ما بعد سحب السلاح الثقيل من إدلب

Spread the love

بقلم توفيق المديني —

في إطار تطبيق الاتفاق الروسي-التركي (اتفاق سوتشي)حول إدلب، أعلنت وزارة الدفاع التركية، يوم الأربعاء 10أكتوبر الجاري ، استكمال سحب الأسلحة الثقيلة من خط التماس في محافظة إدلب ، بهدف إنهاء التوتر فيها ، وإزالة أي مخاطر لوقوع اشتباكات،وإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب السورية بعمق 15-20 كيلومترا على طول خطوط التماس في منطقة خفض التصعيد بالمحافظة.
وأضافت الوزارة ، حسب ما نقلته وكالة “الأناضول” الرسمية، إن تركيا بصفتها دولة ضامنة لعملية أستانا أوفت بمسؤولياتها بموجب الاتفاق. كما شدد بيان وزارة الدفاع أن تركيا تواصل أنشطتها الرامية لإرساء السلام الدائم والمستدام في إدلب السورية في إطار اتفاق سوتشي.
ففي 17 سبتمبر الماضي أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، عقب لقائهما داخل منتجع سوتشي، عن التوصل إلى اتفاق حول إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين أراضي سيطرة الحكومة السورية والمعارضة المسلحة في محافظة إدلب شمال غرب البلاد.وينص الاتفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15-20 كيلومترا على خطوط التماس بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة عند أطراف إدلب وأجزاء من ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي وريف اللاذقية الشمالي، (عبر الروس ضمن الأتراك شريطاً حدودياً يمتد من جرابلس حتى منطقة ربيعة قرب بلدة كسب في محافظة اللاذقية على طول الحدود السورية- التركية فيه وجود تركي عسكري مع أتباع سوريين محليين من الاسلاميين يتبعون سياسياً لأنقرة) وذلك بحلول 15 أكتوبر الجاري، وتتمثل المرحلة الأولى من العملية بسحب كل الأسلحة الثقيلة من تلك الأراضي حتى 10 أكتوبر.
ويقضي الاتفاق أيضا بأن تسير روسيا تركيا، الدولتان الضامنتان إلى جانب إيران لعملية أستانا الخاصة بتسوية الأزمة السورية، دوريات مستقلة في المنطقة منزوعة السلاح بالتنسيق بينهما، على غرار الدوريات التي تجريها القوات التركية والأمريكية في منطقة منبج شرقي حلب.وأوقف هذا الاتفاق شن هجوم من الجيش العربي السوري على إدلب، التي تشكل المعقل الأخيرللتنظيمات الإرهابية والتكفيرية في سورية، بعد تحذيرات دولية من أن إطلاق العملية سيتسبب بكارثة إنسانية خطيرة في المنطقة التي يقطنها حوالي 3.5 ملايين نسمة.
انحصار هامش المناورة لأردوغان العثماني
تسود الآن حالة من الهدوء على جبهة إدلب بفعل اتفاق التهدئة بين روسيا وتركيا، بعد سحب السلاح الثقيل من شريط يتراوح عرضه بين 15 و20 كم ، إذ يعتقد المحللون أن تركيا قدمت تنازلات كبيرة لموسكو، ومن خلفها دمشق،لا سيما أن هذه الخطوة تمثل انتصارًا للدولة الوطنية السورية الباحثة بأي وسيلة لإنهاء الحرب في سورية ، وإعادة توحيد البلاد، في ضوء بقاء الجيش العربي السوري بكامل أسلحته الثقيلة . لأن هذا الاتفاق مؤقت، كما أوضح الرئيس بشار الأسد، وهذا يعني أن الفصائل المسلحة ستكون أضعف بالضرورة بعد انتهاء الاتفاق، وعودة العمل العسكري من جانب الجيش العربي السوري وحلفائه.
في الحسابات التركية،كانت أنقرة تريد تأجيل الاقتحام العسكري للجيش العربي السوري لتحرير إدلب إلى ما بعد الانتخابات البلدية المقبلة ، كي لا يؤثر على نتائجها سلباً.ورغم أن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد أن يقدم الرئيس التركيرجب طيب أردوغان تنازلات لموسكو، فإنّ واشنطن يهمها كذلك أن تبقى أنقرة غارقة في مستنقع إدلب، كي لا تعترض على ما يجري على حدودها الجنوبية الشرقية، في شمال العراق وشمال شرق سورية، في المناطق ذات الغالبية الكردية، التي يحكمها حلفاء واشنطن عموماً.
ويعمل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان على تقسيم المجتمع الدولي إلى موال للأطرحات التركية و معارض له ، على أساس أنه المتحكم الرئيس في المشهد السياسي والعسكري بإدلب، متناسيًا الدور الذي لعبه في جعل تركيا ممرًا استراتيجيًا لتدفق شتى الإرهابيين من كل أصقاع الدنيا باتجاه سورية طيلة السنوات السبع الماضية،و في تنفيذ المخطط الأميركي-الصهيوني-الخليجي، الذي كان يستهدف إسقاط الدولة الوطنية السورية، وتفتيت سورية إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية..
في زيارته للقاهرة في تشرين الأول 2011 ظهر أردوغان بمظهر السلطان سليم الأول عام 1517. لم تكن (الريدانية) ممكنة لولا (مرج دابق)، وبالتأكيد كان انكسارموجة “الإخوان المسلمين”في سورية مع بداية سنة2012، بخلاف ماجرى في تونس ومصر وليبيا واليمن، ومقتل السفير الأميركي في بنغازي على يد الإرهابيين الليبيين في 11أيولل/سبتمبر 2012،ما سحب الغطاء الأميركي عن “الإخوان المسلمين” في العالم العربي،والزلزال المصري الذي أسقط محمد مرسي في 3 تموز 2013،كل هذه الأحداث مجتمعة، جعلت إسطنبول مركزا جديدًا عالميًا لتنظيم الإخوانالمسلمين بقيادة الباشا العثماني الجديد رجب طيب أردوغان، الذي أصبح أردوغان الراعي الأول في المنطقة للتنظيمات الإرهابية التي تقاتل منأجل إسقاطالدولة الوطنية السورية، مستقوية بالإرهابيين العرب والأجانب الذين أتوا سورية بمعظمهم عبر تركيا وبتسهيلات علنية منهابين 2012-2016.
غير أن التحول الذي حصل في سياسة أردوغان من معركة إدلب بكل ما تحمله من تغييرات وتعقيدات ستحدد مصير السياسة العالمية ومصير المنطقة ، جاء بفضل انقلاب موازين القوى في سورية لمصلحة الدولة الوطنية السورية بفضل الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه منذ تحرير حلب في نهاية سنة 2016، مرورًا بتحرير الغوطتين الغربية والشرقية، وكل ريف دمشق ، وجنوب سورية من رجس التنظيمات الإرهابية،وظلت محافظة إدلب هي آخر معركة كان سيخوضها الجيش العربي السوري لتحريرها من سيطرة “جبهة النصرة”وأخواتها من الجماعات الإرهابية، لا سيما أن علاقة أردوغان بالتنظيمات الإرهابية،وتحديدًا “جبهة النصرة”باتت مكشوفة للجميع.
ففي مقاله الصادر في صحيفة “وول ستريت جورنال” تحت عنوان “على العالم إيقاف دمشق “، يحاول أن يسلط الضوء العالمي على ادلب من وجهته، إذ يجادل بأن “جبهة النصرة” (“هيئة تحرير الشام”) هي “جزءٌ من سكان إدلب” وأن طريقة تركيا الوحيدة في التعامل مع جهود مكافحة الإرهاب التي تتطلبها هذه الجيوب يمكن أن تمنع سفك الدماء غير الضروري.‏ في حين أن الدول متخوفة من هؤلاء الارهابيين الذين تقدر اعدادهم بالآلاف والذين ينتمون في ولائهم لتنظيم القاعدة الارهابي ولا يملك المجتمع الدولي معلومات كبيرة وكثيرة عن نطاق عملياتهم أو مدى اندماجهم العام في سكان تلك المنطقة .‏
فما تم تداوله خلال الأيامالأخيرة من قبل بعض وسائل الاعلام التركية عن مغادرة نحو ألف مسلح المنطقة منزوعة السلاح وسحب 100 قطعة من المعدات العسكرية الثقيلة، يتضارب ويتناقض بشكل كلي مع ما تناقلته نفس وسائل الاعلام التركية قبل ذلك بنحو يومين عن قيام الحكومة التركية بجمع بيانات الإرهابيين المتواجدين في إدلب بشكل تفصيلي وكذلك تغييرها لأسماء المجموعات الإرهابية هناك بغية دمجها في مسميات إرهابية جديدة تحت عناوين خادعة كـ “الجبهة الوطنية للتحرير”، التي تضم عدداً من الفصائل القريبة من تركيا، أبرزها “حركة أحرار الشام” و”حركة نور الدين الزنكي” و”فيلق الشام”، أو “الجيش الحر” بهدف دمجها لاحقاً كما يجهد ويتوهم ويطمح أردوغان في المشروع السياسي الوطني السوري.‏
معظم التصريحات التركية خلال الأيام القليلة الماضية تركزت حول تسليط الضوء على جهود اردوغان لإبقاء إرهابييه في سورية من اجل ضمان حضوره وتأثيره في كل الاستحقاقات والاتفاقات الدولية المتوقع إبرامها بشان سورية، على أمل ضمان حصته مما يتوهم ويعتقد مما يطلق عليه كعكة المصالح، وهذا يكفي لوضع النظام التركي في موضع الشك والريبة وتصنيفه في خانة المخادع والمنافق وهما الموقعان اللذان لم يغادرهما أصلا منذ بدء الحرب على سورية.‏
يمكن القول أن لحظة الحقيقة بالنسبة للنظام التركي قد اقتربت، فهاهو (اختبار ادلب) قد وضعه على محك الاختبار مجددا، وما على اردوغان إلا الاستفادة من هذه الفرصة المتاحة والأخيرة لتنفيذ تعهداته والتزاماته على الأرض، وهذا يحتاج إلى إرادة حقيقية وصادقة، كما يحتاج أيضا إلى قناعة تامة بأن خيارات الإرهاب التي أسقطتها وأحرقتها دمشق وحلفاؤها باتت ميتة وفاقدة لأي فاعلية وتأثير يذكر في الميدان لجهة قدرتها على قلب أو تغيير الموازيين والمعادلات والقواعد، وغير ذلك هو دفع بالأمور نحو دائرة التصعيد والنار التي سوف يكتوي بها أردوغان وإرهابيوه ومرتزقته(صحيفة الثورة السورية تاريخ 12تشرينالأول 2018)..
اشتراطات أميركا لإعادة الإعمار في سورية
رغم توقيع اتفاق سوتشي حول إدلب، فإنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكّد يوم الخميس الماضي ،خلال مراسم اعتماد سفراء جدد لدى موسكو أنه تم توجيه ضربة قاضية للإرهاب الدولي في سورية، لافتا إلى أن بلاده تعمل على حل الأزمة فيها بما يضمن سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها.‏ وأعرب بوتين عن أمل موسكو في أن يصبح العمل على إعادة إعمار سورية مهمة مشتركة للمجتمع الدولي، وقال: حان الوقت لإعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية بعد تدميرهما، وعودة ملايين اللاجئين السوريين إلى ديارهم، ما من شأنه تخفيف ضغط الهجرة على الكثير من الدول الأوروبية.‏
غير إن للولايات المتحدة الأميركية رأي آخر فيما يتعلق بإعادة الإعمار في سورية، ففي خطاب أمام المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي، يوم الخميس الماضي ، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن الصراع في سورية بات اليوم عند منعطف، إذ “عزّز النظام السوري سيطرته بفضل روسيا وإيران”، مشيراً إلى أن تنظيم “داعش” وإن لم يتم القضاء عليه بالكامل، فإنه قد “بات ضعيفاً.” وأوضح بومبيو أنّ هذا “الوضع الجديد يتطلّب إعادة تقييم لمهمّة أميركا في سورية”، مؤكداً أنه وإن كانت هزيمة تنظيم “داعش” هي الهدف الأوّل، فهي “ليست هدفنا الوحيد”.وأشار الوزير إلى أنّ إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تُريد حلاً سياسياً وسلمياً بعد سبع سنوات من الصراع، كما تريد “أن تخرج القوات الإيرانية أو المدعومة إيرانياً من سوريا”. وبنبرةٍ أكثر حدة، قال: “لقد كُنّا واضحين: إذا لم تضمن سوريةالانسحاب الكامل للقوّات المدعومة إيرانياً، فهي لن تحصل على دولار واحد من الولايات المتحدة لإعادة الإعمار”.
وكان مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون المعروف بتشدده حيال إيران، حذر في أيلول/سبتمبر من أن قوات بلاده “لن تغادر سوريا طالما بقيت هناك قوات إيرانية خارج الحدود الإيرانية… وهذا يشمل الجماعات والميليشيات المرتبطة بإيران”.
في الإطار نفسه، نقل مصدر دبلوماسي عن ترامب قوله إنه بات يقول لمحاوريه الدوليين إنه “باقٍ بسبب إيران”. ويؤكد بومبيو بحسب المصدر ذاته أنه بالرغم من “الصعوبات القانونية” على خلفية تحفظ الكونغرس حين تعمد الإدارة بشكل أحادي إلى توسيع الدوافع خلف تدخلاتها العسكرية، فإن الولايات المتحدة “ستجد وسيلة للبقاء”.لكن بعد تصريحات بولتون، عمدت الدبلوماسية الأميركية إلى تلطيف النبرة، حين أوضح الموفد الخاص للملف السوري، جيمس جيفري، أن هناك “طرقاً عدّة للوجود على الأرض” سواء دبلوماسياً أو من خلال حلفاء.
ويعد وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو أحد مرتبي المشروع الأمريكي لإعادة إعمار سورية. وخطوطه العامة تقوم باختصار على تمويل الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، لإعادة الإعمار، وحصره بالمناطق الخارجة عن سلطة الدولة الوطنية السورية .وهذا يعني أن إعادة الإعمار هو تعبير ملطف عن مشروع إنشاء دولة موازية في شرق الفرات، تكون بديلاً عن الدولة الوطنية وعاصمتها دمشق. وأما التصريحات الإعلامية التي تتخذ مما تسميه “الانتقال السياسي” ذريعة كي لا يتم تقديم مساعدات للشعب السوري المقيم في مناطق سيطرة الحكومة المركزية، فهي إضافة إلى كونها مساعدات مشروطة وتنتقص السيادة الوطنية، تشكل عامل ابتزاز للشعب، وخاصة في ظل هجرة الكثيرين من مناطق سيطرة الميليشيات المتمردة، سواء السلفية منها أو الكردية، إلى مناطق الدولة.
تنطلق الولايات المتحدةالأميركية في موقفها المعادي لإيران،من الإشتباك الإقليمي لإيران في منطقة الشرق الأوسط ،الذي له مر جعيته التاريخية عبر مراحل متتالية: كانت أولاها قيام الثورةالإسلامية وإسقاط نظام الشاه الذي كان يشكل قلعة استراتيجية للإمبريالية الأميركية في إقليم الشرق الأوسط، وحليفًا استراتيجيا للعدو الصهيوني،حيث أعلنت إيران عدائها للولايات المتحدة الأميركية منذ اللحظة الأولى، وعدتها بمنزلة “الشيطان الأكبر”، وأنها تمثل قوى الاستكبار العالمي ،وتعزيز النفوذ الإقليمي الإيراني عقب الاحتلال الأميركي للعراق في سنة 2003، ودعم إيران القوي لحزب الله في حربه مع الكيان الصهيوني ، لا سيما في تموز 2006،ووقوفها القوي في الخندق الواحدمع الدولة الوطنية السورية في الحرب الكونية الإرهابية التي شُنَتْ عليها بعدأحداث “الربيع العربي”في سنة2011،والدعم القوي للحوثيين في اليمن الذين استطاعوا أن يواجهوا غطرسة العدوان السعودي المستمر منذثلاث سنوات.
ومما يعمق حالة الاشتباك الإقليمي أن إيران التي وقعت الاتفاق النووي في عام 2015 مع إدارة أوباماالسابقة، أصبحت تشكل تهديدًا أمنيًا استراتيجيًا لهضبة الجولان المحتلة من قبل الكيان الصهيوني عقب دخول حزب الله كطرف رئيس مؤيد للدولة السورية في الحرب ضدالتنظيمات الإرهابية والتكفيرية،واستشعار الكيان الصهيوني ومعه الدول الخليجية(المملكة السعودية، والإمارات، والبحرين )خطرالدور الإقليمي الإيراني المتنامي على أمنهما بتقدمها في سورية،الأمر الذي ردّعليه العدو الصهيوني بالقيام باعتداءات متكررة استهدفت البنية العسكرية للجيش العربي السوري و للمواقع الإيرانية في سورية، وبداية تحالف وتطبيع سعودي إماراتي –صهيوني ،أصبح يسوق ل”صفقة القرن” التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية،وبالتالي تصفية الصراع العربي-الصهيوني.كما أن تركيا أردوغان،ليس من مصلحتها بروزإيران كقوة إقليمية ، وهي الساعية لإحياء مجدالخلافةالعثمانية في إطار سياستها”العثمانية”الجديدة.
خاتمة:
لقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن وجود القوات الأمريكية في سورية غير شرعي لأنه لم يتم بطلب من حكومتها وهو انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة.وقال بوتين خلال الجلسة العامة لمنتدى الطاقة الدولي في موسكو منذأسبوع رداً على سؤال حول وجود القوات الأمريكية في سورية إن الولايات المتحدة تنتهك الآن ميثاق الأمم المتحدة إذ إن الوجود العسكري في أراضي دولة ثالثة بدون قرار من الأمم المتحدة ومن دون دعوة حكومة هذه الدولة هو انتهاك صارخ للميثاق، لافتاً إلى أنه بعد اندحار تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية ،فإننا لا نرى أي تفسير للحفاظ على وجود القوات الأمريكية فيها.‏
فمطالبة روسيا مغادرة كل الأطراف الإقليمية للأراضي السورية، موجه للوجود العسكري الأمريكي في قاعدة التنف، إذ إن بوتين يضع شرطاً لكل وجود في سورية، ومن ضمنه وجود بلاده، هو موافقة الحكومة الشرعية في دمشق، أو بقرار من مجلس الأمن الدولي. وتضع الدولة الوطنية السورية وحلفاؤها، ملف التنف في أولوياتهم بعد انتهاء مسألة إدلب. لأنه عندها تكون دولة الأمر الواقع التي أقامتها الولايات المتحدة شرق الفرات بحكم الساقطة كأحجار الدومينو.

المصدر: مجلة البلاد اللبنانية

Optimized by Optimole