وفاة رئيس أركان الجيش الجزائري في مرحلة دقيقة من الأزمة السياسية

Spread the love

(رويترز) – توفي فجأة يوم الاثنين بنوبة قلبية قائد الجيش القوي في الجزائر الفريق أحمد قايد صالح الذي أعد رد الدولة على الاحتجاجات الحاشدة هذا العام، وبسرعة ظهر خليفة محتمل له من نفس الحرس القديم الذي يريد المتظاهرون إزاحته من المشهد السياسي.
وصار قايد صالح، رئيس أركان الجيش، أبرز شخصية في السلطة بعد اندلاع الاحتجاجات وساعد على تنحية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أبريل نيسان بعد سنوات طويلة أمضاها في الحكم.

وقامت استراتيجيته على إيجاد بديل لبوتفليقة وحلفائه مع الإبقاء على الهيكل الأساسي للسلطة دون تغيير والسماح باستمرار الاحتجاجات أملا في أن يفتر حماس المتظاهرين بمرور الوقت.

واستمر تدفق الحشود الغفيرة على الشارع خلال وقت طويل من عام 2019 للمطالبة بتغيير شامل للقيادة ولم يركن المتظاهرون للهدوء بعد استقالة بوتفليقة وإلقاء القبض على كثير من مساعديه وحلفائه بتهم الفساد.

وليس للحركة الاحتجاجية في الجزائر، الدولة المصدرة للنفط والغاز، قيادة رسمية أو تنظيم رسمي. ولكن من بين مطالبها الأساسية خلال المظاهرات الأسبوعية أن يتخلى الجيش عن الدور المركزي الذي لعبه في السياسة بعد استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962. وفي كثير من الأوقات رفع المتظاهرون شعارات من بينها شعار يقول ”دولة مدنية ماشي (ليست) عسكرية“.

وبينما يقترب العام من نهايته تزايدت مطالبة المتظاهرين باستقالة قايد صالح نفسه، خاصة بعد أن ضغط بقوة من أجل إجراء انتخابات ليكون هناك البديل لبوتفليقة، وهي الانتخابات التي يقول المحتجون إنها غير شرعية ما دام الحرس القديم لا يزال في السلطة.

وبسرعة عين الرئيس عبد المجيد تبون قائد القوات البرية اللواء سعيد شنقريحة رئيسا لأركان الجيش بالإنابة خلفا لقايد صالح.

وشنقريحة (74 عاما) من جيل القادة العسكريين الأقوياء الذين كان منهم قايد صالح الذي توفي عن 79 عاما وكل منهما بدأ حياته العسكرية في قوات الفدائيين التي ثارت على الحكم الاستعماري الفرنسي.

وقال لواء متقاعد طلب عدم نشر اسمه ”تسلسل الجيش متحد وسيمضي قدما بعد قايد صالح كما فعل قبله. جيش الجرائر كتلة واحدة، لا تخضع لنفوذ لواء واحد لكن لديها إجماعا مثل محركها“.
* لحظة حرجة

جاءت وفاة قايد صالح في لحظة حرجة من مواجهة الدولة للاضطرابات. وكان الجيش قد ضغط من أجل إجراء الانتخابات لاختيار رئيس جديد كخطوة كبيرة في استراتيجيته لاستعادة النظام العام الذي يلعب دورا رئيسيا فيه.

وعلى الرغم من أن المحتجين طالبوا بتنحي قايد صالح وابتعاد الجيش عن السياسة فإن بعض الشخصيات البارزة في حركتهم أشادت بقرار الجيش عدم استخدام العنف لسحق المظاهرات.

وقال إسلام بن عطية، وهو شخصية بارزة بحركة الاحتجاج، على فيسبوك ”يكفيك عند ربك أنك ابريت بقسمك ولم تسقط قطرة دم واحدة رغم صعوبة الأزمة“.

ومن المتوقع تنظيم جنازة قايد صالح يوم الثلاثاء، وهو اليوم الذي نظم فيه الطلاب احتجاجات أسبوعية معظم العام.

وما زالت الحركة الاحتجاجية تبحث ردها على اقتراح تبون إجراء حوار. وكانت قد رفضت انتخابه في الاقتراع الذي أظهرت الأرقام الرسمية إن 40 في المئة فقط من الناخبين شاركوا فيه.

وعلى الرغم من أن تبون قدم نفسه على أنه مستقل فإن كثيرا من المحتجين يعتبرونه دمية في أيدي الجيش وفور أدائه اليمين في حفل تنصيبه الذي أذاعه التلفزيون عانق قايد صالح ومنحه وسام الاستحقاق.
* غضب شعبي

بعد أسابيع من تفجر الاحتجاجات الحاشدة في وقت سابق من هذا العام، ألقى قايد صالح خطابا عبر التلفزيون دعا فيه الرئيس بوتفليقة إلى الاستقالة مما دفع الزعيم المخضرم إلى التنحي.

ودعم الجيش بعد ذلك سلسلة من الاعتقالات لحلفاء بوتفليقة وكبار رجال الأعمال في حملة لمكافحة الفساد كان ينظر إليها على نطاق واسع على أنها تطهير لخصوم الجيش داخل النظام الحاكم.

تلقى قايد صالح تدريبا عسكريا في الاتحاد السوفيتي وأصبح قائدا للقوات البرية الجزائرية في 1994 في بدايات الحرب الأهلية بين الدولة ومتمردين إسلاميين التي أدت إلى سقوط 200 ألف قتيل.

وعينه بوتفليقة في منصب رئيس أركان الجيش بعد عشر سنوات. وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، رسخ قايد صالح تأثير الجيش في النخبة الحاكمة، وساعد بوتفليقة على مواجهة جهاز المخابرات الذي كان المهيمن ذات يوم.

ومع الإطاحة ببوتفليقة وحلفائه هذا العام، بات الدور المحوري للجيش أكثر وضوحا وبزغ نجم قايد صالح باعتباره أقوى شخصية في البلاد مما زاد من الغضب الشعبي.