تقديرات بعودة مشعل إلى قيادة “حماس” مع تزايد نشاطه السياسيّ

تقديرات بعودة مشعل إلى قيادة “حماس” مع تزايد نشاطه السياسيّ
Spread the love

بقلم: عدنان أبو عامر/

كشف خبير الشؤون الفلسطينيّة في التلفزيون الإسرائيليّ “كان” غال بيرغر، بـ25 كانون الأوّل/ديسمبر، أنّ الرئيس السابق للمكتب السياسيّ لـ”حماس” خالد مشعل يستعدّ للعودة إلى قيادة حماس في انتخاباتها الداخلية صيف 2020، بدعم قطر وتركيا، الأمر الذي يشكّل خبراً سيّئاً لإسرائيل، لأنّه سينقل مركز القرار إلى خارج الأراضي الفلسطينيّة.

أمّا وزير المنظّمات الأهليّة الفلسطينيّة الأسبق حسن عصفور فكتب على موقع “أمد”، في 26 كانون الأوّل/ديسمبر، أنّ حضور خالد مشعل إلى قمّة كوالالمبور الإسلاميّة، في 18 كانون الأوّل/ديسمبر، يهيّئه كرئيس محتمل للسلطة الفلسطينيّة في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يثير خشيتها من بدء “حماس” حملتها الانتخابيّة تحت عنوان “مشعل رئيساً.

لم يكشف غال بيرغر وحسن عصفور مصادرهما خلال الحديث عن مستقبل مشعل سواء لقيادة “حماس” أم لترشّحه للانتخابات الرئاسيّة، رغم أنّه زاد نشاطه السياسيّ. لقد شارك في قمّة كوالالمبور الإسلاميّة بين 18 و20 كانون الأوّل/ديسمبر، والتقى فيها رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمّد، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيسين التركيّ رجب طيّب أردوغان والإيرانيّ حسن روحاني.

وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر، استقبله رجب طيّب أردوغان في اسطنبول. وفي 2 حزيران/يونيو، اجتمع في الدوحة مع تميم بن حمد آل ثاني. وفي 23 أيّار/مايو، التقى بكوالالمبور مهاتير محمّد. وفي هذه اللقاءات، استعرض معهم تطوّرات القضيّة الفلسطينيّة والأوضاع الصعبة في قطاع غزّة، وشكرهم على مواقفهم المؤيّدة لفلسطين.

وقال المتحدّث باسم “حماس” حازم قاسم لـ”المونيتور”: “إنّ هذه التقارير الإسرائيليّة محاولات فاشلة للتأثير على التماسك التنظيميّ لحماس، ولقد تعوّدنا عليها، لكنّ الحركة تؤكّد قوّة تماسكها، والتزام جميع قادتها بمخرجات مؤسّساتها القياديّة بطريقة ديموقراطيّة. حماس حركة مؤسّسات، وتدار بطريقة متّفق عليها بين مكوّناتها المختلفة ضمن لوائح ضابطة”.

وكان مشعل أعلن في أيّار/مايو من عام 2017 عن فوز إسماعيل هنيّة زعيماً للحركة في انتخاباتها الداخليّة، بعد أن قادها منذ عام 1996، وأجرى تعديلات جوهريّة على ميثاقها التأسيسيّ الصادر في عام 1988، وأصدر وثيقتها السياسيّة في عام 2017، واعترف في عام 2016 بوقوع الحركة بأخطاء خلال تجربتها الحكوميّة في قطاع غزّة منذ عام 2007.

من جهته، قال أحمد يوسف، وهو المستشار السياسيّ السابق لزعيم “حماس” هنيّة ورئيس بيت الحكمة للاستشارات وحلّ النزاعات، لـ”المونيتور”: “إنّ غياب مشعل عن قيادة حماس ترك فراغاً كبيراً خلفه، رغم المحاولات التي تبذلها القيادة الحاليّة من أجل ملئه. ولذلك، فإنّ عودته إلى قيادتها مصدر ترحيب من قبل الحركة لاستعادة علاقاتها الدوليّة والإقليميّة، وتجديد الدعم الماليّ واللوجستيّ. مشعل يحظى بتقدير واحترام داخليّ وخارجيّ، وقطر وتركيا تحديداً تريانه زعيماً مرناً وديبلوماسيّاً، ومنسجماً مع زعيميهما”.

تتركّز علاقة مشعل على قطر وتركيا، مع وجود فتور في علاقته بإيران لخلافهما حول الأزمة السوريّة منذ عام 2011، وخروج “حماس” من سوريا في عام 2012، ولكن لعلّ تقارب طهران مع الدوحة وأنقرة، يزيل معارضتها عودة مشعل إلى قيادة “حماس”، إن أراد ذلك.

وقال أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة “النّجاح” بنابلس عبد الستّار قاسم لـ”المونيتور”: “إنّ مشعل قريب من صناعة القرار في حماس، رغم أنّه ليس قائدها. كما أنّ نفوذه كبير بين قياداتها. وفي الساحة الفلسطينيّة، يرتاح أبو مازن له، وفرصه تزداد بقيادة حماس لوجوده في الخارج، الأمر الذي يتيح له التنقّل بعيداً عن حصار إسرائيل وقيود مصر على غزّة. صحيح أنّ علاقات مشعل المحليّة والإقليميّة والدوليّة واسعة، لكنّ مشكلته ما زالت مع سوريا، ويجب حلّها”.

تجاوزت علاقات مشعل الإقليم لتصل إلى المجتمع الدوليّ بلقاءاته مع مسؤولين أوروبيّين وأميركيّين، سابقين وحاليّين، وآخرها ما كشفه التلفزيون الإسرائيليّ في 31 كانون الأوّل/ديسمبر عن لقائه في كانون الأوّل/ديسمبر بالدوحة مع روبرت مالي، الرئيس التنفيذيّ لمجموعة الأزمات الدوليّة ومستشار الشرق الأوسط السابق للرئيس الأميركيّ الأسبق بيل كلينتون. وفي عام 2015، التقى بالدوحة رئيس الوزراء البريطانيّ الأسبق توني بلير. وفي عام 2012، التقى بالقاهرة الرئيس الأميركيّ الأسبق جيمي كارتر. وركّز في هذه اللقاءات على التعريف بالقضيّة الفلسطينيّة وكسر العزلة الدوليّة عن “حماس”.

بدوره، قال عضو المجلس التشريعيّ عن “حماس” ووزير الأوقاف السابق في الضفّة الغربيّة نايف الرجوب لـ”المونيتور”: “إنّ حماس تؤمن بتوزيع الأدوار بين قادتها وتغييرهم وضخّ دماء جديدة، لأنّنا لا نقدّس الزعماء كغيرنا. حماس منذ تأسيسها في عام 1987 تناوب على رئاستها العديد من القادة. عودة مشعل إلى قيادة حماس، وهو جدير بها، خاضعة لعمليّة انتخابيّة وشوريّة، وفقاً لما تقرّه أطرها التنظيميّة الداخليّة”.

وقال المتخصّص بالحركات الإسلاميّة ساري عرابي لـ”المونيتور”: “إنّ مشعل، رغم تنحّيه عن قيادة حماس، لكنّه ضاعف نشاطه السياسيّ، الأمر الذي قد يشير إلى احتماليّة رجوعه لقيادة الحركة، بصرف النظر عن توازناتها الداخليّة وتحالفاتها. إقليميّاً، يتطلّب الأمر منه تطوير تحالفات الحركة الأخرى، وتنويع مواردها لتخفيف الاعتماد الكامل على إيران، ماليّاً وعسكريّاً، ومعالجة سوء فهمه معها بسبب الملف السوريّ”.

حالة الإجماع الدائرة حول مشعل وكفاءته بالعودة إلى قيادة “حماس”، أمر يحسب له، لكنّ الأمر مرهون باعتبارات عدّة، أوّلها رغبته الشخصيّة في العودة من عدمها، ثانيها إمكانيّة وجود توجّه للحركة بمنح القيادة الحاليّة دورة انتخابيّة جديدة، مع وجود علاقة شبه مثالية من التشاور الدائم، بين مشعل وهنية، وثالثها وجود تطلّعات مشروعة لقادة آخرين بالتنافس على قيادة “حماس”.

وأبلغ مصدر قياديّ كبير في “حماس”، أخفى هويّته، “المونيتور” أنّ “زيادة الحديث عن عودة مشعل إلى قيادة حماس تسعى إلى التشويش على تحرّكاته والتحريض عليه، رغم أنّ حماس موحّدة ومنسجمة، بعيداً عن الخلافات الداخليّة، والصراع على القيادة، فمشعل أجرى في أيّار/مايو من عام 2017 عمليّة التسليم والتسلّم للرئيس الحاليّ هنيّة، بصورة سلسة. ومنذ حينها، بقي سنداً وداعماً للقيادة الجديدة، يلتزم بما تقرّه من قرارات، وتمّ تكليفه بمهامّ عدّة. وفي النهاية، فإنّ حماس ملتزمة بصندوق الاقتراع، وما تفرزه الانتخابات المقبلة”.

بغضّ النظر عن التقديرات بشأن عودة مشعل إلى قيادة “حماس”، من دون إعلانه عن ذلك، لكنّه سيحتاج إلى مراكمة أوراقه الداخليّة في الحركة لتحسين فرصه، إن أراد العودة، رغم أنّ قطاع غزّة سيبقى الموقع الأكثر ثقلاً وتأثيراً في “حماس”، حتّى لو كانت رئاستها في الخارج، ففي غزّة الإقليم الجغرافيّ، والتنظيم الكبير، والجهاز العسكريّ، والموارد الماليّة.

المصدر: المونيتور

Optimized by Optimole