الحملة الصينية تحوّل إقليم شينغيانغ الى مدينة أشباح
بقلم:تي جوبلين – ترجمة: هبة الزغيلات —
تواجه الصين اتهامات وانتقادات دولية بشأن إحكام قبضتها على الأقليات الدينية في السنوات الأخيرة بشكل كبير ولأسباب مختلفة، وهو الأمر الذي أثار قلق المنظمات والمؤسسات الإنسانية حول العالم التي اتهمتها بالتمييز على أساس ديني وعرقي خاصة في تعاملها مع الأقلية المسلمة في إقليم “سنجان” المعروف بـ “شينجيانغ”.
وفقًا لسياسية السلطات الصينية، فإن أي صحفي يحاول دخول المقاطعة “سنجان” والتي تقع أقصى شمال غرب البلاد يتم تعقبه وإجباره على المغادرة فورًا.
وعلى الرغم من الإجراءات الصارمة التي تجعل الدخول الى هذه المقاطعة أمرًا شبه مستحيل، الا أنموقع البوابة تمكن من الحصول على صور حصرية تثبت حملة “مناهضة الحلال” والسياسيات المفروضة على الأويغور ومسلمي الـ”هوي” (وتلفظ خوي) من ممارسة شعائرهم الدينية بحريّة.
وتوثق الصور، التي التقطتها ونشرتها الدكتورة جوان سميث فينلي، محاضرة في الدراسات الصينية في جامعة نيوكاسل، ما آلت اليه المساجد في “سنجان” حيث تمت إحاطتها بأسلاك شائكة لمنع المسلمين من الوصول إليها بالإضافة الى المطاعم التي تعرضت عبارات “حلال” للتشويه بشكل متعمد.
وتًعد الصور التي قدمتها الدكتورة “فينلي” شاهدًا نادرًا على منطقة تتعرض لتعتيم إعلامي شامل من قبل حزب الحزب الشيوعي الصيني الحاكم.
إغلاق مسجد Yan’anlu في أورومتشي، شينجيانغ بالأسلاك الشائكة
تم ازالة لافتة (الحلال) من جميع واجهات المطاعم
وفي ظل التقارير التي تشير الى مضاعفة السلطات الصينية قبضتها على شعوب الأويغور (هم شعوب تركية ويشكلون واحدة من 56 عرقية في جمهورية الصين الشعبية، ويتركزون في منطقة تركستان الشرقية ذاتية الحكم) ومسلمي كازاخستان وكذلك المسيحيين، حيث تم إرسال أكثر من 3 مليون الى “مراكز التدريب المهني” والتي وصفتها تقارير دولية بأنها معسكرات اعتقال.
وفي خضم الضغط الدولي المتزايد على الصين، قام الحزب الشيوعي الصيني الحاكم (CCP) بتشريع برامج المراقبة والاحتجاز على هذه المعسكرات.
تم اغلاق هذا المطعم الذي يقدم خدماته للمسلمين الاويغور مع ازالة كلمة حلال من على الافته
وأفادت صحيفة تابعة للحزب الحاكم مطلع شهر أكتوبر الجاري، أن إقليم “سنجان”، قام بتعديل تشريعات من شأنها السماح للسلطات المحلية “بتعليم وتعديل سلوك” الأشخاص المتأثرين بالتطرف في “مراكز التدريب المهني”.
وقالت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست”، إنّ مصطلح “مراكز التدريب المهني” تستخدمه الحكومة في الأصل، لوصف شبكة من مراكز الاعتقال تعرف باسم مخيمات “إعادة التلقين”
ودأبت الحكومة الصينية على نفي مزاعم وجود معسكرات محتجز فيها نحو مليون مسلم في سنجان، أغلبهم من أقلية الأويغور.
وفي شهر أغسطس/ آب الماضي، طالبت لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة، الصين، بالإفراج فورًا عن مسلمي الأويغور، المحتجزين بشكل غير قانوني فيما أسمته بـ”معكسرات إعادة التثقيف السياسي”.
وقدّرت اللجنة عدد المحتجزين بشكل غير قانوني في تلك معسكرات بنحو مليون شخص، في ظل غياب إحصاءات رسمية.
صورة مساجد فارغ في إشارة إلى ان السلطات تقوم بمراقبة المصلين وتضع دروع مكافحة الشغب على مدخل المسجد
مناهضة الحلال
وأطلقت قيادة الفرع المحلي للحزب الشيوعي الصيني الحاكم في أورومتشي، عاصمة “سنجان، حملة ضد المنتجات الحلال لمنع الإسلام من التسلل إلى الحياة هناك.
وأفادت مذكرة نشرها الحساب الرسمي للمدينة على موقع (وي تشات)، أشهر مواقع التراسل في الصين، بأن زعماء الحزب الشيوعي في أورومتشي قادوا كوادره للقسم على “خوض معركة حاسمة ضد الأطعمة الحلال”، بدءا من اللحوم وانتهاءا بمعجون الأسنان وذلك لاجبار المسلمين على استخدام منتجات تخالف شعائر دينهم.
في البداية، قالت الدكتورة “سميث فينلي” بأن مسؤولي الحزب قاموا بخلع لافتات (حلال) من واجهات المطاعم، ثم استبدلوها بلافتات كتب عليها عبارات تشير الى عدم وجود أي شعيرة ديني في المطعم، وذلك لتجنب المشاكل مع الحزب الحاكم، مشيرة الى أن بعض مالكي المطاعم عمدوا الى فتح مطاعم جديدة بعلامات تجارية جديدة وذلك لإخفاء هويتهم القديمة، أي أنهم باتوا يشاركون في الرقابة الذاتية التي يفرضها الحزب.
السؤال يبقى معلقًا: لماذا ترفض الصين للويغور حق تقرير المصير؟
والإجابة تحمل شقي حقيقة، الشق السياسي أو الجيوبوليتيكي، والشق الاقتصادي. فأرض الويغور تبلغ مساحتها 1600000 كيلومترًا مربع، وتشكل سدس مجمل مساحة الدولة الصينية، تقع على الحدود بين مونغوليا وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستانن وطاجيكستان وباكستان والهند وكشمير وأفغانستان إضافة إلى الصين بطبيعة الحال. بما يجعل منها بوابة إستراتيجية للمناورات الصينية في آسيا الوسطى، أو شرق آسيا على العموم.
المصدر: موقع البوابة