الفساد والمشاركة الشعبيّة في الحكم في لبنان

Spread the love

د. داود خيرالله* — المشاركة الشعبيّة في الحكم هي من أبرز سمات الدولة الحديثة وما ارتقى إليه الإنسان عبر قرون طويلة من التطوّرالاجتماعي والسياسي. صَاحَبَ هذا التطوّر تبدّل في مفهوم السيادة وانتقالها من الحاكم الفرد إلى المجموعة الشعبيّة، فأصبحت الإرادة الشعبيّة هي أساس السيادة في الدولة ومصدر الشرعيّة فيها.
مع انتقال الحكم من سلطة الحاكم الفرد إلى السلطة الشعبيّة جرى تغيير أساسي في شكل الحكم ومقوّماته، وهو الانتقال من تراتبيّة سلاليّة، كانت عبر قرون طويلة أساس السلطة والإستقرار في الحكم، إلى علاقة تعاقديّة تطوّرت إلى ما بات يعرف بحكم القانون. وأصبح القانون هو السيّد الفعلي الذي يخضع لأحكامه حاكم ومحكوم.

فعوضاً عن قواعد إلزاميّة أساسها ومصدرها الحاكم الفرد، أو مصادر غيبيّة يقوم صاحب السلطة، أو مأموروه بتفسيرها وتطبيقها بما يتلاءم ورغباته الشخصيّة، أصبحت القواعد الإلزاميّة تصدر في الدولة الحديثة بموجب إجراءاتٍ أساسها عقد اجتماعي يوصف بالدستور أو القانون الأساسي في الدولة.
وينصّ الدستور على إقامة سلطات متمايزة ومتكاملة (تشريعية وتنفيذيّة وقضائيّة) ويحدّد صلاحيّات كلّ منها، كما يؤكّد على مبدأ الفصل فيما بينها، كي لا تستأثر في الحكم سلطة واحدة. وينصٌّ كذلك على حقوق وحرّيات أساسية يعكس احترامها والتقيّد بها درجة رقيّ المجتمع ونضجه السياسي.

السلطة التشريعيّة، خصوصاً في الأنظمة البرلمانيّة، هي أمّ السلطات في الدولة التي اختارت وتعيش في ظلّ نظام ديمقراطي، وأقربها إلى الإرادة والمصلحة الشعبيّة. وهي كذلك إنعكاس لوعي الشعب وفعاليّة مشاركته في الحكم. فالسلطة التشريعيّة هي مصدر القوانين، ووسيلة هندسة اجتماعيّة. وهي، في لبنان مثلاً، من يختار رئيس الجمهوريّة ويزكّي رئيس الحكومة، وهي من يمنح الحكومة الثقة بعد الاطلاع على برنامج عملها، وهي من يمارس رقابة عامة على أعمال الحكومة للتأكّد من فعاليّة المؤسسات والتزام تطبيق القوانين.

فاختيار أعضاء السلطة التشريعيّة هو من أهمّ مسؤوليّات المواطن، ليس فقط بالنسبة للتعبير عن المشاركة الفعليّة في الحكم وعن ممارسته لحرّيته كمواطن، وإنّما وبالخصوص عن مدى وعيه ونضجه السياسي ورغبته في المشاركة لصنع المجتمع الذي يودّ الانتماء إليه والعيش فيه. فاختيارُه نوّابَه في السلطة التشريعيّة هو اختيارٌ لمهندسي المجتمع الذي يتوق للعيش فيه والوطن الذي يتمنّى الإنتماء إليه.

هل يعي اللبناني هذه المسؤوليّة؟ وهل يشارك فعلاً في صناعة نظام الحكم للمجتمع الّذي يتمنّى الإنتماء إليه والعيش فيه، فيرقى بذلك فعلاً إلى كونه إنساناً حرّاً، أي شريكاً أساسيّاً في تقرير مصيره؟

الواقع أنّ الغالبيّة الساحقة من اللبنانيين لا تعي مسؤوليتها هذه ولا تشعر بأنّها تعيش في ظلّ نظام حكم تتمنّاه وترتاح إليه. والمرجّح كذلك أنّها لا تتمتّع بثقة بالنفس أو بالقدرة على المشاركة الفاعلة في تغيير النظام السياسي الذي تشكو منه.

سأتناول في ما يلي، وباقتضاب، بعض المعوّقات لمشاركة شعبيّة فاعلة في الحكم في لبنان، أي معوّقات النجاح في بناء مؤسّسات حكم تعكس مصلحة شعبيّة ومجتمعا يوفّر لأبنائه الأمن والاستقرار والنموّ والقدرة على تفعيل طاقاتهم الإبداعيّة والإنتاجيّة.
في طليعة المعوّقات يبرز الجهل والتفكّك الاجتماعي، وكذلك انتشار آفة الفساد كمعوّق أساسي لبناء مؤسسات فعّالة لنظام ديمقراطي ومشاركة شعبيّة في الحكم. فالفساد الساسي الذي يعاني منه اللبنانيّون هو، في جوهره، قيام المسؤول الموتمن على مصلحة عامة بتقديم مصلحته الخاصة عند تعارضهما، أي مخالفة مبدأ تجنّب تعارض المصالح.

فالجهل المخجل لماهيّة وأهمّية مؤسسات الحكم الديمقراطي وضرورة حمايتها وتفعيلها بدقّة، وذلك من أجل ضمان تماسك المجتمع وتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين أبنائه، هذا الجهل لا يزال سائداً لدى الأكثريّة الساحقة من اللبنانيّين. كذلك جهل اللبنانيّين، نخباً ومواطنين عاديّين، لمساوئ الفساد والضرر الّذي يلحقه بكلّ مؤسسة يطالها أو جسم يصله. كلّ ذلك يلعب دوراً أساسيّاً في حالة التخلّف وأكاد أقول الاختناق السياسي الّذي يعاني منه اللبنانيّون.

أوّل معالم النجاح في عمليّة الإصلاح هو وعي العلّة الواجب علاجها والعقبات الواجب التغلّب عليها. فلو نظرنا إلى المجتمع اللبناني بهدف معرفة العلل التي يعاني منها والمعوّقات الواجب التغلّب عليها، نرى مجتمعاً يعاني من تفكّك يقضي على مناعته وعلى الحدّ الأدنى من التماسك الوطني الّذي هو المبرّر الإساس لقيامه كدولة مستقلّة. ونرى كذلك انتشاراً لآفة الفساد يكاد يقضي على فعاليّة جميع مؤسسات الحكم الأساسيّة في الدولة واضعاً لبنان على مشارف الدول الفاشلة إن لم يكن في مصافها.

السبب الرئيس للتفكّك الاجتماعي هو تجذّر ثقافة طائفيّة يعزّز انتشارَها وتعميقَ جذورها نظامٌ سياسي يضمن نموّ الهويّات الفرعيّة المانعة من توحّد المجتمع، أقلّه إزاء القضايا والمخاطر الكبرى. تفكّك يذهب بمناعة المجتمع وقدرته على مواجهة التحدّيات، الداخليّة منها والخارجيّة. أمّا انتشار الفساد وتجذّره فسببه غياب حكم القانون، نصّا وتطبيقاً. وتعطيل مؤسسات الحكم الديمقراطي في الدولة، أي المشاركة الشعبيّة في الحكم.

فإلى أيّ مدى ينعكس وعي الناخب اللبناني لهذه العلل وهذه المعوّقات في الدوافع التي تكوّن خياره عندما يدلي بصوته في صندوق الاقتراع؟ هناك أدلّة قاطعة بأنّ الدوافع الأساسيّة للناخب اللبناني هي في الغالب الأعمّ تدفع به إلى اختيار القوى الضامنة لاستمرار حكم الإقطاع الطائفي وهيمنة قوى الفساد.

الثقافة الاجتماعيّة السائدة، والنظام السياسي وكذلك قانون الانتخاب، كلّها تجعل من تعزيز نموّ الهويّات الفرعيّة، والانغلاق الطائفي عن الآخرين دوافع أساسيّة في تكوين خيار الناخب عند الإدلاء بصوته. ولننظر إلى نشاط الأحزاب والحركات الأكثر نشاطاً في الحقل العام والأكثر تمثيلاً في الحكم في لبنان. نرى أوّلاً أنّ الأحزاب والحركات والتيّارات الممثّلة بكثافة في الحكم، والتي تهيمن على الأكثريّة الساحقة من الناخبين، تشكّل العامود الفقري للنظام السياسي الحافظ لاستمراريّة الثقافة والممارسات الطائفية الضامنة لاستمرار تفكّك المجتمع ومنعه من السير في طريق نضوج حكم يمقراطي وبناء مؤسسات فاعلة لضمان الحقوق والحرّيات لجميع المواطنين.

لذلك يحقّ لنا أن نسأل ما عدد أعضاء الأحزاب والتيّارات والحركات القابضة على نواصي الحكم الّذين يمكن اعتبارهم أعضاء عابرين للطوائف والمذاهب في انتمائهم الحزبي ونشاطهم السياسي؟ وأين هي برامج هذه الأحزاب والتيّارات والحركات التي يُعمل على تحقيقها بهدف تغيير فعلي للنظام الطائفي المانع من تماسك المجتمع والذاهب بمناعته حيال ما يواجه من تحدّيات؟ وأين هي إنجازات هذه الأحزاب والتيّارات والحركات في إزالة معوّقات التطوّر نحو إقامة مؤسسات حكم فاعلة تضمن وحدة المجتمع وأمنه واستقراره؟

أودّ الآن التركيز على العلّة الأكثر خطراً والمعوّق الأكثر تأثيراً في منع بناء مؤسسات الدولة الضامنة لحقوق ومصالح شعبها ألا وهي آفة الفساد.

الفساد السياسي ليس فقط انحرافاً عن طاعة القوانين واغتراباً عن قواعد أخلاقيّة-عقلانيّة ومبادئ أساسيّة في الدولة الحديثة، لكنّه يتجلّى أكثر ما يتجلّى في تلاعب السلطات الحاكمة بصياغة القوانين وبكيفيّة تطبيقها، وكذلك بعمل مؤسسات الدولة، جاهلين أو متجاهلين احترام مبدأ تجنّب تعارض المصالح. ولعلّ السبب الرئيس لانتشار الفساد في لبنان، هو غياب حكم القانون وثقافة حكم القانون على الصعيدين الرسمي والشعبي، وخصوصاً فاعليّة القواعد القانونيّة واجبة التطبيق في مسآلة الحاكم وتقييم عمله.

فحكم القانون هوانعكاس للنضج السياسي في المجتمع وتعبير عن إرادة الشعب في الحكم الذاتي، ويسود في الدول التي بلغت مرحلة متقدّمة من تنمية القيم والمؤسسات الديمقراطيّة والمشاركة الشعبيّة في الحكم. فحكم القانون بما يحتوي من قيم وأهداف، هو انعكاس للإرادة الشعبيّة ورمز سيادتها، وهو الحاكم الفعلي في الدولة التي اختارت نظاماً ديمقراطيّاً.
غياب حكم القانون، لا بل جهل المسؤلين والنخب المثقّفة لأهمّية حكم القانون كمعبّر عن الإرادة الشعبيّة وحافظ للحقوق والواجبات في المجتمع، هو برأيي من أهمّ معوّقات التطوّر في لبنان، كما في محيطه العربي. فالقانون نصّاً وتطبيقاً، هو وسيلة هندسة اجتماعيّة، وهو الطريق الأفعل والأسلم والأرقى لكلّ تغيير في المجتمع. والقانون هو وسيلة توضيح وتعديل في العلاقة بين المواطن والدولة، وبين المواطنين فيما بينهم. وهو وسيلة إنشاء المؤسسات، وتطبيقه بدقّة هو ضمان فعاليّتها. وهو كذلك الضامن الفعلي لحقوق المواطنين ونموّهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

والجهل بأهمّية القانون، وغياب ثقافة حكم القانون في لبنان، هما من موانع إقامة عقد اجتماعي فاعل في دولة يكون هو الرابط القيمي فيها، والجاذب الأساسي في النتماء الوطني، والمانع من نموّ هويّات وانتماءات فرعيّة تعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي، كما نشاهد ونعيش، مسهّلاً بذلك بلوغ أهداف من لا يريد سلاماً أوّ تقدّماً في لبنان.

ولعلّ الملاحظة الأهمّ الواجب التوقّف عندها، عندما نفكّر في بناء دولة ذات ركائز صلبة، تكمن في ديناميكيّة العلاقة بين الفساد وحكم القانون، علاقة تفرض صراعاً وجوديّاً بين الإثنين. فالفساد يمنع تبنّي قوانين تحدّ من مضاره، ويعمل على إضعاف المؤسسات المولجة بالتطبيق الفعّال للقوانين. وترسيخ ثقافة حكم القانون وتطبيق القانون بفعاليّة، هما أضمن الوسائل للقضاء على الفساد. وفضلاً عن دوره في إضعاف أو تغييب حكم القانون، يشكّل الفساد مانعاً أساسيّاً من بناء حكم ديمقراطي. فالشفافيّة والمسآلة والانفتاح التي هي من أهمّ مقوّمات الحكم الديمقراطي، أيّ المشاركة الشعبيّة في الحكم، هي كذلك عناصر أساسيّة في نجاح محاربة الفساد.

وللفساد السياسي تأثير سلبي جدّاً في العلاقة بين الحاكم والمحكوم وفي تدنّي الثقة بمؤسسات الدولة. كما أنّ انتشار الفساد في المجتمع يحدّ من حماس المواطنين ويبعدهم عن الاشتراك في تفعيل مؤسسات الحكم وعن المشاركة الفاعلة في العمليّات الانتخابيّة. وهو يشجّع على تعزيز العلاقة الزبائنيّة بين المرشّح والناخب.
وفي المجتمع الّذي يعمّ فيه الفساد وتتدنّى ثقة المواطن بمؤسسات الدولة ونظامها السياسي، تعتري صورة الأحزاب والمنظّمات السياسيّة، أي أدوات التغيير الأساسيّة، ضبابيّة بسبب سواد الاعتقاد بأنّ جميع السياسيّين فاسدين. ففي هذا المناخ يتحوّل اهتمام الناخب للمرشّح الذي يعتبره الأفضل بالنسبة للمعايير والأولويّات التي تشكّل لديه الدوافع الأهم للاقتراع، فتصبح الدوافع مرتبطة بمصالح شخصيّة مع أفراد وليس بمؤسسات، وتتعزّز مزيداً العلاقة الزبائنيّة بين الناخب والمرشّح. وفي المجتمعات التي يعمّ فيها الفساد السياسي يتمسّك شاغل المنصب بمنصبه بسبب سيطرته على موارد ماليّة يستغلّها في تعزيز العلاقة الزبائنيّة مع بعض القوى الناخبة حتّى لو كان مثل هذا السلوك يعاقب عليه القانون.

فإزاء مخاطر الفساد هذه على وحدة المجتمع وعلى تفعيل طاقاته وتسهيل مسار تطوّره، ما هي احتمالات النجاح في مكافحة الفساد؟
النجاح في مكافحة الفساد هو رهن نضوج وتفعيل مؤسسات الحكم الديمقراطي، وخصوصاً مؤسسات الرقابة والمحاسبة، التي تحدّ من القدرة على استغلال الوظيفة العامّة لجمع الثروة وتوسيع النفوذ. فتطبيق مبدأ فصل السلطات بدقّة يعزّز الشفافيّة في الممارسة السياسيّة وتوافر المعلومات عن ممارسة كافة السلطات في الدولة. والشفافيّة تسهّل نشر المعلومات عن الفساد والمطالبة بالمحاسبة، فتصبح دوافع الملاحقة والمحاسبة أكثر إلحاحاً، ويتحوّل الفساد بالنسبة للفاعل من خطر ضئيل إلى خطر جسيم.

هناك دراسات عدّة، وفي مجتمعات مختلفة، تثبت أنّ المجتمعات الناضجة سياسيّا تعاقب المسؤول الفاسد وتبعده عن السلطة، وترى أنّ المحاسبة السياسيّة نافعة وضروريّة لأنّها تقرّب المسافة بين الحاكم والمحكوم، فيصبح الحكم فعلاً تعبيراً عن إرادة ومصلحة شعبيّة. وهي تولي الانتخابات اهتماماً خاصاً وتعتبرها ممارسة فعليّة للمشاركة الشعبيّة في الحكم. كما أنّ هناك دراساتٍ وابحاثاً عدّة تثبت أنّ انتشار الفساد في الديمقراطيّات الناضجة هو أدنى بكثير منه في مجتمعات لم تبلغ بعد حدّاً متطوراً من ترسيخ الحكم الديمقراطي والوعي للقيم التي تبرّر وجود موؤسساته.

لكن لا يجوز الجزم أنّ المعرفة بفساد المسؤول ضمان لعدم إعادة انتخابه وإبعاده عن السلطة. فجهل الناخب لمخاطر الفساد بعامة، كما العلاقات الاجتماعيّة والثقافات السائدة في المجتمع قد يكون لها التأثير الأكبر في إيصال المرشحّين الفاسدين إلى سدّة الحكم. خصوصاً عندما يكون المرشّح قد نجح في جعل بعض الناخبين، أو جعل من له سيطرة على أصواتهم، شريكاً في ريع فساده. ويتكرّر ذلك عندما لا يكون الناخب قد بلغ حدّاً أدنى من النضج السياسي ووعي القيم والأهداف والوظائف الأساسيّة لمؤسسات الحكم الرشيد في الحفاظ على مصالحه ومصالح مجتمعه بعامة.

يعاني لبنان من علل عدّة وعلى رأسها تفكّك اجتماعي وفساد هو العلّة الأساس في عدم فاعليّة مؤسسات الحكم فيه. فما هي بوادر العمل من أجل الانتقال إلى نظام حكم، ووطن يشعر فيه المواطن أنّه مشارك أساسي في تقرير مصيره؟

للأسف ليس من بوادر جهود تَعِدُ بالنجاح في علاج هذه العلل. فالنخب اللبنانيّة والمؤسسات التي يفترض بها أن تكون أدوات التغيير الأساسيّة، هي إمّا في حالة غيبوبة أو تعاني من عجز مزمن عن الإتيان بالخطط والبرامج الأكثر ملاءمة للعلاج.
أنّ ردود فعل المجتمعات الحيّة حيال التحديّات الكبرى وما يواجه المجتمع من صعوبات ومخاطر، تنعكس عملاً منظّماً وفاعلاً للنجاح في مواجهة التحديّات والتغلّب على الصعوبات. فباستثناء بعض المحاولات الخجولة، ليس في لبنان دليل على أيّ نشاط مجد في هذا الاتجاه، والسبب الأساس في ذلك هو غياب الثقة بالنفس، والشعور بالمسؤليّة عن تغيير الواقع وخصوصاً غياب الربط بين الجهد والنتيجة في كل ما يبذل من جهد وما يرجى من نتائج في إصلاح ما يجب إصلاحه.

يبقى واضحاً أنّ قوى التغيير، أي القوى التي تحمل شعار الدفاع عن مصالح الوطن والمواطن، والتي عليها العمل على تفعيل مؤسسات الحكم بما يضمن مشاركة شعبيّة فاعلة هي في حالة عجز مخجل عن التغلّب على القوى ذات المصلحة في استمرار التفكك الاجتماعي وتفشي الفساد وفي تعطيل مؤسسات الحكم وتعطيل مشاركة شعبيّة فاعلة فيه. الإصلاح ممكن وضروري ولكنّ الجهد اللّازم من أجل ذلك هو رهن وعي وإرادة وعزم النخب اللبنانبّة بالدرجة الأولى.

*أستاذ محاضر في القانون/جامعة جورجتاون في واشنطن.

Optimized by Optimole