احتدام المواجهة بين روسيا وتركيا في إدلب

Spread the love

بقلم: توفيق المديني/
لا تزال الحرب الوطنية المستعرة التي يخوضها الجيش العربي السوري وحلفاؤه منذ ديسمبر 2019 ،لتحرير محافظة إدلب ريفاً ومدينةً من سيطرة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية المدعومة من نظام أردوغان وحزبه “الإخواني”،تعمق شقة الخلاف بين روسيا وتركيا،بسبب عدم التزام نظام أردوغان بتطبيق اتفاق آستانة الموقع في 17ستمبر/ أيلول 2018،والذي ينصُّ على تسهيل تركيا إعادة فتح الطرق الدولية السريعة الرئيسة في إدلب “إم 5 الذي يربط بين حلب و دمشق، و إم 4 الذي يربط بين حلب واللاذقية”وترتّيب انسحاب “هيئة تحرير الشام”(جبهة النصرة سا بقا) وأسلحتها الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح المزمعة.
ومنذ كانون الثاني/يناير 2019، تمكّنت “هيئة تحرير الشام” الإرهابية من كسب أرض في أنحاء إدلب، معززة بذلك هيمنتها على المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية، عندما تخلى مسلحون مدعومون من تركيا عن أراضٍ لهم بعد ما يزيد قليلا على الأسبوع من القتال.وبالتالي، فإنَّ الفشل التركي لم يقتصر على عدم القدرة على احتواء “هيئة تحرير الشام”، وإنما الفشل حتى في منع المجموعة الإرهابية من التوسع والتمدد.
مفاوضات أنقرة في ضوء إصرار أردوغان على بقاء الاحتلال التركي
في هذا السياق المفاوضات بين الوفد الروسي و الوفد التركي في أنقرة بشأن إدلب،التي جرت على “حد السكين” يوم الأربعاء 26 فبراير 2020 بالفشل ،بسبب اتساع التباين بين موسكو وأنقرة ،الأمر الذي سيعمق الأزمة السورية. ففي كلمة له أمام نواب حزبه، العدالة والتنمية الحاكم، في البرلمان قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنَّ بلاده لن تتراجع خطوة واحدة في إدلب، مؤكدًا إنَّ “أكبر أزمة نواجهها حاليا في إدلب هي عدم قدرتنا على استخدام المجال الجوي، وسنتجاوزها قريبا” حسب زعمه، مجدداً مطالبته بانسحاب الجيش العربي السوري إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية، والسماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم.
وقال أردوغان إنَّ تركيا ستحرر محيط نقاط المراقبة بحلول نهاية شباط/ فبراير2020. وشدَّد أردوغان على “أن بلاده لا تطمع بنفط جارتها الجنوبية أو أراضيها، “،وما تسعى إليه هو “تحقيق السلام والأمان للسوريين على أراضيهم”.واتهم الرئيس التركي روسيا بعدم الاكتراث للمشكلة الإنسانية في إدلب.
وفي حديث آخر للصحافيين في أثناء عودته من زيارة الثلاثاء لأذربيجان، قال أردوغان إنه لم يُؤكَّد بعد انعقاد القمة الرباعية المنتظرة بين بلاده وألمانيا وروسيا وفرنسا، حول إدلب في 5 مارس/آذار المقبل. وأضاف: “احتمال كبير أن تجري المحادثات حول إدلب في إسطنبول في 5 مارس، وأن تكون على شكل محادثات ثنائية ورباعية”.
وفي ما يخص اللقاءات التركية والروسية في موسكو وأنقرة، قال أردوغان إنّ من المكن إجراء اتصال هاتفي بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بناءً على نتائج المحادثات القائمة بين الوفدين. وأكد قائلاً: “إننا نريد تطبيق كل ما ينص عليه اتفاق سوتشي، ومن غير الممكن أن نقدّم تنازلات في هذا الخصوص، فنحن نوجد هناك (في سورية) بموجب اتفاقية أضنة المبرمة عام 1998 بين أنقرة ودمشق”.
لكن المراقبين للوضع الميداني يرون أنّ الخلاف يزداد تعقيداً بين روسيا وتركيا حول ملف إدلب، بالتوازي مع إصرار الجيش العربي السوري وحليفه الروسي على القضاء على التنظيمات الإرهابية في محافظة إدلب،واستمراره في استهداف النقاط والأرتال التابعة للاحتلال التركي ،في مقابل استمرار نظام أردوغان دعمه للتنظيمات الإرهابية هناك،التي تلقت العديد من الهزائم العسكرية في الميدان،ما جعل السلطان العثماني الجديد يجاهر بقيادة الحرب الإرهابية على سورية وهذا ما يفسره مشهد التهديد والوعيد، وإرسال المزيد من القوات التركية المحتلة لمواجهة الجيش العربيلا السوري وعرقلة تقدمه على محاور القتال.‏
أردوغان المستمر في تنفيذ المشروع الأمريكي-الصهيوني في سورية بواسطة التنظيمات الإرهابية و التكفيرية التي يدعمها و يسلحها، يريد إبقاء إدلب بؤرة دائمة لإرهابييه، وهذا ما ترفضه بشكل قاطع الدولة الوطنية السورية، وروسيا أيضاً، وظهر ذلك بكل وضوح خلال الاجتماعات الأخيرة بين الجانبين الروسي والتركي. ويبدو أن مقتل أكثر من 50 من الجنود الأتراك في شهر فبراير/شباط 2020بنيران الجيش العربي السوري قد أثار حفيظة أنقرة بدرجة أكبر، وجعل المسؤولون الأتراك يجاهرون بادعائهم أنَّهم سيعمدون إلى قصف مواقع سورية انتقاماً لما جرى، وبشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض، تعمل تركيا كمدافع عن المجموعات الإرهابية.‏
ويصر أردوغان على احتلاله للشمال الغربي من سورية ، بهدف منعه من تكوين “الميلشيات الكردية” وخاصة “وحدات الشعب الكردية” (YPK) التابعة للاتحاد الديمقراطي،الذي تعتبره تركيا فرعًا سورياً ل”حزب العمال الكردستاني التركي”(PKK) كيان شبيه بالدولة على حدود تركيا،وهو ما يهدّد الأمن القومي التركي على المديين، المتوسط والبعيد، وهو ما أنجزته بالفعل في عمليتي درع الفرات 2016 وغصن الزيتون في 2018، وبتسليم المناطق الكردية المحاذية للحدود التركية ،حيث هددت تركيا بـ”ممارسة حقها” في ملاحقة المتمردين الأكراد الأتراك داخل سورية في حال الضرورة.
كما يريد نظام أردوغان إقامة ما يسمى”المنطقة الآمنة” بهدف وقف تدفق اللاجئين السوريين الفارين من الحرب إلى الحدود التركية،وإبقاؤهم في إدلب، وهو ما لم يحدث،وقد كان هذا هدف عمليتها نبع السلام 2019 والتي لم تأتِ بسلام أبدًا، ولم تحقق المصلحة التركية.
لقد ظل أردوغان رئيس النظام التركي يُردِّدُ ذات النغمة المشروخة، لكن الرئيس التركي منغمس في تنفيذ المشروع الأمريكي -الصهيوني في سورية على الرغم من هزيمته ، ولا سيما أنّ تركيا تحظى بالدعم القوي من الولايات المتحدة الأمريكية ،وهنا لا بد لنا أن نستذكر أن أساس الحرب في سورية كان سببها التدخل الأجنبي،إذ أجَّج أعضاء الناتو،ومنهم الولايات المتحدة وتركيا، الحرب من خلال رعايتهم السرية لمجموعات إرهابية رغم ادعاء مسؤوليهم بمحاربة الإرهاب.‏
وقد جاء في عناوين وسائل الإعلام التركية قبل أسبوع: (ترامب يشكر أردوغان لتفاديه كارثة في إدلب)، ولا شك أن ذلك تشويه وتزييف لما يحدث في سورية، لكنه بذات الوقت يظهر وقوف واشنطن إلى جانب أنقرة، خاصة في ضوء ما أعرب عنه الرئيس الأميركي لأردوغان من رغبة تحدوه في إنهاء روسيا دعمها العسكري لسورية.‏
صلابة الموقف الروسي من محاربة الإرهاب
في ظل التهديدات التي باتت تشكلها الحركات الإرهابية و التكفيرية المدعومة من قبل قوى إقليمية و دولية معروفة ،على وحدة الدولة و المجتمع في سورية، اعتبر الرئيس فلاديمير بوتين أن بقاء الدولة الوطنية السورية و عدم انهيارها، مسألة حياة أو موت لروسيا، إنّها قضية وجود لروسيا التي تعتقد أنّ خروجها من سورية خروج من كلّ المنطقة العربية. وفضلاُ عن ذلك، فإنّ الاستقرار في سورية يعزز الاستقرار في المناطق الجنوبية من روسيا ذات الأغلبية السكانية المسلمة.وانطلاقا من الأخطار المحدقة بسورية، بسبب الحرب الطاحنة التي تدور رحاها منذ تسع سنوات على الأراضي السورية، ترفض روسيا فرض أي تغييرات في بنية الدولة الوطنية السورية ، أو دستورها، أو التركيبة الديموغرافية لها بل حرصت موسكو على أن يمر دعمها الأخير عبر تدعيم مؤسسات الدولة السورية، وعلى رأسها الجيش العربي السوري، إيماناً منها أن الهدف الرئيس من الحرب الدائرة هي تفكيك الدولة الوطنية السورية ، و تقسيمها على أسس طائفية ومذهبية و عرقية .والحال تدعم روسيا بقاء الدولة الوطنية السورية وليس دفعها للتشظي.
ترى موسكو في الأزمة في سورية باباً لاجتراح المبادرات وهي تتقاسم الرؤى عينها مع الدولة الوطنية السورية: محاربة الإرهاب وهزيمته هما المدخلان الحقيقيان لإيجاد تسوية سياسية للأزمة، مع التأكيد على أن دور الجيش السوري والرئيس الأسد يعتبر جوهريًا في هذه العملية.
وفي نطاق تمسك روسيا بهذه الاستراتيجية في محاربة الإرهاب التكفيري، جدَّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التأكيد على ضرورة القضاء على الإرهاب في إدلب داعيا المجتمع الدولي إلى مساهمة حقيقية في مكافحة الإرهاب الذي يشكل تهديدا للأمن والاستقرار في العالم.
وأشار لافروف في كلمة أمام الدورة الـ 43 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف أمس إلى أن بعض الدول تدعم الإرهابيين لتنفيذ أجنداتها الخاصة كما هو الحال في محافظة إدلب، مشددًا على ضرورة القضاء على الإرهاب فيها،واعتبر النصائح حول إمكانية التوصل إلى هدنة مع الإرهابيين في إدلب استسلامًا للإرهابيين، مشيرًا إلى أنَّ مثل هذه الأعمال لا تعتبر اهتماما بحقوق الإنسان و “لكنها استسلام للإرهابيين أو حتى تشجيع لأنشطتهم وهو انتهاك صارخ للاتفاقيات والقرارات الدولية لمجلس الأمن الدولي.‏
ولفت لافروف إلى أنَّ انتشار الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتدخل الناتو في ليبيا أدى إلى أزمة هجرة وعلى أوروبا العمل على التخلص من الأسباب التي أدت إلى ذلك عبر إيجاد حلول سياسية للأزمات الدولية على أساس الحوار والالتزام بميثاق الأمم المتحدة لا عن طريق استخدام شعارات حقوق الإنسان في الألعاب السياسية.‏
وشدَّد لافروف على ضرورة بناء العلاقات الدولية على أساس التعاون والاحترام المتبادل والتخلي عن سياسة المعايير المزدوجة لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن والاستقرار الدوليين.‏
وكان لافروف قد أكد يوم الثلاثاء 25فبراير/شباط 2020أن إرهابيي تنظيم “جبهة النصرة” المدرج على قائمة مجلس الأمن للكيانات الإرهابية ينتشرون في إدلب ويستهدفون المدنيين في المناطق المجاورة ومواقع الجيش السوري وقاعدة حميميم، مشددا على ضرورة تطبيق اتفاق سوتشي والقضاء عليهم في إدلب وفي أي مكان يتواجدون فيه.‏ وأعرب لافروف عن قلقه من دعم الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة لتنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي لتحقيق أجنداتهم الجيوسياسية في سورية.‏
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكَّد خلال اتصال هاتفي مؤخرا مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان ضرورة الاحترام غير المشروط لسيادة سورية وسلامة أراضيها معــــربًا عن قلقه البــــالغ إزاء استمرار اعتداءات الإرهابيين في محافظة إدلب فيما حذرت وزارة الخارجية الروسية النظام التركي من مغبة دعم اعتداءات الإرهابيين في إدلب والاستمرار في إطلاق التصريحات الاستفزازية حول الوضع فيها.‏
وبحسب ما نقلت “رويترز”، فإن الكرملين أعلن الجمعة 28فبراير2020أنّ الرئيسين بوتين وأردوغان قد يلتقيان الأسبوع المقبل في موسكو على خلفية تصاعد التوتر في سورية. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، وفق ما نقلت عنه وكالات أنباء روسية، “يجري حالياً الإعداد على أعلى مستوى للقاء محتمل في موسكو في 5 أو 6 آذار/مارس”2020
ويأتي الإعلان عن اللقاء إثر تصاعد الأحداث خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، نتيجة مقتل نحو 33 جندياً تركيا بإدلب إثر قصف تعرضوا له من قبل الطيران السوري.
فيما أعربت وزارة الخارجية الروسية عن شكوكها بجدوى انضمام فرنسا وألمانيا ودول أخرى إلى المباحثات الروسية التركية حول الوضع في إدلب. وقالت المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا: “إذا كان الحديث يدور حول المباحثات الثنائية فيجب أن يتم إيجاد الحلول بصيغة ثنائية”. وأشارت إلى أن دولاً أخرى غير روسيا وتركيا لم تلعب “أي دور حاسم” في تسوية الوضع على الأرض بسورية، وتساءلت: “ما الهدف من توسيع الصيغة الثنائية؟”.
خاتمة:
يجمع المحللون في المنطقة،إنَّ أنقرة وموسكو دخلتا مرحلة الاشتباك العلني بينهما في إدلب، وذلك عقب التطورات الأخيرة،إِذْسيطر الجيش العربي السوري وحلفاؤه خلال الأيام القليلة الماضية على مساحة تقدر بنحو 1800كيلومتر مربع،وعلى 30 بلدة وقرية، في ريف إدلب الجنوبي،وتوغل في منطقة جبل الزاوية التي تضم نحو 35 بلدة وقرية.
ومع التقدّم الذي حققه الجيش العربي السوري الذي سيطرعلى كامل منطقة جبل شحشبو في ريف حماة الشمالي الغربي، الذي يعد امتدادًا لجبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وتقع سلسلة جبال شحشبو في موقع استراتيجي يطل على سهل الغاب، إِذْ إِنَّ السيطرة عليها تعني تأمين ريف حماة الشمالي بشكل كامل/ما يُفْسِحُ في المجال لتحرير ريف إدلب الجنوبي كاملا، فضلا عن تحرير ريف اللاذقية الشمالي.ويُعَدُّجيل شحشبو بوابة ريفي إدلب الجنوبي (جبل الزاوية) اللاذقية الشمالي (جبهة الكبينة)، حيث أن “المنطقة في غاية الاستراتيجية لكونها مرتفعة محاطة بمناطق سهلية”.
ومن يسيطر على جبل شحشبو الاستراتيجي والممتد بين ريف حماة الشمالي الغربي وريف إدلب الجنوبي الغربي، يشرف نارياً على أغلب المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية
في منطقة سهل الغاب شمال غربي حماة، والتي من الممكن أن تسقط نارياً بمجرد السيطرة على تلال في منطقة جبل شحشبو المتحكمة لكل الجهات لمسافة عشرات الكيلومترات من الجبل، إِذْ من يسيطر على هذه التلال يتحكم بمناطق ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي.ويقع الجزء الأكبر من مساحة الجبل في ريف محافظة حماة، بنسبة تصل إلى نحو 70 في المئة، أما الجزء الباقي فيُعتبر من ريف محافظة إدلب.
أما روسيا ، فقد أكَّدت أنّها لن تقبل لأنقرة اختراق المجال الجوي السوري الذي تسيطر عليه في إدلب،وستمنعها من ذلك.كما استنكرت روسيا التدخل الأمريكي المؤيد لنظام أردوغان ،وأنَّها ستظل ثابتةً على موقفها في دعم حق الدولة الوطنية السورية في محاربة الإرهاب على أراضيها. ولكون تركيا عضواً في تحالف الناتو العسكري،ووفقاً لبند الدفاع المشترك، طلبت أنقرة مساعدة الولايات المتحدة وأعضاء آخرين في التحالف فيما يتعلق بالوضع في سورية،ولو جرى وحدث ذلك، فإنَّ الحرب على سورية ستأخذ منحى دولياً من المخاطر الهائلة. في ظل ما نشهده من استمرار أردوغان بإطلاق تهديداته ضد سورية وروسيا.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنَّ الولايات المتحدة قلقة للغاية إزاء الأنباء التي أفادت بهجوم على الجنود الأتراك في منطقة إدلب السورية، وإنها تقف إلى جوار تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي.وقال ممثل للخارجية الأمريكية، في بيان: “نقف إلى جوار تركيا حليفتنا في حلف شمال الأطلسي، ونواصل الدعوة إلى وقف فوري لهذا الهجوم الخسيس لنظام الأسد وروسيا والقوات المدعومة من إيران”، في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
وبعدما التقت الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي (الناتو) يوم الجمعة 28فبراير 2020بموجب المادة الرابعة من المعاهدة التأسيسية لحلف “الناتو”، والتي تسمح لأي حليف بطلب مشاورات إذا شعر بتهديد لسلامته الإقليمية أو استقلاله السياسي أو أمنه،عبر حلفاء تركيا الـ28 عن تعازيهم في مقتل الجنود الأتراك، ولكن لم يتم عرض دعم إضافي من “الناتو” خلال الاجتماع.
ودعا الناتو كلاً من سورية وروسيا إلى وقف ضرباتهما، لا سيما بعد تجمع عشرات المهاجرين عند حدود تركيا مع اليونان في مسعى إلى دخول أوروبا.وفي المقابل عززت اليونان وجارتها بلغاريا من الأمن على حدودهما، فيما حذر الاتحاد الأوروبي من أن القتال في شمال سورية قد ينزلق إلى حرب مفتوحة وأن الكتلة المؤلفة من 27 دولة جاهزة لحماية مصالحها الأمنية.
وقال الأمين العام لحلف “الناتو” ينس ستولتنبرغ بعد ترأس محادثات طارئة لسفراء الأطلسي، “الحلف يدين الضربات الجوية العشوائية التي يشنها النظام السوري وروسيا في محافظة إدلب. أدعوهم إلى وقف هجومهم، وإلى احترام القانون الدولي، ولدعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى التسوية السلمية”.وتابع قائلاً “هذا الوضع الخطير لابد أن ينخفض تصعيده، وندعو إلى العودة فوراً إلى اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2018 لتفادي تفاقم الوضع الإنساني البشع في المنطقة.”
وذكر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، في مؤتمر صحافي في بروكسل، أن الحلف سيمنح الدعم لتركيا، العضو بالناتو، بعدما طلبت عقد اجتماع طارئ عقب مقتل الجنود الأتراك، الخميس الماضي.وقال ينس ستولتنبرغ “يقدم الناتو الدعم لتركيا اليوم، وقد عززنا دفاعاتنا الجوية، ولدينا طائرات اواكس تساعد في القيام بدوريات في السماوات، كما أن لدينا زيارات لموانئ، ونقدم الدعم بأشكال أخرى أيضاً. إلا أن الحلفاء يبحثون باستمرار ما يمكن أن يقدموه من دعم اضافي لتركيا”.وبدوره، ندّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، بـ”الغارات الجوية العشوائية للنظام السوري وحليفه الروسي” في محافظة إدلب، داعيا إلى “خفض التصعيد” بعد مقتل 33 جنديا تركيا في الغارات التي شُنّت الخميس الماضي ونسبتها أنقرة إلى النظام السوري.
بالنسبة للدولة الوطنية السورية ، القرار الاستراتيجي يتمثل في مواصلة الحرب لتحرير كل شبر من أراضي سورية الخاضعة للإحتلالين التركي والأمريكي،لا سيما أنّ الحرب ستضع أوزارها عندما تلتزم القوى الأجنبية التي دخلت سورية بشكل غير قانوني وتسحب قواتها بما فيها الأفراد والطائرات والقواعد العسكرية وعملاء المخابرات المركزية ونظرائهم الأتراك.
ولا شك أنَّ تركيا وشركاءها في الناتو على علم تام أن اللعبة قد انتهت،وفشلت مؤامرة تدمير سورية،لكنَّ ثمة أمراً يخشونه جميعاً يتمثل في انتقال المجموعات الإرهابية التي زرعوها في سورية إلى تركيا،مثل السرطان،ومن ثم انتقالهم بشكل جماعي إلى دول أعضاء في الناتو.‏ويعتقد أردوغان المتغطرس أنه على سورية التسامح مع هؤلاء الإرهابيين على أرضها.

مجلة البلاد اللبنانية:تصدر أسبوعيًا عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان، العددرقم 221، تاريخ الجمعة 28 فبراير 2020

Optimized by Optimole