هل تحرق إيران الاتفاق النووي؟

Spread the love

بقلم: حمزة الحاج حسن —
بعد اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب خروج بلاده من الاتقاق النووي الموقع عام 2015 بين ايران ودول 5+1 التي ضمت بالإضافة الى اميركا كلا من روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا عادت المواجهة السياسية بين طهران وواشنطن الى ما قبل الاتفاق .. ليست المرة الأولى التي يتعرض الاتفاق النووي مع ايران الى تراجع الغرب عن تعهداته فقد سبق ذلك اتفاق (سعد اباد عام 2003) واليوم اتفاق خمسة زائدا واحدا يترنح بفعل عدم التزام اميركا بالمعاهدات والاتفاقات الدولية.

اوروبا لم تستطع الالتزام بتطبيق بنود الاتفاق بعد اعلان ترامب الانسحاب في 8/5/2018 رغم إعلانها انها لن تنسحب من الاتفاق كما انها لم تتقدم خطوة واحدة لإنقاذه وهو ما يؤكد ان القارة العجوز مستمرة بعجزها امام الإدارة الأميركية التي كانت اللاعب الأساس في الاتفاق الذي انجز بدبلوماسية “خطوة خطوة” رابح رابح (التنازل مقابل التنازل والمصالح مقابل المصالح )..

لقد اظهرت المفاوضات النوية بين ايران ودول 5+1 قوة الحق التي انتهت بالاعتراف بحق ايران بالطاقة لنووية السلمية وأكدت ان دبلوماسية التفاوض تشكل الحل الأمثل لانهاء الخلافات والنزاعات على الساحة الدولية .. كذلك كشفت اهمية الطاقة الذرية كبديل للنفط واظهرت الثروة العلمية التي راكمها الشعب الإيراني على مر السنوات وقد حصدت ايران من الاتفاق النووي ما زرعت, فدخلت النادي النووي بقدراتها البشرية والعلمية وفتحت لها أبواب الخروج من نفق الحصار والعقوبات وانتزعت اعترافا بدورها وموقعها على الساحة الإقليمية / في المقابل ترى الدول الغربية ان الاتفاق ابعد ايران عن القنبلة النووية وسيفتح الاسواق الإيرانية بمواردها امام الاستثمارات الغربية ..

لكن لماذا خرجت اميركا ترامب من الاتفاق ؟

أولا- مع بداية تطبيق الاتفاق هرعت الشركات الأوروبية لتحجز مكانها في الاستثمارات الإيرانية فيما بقيت الشركات الأميركية خارج الحدود الإيرانية وبالحسابات التجارية التي ينتهجها الرئيس ترامب يعتبر ان الاتفاق حرم بلاده المكاسب الاقتصادية لحساب الشركات الأوروبية والروسية والصينية .

ثانيا- توقيع الاتفاق مع ايران في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما اعتبره الحزب الديمقراطي انتصارا لخيارات الدبلوماسية على خيارات الحرب للحزب الديمقراطي في عهدي الرئيسين بوش الاب وبوش الابن لحماية المصالح الأميركية وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها واشنطن مع دولة في الشرق الأوسط انطلاقا من المصالح الأميركية وليس بناء على المطالب الإسرائيلية .

ثالثا- تقاطع المصالح بين إدارة ترامب وإسرائيل وحلفائهما من العرب دفعت الإدارة الأميركية الى اعلان الخروج من الاتفاق ورفعت سيف العقوبات وزادت عليه التهديدات وعرض العضلات في مياه الخليج لتنتهي بإعلان ترامب ان بلاده تريد المفاوضات للتوصل الى اتفاق جديد مع ايران بشأن برنامجها النووي يسمح لبلاده بخفض المكاسب الاقتصادية والسياسية لإيران في المنطقة ويدرج الصناعات الصاروخية الدفاعية على جدول المفاوضات كجزء من أي اتفاق مع ايران .

في مقابل التصعيد الأميركي قررت ايران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي مع الدول الكبرى وتوقيف الحد من مخزونها من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب وكشف الرئيس حسن روحاني في رسائل إلى زعماء الدول الخمس المشاركة بالاتفاق أن بلاده لن تبيع اليورانيوم المخصب والمياه الثقيلة لدول أخرى بعد الآن.

تدرك ايران أن إدارة ترامب تريد اخضاعها وجلبها الى المفاوضات من موقع الضعيف وتعرف ان مكاسبها في مواجهة الإرهاب وانتصار حلفائها في محور المقاومة في اكثر من ميدان يؤرق اميركا وحلفاءها.

ويؤكد العارفون ان صراخ إدارة ترامب يهدف الى كسب اكبر في الشارع الأميركي على ابوب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في الخريف المقبل, لكن في المقابل وضعت ايران سقفا زمنيا للدول الموقعة على الاتفاق لتنفيذ التزاماتها قبل أن تخرج من الاتفاق وربما العودة الى تخصيب اليورانيوم بنسبة 80 في المئة .. ولأن التحدي بالتحدي قالها مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي “ان خرجت اميركا من الاتفاق النووي فسوف نحرقه” .

صحافي لبناني.

Optimized by Optimole