حرب باردة جديدة وعالم متعدد الأقطاب؟

Spread the love

ميادة سفر — كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن حرب باردة جديدة بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية. ويعود ظهور مصطلح “حرب باردة” إلى فترة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945 واستمر حتى انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي في العام 1990.
وبانتهاء الحرب الباردة تحول النظام الدولي من نظام ثنائي القطبية إلى نظام دولي أحادي القطب تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية، التي حاولت ولا تزال تسعى للحفاظ على أحادية القطب الذي سمح لها بالسيطرة على مناطق متعددة من العالم وفرض نفوذها وتحكمها بالموارد المتعددة لكثير من الدول. ولكن مع وصول فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة في روسيا الاتحادية في العام 2000 بدأت تظهر ملامح تغيير ما في المجتمع الدولي.
فقد وضع بوتين نصب عينيه منذ بداية حكمه أن يعيد بناء روسيا، وإيقاف التدهور الاقتصادي والسياسي والعسكري والاجتماعي الذي تعرّضت له البلاد منذ وقبل انهيار الاتحاد السوفياتي، كما شدد بوتين على إعادة بناء القوات العسكرية الروسية والجيش الروسي.
أراد الرئيس بوتين أن يعيد لروسيا الاتحادية مكانتها على الصعيد الدولي، واستعادة دورها في النظام العالمي، وقد بدأت ملامح هذه الرغبة لدى بوتين من خلال إعلان رفضه للهيمنة الأميركية في العالم وتدخلها المتكرر في العديد من دول العالم.
تمكن بوين من التدخل في الأزمة الأوكرانية في العام 2014 وتمكن من ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا الاتحادية. ثم جاء التدخل الروسي في الحرب السورية بناء على طلب من الحكومة السورية. شكّل هذا التدخل أكبر تحدٍ للولايات المتحدة الأميركية، لا سيما وأن روسيا وقفت إلى جانب الحكومة السورية منذ بداية الحرب على سوريا باستخدامها لحق النقض (الفيتو) في كل قرار حاولت الولايات المتحدة الأميركية تمريره للحصول على تأييد بضرب سوريا.
ويأتي الدعم العسكري الروسي وإقامة قاعدة عسكرية في حميميم في مدينة اللاذقية إلى جانب التواجد الروسي في مدينة طرطوس مشكلاً تحولاً في السياسة الروسية تجاه القضايا الدولية.
كل ذلك شكل تحولاً في بنية النظام الدولي، فمع بروز الصين قوة اقتصادية وعسكرية هامة، لم تعد الولايات المتحدة الأميركية اللاعب الوحيد على المستوى الدولي، فالنظام الدولي مرشح للتحول إلى عالم متعدد الأقطاب ببروز القوتين، روسيا والصين ودول البريكس الأخرى، الهند والبرازيل، فضلاً عن الاتحاد الأوروبي.
وبعد قيام الدول الثلاث أميركا وفرنسا وبريطانيا بالعدوان على سوريا يوم الرابع عشر من نيسان 2018، أعلنت وزارة الدفاع الروسية بأنها ستعيد التفكير بتسليم الجيش السوري منظومة الدفاع الجو”أس 300″. وقبل ذلك استعرض بوتين الأسلحة الحديثة التي بات يمتلكها الجيش الروسي. إنها عودة لسباق التسلح الذي كان سائداً إبان الحرب الباردة، وبعد أكثر من 30 عاماً على توقيع أميركا والاتحاد السوفييتي اتفاقيتا “سالت” لتدمير الصواريخ النووية قصيرة ومتوسطة المدى التي جنّبت العالم حرباً نووية محتملة.

Optimized by Optimole