حرب كورونا بالوكالة الطبية استقطاب الولايات المتحدة لأطباء الدول النامية

Spread the love

بقلم: د محمود محمد المصري _ كاتب وخبير اقتصادي وامن الطاقة/

إن أهمية الطب بالنسبة للمجتمعات تشكل حجر الأساس في الحفاظ على سلامة أبنائه الصحية، ومن ثم عدم تفشي الأمراض في صفوف طبقاته، ومن ثم، فكلما زاد عدد الأطباء بالنسبة لعدد السكان، دل ذلك علي تحكم سوق القطاع الصحي للدولة علي التوازن بين عدد الأطباء نسبة لعدد السكان.
تعتمد الدول المتقدمة زيادة الإنفاق على القطاع الصحي، وتطوير منظومة الرعاية الصحية في الدولة، واوتوماتيكيا نجد أن الدول المتقدمة تعمد إلى الحفاظ على التوازن المطلوب بين عدد الأطباء وعدد السكان. وهذا عكس الدول النامية التي تعاني من هشاشة اقتصادية انعكاسها على تطوير القطاع الصحي، والنقص الحاد في توفير فرص عمل لخريجي كليات الطب والتمريض والصيدلة… إلى غير ذلك، لسوق عمل يوفر لهم سبل العيش اللائق.
معاناه الولايات المتحدة في نقص عدد الأطباء!!
كلما تضخم عدد السكان، كلما ازداد الطلب على الأطباء. وفي عام ٢٠٠٠، بلغ عدد السكان في الولايات المتحدة ٢٩٠ مليون، مقارنة بعدد سكانها من العام الجاري ٣٣٠ مليون نسمة. مما يعنى أن الدولة في حاجة الى زيادة عدد الأطباء لسد العجز الذى وصل الى ٢٠٠,٠٠٠ طبيب.
ولسد هذا العجز قد تلجأ الولايات المتحدة الى:
أولاً: زيادة عدد خريجي مدارس الطب بولاياتها، الى ٢٧ مدرسة طبية لسد هذا العجز نسبيا.
ثانياً: الاعتماد على المهاجرين من الأطباء الأجانب، والتي تقلص عددهم لمزاولة مهنة الطب داخل الولايات، بسبب قيود الهجرة التي وضعها دونالد ترامب منذ تولية الرئاسة. حيث تقع الممرضات والأطباء في شرك الروتين وقواعد التأشيرات التي تمنعهم من العمل في المستشفيات الأمريكية، حتى في ظل أزمة كورونا.
وذكر حاكم نيويورك، أندرو كومو: “أنا أسأل أخصائي الرعاية الصحية في جميع أنحاء ولايتنا إذا لم يكن لديكم أزمة رعاية صحية في ولايتك، فيرجى مساعدتنا في نيويورك الآن”.
وفي نهاية مارس، أصدر حاكم كاليفورنيا “غافن نيوسوم” نداءً عاجلاً للعاملين الإضافيين في الرعاية الصحية للمساعدة في مكافحة تفشي الفيروس التاجي، مشيراً إلى أنه يمكن الاستعانة بالأطباء المتقاعدين حديثاً وطلاب الطب الذين ينتظرون ترخيص المزاولة.
ومع بلوغ الولايات المتحدة تفشي الوباء حدا كبيرا، بلغ عدد الحالات حوالى ١.٥ مليون نسمة، وأدى إلى وفاة أكثر من ٩٠,٠٠٠ نسمة، والأعداد في تزايد حتى الآن.
أصدرت بعض الولايات التي تواجه حالات تفشي كبيرة أوامر تنفيذية تسمح لبعض العاملين الأجانب في الرعاية الصحية الموجودين بالفعل في الولاية برؤية المرضى. على سبيل المثال، منحت ولاية نيو جيرسي تراخيص مؤقتة للأطباء المقيمين، والمرخص لهم والذين يتمتعون بوضع جيد في الدول الأجنبية. في نيويورك ، يُسمح لخريجي كليات الطب الأجنبية بمعالجة مرضى الفيروس بعد إكمال عام واحد من الإقامة.
وقد شرعت الولايات المتحدة في تعديل قوانين منح التأشيرات، لتمكين الأطباء الأجانب من J-1 (المقيمين في المجال الطبي)، مزاولة المهنة لمدة عام، وقد تصل إلى سبع سنوات، وهذا للتصدي لجائحة كورونا الذى يعصف بالولايات المتحدة صاحبة اكبر نسب اصابات بالعالم.
هل تؤثر هجرة الأطباء على الصحة في الدول النامية؟
بالطبع، فان الدول النامية تعاني من نقص كبير في عدد الأطباء واستقالة بعضهم من المهنة بالأساس، نظراً لضيق الذراع بالمرتبات والمزايا، حيث يبلغ مرتب الطبيب في الدول النامية ٧٠ دولار شهرياً، مقارنة بالأطباء في كندا وامريكا واوروبا، اذ يبلغ اجر الساعة ٧٠ دولار، وليس شهرياً.
كما نجد أن هناك المزيد من القري الريفية تعاني من عدم وجود أطباء ولا ممرضين ولا صيادلة بالأساس، مما يزيد من تفاقم الأزمة الصحية وتدميرها حال هجرة الأطباء لدول متقدمة، ولاسيما في حال وجود فيروس مثل كورونا.
وأخيراً، تعاني الولايات المتحدة من نقص حاد في هيكل المنظومة الصحية، عن طريق نقص التوازن بين عدد الأطباء والزيادة السكانية، وهذا النقص بسبب سياسات إغلاق هجرة الأطباء الأجانب، رغم أن نسبة الأطباء الاجانب تصل الى ٢٥ في المائة من إجمالي الاطباء بالولايات المتحدة.
وانتشار جائحة كورونا، جعل الدولة الرأسمالية تغير من سياستها تجاه هجرة الأطباء الاجانب، بمنحهم تأشيرات سريعة، لمواجهة نقص الأطباء، ولمواجهة أزمة كورونا بأنحاء البلاد ولاسيما الريفية منها.
وهذه الهجرات بالطبع ستؤثر على شعوبنا العربية، في تلك الفترة العصيبة، فرغم نقص الأطباء في بلداننا، سيزداد الامر سوء ويضعنا في وضعا كارثيا لقدر الله، وقد يساعد في تفشي المرض وزيادة نسبته ، وزيادة على ذلك تفريغ الدول من أطبائها وممرضيها لصالح تلك الدول.
والدافع الاخلاقي، قد يقود بعض الأطباء إلى عدم الهجرة، ومواجهة الفيروس فى دولنا العربية، والبعض الآخر من الأطباء قد لا يكترث لمثل هذه الدعوات الأخلاقية، هادفا مصالحه الخاصة على حساب المصلحة العامة.

Optimized by Optimole