عودة مطاعم ومقاهي دمشق للعمل أمر شكلي، والقائمون على القطاع الضحايا الأكثر تضرراً!

مطاعم دمشق
Spread the love

الصناعي المهندس رشيد العيطة:” صارعنا لإبقاء منشآتنا الصناعية، قيد الإنتاج،و يتوجب لفتة جديّة من الجهات المعنية لحماية المنتج الوطني!”
السيد خالد سروجي ” أوقفوا الهجوم على المنشآت السياحية ،لأنها تحوي عدد كبير من العاملين يتكفلون بالإنفاق على أسرهم ”
السيد لبيد طبجي: “عودة لا تحتاج إلى ذكاء لمعرفة إنها فاشلة، وتضاعف الخسائر نتيجة ارتفاع أسعار المواد.”

خاص “شجون عربية” – دمشق – تحقيق: بيان عزالدين |

بين ليلة وضحاها غزا السوريّون فيروس عالمي، لم تكن مهمته سوى مضاعفة آلامهم وزيّادة حدّة أوجاعهم التي خلفتها لهم الحرب الدائرة منذ سنوات على بلادهم، جاءكوفيد 19 حاملاً معه هلع الانتشار تارةً، والرضوخ لإجراءات التصدي له تارةً أخرى ، التي طالت البشر والحجر! ، وقضت على مجرى قطاعات الحياة كافة، بما فيها قطاع الغذاء تعرض لإغلاق المطاعم والمقاهي لحماية الناس من انتشار المرض الجديد، إلى جانب إلغاء العديد النشاطات الصناعية المرتبطة به، منذ فترة وجيزة عادت الحياة إلى مجراها الطبيعي بشكل تدريجي ،أول من شاركها العودة القطاع المذكور مع مراعاة ثمة إجراءات حكومية وقائية ،مجلة شجون عربية رصدت حاله اليوم عبر تقريرها التالي من العاصمة الدمشقية :

رشيد العيطة
المهندس رشيد العيطة

أصحاب المطاعم والمقاهي قلقون!
ردة فعل أصحاب المطاعم والمقاهي، إزاء قرار الإغلاق عبرت عن فاجعة أصابتهم ،لها وقع مؤلم عليهم، وصف الحالة صاحب سلسلة مطاعم ومقاهي بدمشق السيّد خالد سروجي قائلاً :” قرار إغلاق المطاعم والمنشأت السياحية بسبب كوفيد 19 ، مفاجئة لكافة القطاعات الإقتصاديّة، لأننا لم نتعرض لهذا الحدث سابقاً.
لم تبدو الصدمة أقل تأثيراً على أصحاب المقاهي الصغيرة ، حتى حديثة الولادة لدينا السيد لبيد طبجي نموذجاً ، تلقى القرار بذات اللوعة التي واجهها سروجي، سرعان ماأخبرنا قائلاً : “مما لاشك فيه الفيروس موجود، مثلنا مثل جميع أصحاب المحلات، امتثلنا لقرارات وزارتا الصحة والسياحة، أقفلنا محلاتنا حفاظاً على الصحة العامة رغم معرفتنا بحجم الخسائر المادية علينا ،وللعمالة تتعيش من المحلات.
حول كيفية التعاطي مع الحلول المتبعة بعد عودتهم للعمل مؤخراً ضمن توصيات النظافة ،والتباعد الاجتماعي وضّح سروجي: ” الآن نعمل ضمن الشروط الصحيّة المفروضة من وزارة السيّاحة،من أجل سلامتنا وروادنا ، نطبقها على أكمل وجه.
من جهته طبجي لبّ نداء واجب تنفيذ الإجراءات الوقائية ، لوأنه غير مقتنعاً بما جاء به، حسب وصفه التعقيم ساري بالمقهى على قدم وساق !صرّح : ” امتثلنا أيضاً للتوصيات، رغم تناقض مضامينها التي افترضت الفيروس لن ينتقل ويتفشى عبر كل مراكز الازدحام الظاهرة ، لكن فقط يستهدف الأماكن السيّاحية التي تعتمد بالأساس على نظافتها لجذب زبائنها .
بات معلوماً للجميع لاسيما بوطننا، منذ تسع سنوات لم تنمع انفجارات الدمار وقذائف القتل إيقاف “لعبة شدة” محتدمة ، أو جلسة أصحاب حامية النقاش ضمن أروقة أحد مقاهي العاصمة ، لكن ثمة فيروس غير مرئيّ تمّكن فعل هذا وأكثر.مما دفعنا للتساؤل فيما اذا كان يستحق كل ما سببه خشية من آثاره، أم هناك دعاية نفسية صنعها حوله ؟ حيّال ذلك أجاب سروجي مستاءاً :” كلا لا يستحق فايروس كورونا، للأسف سوّقت وسائل الإعلان له بشكل مخيف، مما أدى لزرع الخوف داخل الناس تابع سروجي محذرّاً : “لكن هذا لا يعني أن نستسهل الأمر ،لأننا منشآت سيّاحية نتبع كافة وسائل الحماية و التعقيم من أجل سلامة الجميع.”

السيد لبيد طبجي

بدوره طبّجي أيّد نظيره سروجي حول الحملة الإعلانية المصاغة عن الفايروس قائلاً : “حسب رأيي الشخصي هناك تضخيم اعلامي عالمي، يوجد أمراض أكثر خطورة منه فتكت بالبشر، لا زالت تفتك بأضعاف ما تسبب به كوفيد19،أظن دولة السويد أكثر دول العالم ،تعاملت معه بذكاء شديد ،واقعية لذلك لم يؤثر على اقتصادها أو معيشة أفرادها”
رغم عودة المطاعم والمقاهي للتواجد على الساحة الخدمية ، لكن صناعها مازالوا قلقون، لاسيّما من نظرات المارون أمام أبواب منشآتهم ، المتراوحة بين الحنين ،والتردد بالدخول خشية عجز جويب أغلبهم عن سد تكاليف فواتيرهم، أو عدم رغبة الصنف الآخر بالمغامرة بطلب فنجان قهوة لا ترافقه رائحة نرجيلة فواحة ، كونها مازالت ممنوعة من التدوال خشيةً على السلامة العامة، حول الاشكالية يوضّح سروجي القول: الأرجيلة عنصر مهم للرواد ، إيقافها يعني توقف 80 % من رواد المنشآت السيّاحية، عدم السماح بتقديم الأرجيلة يعني انهيار القطاع السياحي لذا أغلقت منشآت بسببها.”
لايمكننا تجاهل التطرق لمشكلة جوهريّة ،ألا وهي نفاذ الإمكانيات المالية للعاملين بالقطاع السياحي ، والجدل حول امكانية سد صنّاع رؤس أمواله أجور كافة العاملين، أم أنهم خضعوا تحت شدة وطأة انحطاط معدلات التوظيف؟
أجابنا سروجي مصرّحاً : ” نعم حاولنا الوقوف بجانب الموظفين قدر الإمكان، لكن موظف المنشآت السياحية لا يعتمد على الراتب فقط ، هناك أطعمة تقدم للعامل من قبل المنشأة ، وأثناء عمله يحصل على مبالغ إضافية من الرواد (tips) تساعده بمواجهة أعباء المعيشة.
أيضا ً خطورة العجز الاقتصادي الذي خلقتها قرارات الحجر المنزلي خشية انتشار كوفيد 19 كانت أكبر من أي فعل يأتي بعدها ، يسعي لتعافي الحياة ، عن الألم ذاته وضح طبجي القول :” أنها عودة لا تحتاج إلى عبقرية لمعرفة فشلها، تضاعف الخسائر بسبب ارتفاع المواد كان أحد أسباب تضخمه الإقفال الاحترازي، لم يكتفوا بالتوصيات بل أضافوا عليها منع التدخين والنرجيلة التي تكاد هي السبب الرئيسي لإرتياد الزبائن المقاهي، الممثل ليس فقط بشرب القهوة وتأمل الاطلالات الساحرة ( التي تفتقر لها أغلب الأماكن !).
يبقى قطاع المطاعم هو الأكثر تضرراً من كورونا، لذا أطلقنا العنان لحناجر أصحابها بالصراخ عساه يخفف حدة مآساتهم، أو يساهم إيصال صوتهم للجهات المعنية مهنتهم،استجاب لنا سروجي مناجياً مطلبه :” توقفوا عن الهجوم على المنشآت السياحية لأنها تحوي عدد كبير من العاملين يتكفلون بالانفاق على أسرهم، كورونا ليس موجود داخلها فقط، ربما يتواجد بجميع النشاطات و الفعاليات اليومية ، تابع : “أطالب الجهات المعنية بالسماح لعودة النشاطات بشكل كامل داخلها، بما فيها تقديم الأرجيلة بشروط صحية وقائية ضد الفايروس.
شاركه رافعاً الصوت السيد طبجي منادياً : : الصرخة التي ربما يشاركني إياها الجميع.. هي بلد خرج من حرب طويلة إلى وضع اقتصادي صعب ، كل ّمن فيه يحتاجون إلى مصادرعيش ليتمكنوا الوقوف مجددًا بوجه الحياة ، ما يستدعي التسهيل والتشجيع من قبل الجهات المختصة ليس زيادة التعقيد، ومنح المتنمرين من الموظفين الحكوميين مساحات لفرض تنمرهم علينا ، هناك شريحة مجتمعية تتعيش على تلك المحلات ،لا تملك مصدر رزق آخر .

السيد خالد سروجي

المنشآت الصناعية الغذائية تصارع للبقاء!
عندما نتحدث عن المنشآت السياحية ، لا يمكننا أن ننسى القطاعات الرديفة لها، المعتبرة بمثابة جنود مجهولة تحارب خلف الكواليس، لـتصنع مواد غذائية حاضرة بأطباق المطاعم الشهيرة، وتجلب مواد أولية للمشروبات التي تتباهى بها المقاهي الفاخرة.
بالسياق ذاته تحدثنا مع الصناعي السوري م. رشيد العيطة صاحب منشأة غذائية ، رغم ظن البعض أن صاحب المصنع أشد ثباتاً من مالك مقهى لكن كورونا وضعت الجميع بخانة واحدة ، حول وقع قرار الإغلاق لمنشأة معنية بتقديم منتجات غذائية أخبرنا صاحبها السيد رشيد عيطة قائلاً : كوننا منشأة تصنع صلصات غذائية 70 % من سوقنا للمطاعم والفنادق والمقاهي، بمجيئ كورنا توقف نشاطنا ،انخفضت معدلات الإنتاج نسبة 60 %، كنا بوقت حرج، الرقم ليس سهل ، تابع :” بلأصل نعاني من أسعارمواد أولية منافسة ، لو استمر قرار الإغلاق وقت أطول كنا اضطررنا إلى تسريح العاملين لدينا، لأن 60 % للإنتاج يرافقها انخفاض القوة الشرائية المرتبطة بنقاط البيع المباشر ، لم نتمكن توسيع شريحتنا عبر لسوبرماركيت، بقينا مواظبين العمل ضمن الحدود الدنيا ، كان ممكن صياغة الاجراء الوقائقي بطريقة أفضل لأن الإغلاق ليس حكيماً، من الممكن لو استمرت بالخدمات الخارجية ، كوفيد 19رافقه تهويل اعلامي دمر المنشآت وأبعد الناس عن السوق .
حين عدنا ذكر رجوع القطاعات التالية للعمل، طرحنا تساؤل حول مرافقة الطلب على المنتجات الغذائية الأولية المرتبطة بها ، أم مازال هناك ركود اقتصادي بالسوق؟
أجبنا العيطة موضحاً القول: ” للأسف بعد كورونا حركة المطاعم المقاهي لم تنتعش ، بالنظر إلى زبائننا الأقوياء واستجرارهم العالي لموادنا،اليوم لا يطلبوا
10 % من قيمة الاستهلاك، طريقة طرح كورونا رافقها هلع، مثلاً من يبيع 1500 صندويشة لا يتجاوز 50 منها،تابع :” أغلب الصنّاع عرضوا محالهم للاستثمار نتيجة التضخم الاقتصادي، لذلك لا أرجح التعافي قبل ستة أشهر.
بمعرض حديثنا استندنا على تصريح رسمي نشر بأزمة جائحة كورنا العالمية وتدابيرها الوقائية ،قال فيه رئيس “صناعة” دمشق: 131 ألف منشأة مستمرة بالعمل لمواجهة تداعيات “كورونا ، عند معرفتنا اذا كانت منشأة الصناعي العيطة ضمن العدد المذكور؟ طمأننا مجيب :” صارعنا البقاء مع الألف المذكورة ، لكن دون عائدية ربحية ،لأسباب مثل عدم قدرة المواطن الابتياع ، نحن مجال تخصصي لا يمكنني تسريح العاملين ، لأن فكرة استحضار كوادرة جديدة وتدريبها ليست سهلة ، بالمجمل نتحمل خسارة مقابل الحفاظ على موظفين وبيوتهم المعيلة من قبلنا.
حول التحديّات التي واجهت صيرورة العمل آنذاك أخبرنا العيطة واصفاً :” تحملنا المشقات كمؤسسة وطنية تحترم المهنية ، ضمن شرطية الاستمرار، اليوم لا نحمل امتياز الإغلاق، من ثم العودة لأنه يعد انسحاب من السوق إلى غير عودة حجم المنافسين غير الشرعيين كبير، بدورنا حاربنا عاماً كاملا أمام هؤلاء لن نستسلم لهم بين ليلة وضحاها.
تابعنا الاستفسار حول معدلات الإنتاج ،كونها عصب المهنة لاسيما على صعيد تسديد أجورعامليها ، من جهته ذكر العيطة مواطن خلل كثيرة ،لكن رغماً عنها تمكنت المنشأة من إيفاء أجور 40 عائلة ، أكد أنهم السبب الجوهري جاء خلف عدم اتخاذ قرار الإغلاق.
أمام هذا الوضع الاقتصادي الاستثنائي والعاجز أمامه أي تبرير حاولنا الأخذ برؤية الصناعي العيطة وخبرته الطويلة بالقطاع ، بجانبه فسر لنا الحالة قائلاً :
“خلال عملي بالمجال لمدة تجاوزت 22 عام ، أتخيل اذا لم نتمكن الوصل لمرحلة نحمي الصناعة الوطنيّة على مستوى تسهيلات الإنتاج، لأن عملية استيراد المواد الأولية مضنية ، وتأمين القطع للاستيراد صعبة،لا ننسى الرسوم الجمركيةعالية
مقارنة بدول الجوارنتيجة عمالتنا المحليّة التي أصبحت بالخارج، عداك عن الطرق غير الشرعية المتبعة بتسويق البضاعية الغير محلية . تابع العيطة ذاكراً ثمة تدابير وقائية يجب اتخاذها للتصدي لما نشهده اليوم من تدهور بالوضع المعيشي! مبرهناً: ” لا أخفيك المهنة وضعها حرج،الاستمرار بها يتوجب لفتة جديّة من الجهات المعنية إليها لحماية المنتج الوطني كي نعيد النهوض بالصناعة الوطنيّة، مثلما كانت قبل عشر سنوات حينما كانت صناعة حقيقية ، لا ننسى مؤشر ارتفاع الأسعار الجنوني ، خلق حالة ذعر عند الصناعيين، كونه محكوم بسعر الصرف نتيجة غياب الدعم للصناعة الوطنية، لابّد الانتقال من مرحلة رد الفعل لمرحلة التفكير الاستراتيجي بدعم الصناعة المحليّة. حاولنا التماس خيط أمل ، متوسمين خيراً بعودة القطاع ، ربما سيساهم برفع سوية الوضع الاقتصادي المعاش ! حول التداعيات الراهنة وضّح العيطة مصرّحاً:
“انحدر القطاع الخدمي بشكل كبير، حتى على مستوى المدن الكبيرة والاستثمارات الباهظة ، لأن هوامشه الربحية غير مجدية، بالتالي كل القطاعات المرتبطة به تنهار. تابع : بالسنوات الماضية شهدنا ارتفاع بعدد المطاعم التي افتتحت ، مثلاً كل منشأة صناعية فتح مقابلها 6مطاعم ،بالنظر لرأس المال التأسسي للمطعم تبين أنه يفوق تأسيس ورشة صناعية بأضعاف، اليوم فجأة جمدت رؤوس الأموال بقرارات الإغلاق ،بالتالي النهوض بالاقتصاد عبرها بات أمر مربك للغاية.

نتيجة الضغوط المحيطة بنا ، بتنا نطلق الحكم على فعل ارتياد المطاعم المقاهي ،أنه تحول من مطلب معيشي إلى نشاط ترفيهي يمارسه طبقة مجتمعية معينة ، حول هذا الحكم شاركنا العيطة بالرأي قائلاً: خلال سنوات الأزمة السورية ، المطعم كان الخيار الوحيد لأي نشاط لذا كانت مطلب معيشي، كلفته ليست فوق الخيال ، مع أزمة كوفيد 19 اضلعت المطاعم بالإغلاق، لم يعد لدى أغلبية المواطنين تحمل تكاليفه ، سرعان ما رفعت الأسعار لتعويض الخسارات ، وتابع :”لا ننسى الأمور التدخينية مشجعة للزبون ، التي مازالت ممنوعة التدوال، يمكننا اعتباره أمر ترفيهي تنافسه بدائل تسلية أخرى خلقها الشعب.

Optimized by Optimole