العالم في حاجة إلى عودة العلاقات الصينية الأميركية إلى مسارها الصحيح في 2023

Spread the love

شؤون آسيوية- قالت وزارة الخارجية الصينية هذا الأسبوع أن الصين تُرحب بالزيارة القادمة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، مشيرة إلى أنها على اتصال مع الجانب الأميركي بشأن ترتيبات محددة.

تؤثر العلاقات الصينية الأمريكية، كواحدة من أهم العلاقات الثنائية في العالم، على رفاهية البلدين والعالم بأجمعه. وفي شتى أنحاء العالم، هناك دعوة متزايدة مناهضة لاحتواء الصين أو الانفصال عنها، وتدعو إلى استقرار العلاقات الأمريكية الصينية.

فالعالم الآن على مفترق طرق. لذلك، فعند النظر إلى العلاقات الصينية الأمريكية والتعامل معها، ينبغي على الجانبين النظر إلى الصورة الكبرى، ليس فقط للعبة محصلتها صفر. فإن التطور الصيني والتقدم الأمريكي يقدمان فرصا لبعضهما البعض، ولا يشكلها تحديات لبعضهما البعض.

ومن المؤسف أنه تم التخلي عن الحس السليم في السنوات الأخيرة من قبل بعض الساسة في واشنطن، الذين كانوا بلا هوادة يثيرون المتاعب أو يهددون بالانفصال عن الصين، مما يُخيم بظلاله على العلاقات الثنائية.

وفي تقرير نُشر في نوفمبر الماضي، قالت مؤسسة بروكينغز إنه على الولايات المتحدة إقامة “علاقة دائمة ومثمرة” مع الصين، مضيفة أن الجانبين يجمعهما مصالح مشتركة في المجالات الثنائية والمتعددة الأطراف. لذلك، فإن التعاون مطلوب.

ويعد التعاون الاقتصادي والتجاري ركيزة العلاقات الصينية الأمريكية. فإن العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية تُبنى على المنفعة المتبادلة، ليست على لعبة محصلتها صفر. وبالتالي، سيُلحق الانفصال عن الصين، وهي شريك تجاري رئيسي للولايات المتحدة، أو كسر الروابط الاقتصادية معها، الضرر بالدول الأخرى، وكذلك الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، قالت مجلة فورين بوليسي في تحليل إن الانفصال لن يحدث بأي شكل من الأشكال أو حتى بعد فترة طويلة، ليس من المرجح حدوثه. كما نقلت عن ((بيزنس إنسايدر)) الأمريكية قولها، بأن العلاقات الاقتصادية الأمريكية الصينية لا تزال عميقة وتنمو بشكل أعمق في العديد من القطاعات، وأن الانفصال سيقوض القدرة التنافسية العالمية للولايات المتحدة.

ورغم الوباء المستمر وعدم تعاون واشنطن، شهدت التجارة الصينية الأمريكية ارتفاعا يُقدر بـ 20.2 بالمائة على أساس سنوي لتصل إلى 4.88 تريليون يوان (حوالي 719 مليار دولار أمريكي) في 2021. وفي الأشهر الـ11 الأولى من 2022، بلغت قيمة التجارة الثنائية 4.62 تريليون يوان (681 مليار دولار أمريكي)، مسجلة زيادة تُقدر بـ4.8 بالمائة على أساس سنوي.

وتتباهى الصين بحافة سلسلة التصنيع التي لا يمكن استبدالها. وما زال البر الرئيسي الصيني قاعدة الإنتاج الأولي لعملاق التكنولوجيا الأمريكي “أبل”، حيث يمتلك 150 من بين 190 موردا له مصانع في الصين، وفقا لما جاء في قائمة مورديه للعام المالي 2021 الصادرة في أكتوبر الماضي.
وفي الوقت نفسه، لا تزال الصين سوقًا رئيسيًا للشركات الأمريكية، حيث أفادت 83 بالمائة من تلك الشركات بأنها لا تفكر في نقل التصنيع أو الاستعانة بمصادر خارج الصين، وفقًا لما ورد في الكتاب الأبيض للأعمال الأمريكية في الصين لعام 2022، والصادر عن غرفة التجارة الأمريكية في الصين العام الماضي. ويعتقد أعضاء الغرفة أن “الانفصال” لا يصب في المصلحة الاقتصادية لكلا الجانبين.

وعلى مدى العقود الماضية، أدت العولمة الاقتصادية إلى التوسع المستمر في سلاسل التصنيع والقيمة والتوريد، وكذلك في التدفق العالمي لعوامل الإنتاج، ما ضخ زخما قويا في الاقتصاد العالمي باعتباره اتجاهًا لا يقاوم.

وفي نفس الوقت، سجلت قيمة التجارة العالمية رقما قياسا بلغ 28.5 تريليون دولار أمريكي في 2021، بزيادة 25 بالمائة عن 2020، وكان من المتوقع أن يصل إلى 32 تريليون دولار أمريكي في 2022، وفقا للبيانات الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.

ومع ذلك، تضغط الولايات المتحدة من جانب واحد لقطع الإمدادات والانفصال، ولكنه أمر محكوم عليه بالفشل وسيكون له نتائج عكسية.

فمن الخطأ افتراض أن الرفاهية العالمية هي لعبة محصلتها صفر، وأن ارتقاء الصين يعنى تراجع الولايات المتحدة. وفي ضوء ذلك، كتبت بينيلوبي كوجيانو غولدبرغ، اقتصادية كبيرة سابقة في البنك الدولي وأستاذة بجامعة ييل، في مقال رأي مؤخرًا، محذرة من أن الحرب الاقتصادية مع الصين ليست في مصلحة أحد.

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة والصين هما أكبر اقتصادين في العالم، ويحدد حجم اقتصادهما الهائل الأهمية القصوى للعلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما للبلدين والعالم.

ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، أجبرت الولايات المتحدة حلفاءها على احتواء الصين و “الانفصال” عنها. ولكن أُثبت أن محاولتها للحفاظ على الهيمنة الاقتصادية العالمية على حساب حلفائها لا تحظى بشعبية.

ومن جهة أخرى، قال المستشار الألماني أولاف شولتز خلال زيارته الرسمية للصين في نوفمبر 2022، إن الصين شريك تجاري مهم لألمانيا وأوروبا جمعاء، مشيرا إلى أن ألمانيا تعارض بشدة الانفصال وتستعد لتعاون تجاري واقتصادي أوثق مع الصين.
وبالمثل، فإن أوروبا بأسرها لن ترغب في الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، وفقا لمقال رأي نُشر في مجلة ((ذا دوبلومات)) مؤخرا. وأفاد المقال “أن الدبلوماسية الأمريكية القسرية لها تكلفة: فإنها تهدد بإندلاع الخلافات وتقويض الثقة في العلاقات عبر الأطلسي”.

وفي مقال رأي نُشر في “فاينانشال تايمز” في وقت سابق من هذا الشهر، نصح كاتب العمود البريطاني للشؤون الخارجية جيديون راشمان الغرب بالتخلي عن هدفه المتمثل في كبح نمو الصين، كاتبا أن “الصين جزء كبير من الاقتصاد العالمي. فإذا كنت تريد أن تدخل الصين في ركود، فأنت تريد أن يدخل العالم ايضا في ركود.”

ومن جانب أخر، أفادت الصحيفة اليومية الألمانية ((نويس دويتشلاند)) في تحليل نُشر مؤخرا، في إشارة إلى حزمة قانون خفض التضخم كمنتج آخر لـ “أمريكا أولا”، والذي يسحق المصالح الأوروبية وينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية، أن الانحياز إلى الولايات المتحدة ببساطة ليس بديلا عمليا، إذا كان فقط بسبب أن الدعم الأمريكي السخي سيجذب الاستثمار ورأس المال من أوروبا.

وفي الوقت نفسه، ينتاب الشركات اليابانية التي تجمعها تجارة مع الصين، القلق من احتمالية انخراط طوكيو بعمق في التنافس الاقتصادي المتزايد بين واشنطن وبكين. لذلك، حث الحكومة على “فهم أننا لا نريد أن نعرض الدولة لمخاطر مع الصين”. وفي نفس الوقت، يعتقد الخبراء أنه يجب على اليابان والصين تحسين الاتصالات الثنائية حول مجموعة من القضايا، بما يشمل مرونة سلسلة التوريد، والتهديدات غير التقليدية للأمن وتغير المناخ.

ومن جهة أخرى، تمقت بعض الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية أيضًا ممارسة الولايات المتحدة التي تدفعها إلى الانخراط في المنافسة المندلعة بين القوى العظمى وإجبار الآخرين على الانحياز.

ووفقا لمقال نُشر مؤخرا في صحيفة ((ساوث تشاينا مورنينغ بوست))، فإن “مصير أعضاء الآسيان مرتبط إلى حد كبير بمسار العلاقات الأمريكية الصينية في القرن الحادي والعشرين،” موضحا أنه من الناحية الاقتصادية، تُفضل دول جنوب شرق آسيا أن “تتعاون واشنطن وبكين، بدلا من انخراطهما في منافسة محصلتها صفر.”

جدير بالذكر أن الولايات المتحدة والصين ستستفيدان من التعاون وستخسران من المواجهة. إن العالم كبير بما يكفي لتطور البلدين بشكل فردي وجماعي.

وفي الوقت نفسه، يجمع العالم على تطلع مشترك للعلاقات الصينية الأمريكية السليمة وايجاد وسيلة لتوافقهما تُحقق السلام والازدهار العالميين بشكل دائم.
المصدر: شينخوا

Optimized by Optimole