كيف تطورت النباتات لاستخدام النمل في الدفاع عنها

Spread the love

تأليف: ميهاي اندريه – ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو —

بينت دراسة حديثة أن النباتات تطورت مع النمل وأغرت الحشرات لحمايتها ورعايتها.
وإذا ألقينا نظرة عن كثب على التفاعل بين النمل وبعض أنواع النبات نظن للوهلة الأولى أنها علاقة ذات إتجاه واحد. يقدم النبات المأوى والغذيات العصارية ويأتي النمل لقطاف تلك المنافع. ولكن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة. حيث حللت دراسة حديثة جينوم النباتات والنمل الذي يشاركها نفس النظام الإيكولوجي وتبين أن النباتات تمتلك بعض الحيل تحت أكمامها.

تطورت النباتات حول النمل وطورت طرقاً لخداع الحشرات من أجل حمايتها ونشر بذورها.
يقول الدكتور مات نيلسون” ينصب إهتمامي على دراسة ألية تطور التفاعلات بين الكائنات وكيفية تشكيل تلك التفاعلات لتاريخها التطوري. متى بدأ النمل بإستخدام النبات ومتى بدأت النباتات بتشكيل بنى صالحة لإستخدام النمل؟”

ويقصد نيلسون بالبنى الأشواك المجوفة التي طورتها بعض النباتات حيث يستخدمها النمل كمأوى ودرع ضد الحشرات الأخرى وحتى بعض الثدييات. يقوم النمل اثناء حماية نفسه بحماية النبات. وبدأت نباتات أخرى بإنتاج رحيق عصيري يحبه النمل بشدة لدرجة تدفعه لحماية النبات من المتعديات الأخرى غير المرغوب فيها. وبعض النمل سارح يقوم بالتهام الرحيق والتنقل بينما تقوم أنواع أخرى منه بحماية النبات. وكأن النبات يدفع ضريبة حماية للنمل كي يعمل كحارس شخصي له.

طورت أنواع أخرى من النبات آلية مبدعة تعتمد على استخدام النمل لنشر بذورها. حيث يساعد النمل النبات بنقل بذوره من خلال رشوتها للنمل بمحافظ غذائية غنية ملتصقة بالبذور تسمى الأجسام الزيتية.

ويشرح نيلسون قائلاً” يقوم النمل بإلتقاط البذرة ويحملها بعيداً ويأكل المحفظة الغذائية ويتخلص من البذرة وغالباً في منطقة غنية بالعناصر الغذائية حيث تنمو بشكل أفضل وبما أنها بعيدة عن الأبوين لا تضطر للمنافسة على الموارد.”

درس الفريق البحثي أيضاً مثل تلك الخصائص ورسم التاريخ الوراثي للمزايا النباتية الصديقة للنمل واستخدام النمل للنبات. ويبدو أن النباتات هي من يقود الأمر لأنها لم تطور هذه البنى المتخصصة إلا بعد زمن طويل من إعتماد النمل عليها كغذاء وملاذ.

ويضيف نيلسون: “لا تستخدم بعض أنواع النمل النبات كثيراً بينما يعتمد عليها أنواع أخرى من أجل الغذاء وبيئة للرعي والتعشيش. وتبين لنا أن التجهز لإستخدام النبات يتطلب من النمل الرعي خارجاً ومن ثم إدخال النبات في غذائها ومن هناك تبدأ بالتعشيش عليها. وبينما تبدو هذه النقلة الحكيمة نحو إعتماد متزايد على النبات بديهية ولكنها أثارت إستغرابنا.”

ويأتي السؤال التالي على شاكلة جدلية الدجاجة والبيضة: من أتى أولاً هل استغل النمل النبات أم هل جهزت النباتات الأمور للنمل؟

يعود تاريخ تطور النباتات والنمل سوياً إلى حقبة الدهر الوسيط عندما حكمت الديناصورات الأرض ولا يمكن التأكيد على ألية تفاعل المخلوقات من الأحافير.

يقول نيلسون” لا يوجد سوى قلة قليلة من السجلات الأحفورية لهذه البنيات في النباتات ولا ترجع إلى أزمان بعيدة. وهناك الكثير من الأحافير النملية ولكنها لا تظهر عادة سلوكيات النمل تلك- و لا نرى بالضرورة نملة محفوظة في عنبر تحمل بذرة.”

قام البحاثة عبر إستخدام بيانات الحمض النووي وقاعدةالبيانات الإيكولوجية برسم خريطة تاريخ المزايا الصديقة للنمل في النبات وإستخدام النمل للنبات وتبين لهم أن النباتات قامت بالخطوة الأولى في هذه الشراكة. وبتعبير آخريبدو أن النباتات بدأت بالتعاون وكسبت أكثر عبره- لا سيما أن النمل الذي إقتات على النباتات وعشش بين ثناياها لا يختلف كثيراً في نجاحه عن النمل الذي لم يفعل ذلك.

ويختم نيلسون قائلاً” لا نرى أجزاء من شجرة عائلة النمل تضم نملاً يعتمد على النباتات من أجل الغذاء أو المأوى تختلف أكثر أو تنمو أسرع من تلك الأجزاء من الشجرة التي افتقدت لتلك التفاعلات. ولهذه الدراسة أهميتها لأنها تقدم إلماحة لتطور هذه التفاعلات المعقدة الواسعة الإنتشار.”

المصدر: www.zmescience.com

Optimized by Optimole