الموسيقى دم يتدفق في عروق الحياة ….انا الناي

Spread the love

بقلم : رنا احمد / أعطني الناي وغني فالغنى سرَ الوجود كلمات للسيدة فيروز كم رددناها وكم لامست احساسنا فآنين الناي يبقى في آذان وقلوب العشاق ، معه يعيشون ،وبه يغنون للمحبوبة هو سحر القلب والعقل والوجدان ، نغماته تأسر القلوب في كل مكان ومنذ قديم الأزمان .
فالناي في البداية كان يستخدم في بلاد الرافدين وأرض العراق من قبل السومريين بمدينة اور وتم استخدامه أيضاً في الحضارة المصرية القديمة في الاحتفالات الدينية . هو آلة موسيقية مصنوعة من قصب السكر المجوف ، ينبعث منها صوت شجي ، لها ستة ثقوب من الأمام ، كل ثلاثة ثقوب تبتعد قليلاً عن الثلاثة الاخرى ويوجد ثقب رابع من الوراء في منتصف الناي وهي مفتوحة بنسب حسابية خاصة حسب نسب السلم الموسيقي العربي . ومن قواعد تصنيع هذه الآلة الشرقية ، أولاً أن لا يقطع قصب السكر من أرضه قبل نضوجه ، وثانياً أن يثقب من الداخل بدءاً من طرف الفم على أن يكون الثقب صغيراً ويتدرج في الاتساع النسبي وينتهي الاتساع ليكون قطر القصبة . وللناي طريقة خاصة جداً ، فيوضع الناي على جانبي الفم ، ويحبس الهواء من الجانب الأيمن ، ويوضع الناي مستقيماً وعندما يرغب عازف الناي تنوع النغمات أي استعمال علامات التحويل الرافع والخافض ، يميل الناي إلى الجهة اليمنى ثم إلى اليسار من الفم. لا يختلف اثنان في تقدير آلة الناي ، فهي فضلاً عن كونها آلة (النفخ) الوحيدة ، فأنهلها من الرقة انغامها وما تحمله في طياتها من حنان قوي وشجي محبوب ، ويعتبر الناي أقدم الة موسيقية عرفها الانسان بعد آلات الطرق الايقاعية ، وبالرغم مما مر على الناي من عصور قديمة الى العصور الوسطى الى العصور حديثة وهكذا حتى القرن العشرين الا انها مازالت متحفظة بشكلها ولم يتطور فيها شيء الا بشكل بسيط ، وقد جمع الناي لأول مرة سلماً موسيقياً متكامل الدرجات الصوتية بهذا يكون قد أخذ مكانه بين الآلات الموسيقية …
والملفت للانتباه بالناي جلال الدين الرومي الذي عشق آلة الناي الموسيقية لأنها قصة وجودية حزينة ومؤلمة تشبه قصة الأنسان وحضوره على الأرض ، وصوت الناي عبارة عن تأمل غريب يخترق العوالم . يقول الرومي : اسمع الناي معرباً عن شكاته أن بات نائياً.
وقد حاول الرومي أن يظهر من خلال الناي تأوله لرموز معرفية لها علاقة بالعاشق ورسائله عن لذاته المعشوق منها الناي من خلال معزوفات يعبر عن إيصال رسالته لعالمه الذي قطع منه وحرم من الحياة مع من يحب فقطعوه وأحرقوه وثقبوه وأصبح كياناً آخر ، وابتعد عن أرضه ومائه وتنفسه ، وعن كل حياته الخاصة ، ومعزوفاته تمثل صراخة وآلامه وحزنه الأبدي من أجل الرجوع إلى أصله ، فالموسيقى بالنسبة له كانت تساعد المريد على التعرف الله والتعلق به.

Optimized by Optimole