عن اتفاق دوما ومصير “جيش الإسلام”

Spread the love

دمشق – ميادة سفر * – منذ بدء تنفيذ اتفاق الغوطة الشرقية وإجلاء مسلحي تنظيمي جبهة النصرة وفيلق الرحمن من بلدات جوبر وعربين وحرستا وعين ترما إلى مدينة إدلب شمال سوريا، وتسوية أوضاع من يرغب بالبقاء تحت سيطرة الحكومة السورية وبدء دخول الجيش السوري الى هذه البلدات وبدء عودة مؤسسات الدولة إليها. كانت الأنظار منذ ذلك الوقت متجهة إلى مدينة دوما التي بقيت خارج الاتفاق، دوما الخاضعة لتنظيم جيش الإسلام المدعوم سعودياً، رفضت وعلى لسان قيادييها الدخول في أي مفاوضات مع الحكومة وما يعنيه ذلك من رفضها الخروج والتسليم.
تضاربت الأخبار القادمة من دوما فتارة يتم الحديث عن مفاوضات برعاية روسية ووساطة أممية، وتارة أخرى يعلن عن عدم وجود أي مفاوضات. ولكن المرجح كان وجود تلك المفاوضات وإن بشكل غير معلن وخاصة بعد عزل المدينة وحصارها من قبل الجيش السوري والضغط الشعبي من داخل دوما ضد مسلحي تنظيم جيش الإسلام للخروج وتجنيب المدينة عملاً عسكرياً لن تكون نتائجه في الحسبان.
كان ثمة نقاط خلاف عدة تخللت هذه المفاوضات، لعل من أبرزها الوجهة التي سيرحّل إليها مسلحو التنظيم. ففي الوقت الذي رفضت فيه الحكومة السورية أي مكان سوى إدلب، كانت الاقتراحات تتمحور حول الجنوب السوري (درعا) أو منطقة القلمون، إضافة إلى خلاف تم الحديث عنه عن الأموال الطائلة التي بحوزة التنظيم والتي يرغب في إخراجها معه.
تعثرت المفاوضات أياماً عدة ليتم أخيرا الإعلان عن التوصل إلى اتفاق يقضي بترحيل مسلحي التنظيم إلى مدينة جرابلس على الحدود السورية التركية، هذه المدينة الخاضعة لقوات “درع الفرات” المدعومة تركياً. لكن السؤال الذي طرح: كيف سينقل إليها تنظيم جيش الإسلام المدعوم سعودياً، والكل يدرك الخلاف بين تركيا والسعودية. ولكن يبدو أن اتفاقاً تركياً – روسياً – سعودياً قد تم لقبول ترحيل عناصر التنظيم إلى جرابلس مع عدم التعرض لهم من قبل القوات المسيطرة على تلك المدينة.
وهنا لا بدّ من التساؤل عن مصير التنظيم، فهل سيكون هذا الإجلاء الى جرابلس وبموافقة تركية محاولة أو اتفاقاً للقضاء على تنظيم “جيش الإسلام” سياسياً وعسكرياً وهو الخارج من دوما بسلاحه الفردي فقط بعد أن امتلك لسنوات جيشاً من العديد والعتاد، متفاخراً به وبعروضه العسكرية. ففي جرابلس لن يتمكن التنظيم سوى من الدفاع عن نفسه بسلاحه الخفيف في حال تعرضه لأي اعتداء، وبالطبع فإن تركيا لن تسمح للسعودية بتزويده بالسلاح عبر أراضيها.
ولكن أيضاً ما سيكون المصير السياسي لـ”جيش الإسلام” وهو المشارك في محادثات جنيف وأستانا؟ هل ستتاح له الفرصة لفرض شروط قد يرغب بها وهو المهزوم عسكرياً وبعد أن فقد ثقله العسكري في الميدان، ولا سيما أن مشغله وداعمه السعودي يصرّح من واشنطن بلسان ولي العهد السعودي أن الرئيس السوري بشار الأسد باقٍ في الحكم.
أخيرا تجدر الإشارة إلى أن اتفاق دوما يقضي بإخراج مسلحي “جيش الإسلام” باتجاه جرابلس، وتشكيل فريق عمل برئاسة روسية يضم ممثلين عن الحكومة السورية والدول الضامنة لعملية أستانا لترتيب إجراءات تسليم المخطوفين والأسرى المدنيين والعسكريين المتواجدين في معتقلات “جيش الإسلام”، إضافة إلى تسليم الأسلحة المتوسطة والثقيلة إلى الجيش السوري ودخول مؤسسات الدولة والجيش السوري إلى المدينة.

*كاتبة سورية

Optimized by Optimole