أزمة البنزين: الله لن يترك سوريا

أزمة البنزين في سوريا
Spread the love

دمشق – صفاء صلال – على مقربة من طابور السيارات الممتد على مد البصر عند الشارع المجاور لمحطة الجلاء للوقود في منطقة المزة الراقية غرب دمشق، نجح رجال ثلاثة في عقدهم الرابع من عقد حلقة دبكة “بنزينية”. فيما تدل الموسيقى على شبابية الدبكة لاقترابهم من الدور نوعاً ما، كانت خطواتهم الثلاث والخبطة الرابعة على الأرض كفيلة بتخفيف مؤقت عن نفوس عذبها الانتظار اصطفت منذ الساعة 7 صباحاً.
يقول العم أبو وليد : “كل خطوة نتقدمها في الدور نعقد لها دبكة. فخطوة للفرح وخطوة للانتظار وخطوة فشة قهر “لحظات ويستأنف حديثهُ بس الدبيك واحد” ويضحك.
يرتشف أبو مهند كأس الشاي ويقول بصوت اخترق آذان المنتظرين: “لولا عفو الله كان هل بلد ضاعت من زمان”.. ويتمتم.
على الطرف المقابل لنفس الشارع، يدفع الشاب الثلاثيني سيارته ليتقدم بالدور بعد أن نفذ البنزين من خزان سيارته، يصف ود وضحى التقدم بالدور والحصول على البنزين وكأنه في ليلة عرسه، ويقول: “الشعب السوري أصبح لديه مناعة خلال الحرب”، ويضيف: “الله يفرّج”.

وصلني بطريقك:
فيما يكابد السوريون حصاراً اقتصادياً لم تشهده أي دولة من قبل، بادر عدد من السوريون إلى إنشاء عدد من المبادرات الطوعية على مواقع التواصل الاجتماعي.
“وصّلني بطريقك” مبادرة لقيت استحساناً لدى السوريين. يقول محمد أحد المتطوعين في المبادرة: “فكرة المبادرة هي إن كل شخص بسيارته وعلى طريق عمله أو المكان الذي يقصده قادر على توصيل أشخاص قاصدين المنطقة نفسها من خلال الاتفاق على إشارة معينة والوقوف بمكان معين عن طريق بوست ينشر على الغروب على الفيسبوط وتحديد ساعة الانطلاق” . ويكمل: “يجب أن نضع يداً بيد خلال الأزمة لنخفف عن بعض”.
لم تقتصر المبادرات على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قام عدد من المجموعات التطوعية بتوزيع الكتب والأكل وحتى الورد على السائقين المنتظرين.
واللافت قيام فرقة عراضة شامية بأداء استعراض لها أمام إحدى المحطات (الكازيات) في منطقة المزة وانقسم الشارع السوري إلى مؤيدين ومعارضين لها.
تعلق عليها السيدة الأربعينة غفران وهي مهندسة: “هم بيضحك وهم ببكي” وتكمل: “أكره أن أقلب واقعاً مؤلماً إلى ضحكة لأنه هكذا نحن نكون نضحك على حالنا”.
فيما اتخذ بعض المعلنين من المثل الشعبي “مصائب قوم عند قوم فوائد” فرصة للإعلان والترويج عن منتجاتهم على طوابير الانتظار.
يقول السائق علي والعرق يتصبصب على جبينه بلظى الشمس الحارقة: “بالنسبة لنا نحنا واقفون بكل الأحوال وعند التجار رب ضارة نافعة”.

الأوكتان 95:
افتتحت وزارة النفط محطتين متنقلتين تبيعان البنزين نوع أوكتان 95 بسعر 600 (نحو 1.25 دولار) ليرة سورية، وذلك تلبية للمطالب بتأمينه حسب وصف المكتب الصحافي لوزارة النفط السورية.
مصادر رسمية أعطت مهلة عشرة أيام لانفراج الأزمة نوعاً ما.
وشهد النقل بين المحافظات السورية ارتفاعاً ملحوظاً بأسعاره حيث وصل سعر الانتقال من دمشق إلى اللاذقية ما بين 7000-9000 ليرة سورية (بين 15 و20 دولاراً) للشخص الواحد بالفان.
الأزمة التي يعيشها السوريون لا تقتصر على أزمة البنزين، التي غضت النظر عن الغلاء الفاحش الذي تشهده الأسواق السورية.
يقول أبو عمر في عقده السادس وتجاعيد وجه وكفتاه تحاكي خطوط الرصيف الذي يجلس عليه بانتظار قدوم سرفيس “مزة جبل”: “في أيام الحرب ما كان هناك هكذا غلاء”. بعد شهقة مدوية يتساءل: “شو عم يصير؟”.
وتشهد سوق الأوراق المالية ارتفاعاً ملحوظاً بسعر صرف الدولار الذي وصل إلى 570 ليرة سورية.
يعلق عليها أبو مجد المعتكف بين جموع المنتظرين بطابور محطة الأزبكية: “الله يرحم أيام كان الدولار بـ35 ليرة سورية”.

سياسياً:
شهدت دمشق حركة سياسية مكوكية خلال أسبوع واحد تجلت باستقبال الرئيس بشار الأسد لوفدين عراقي يرأسه مستشار الأمن الوطني فالح فياض، وآخر إيراني يرأسه وزير الخارجية محمد ظريف. وتشير التقديرات والمعطيات إلى أن الوفدين جاءا لتقديم حلول للدولة السورية خلال الحصار الاقتصادي الذي تعيشهُ اليوم ووصفه مراقبون أنه أفظع حصار في تاريخ البشرية.
أمام كل ما ذُكر سابقاً هناك ساعات أمل وألم يقضيها المنتظرون على مختلف الطوابير السورية، يتخللها لحظات استرخاء وراحة لشحذ الطاقة لإكمال بقية اليوم، وهم يعلمون أنه لا خيار أمامهم سوى الانتظار الذي يحاكي نفسهُ والايمان بأن الله لن يترك سوريا.

Optimized by Optimole