هل توفر بذور القطن البروتين لنصف مليار إنسان؟

Spread the love

ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو/

تحتوي بذور القطن إضافة إلى الجوسيبول على مستويات عالية من البروتين مما يجعلها ذات أهمية خاصة في النظام الغذائي.
تحتوي معظم نباتات القطن على مادة سامة تدعى الجوسيبول تجعلها غير صالحة للأكل من قبل البشر ومعظم الحيوانات. قد يحول التعديل الوراثي للنبات هذا المحصول إلى مصدر هام للبروتين الرخيص.

منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الضوء الأخضر لاستخدام أحد أصناف القطن المعدل وراثياً في الغذاء البشري. يعتقد البحاثة أن هذا النوع من النباتات المعدلة سيخلق بروتيناً رخيصاً للبشر وللحيوانات.

ينتج المزارعون الأميركيون كل عام ما يقرب من 4.3 مليون طن من القطن تقارب قيمتها السوقية 7 مليار دولار وتساهم بثلث الصادرات العالمية من القطن وفق إحصائيات وزارة الزراعة الأميركية.

تكمن معظم قيمة المحصول في الألياف الناتجة من الكرات البيضاء التي تتشكل بعد الإزهار ضمن أجراس كروية.

قام الدكتور كيرتي راثوري أستاذ بيو تكنولوجيا النبات في جامعة تكساس بتطوير صنف محسن من القطن لا يؤثر على محتواه من الألياف وتقبع مزاياه المفيدة في البذور والتي تعتبر منتجاً ثانوياً متدني القيمة النقدية.

تختلف بذور القطن عادة عن البذور التي اعتدنا على تناولها مثل بذور السمسم ودوار الشمس لاحتوائها على مركب كيميائي يدعى الجوسيبول وهو مركب سام قد يحدث مضاعفات خطرة لدى البشر مثل المشاكل التنفسية ويؤثر على المناعة والوظائف الإنجابية وحتى الموت. قام العلماء في القرن الماضي بإجراء الأبحاث على الجوسيبول باعتباره المكون الأساسي لعقار ذكوري غير هرموني لمنع الحمل. تم التخلي عن تلك الأبحاث لاحقاً بسبب المخاوف من السمية ونقص الدعم الشعبي للفكرة. ويعتبر الجوسيبول ساماً لمعظم الحيوانات باستثناء الحيوانات المجترة مثل الأبقار والأغنام التي تمتلك معدات متعددة “الغرف” مما يسمح لها بتفكيكه ولذلك تحتوي بعض الأعلاف على بذور القطن.

تحتوي بذور القطن إضافة إلى الجوسيبول على مستويات عالية من البروتين مما يجعلها ذات أهمية خاصة في النظام الغذائي. وكانت تلك القضية محور أبحاث الدكتور كيرتي على مدار أكثر من 20 سنة. ويقول: “إذا تمكنا من استخدام البروتين الموجود في بذور القطن بشكل مباشر في الغذاء البشري فإننا سنتمكن من تلبية احتياجات أكثر من 500 مليون إنسان من البروتين كل عام. وتنتج تلك الكمية من الإنتاج العالمي من بذور القطن التي لا نستفيد منها حالياً سوى في أعلاف الأبقار”.

عمل الدكتور راثوري منذ عام 1996 “لإسكات” المورث المسؤول في نبات القطن عن انتاج الجوسيبول في البذور.

استخدم في عام 2006 عملية بيولوجية تدعى “تدخل الحمض الريبي” التي تعرقل الوظائف البيولوجية الاعتيادية في النبات. اكتشف راثوري أن التدخل المستهدف قد يخفض مستويات الجوسيبول في بذور القطن ويسمح في الوقت ذاته للأجزاء الأخرى من النبات مثل الساق والأزهار والجذور بالمحافظة على المستويات الاعتيادية من ذلك المركب الكيمائي.

ويجب الحفاظ على تلك الميزة الأخيرة لأن ما يكون ساماً للمستهلك يعمل كحارس طبيعي ضد الحشرات.

يفتقر أحد أصناف القطن ويدعى قطن هوبي نسبة لإحدى القبائل الأمريكية الأصلية، والتي زرعته على مدى فترات طويلة إلى مادة الجوسيبول بشكل طبيعي. ولكنه يصبح عرضة للحشرات بشكل أكبر لدى زراعته في مناطق محددة.

يقول الدكتور راثوري: “يمكن زراعة قطن هوبي في أماكن مثل أريزونا ونيومكسيكو لأن تلك الولايات شديدة الجفاف ويكون ضغط الحشرات أقل بكثير من الولايات الأخرى مثل تكساس أو الميسيسبي”.

قام راثوري منذ تلك السنوات بانتقاء مجموعة من المزارعين الذين قاموا معه بدراسات حقلية وتجارب في البيوت المحمية لاختبار البذور المعدلة وراثياً لضمان التناسق في إنتاجية القطن والبذور والمحتوى من الجوسيبول. حدثت التجارب الحقلية في تكساس والمسيسيبي ونورث كارولينا وهي الولايات الثلاثة التي تشتهر بزراعة القطن وذات المناخ المتفاوت.

تدنت مستويات الجوسيبول في تجارب عام 2015 للقطن المحوّر وراثياً إلى 260 جزءاً في المليون وهو أقل بكثير من الحد الأعظم الذي حددته إدارة الأغذية والأدوية والذي يساوي 450 جزءاً بالمليون. بينما وصلت مستوياته في البذور العادية إلى 8300 جزء بالمليون.

إختبار حقلي للقطن المعدل وراثياً والمنخفض المحتوى من الجوسيبول.

قدم راثوري في عام 2017 القطن لكل من وزارة الزراعة الأميركية وإدارة الغذاء والدواء للحصول على الترخيص اللازم. وفي العام الماضي أجازت وزارة الزراعة الأميركية القطن المعدل وراثياً وسمحت للمزارعين بزراعته. سمحت إدارة الأغذية والأدوية في هذا الشهر باستخدامه كمكوّن في الأغذية البشرية إضافة إلى الأعلاف الحيوانية.

سيمر بعض الوقت قبل أن يصبح القطن المنخفض المحتوى من الجوسيبول جزءاً من النظام الغذائي. يقول راثوري إن فريقه يقوم بالمفاوضات مع شركات البذور التي ستتمكن من بيع الصنف المعدل وراثياً للمزارعين بعد ترخيص تقانة راثوري.

تواجه بذور القطن المعدلة وراثياً إضافة إلى المتاهة البيروقراطية تحديات التغلب على الوصمة الحضارية المتعلقة بالأغذية المعدلة وراثياً.

تتوافر منتجات بذور القطن من قبل إذ يستخدم زيت بذور القطن والذي لا يحتوي على الجوسيبول للقلي في الكثير من الدول. ولكن راثوري يتطلع لليوم الذي تستخدم فيه بذور القطن الصالحة للأكل في العديد من الأطعمة مثل المنتجات المخبوزة وأصابع الغرانولا أو بمفردها على غرار الفستق السوداني.

تحدث راثوري في السنة الماضية إلى مجلة سان أنطونيو اكسبرس وقال إن بذور القطن ذات مذاق يشبه مذاق الجوز المعتدل.

يمكن استخدام كسبة بذور القطن-وهي العجينة المتبقية بعد استخلاص الزيت منها-في صنع أعلاف الأسماك نظراً لبحث قطاع زراعة الأنواع البحرية عن بديل نباتي للمكوّنات الرئيسية في الأعلاف السمكية مثل زيت السمك وطحين السمك التي لم تعد متوافرة بكميات كافية. قام منتجو العلف في السنوات القليلة الماضية بتجربة إضافة فول الصويا والكانولا وحتى الخشب ولكن البحاثة انتقدوا إنتاج هذه البدائل لاستخدام موارد أرضية لازمة لإنتاجها.

وبعكس هذه المكوّنات تتواجد بذور القطن على أية حال كمنتج ثانوي لزراعة القطن وبالتالي يكون منخفض التكلفة البيئية الهامشية وفق تصريح كاتر هاكي، نائب رئيس البحث الزراعي والبيئي في شركة قطن.

ويضيف هاكي: “لا يتطلب استخدام منتجات القطن أية أسمدة أو أرض أو مياه إضافية ويمكن استخدام البروتين الآن لإطعام الحيوانات المجترة مثل الأبقار. وعندما نستطيع نقل ذلك البروتين إلى مصادر أخرى فإن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على مجموع الوارد الغذائي ككل”.

المصدر: مجلة نيو فود ايكونومي – عن الميادين نت

Optimized by Optimole