بائع خاسر تحت جسر الرئيس

بائع خاسر تحت جسر الرئيس
Spread the love

خاص شجون عربية – دمشق – بقلم: صفاء صلال — “خيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ” اللوحة التي يجلس أمامها الستيني أكرم كلثوم المعروف بأبي طلال فوق كرسي مشبك جيداً, محاطاً بجيش حولهُ من الكتب كلما تلفت يمنة أو يسرة, تحت جسر الرئيس وسط العاصمة السورية دمشق, تروي تجاعيد وجههُ رواية لم تكتب أحداثها بعد على الرغم من عشرات الروايات التي باعها وقرأها.
يقول أبو طلال: “أمة إقرأ لا تقرأ “. يتوقف عن الحديث للحظات, يخرج من جيبه سيكارة حمراء طويلة, يضعها بين أصابعه , يستأنف حديثه ,يتلهى عن إيقادها, ” لو نملك شعوباً تقرأ لما وصلنا إلى هذه المرحلة .. والله .. أصبحنا مجتمعات مستهلكة فقط ..”
“مثلما تنمي عضلات جسمك عليك بتنمية عقلك” مضيفاً “أكثر ما يطلبه اليوم الشباب من كتب التنمية البشرية وأحلام مستغانمي وهذه الكتب التي لا تنمي أي فائدة.. حرام والله”.
يكمل حديثه: “المفروض أن يكون بائع الكتب قارئاً وإن لم يكن فليذهب لبيع البندورة, لأنني كادح اخترت هذه المهنة .. كادح وقارئ”.
يشير أبو طلال بسبابته على بعد بضعة أمتار قليلة منه “هناك حيث سقطت قذيفة عام 2013 , لكنني لم أبرح مكاني يضيف “الأرض أرضنا ولاخيار لنا سوى بالبقاء”. يستأنف حديثهُ قائلاً: “منذ 2011 لم أغير مكاني, كنت كل صباح أحضر جريدتي وكاسة الشاي لأشربها”.
أبو طلال قارئ من الطراز الأول وفصيح لكنه يخشى الكتابة ويمتلك خطاً جميلاً, على الرغم من أنه حاصل على شهادة التعليم الأساسي فقط ويفضل قراءة الكتب التي تتحدث عن الإشكالات الدينية التي تحفز العقل على الفكر حسب وصفه.
“القراءة ملكة حقيقية تحتاج إلى استحواذ كل قواك كي تقرأ وهذا ما نفتقده اليوم “، يكمل حديثه : “ليس الأفضل أن تكون كاتباً بل أن تكون قارئاً ذكياً محترفاً لديك نظرة عميقة بما تقرأ”.
لا يرى أبو طلال نفسه سوى بائع للكتب ويصف نفسهُ بأنه تاجر فاشل. يختم حديثهُ : “بائع الكتب مثل الريح التي تُسيّر الشراع وأنا أسيّر القارئ نحو القراءة الهادفة”.

Optimized by Optimole