا عادل مجري، ولديها فروع عدة في جميع أنحاء سويسرا (بازل وجنيف وتيسين وبيرن وزيوريخ وغيرها) [16].

في فرنسا، يتمثل الإخوان المسلمون في “اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا”. وتظل فرنسا مركزاً للأيديولوجية الإخوانية؛ إذ فيها ما يقرب من 250 جمعية و100 مكان للعبادة خاصة بالإخوان (في لاكورنوف وديجون ومارسيليا ولِـيل وبوردو وغيرها). وكان “اتحاد المنظمات الإسلامية” يخضع في البداية لإدارة نشطاء تونسيين ينتمون إلى حزب النهضة الإسلامي، واليوم يرأسه كل من الفرنسي المغربي الأصل فؤاد، والفرنسي التونسي الأصل محسن نقزو[17].

 

كوادر الحركة

أعضاء الحركة وكوادرها اليوم هم – من وجهة نظر اجتماعية – مغاربة ومشارقة هاجروا إلى أوروبا؛ إما من أجل الالتحاق بالدراسات العليا، وإما هرباً من القمع السياسي في بلدانهم. وفي فرنسا، فإن معظمهم من المغاربة، وقد عُرفوا في المدينة الجامعية في بوردو حين كانوا لا يزالون طلاباً جامعيين. ويحظى معظم المسؤولين في تنظيم الإخوان بمستوى تعليمي عالٍ، وهم يمثلون بشكل ما “البرجوازية المتدينة” المكوّنة للحركة الإسلامية. وهم يتقاسمون نقاطاً عدة مشتركة مع الإسلاميين المصريين والمغاربة، وهي: المفهوم المتشدد للإسلام، التعليم الجامعي نفسه في مجال العلوم الدقيقة، غياب التعليم الديني الأكاديمي، إضافة إلى العلاقات الشخصية مع شخصيات إسلامية بارزة مثل الزعيم الإخواني الجزائري محفوظ النحناح(توفي عام 2003)، الرئيس السابق لـ”حركة مجتمع السلم”(حماس) الجزائرية سابقاً.[18] .

ففي نهاية سبعينيات القرن العشرين، كلفت إدارة “حركة الاتجاه الإسلامي” (MTI) (حزب النهضة لاحقاً) مجموعة من الطلاب التونسيين، من بينهم أحمد جاب الله الرئيس السابق لـ”اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا”، والمدير الحاليّ للمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، كلفتهم بإنشاء فرع في فرنسا. وقد قام أحمد جاب الله ومعه عدد من الطلاب من تونس والشرق الأوسط، بضمّ “اتحاد الطلاب المسلمين في فرنسا” (AEIF)، الذي أسسه محمد حمد الله العامَ 1962 إلى “اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا”. وقد شهد اتحاد الطلاب المسلمين في فرنسا أزمة بين العامَين 1978 و1979؛ حيث تطلّع الطلاب التونسيون القريبون من حركة الاتجاه الإسلامي إلى رئاسة الاتحاد وضمه إلى فرع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، في حين كان معظم أعضاء الاتحاد يفضلون البقاء في كنف الفرع السوري للإخوان. وفي مواجهة رفض إدارة اتحاد الطلاب المسلمين في فرنسا لهذا الاتجاه، شهد الاتحاد انقساماً. فقد قرر “المناصرون للتيار المصري” الانفصال عن الاتحاد وتكوين “التجمع الإسلامي في فرنسا” العام 1979. وأخذت قوة التجمع الإسلامي في التزايد منذ العام 1981 بفضل انضمام المزيد من المؤيدين والداعمين له، بالإضافة إلى بعض الكوادر الإسلامية التونسية الذين استقروا في فرنسا بين 1981 و1988، هرباً من بطش الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة ومن بعدهِ الرئيس زين العابدين بن علي الذي كان قد بدأ في استهداف “حركة الاتجاه الإسلاميّ”. لذا قرر “التجمع الإسلامي في فرنسا”، بفعل تزايد قوته، تأسيس “اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا” العام 1983، وذلك بالتحالف مع العديد من الجمعيات والمنظمات الإسلامية في مناطق عدة من بينها بوردو ورانس ونانسي[19].

وخلال عقد الثمانينيات من القرن العشرين، كان نشطاء حزب النهضة التونسي الإسلاميّ (أحمد جاب الله وعبد الله بن منصور) قد ضمنوا قيادة “اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا”، وكانوا قد حرصوا على استخدام هذا الكيان كمنبر سياسيّ؛ لمخاطبة الأنظمة العربية والنظام التونسي على وجه الخصوص. في التسعينيات، نشب خلاف بين القيادة وبعض الأعضاء، معظمهم من المغاربة الراغبين في تحويل نشاطهم نحو الواقع الفرنسي بدلاً من السعي للوصول إلى السلطة في البلاد العربية. وقد انتهى الخلاف بقرار من التنظيم الأم في مصر جاء فيه: “يجب على كل فرع وطني العمل في إطار البلد الذي يتواجد فيه”. أدى هذا القرار إلى تهميش الإسلاميين التونسيين الذين واصوا عملهم ضمن حزب النهضة التونسي وتخلوا عن إدارة “اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا” لصالح المغاربة الذين يديرون المنظمة حتى اليوم[20].

ذكر سمير إمغار في دراسته عن “الاخوان المسلمون في أوروبا” أنه حاول، ومن خلال أشكال التعبير المختلفة التي تبنّاها الإخوان المسلمون في أوروبا، تصنيف أشكال الانتماء لأيديولوجية الإخوان المسلمين. وحتى نتمكن من فهم هذا التصنيف بشكل جيد، فمن الضروري أن نأخذ في اعتبارنا أننا نتحدث عن بناء “نموذج مثالي”، وأنه ليس من السهل أن نعرف بشكل قاطع وواضح تشكيلاً إخوانياً معيناً تبعاً لأي نمط من الأنماط المعروفة، حتى إذا كانت هذه الجماعة أو تلك أكثر تعبيرا عن هذا التشكيل أو ذاك. وقد رصد الباحث ثلاثة تيارات تعبر عن الإخوان المسلمين، وهذه التيارات هي: المستقلون، والمعارضون، والأعضاء العاملون. [21]

المستقلون هم أول فئة من الإخوان المسلمون، وهي فئة مكوّنة من هياكل أو شخصيات لا تنتمي بأي شكل من الأشكال إلى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولكنهم يستلهمون أفكاره في أسلوب علمه وتنظيمه وخطابه على غرار “رفاق الطريق” الداعمين للحزب الشيوعي الفرنسيّ. إنهم يتحركون كفاعلين مستقلين. يقع مثال طارق رمضان في سويسرا ضمن هذا الإطار؛ فبالرغم من انتمائه إلى عائلة تنتمي رسمياً إلى الجماعة الأم في مصر(جده لأمه هو مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا ووالده سعيد رمضان كان أحد معاوني البنا)، إلا أنه، على عكس شقيقه هاني، رفض أن يدين للجماعة بالولاء، مفضلاً الاحتفاظ باستقلاليته مع استمراره في الانتماء إلى الفكر الإسلامي المعتدل. ويُمكن أن نعتبر أن “اتحاد شباب المسلمين” في فرنسا يندرج تحت هذه الفئة.

ثم تأتي الفئة الثانية المكوّنة للسديم الإخواني وهي فئة “المعارضين” وهي مكوّنة من شخصيات وتنظيمات قررت الخروج عن الاتجاه السياسي المهيمن للإخوان بالرغم من انتمائها إلى التنظيم الدولي. وهم في الواقع شديدو الانتقاد لبنية الجماعة، والتي يعتبرونها ثقيلة وبيروقراطية. ويجب علينا التمييز بين نوعين من المعارضين؛ النوع الأول: هو الذي لا يزال ينتمي إلى التنظيم، ولكنه يعارض طريقة عمله وتوزيع السلطة في داخله، كما هو الحال مع عبد العزيز باغزّة مؤلف كتاب “ممنوع دخول الكلاب والنساء المحجبات”. النوع الثاني يمثّل شخصيات قررت الانفصال عن الجماعة وتكوين تنظيمات منافسة، وهم لا يعارضون الأسس والأهداف الآيديولوجية للتنظيمات الإخوانية، وإنما أشكال وأساليب عملها، ولأنهم لم يستطيعوا “تطهير” التنظيم فقد قرروا تركه[22].

وأخيرا تقع الفئة الثالثة وهي فئة الأعضاء العاملين في التنظيم، وهي مكوّنة من شخصيات وجماعات تتبع الجماعة الأم في مصر، ويخضعون لسلطة المرشد العامّ الذي أقسموا له بالولاء. ويمكن تشبيه نشاطهم بنشاط الفروع التجارية ذات حق الامتياز؛ بمعنى أنهم يلتزمون بالمبادئ العامة لأيديولوجية الإخوان المسلمين، لكنهم يحتفظون باستقلاليتهم في تطبيق فكر الإخوان. مثال على ذلك الحزب الإسلاميّ “حركة مجتمع السلم” في الجزائر، الذي يرأسه أبو جرة سلطانيّ. ويعتبر “اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا”، ومقره الرئيس بروكسيل، ممثل الإخوان المسلمين في أوروبا[23].

 

مراجعات “الإخوان المسلمين” في أوروبا

أجرت جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا مراجعات على مستوى النظرية التنظيمية التي تحكم العمل، وما ينبثق عنها من أشكال تنظيمية وهياكل مؤسسية. وقد بقيت الحركة منذ نشأتها في عام 1963 إلى عام 1998 وهي تعمل بشكل تنظيم سري له بعض الواجهات العلنية؛ وذلك على نمط التنظيمات الإخوانية في البلاد الإسلامية، على الرغم من وجود هذه الحركة في دول أوروبا التي تعمل فيها جميع الحركات والمنظمات والمؤسسات بشكل علني، وتحت إطار القوانين المنظمة لذلك، والتي تعطي مساحة كبيرة من حرية الممارسة والعمل. ولم تحدث مراجعة للعمل في بريطانيا إلا بعد مرور وقت طويل امتد منذ بداية الستينيات إلى عام 1998، حين أعلن عن الرابطة الإسلامية في بريطانيا، وهي كما يشار إليها في مقدمة النظام الأساسي، “تجمع إسلامي في المملكة المتحدة يسعى للتعريف بالإسلام والدعوة إليه، ورعاية الأقلية المسلمة، والدفاع عن مصالحها، وهي عضو في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، ومسجلة كشركة غير ربحية ذات مسؤولية محدودة”.[24].

وبعد دراسة الأسباب التي أدت إلى هذا التأخر عن هذه المراجعات ذات الأهمية الكبيرة في تاريخ العمل في بريطانيا يمكن أن نحصر الأسباب في أمرين:

الأمر الأول: أن العمل الإخواني، وعلى الرغم من امتداد عمره إلى ساعة الإعلان – أكثر من ثلاثة عقود- قد صعب عليه أن ينصبغ بصبغة العمل الإسلامي البريطاني الخالص، أي أن يكون أكثر أعضائه ممن استقر وضعهم على العمل البريطاني فقط، بل كان الأكثر يجمع بين انتمائه للعمل في بريطانيا، وانتمائه للعمل في القطر الذي جاء منه. وبما أن العمل في أقطار هؤلاء الناشطين الإخوان ما زال محاصراً ممنوعاً، فقد أدى ذلك إلى اعتماد مبدأ سرية الانتماء ورفض العلانية حتى لا تكشف أوراق هؤلاء في أقطارهم. وعليه، فالمانع لم يكن لأن بريطانيا تمنع ذلك، بل المانع هو الخوف من بطش بلدانهم الأصلية.

الأمر الثاني: أن الثقافة السائدة، والمناهج المقررة كلها تستبطن الأوضاع القاسية التي مرت بها الحركة في المشرق، ففقه المحنة، وكتابات الإخوان من مصر وسوريا والعراق وفلسطين وغيرها كلها لا تستطيع أن تنفك عن أوضاعهم الخاصة في بلدانهم، فإذا أضفنا إلى ذلك عدم وجود كتابات فكرية، ودعوية، وحركية تحمل الخصوصية الأوروبية البريطانية، لم يكن أن يتصور أبداً أن تكون المخرجات على خلاف الأدبيات التي تطرحها الكتب المقررة في المناهج والمتداولة بين أيدي الدعاة في أوروبا عامة وفي بريطانيا على وجه الخصوص.

وعلى الرغم من حدوث هذه المراجعات التنظيمية، والتي أخذت وقتاً طويلاً لنقاشها، وعرضها على مؤسسات الجماعة ونقاشها، ثم الاقتناع بأهميتها، إلا أن النفوس التي تربّت على نظرية السرية لم تستطع أن تتخلص منها بسهولة لتنتقل إلى العلانية بارتياح وانسياب[25].

 

أهداف الإخوان المسلمين في أوروبا

حددت الأهداف الخاصة بالإخوان المسلمين بدور المساندة للعمل الإسلامي في المشرق؛ وذلك بالمساهمة في تخفيف المعاناة  التي كانت تتعرض لها الحركة في كثير من الأقطار الإسلامية، خلال فترة نهاية الستينيات مثلاً كانت الجهود منصبة حول نصرة الإخوان في محنتهم مع نظام الرئيس جمال عبد الناصر في مصر، ومن بعدها محن العراق، وسوريا، وليبيا، وغيرها من دول العالم الإسلامي. وبعد دخول الأقليات المسلمة في أوروبا إلى مرحلة التوطين وطرح هذه المسألة بجدية وإلحاح، حصلت مراجعة واضحة للأهداف تتناسب مع متطلبات المرحلة الجديدة. فحركة الإخوان المسلمين في أوروبا تحمل جميع مكوّنات الحركة في المشرق الإسلامي، ومنها الأهداف والسياسات الدعوية والحركية، فمنذ نشأة التنظيم إلى بداية ثمانينيات القرن العشرين، يجد الباحث في المحاضر القديمة للحركة في هذه الفترة حديثاً عن الأهداف لا يختلف كثيراً عن أهداف الجماعة في المشرق، وهذا فيما يتعلق بالأهداف العامة[26].

وجرت مراجعة حقيقية على مستوى الأهداف والسياسات؛ فقد جاء في محضر اجتماع تقدمت به لجنة الدعوة والجاليات بتاريخ 26/05/1984 ذِكر بعض الأهداف لهذه اللجنة – وهي اللجنة التي تمثل البُعد الدعوي والحركي للجماعة – على النحو التالي[27]:

  1. خلق تيار بين المسلمين المقيمين في بريطانيا للضغط على الحكومة البريطانية للاعتراف بالإسلام كدين رسمي في هذا البلد.
  2. عمل إحصائية تفصيلية عن المسلمين في بريطانيا.
  3. التركيز على اللغة الإنكليزية في الدعوة بين الجاليات غير العربية.
  4. التركيز في الدعوة على الأبناء أكثر من الآباء.
  5. نشر الفقه الإسلامي بين الجاليات.
  6. تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
  7. البدء أولاً بالعمل مع المراكز والجاليات التي للإخوان علاقات معها.
  8. إيجاد نوادٍ للشباب، واستحداث أنشطة تواكب تطورات العصر لجذبهم إليها.

فإذا نظرنا بعد ذلك إلى الأهداف التي جاءت في النظام الأساسي للرابطة الإسلامية في بريطانيا لعام 2001 وجدنا إضافة نوعية في الأهداف تكشف عن مراجعة حقيقية للمسار، ورغبة في الانتقال إلى مرحلة التفاعل الإيجابي مع المجتمع الأوروبي؛ فقد جاء في الهدف الثاني من أهداف الرابطة ما يلي: “الدفاع عن حقوق الإنسان عامة وحقوق المسلمين خاصة”. وهذه نقلة على مستوى الأهداف؛ بحيث أصبح من أهداف العمل الدفاع عن حقوق الإنسان عامة دون تفريق ولا انكفاء على الذات الإسلامية فقط.

وجاء في الهدف الثالث للرابطة: “تبصير المسلمين بواجباتهم تجاه المجتمع الذي يعيشون فيه”. وهذا تحوّل في الأهداف ناتج عن مراجعة مهمة تتعلق بضرورة الحديث عن الواجبات تجاه المجتمع بدل التركيز فقط على المطالبة بالحقوق.

وجاء في الهدف الخامس للرابطة: “تفعيل دور الأقلية المسلمة في حل مشاكل المجتمع المختلفة”، وهذا يمثل خروجاً من دائرة المساهمة في حل المشاكل الخاصة بالحركة والدعوة والمسلمين إلى دائرة المساهمة في حل مشاكل المجتمع بجميع مكوّناته، من دون تفريق بين المسلمين وغيرهم.

وجاء في الهدف السادس للرابطة “توسيع دائرة الحوار مع الثقافات والديانات الأخرى لخدمة المجتمع والإنسانية[28]“.

وأمضت الحركة زمناً وهي في حوار داخلي وخارجي لإيصال مبدأ الحوار مع الثقافات والديانات الأخرى؛ إذ كان التكوين الفكري والتربوي لا يعطي لهذه القضية أي أهمية، بل كان هناك من يناقش في شرعية هذا المبدأ أصلاً، فضلاً عن التفكير في ممارسته. ونرى في أهداف اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا – وهو يمثل فكر الإخوان الوسطي مع مراعاة الخصوصية الأوروبية، والعمل في ظل أنظمة المؤسسات الأوروبية وقوانينها- إضافات كثيرة تدل على مقدار المراجعات التي تمت على مستوى الأهداف والسياسات والرؤى. من ذلك ما جاء في الهدف السادس للاتحاد والمتعلق بأخذ التطور الحاصل في الوحدة الأوروبية بعين الاعتبار وتفعيل دور المسلمين تجاه ذلك، فقد جاء فيه بالنص: “تفعيل المسلمين في إطار الوحدة الأوروبية وخدمة الصالح العام”. وجاء في الهدف السابع للاتحاد: “العمل على تحقيق حضور وتمثيل المسلمين في المؤسسات الأوروبية”. [29]

كما جاءت في باب السياسات المقرّة لدى الاتحاد مجموعة من التوجهات العامة بما يمثل استجابة عالية جداً للتطور الحاصل للوجود الإسلامي في أوروبا، ومدى ملاءمة ومكافأة مؤسسة الاتحاد لهذا الواقع، وهذه السياسات هي[30]:

1-     اعتبار المصلحة العليا للإسلام والمسلمين في أوروبا فوق المصالح القطرية، أو الحزبية، أو المذهبية، أو غيرها.

2-     الحرص على التعاون والتقارب مع جميع المخلصين فيما يتفق مع أهداف الاتحاد، والعمل على ربط علاقات التعارف، والتنسيق مع العاملين للإسلام كافة، مع تجنب أي صدام.

3-     الانفتاح على المجتمع، وربط علاقات تعاون مع مختلف الجهات، خصوصاً تلك التي تخدم مصالح المسلمين وتدعم مسألة الحوار.

4-     التزام الاعتدال والواقعية في معالجة قضايا المسلمين في أوروبا، وفي اتخاذ المواقف من قضاياهم خارج أوروبا.

5-     العمل ضمن الأطر القانونية، والحرص على الاستفادة مما تتيحه القوانين من إمكانات.

ويذكر جونسون في دراسته أهدافاً أخرى يعتبرها الأكثر أهمية في الأجندة الإخوانية؛ والتي تتمثل في استيعاب المسلمين في دول أوروبا والولايات المتحدة في النموذج الإسلامي الإخواني. فمنذ سقوط دولة الخلافة الإسلامية عام 1924، لم يعد لدى المسلمين مؤسسة مهيمنة أو مظلة استيعابية، ومن ثم، أيقنت الجماعة أنها تستطيع عبر قدراتها التنظيمية الفائقة أن تقدم تلك المؤسسة المظلية البديلة، ولو بصورة افتراضية، التي تتحدث باسم الإسلام وتستوعب شتات المسلمين؛ وبالفعل تمكنت الجماعة عبر نصف قرن، منذ حلولها على القارة الأوروبية، من السير بخطى ثابتة نحو هذا الدور[31].

كما يتوقف جونسون عند “الدور الإخواني كمظلة، أو ربما كدولة افتراضية، للمّ الشمل الإسلامي في الغرب المسيحي”، حيث يلفت إلى أنه ليس من قبيل المصادفة العمياء أن الغالبية الغالبة من المموّلين والمتبرعين للمنظمات المختلفة التابعة للجماعة، هم من غير الأوروبيين الذين يحملون جنسيات متباينة، والذين ينظرون إلى جماعة الإخوان باعتبارها مظلة يلتف حولها الجميع. وتعكس استراتيجية المظلة المهيمنة، أو ربما الدولة الجامعة، في الأجندة الإخوانية، بشكل ما فارقاً جوهرياً آخر بين العمل الإخواني في السياقين العربي ذي الأغلبية المسلمة، والغربي ذي الأغلبية المسيحية. فجماعة الإخوان، في السياق الثاني لا تتسم بالجماهيرية التي تتسّم بها في الأول، وإنما تتسّم بدلاً من ذلك بالنخبوية، حيث لا يتجاوز الأعضاء المنتمون للجماعة بشكل فعلي حفنة من المنظمين الذين يضطلعون بمهمات وضع الأطر الهيكلية للجماعة لتصبح رمزاً للإسلام في الغرب المسيحي؛ فأعداد الأعضاء في المركز الإسلامي في ميونيخ، وكافة المنظمات التي انبثقت عنه، وفقاً لدراسة جونسون، يمكن إحصاؤهم بالعشرات، وليس بالمئات أو الآلاف أو حتى الملايين، كما هو الحال في مصر مثلاً؛ بل إن هؤلاء الأعضاء (في المركز الإسلامي في ميونيخ) لا يعيشون في المدينة، وربما في ألمانيا كلها، ويحجبون العضوية عن الأتراك المسلمين الذين يشكّلون ما يربو عن 90% من الجالية المسلمة في ميونيخ منذ سبعينيات القرن الفائت، لتظل العضوية والقيادة جميعاً، بحسب جونسون، حكراً على الرموز القيادية (النخبة) التي تتمتع بقدرات تنظيمية تستطيع أن تخدم الأجندة الإخوانية في السياق الأوروبي[32].

 

مراجعات على مستوى الأداء المؤسسي

مع انتقال العمل من مرحلة السرية إلى مرحلة العلنية، ومع خروج العمل من الأداء التنظيمي الضيق للسرية إلى رحابة العمل المؤسسي العلني، كانت هناك مراجعات مهمة جداً على مستوى الأداء المؤسسي، ويمكن اختصارها في الآتي:

 

أ‌- مستوى صياغة النظام الأساسي للرابطة الإسلامية: تم الانتهاء منه بصورة نهائية، وأُقر من قبل مجلس الشورى المنعقد بتاريخ 19/08/2001 في ماركفيلد. والنظام الأساسي بصياغته النهائية في التاريخ المذكور يُعد وثيقة مؤسسية في غاية الأهمية؛ إذ يبيّن – وبشكل قانوني – كل ما يتعلق بالمقدمات الأساسية من بيان الأهداف العامة للرابطة، والنص بشكل قاطع على أن الرابطة تتبنّى لتحقيق أهدافها كل الوسائل الشرعية والقانونية المتاحة. ثم ينتقل النظام إلى باب العضوية ليفتحها بشكل واسع وواضح، ويبيّن مراتبها وشروطها، ثم يبيّن الهيكل الإداري للرابطة بجميع مستوياته، ويبيّن الحقوق والواجبات في كل منها، وبناء على كل ذلك فقد تم إرساء مبدأ العمل المؤسسي للرابطة الإسلامية في بريطانيا[33].

 

ب‌- مستوى التعرّف على الحقوق والواجبات المؤسسية: فقد أصبح من حق كل فرد من أعضاء الرابطة أن يعرف من بداية انتسابه وانتظامه في الرابطة الإسلامية حقوقه وواجباته في هذه المؤسسة، وهذا يمثل نقلة نوعية في باب العمل تسببت فيه الطبيعة المؤسسية وما تتطلبه من أداء معيّن فيها. فبعد أن كانت اللوائح المنظمة للحقوق والواجبات من أسرار العمل ولا يطلع عليها إلا من كان عضواً، وبدرجة معيّنة من العضوية، أصبحت هذه الحقوق والواجبات وبيانها أمراً مشاعاً سهلاً على كل أحد من داخل المؤسسة أو خارجها.

 

ج ـ مستوى المتابعة والمحاسبة المؤسسية: كانت طبيعة العمل السري ولا تزال تفرض نوعاً من السرّية على التقارير المقدمة إلى المؤسسات القيادية داخل الجماعة، وقد تزداد مساحة هذه السرّية وقد تنقص باختلاف الظروف والأحوال الأمنية. وبعد الانتقال إلى العمل المؤسسي القانوني أصبحت كل التقارير التي تلتزم بها القيادة التنفيذية أمام مجلس الشورى، أو التي تلتزم بها المناطق لتقديمها إلى القيادة التنفيذية، أو الشوروية، أصبحت كل هذه التقارير في متناول جميع أعضاء الرابطة ومنتسبيها، ومن حقهم الاطلاع عليها، ومعرفة كيفية الأداء التنفيذي لدى الرابطة، كما أصبح من حق كل أعضاء المؤتمر العام أن تصلهم التقارير القيادية (الشورى – التنفيذي) قبل اللقاء بفترة كافية لدراستها وتحليلها، ووضع الأسئلة والمتابعات عليها، فيما كانت تفرض السرّية – في كثير من الأحيان سابقاً – أن توزّع التقارير لحظة الحضور إلى المؤتمر، وقد تُلقى بشكل شفوي حسب مستوى السرّية في العمل[34].

 

مراجعات على مستوى المنهج والمقررات التربوية

أحدث التغيير والتطوير في الأهداف العامة للعمل – كثمرة لمراجعات طويلة – بداية تغيير على مستوى المناهج والمقررات التربوية، وبدأت تدخل مفردات جديدة إلى المنهج تعكس اهتماماً أكثر بالواقع الأوروبي ومتطلباته الفكرية والدعوية. والمتأمل في كل المناهج والمقررات التربوية التي تعتمدها الرابطة الإسلامية، وتلتزم فيها بما يطرحه اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا سيلاحظ أن المراجعات في هذا الباب لا تزال ضعيفة دون المستوى المطلوب[35].

 

مراجعات على مستوى الخطاب الدعوي والحركي

تأثّر خطاب الحركة منذ نشأتها بطبيعة الأهداف التي تحدثنا عنها وعن مراجعتها؛ ففي الوقت الذي كانت أهداف الحركة في مجموعها منصبة حول مناصرة قضايا المسلمين في المشرق الإسلامي ومناصرة العمل الإسلامي – الذي كان يتعرض لحملة عنيفة في مصر وسوريا والعراق وغيرها – كان خطاب الحركة في مجمله يدور حول هذه القضايا. ومع تطور الأهداف ومراجعة الاهتمامات تغيّر هذا الخطاب وأصبح في مجمله يلبي حاجات الواقع الأوروبي ويستجيب لمتطلباته[36].

وإذا أردنا أن نقرب المراجعات على مستوى الخطاب فسنحتاج أن نحلّل هذا الخطاب ومسار المراجعات له منذ النشأة إلى يومنا هذا على النحو التالي:

 

الخطاب الداخلي.. “خطاب الذات

الخطاب كان متوجهاً إلى الصف الداخلي عبر كل الوسائل التي تتخذها الجماعة من توجيهات داخلية للقيادة، ومن توجيهات في الفعاليات الخاصة؛ كالأسرة، والكتيبة، والدورات الدعوية والحركية ونحوها. ويلاحظ من نشأة العمل في بداية الستينيات إلى منتصف السبعينيات من القرن العشرين أن الخطاب الداخلي فيها كان يقوم على متطلبات التأسيس والتجميع، وكانت أحداث فلسطين، وأحداث الصراع مع عبد الناصر، وما انتهى إليه الأمر بإعدام سيد قطب ورفاقه هو المسيطر على هذا الخطاب. وكان التحفيز على التظاهرات المتعلقة بهذه الأحداث هو الغالب، ولا ينسى تاريخ المسلمين في بريطانيا تلك التظاهرات والمؤتمرات التي دعا إليها الإخوان المسلمون لمناصرة قضية فلسطين، ومنها المؤتمر الذي عقد في “الرويالبري هول” بمناسبة مرور سنة على حريق المسجد الأقصى؛ حيث جنّد الإخوان أنفسهم في جميع المساجد وألقوا الخطب، وحركوا الجالية إلى لندن؛ فكان عدد الحاضرين 6 آلاف من كل المدن البريطانية[37].

ومن بعد ذلك تأتي مرحلة الاستقرار من منتصف السبعينيات إلى منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، وكان الخطاب الداخلي فيها متوجهاً إلى ضرورة تفعيل الجالية المسلمة، والعمل على نشر فكر الإخوان بأدبياته وأصوله كما هو في المشرق الإسلامي. ثم جاءت مرحلة ثالثة تمتد من عام 1985 إلى عام 1998، وبدأ الخطاب الداخلي فيها يتغيّر نحو التطلع إلى العمل المراعي للخصوصيات الأوروبية، وكان لبدء تكوين اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا – بعد ندوة مدريد في عام 1984، والتي تقرر فيها توحيد العمل في أوروبا تحت مظلة الاتحاد – أكبر الأثر في إحداث هذا التغيير في بريطانيا. فمنذ ذلك التاريخ حدث تغيير ملحوظ في الخطاب الداخلي، وبدأ الحديث عن التوطين وعن العمل المؤسسي المعلن، وبدأت نقاشات داخلية تتعلق بهذه القضايا على جميع مستويات التنظيم، حتى تُوجّت هذه الحوارات بالإعلان عن التنظيم عبر الرابطة الإسلامية في بريطانيا. وعلى الرغم من تأخر المراجعات على مستوى الخطاب الداخلي، إلا أن المراجعات التي تمت وبُذلت فيها جهود كبيرة قد أتت ثمارها، وصبغت الخطاب الداخلي بأجمعه بخصوصيات الواقع الأوروبي[38].

 

الخطاب الخارجي.. “خطاب الغير

لمعرفة مقدار المراجعات التي تمت على مستوى الخطاب الخارجي ينبغي أن نبدأ بإطلالة سريعة على نموذج من نماذج الخطاب الإعلامي الخارجي منذ نشأة العمل إلى بداية المراجعات التي تمت في المسيرة الدعوية، هذا النموذج هو مجلة “الغرباء” – لسان حال الإخوان المسلمين في بريطانيا خاصة وأوروبا عامة- وهي مجلة شهرية جامعة كانت تصدرها جمعية الطلبة المسلمين في بريطانيا وأيرلندا مع اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا. هذه المجلة العريقة والتي تحولت في بداية التسعينيات إلى صوت أوروبا، وانتهت بمجلة الأوروبية نختار منها عينة تمتد من العدد الثاني للسنة الحادية والعشرين في يونيو 1984، إلى العدد الثامن للسنة السادسة والعشرين في أغسطس 1989، في قراءة سريعة لمعرفة مواكبة هذه المجلة خلال هذه السنوات للواقع البريطاني خاصة والواقع الأوروبي عامة، فكانت النتائج على النحو الموضح في هذا الجدول:

الموضوع: ما يتعلق بالواقع الأوروبي، وما يتعلق بواقع المسلمين في المشرق الإسلامي.

الافتتاحية: 10% من الموضوعات تُعنى بالحديث عن واقع المسلمين في أوروبا، و90% تُعنى بالمسلمين خارج أوروبا.

المقالات: 30% من المقالات تتحدث عن قضايا تتعلق بالواقع الأوروبي، و70% من المقالات تتحدث عن قضايا تتعلق بالواقع الإسلامي.

الأخبار: 12% من الأخبار تتعلق بأخبار المسلمين في أوروبا، أو تتعلق بالدعوة في أوروبا، و88% من الأخبار تتعلق بقضايا المسلمين وهمومهم.

وعليه، نلاحظ أن المجلة – والتي تُمثل الخطاب الإعلامي للحركة – كانت الكتابة فيها وكأنها تعيش في غير الواقع الأوروبي؛ مما يُظهر أن التنظيم وهمومه لا علاقة له بهذا الواقع وهمومه إلا بنسبة ضعيفة جداً، فإذا تذكرنا أن هذا الوضع قد استمر منذ نشأة العمل في بداية الستينيات إلى بداية التسعينيات تصورنا عندها حجم المشكلة التي تمت مراجعتها بعد ذلك من قبل اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا[39].

إن المراجعات على مستوى الخطاب الخارجي قد جاءت من دون شك متأخرة جداً، وذلك من بداية تسعينيات القرن العشرين إلى يومنا هذا، والمتتبع للمجلات الإخوانية الأوروبية ولمؤتمرات الجماعة التي عُقدت في السنوات الأخيرة يُلاحظ مدى انسجام خطاب الحركة في هذه المدة مع متطلبات المرحلة ومقتضيات الوجود الإسلامي على الساحة الأوروبية[40].

 

الخاتمة

الفارق الوحيد بين جماعة الإخوان المسلمين عربياً وغربياً يكمن في أن التنظيم الإخواني في الغرب يعمل كجماعة تُمثل أقلية دينية، ومن ثم فإن هدفها لا يتجه نحو أسلمة المجتمع. فجماعة الإخوان المسلمين تمتلك من الواقعية السياسية والرشد العقلاني ما يجعلها تستوعب جيداً طبيعة المجتمع الذي تعمل فيه وطبيعة المهمة التي تتناسب معه، إذ كانت تسعى للهيمنة على الجاليات المسلمة في الغرب، والحيلولة دون علمنتها وتحويلها عن هويتها الثقافية بتقديم النموذج الحضاري البديل أو الأصلي . ولعل سلوك الجماعة السلمي والتركيز على الأمور الثقافية والتربوية والدينية للجاليات المسلمة في الغرب قد ساعد في تهوين الحكومات الغربية من خطر “جماعة الإخوان المسلمين” والتعاطي معها كبديل معتدل للأنظمة العربية الدكتاتورية والعسكرية، خصوصاً بعد ثورات “الربيع العربي”. ويشير جونسون إلى الغفلة السياسية التي تعيشها النخبة الغربية في مقابل هذه الصحوة الإسلامية الإخوانية، حيث يميل صانع القرار السياسي الغربي إلى استحضار نظرية التهوين من خطر الجماعة من بطون تاريخ خمسينيات القرن الماضي والتعامل مع الإسلاميين “المستأسدين”، بحسب جونسون، على أنهم حلفاء الواقع وشركاء المستقبل[41].

 

 

*مدير مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط.

 

 

***********************************

الهوامش

[1]  سمير إمغار ، “الإخوان المسلمون في أوروبا: دراسة تحليلية لتنظيم إسلامي” ، ترجمة: دينا محمد، (مكتبة الإسكندرية، سلسلة مراصد، 20122.).

[2]  المصدر السابق ذكره.

[3] Ian Johnson, Europe’s Underestimated Islamists, Middle East Quarterly, Fall 2011, pp. 39-466.

[4]  Ian Johnson, op. cit.

 

[5]  Ian Johnson, op. cit.

أحمد بركات، “الإخوان المسلمون في أوروبا.. رؤية غربية”، منشور بتاريخ 19 نوفمبر 2011 في موقع اسلام اونلاين على الرابط التالي:

http://islamonline.net/feker/studies/1807

[6]  Ian Johnson, op. cit.

أحمد بركات، “الإخوان المسلمون في أوروبا.. رؤية غربية”،  مصدر سابق.

[7]  Ian Johnson, op. cit.

*مؤلف وكاتب صحفي يقيم في برلين وبكين، متخصص في القضايا المتعلقة بالتقاطع بين الدين والمجتمع المدني ورئيس مكتب صحيفةThe Wall Street Journal (وول ستريت جورنال) في ألمانيا، وصاحب كتاب

A Mosque in Munich: Nazis, the CIA and the Muslim Brotherhood in the West

(مسجد في ميونيخ: النازيون والمخابرات المركزية الأمريكية والإخوان المسلمون بالغرب)، (2010)

[8]  Ian Johnson, op. cit.

[9]  Ian Johnson, op. cit.

[10]  Ian Johnson, op. cit.

[11]  Ian Johnson, op. cit.

[12]  Ian Johnson, op. cit.

[13]  Ian Johnson, op. cit.

[14]  Ian Johnson, op. cit.

[15]  Ian Johnson, op. cit.

[16]  Ian Johnson, op. cit.

[17]  Ian Johnson, op. cit.

[18]  صحيفة روز اليوسف 5/8/2014

[19]  Ian Johnson, op. cit.

[20]  Ian Johnson, op. cit.

[21]  Ian Johnson, op. cit.

[22]  Ian Johnson, op. cit.

[23]  الإخوان المسلمون في أوروبا: دراسة تحليلية لتنظيم إسلامي، مصدر سبق ذكره.

[24]  الإخوان المسلمون في أوروبا: المصدر نفسه.

[25]  الإخوان المسلمون في أوروبا: دراسة تحليلية لتنظيم إسلامي، مصدر سبق ذكره.

[26]  Ian Johnson, op. cit.

[27]  Ian Johnson, op. cit.

[28]  Ian Johnson, op. cit.

[29]  Ian Johnson, op. cit.

[30]  Ian Johnson, op. cit.

[31]  Ian Johnson, op. cit.

[32]  Ian Johnson, op. cit.

[33]  الإخوان المسلمون في أوروبا: دراسة تحليلية لتنظيم إسلامي، مصدر سبق ذكره.  أنظر أيضاً: الإخوان في أوروبا ومسيرة المراجعات.. بريطانيا نموذجاً على الموقع التالي:

http://www.ikhwanwiki.com

 

[34]  الإخوان المسلمون في أوروبا: دراسة تحليلية لتنظيم إسلامي، مصدر سبق ذكره؛ الإخوان في أوروبا ومسيرة المراجعات، مصدر سايق.

[35]  الإخوان في أوروبا ومسيرة المراجعات، مصدر سايق..

[36]  الإخوان المسلمون في أوروبا: دراسة تحليلية لتنظيم إسلامي، مصدر سابق؛الإخوان في أوروبا ومسيرة المراجعات، مصدر سايق.

[37]  الإخوان المسلمون في أوروبا، المصدر نفسه؛. الإخوان في أوروبا ومسيرة المراجعات، مصدر سايق.

[38]  الإخوان المسلمون في أوروبا، المصدر نفسه؛ الإخوان في أوروبا ومسيرة المراجعات، مصدر سايق.

[39]  الإخوان المسلمون في أوروبا: دراسة تحليلية لتنظيم إسلامي، مصدر سبق ذكره؛ الإخوان في أوروبا ومسيرة المراجعات، مصدر سايق.

[40]  الإخوان المسلمون في أوروبا: المصدر نفسه؛ الإخوان في أوروبا ومسيرة المراجعات، مصدر سايق.

[41]     Ian Johnson, “Europe’s Underestimated Islamists”, Ibid.

 

حقوق النشر محفوظة لمركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط.