كوارث الطبيعة تسببت بخسائر بلغت مليار دولار

كوارث الطبيعة تسببت بخسائر بلغت مليار دولار
Spread the love

هل ينجح نظام الإنذار المبكر في الحد منها؟

شجون عربية – بقلم: محمد صلاح عبد الجواد |
أعلن أنطونيو غوتيرس الأمين العام للأمم المتحدة، اعتزام الهيئة الدولية بناء نظام تحذير مبكر للكوارث الطبيعية حول العالم، للحد من الخسائر المادية والبشرية التي تسببها الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيّر المناخي.
ويذكر أن الكوارث الطبيعية في العقدين الماضيين تسببت في مقتل 123 مليون شخص وخسائر تُقدر بنحو 202 مليون دولار، يوميًّا، خلال تلك الفترة الزمنية، لذلك قررت الأمم المتحدة تنفيذ نظام تحذير مبكر عالمي بتكلفة مبدئية تصل إلى 1.5 مليار دولار، يبقى كل شخص حول العالم على معرفة طوال الوقت ما إن كان في خطر التعرض لكارثة طبيعية أم لا، وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن الإعلان الرسمي للمشروع الجديد سوف يكون في قمة المناخ القادمة في مدينة شرم الشيخ المصرية (COP 27)، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

خسائر الكوارث الطبيعية تضاعفت في آخر عقدين
في تشرين الأول/أكتوبر عام 2020، أصدرت هيئة الأمم المتحدة للحدّ من مخاطر الكوارث، تقريرًا يوضح كيف هيمنت الأحداث المناخية المتطرفة على مشهد الكوارث في القرن الحادي والعشرين.
ويظهر في التقرير أنه في الفترة من 2019 إلى 2000 ، كان هناك 7348 حادثًا كارثيًّا مسجلًا أودى بحياة 1.23 مليون شخص، بالإضافة إلى ما سببه من خسائر معنوية ومادية لما يقرب من 4.2 مليارات شخص. وقد وصلت تلك الخسائر إلى ما يقرب من 2.97 تريليون دولار أمريكي في الاقتصادات العالمية المختلفة.
هذه الإحصائيات تبرز زيادة حادة مقارنة بالعشرين سنة التي سبقت تلك الفترة بين عامي 1980 و1999. فقد سجلت في هذه الفترة 4212 كارثة ارتبطت بالمخاطر الطبيعية في جميع أنحاء العالم، أدت إلى حصد أرواح ما يقرب من 1.19 مليون شخص، وكبدت 3.25 مليار شخص أضرارًا وخسائر، ونتج عنها خسائر اقتصادية قدرت بنحو 1.63 تريليون دولار أمريكي.
ويعزى الارتفاع الملحوظ في عدد الكوارث الطبيعية خلال الأربعة عقود الماضية إلى حالة التغير المناخي التي يمر بها كوكب الأرض الذي يشهد ارتفاعًا ملحوظًا في درجة الحرارة وكثافة في هطول الأمطار. وكانت أكثر الكوارث الطبيعية التي تأثرت بارتفاع درجة الحرارة هي الفيضانات؛ فقد شهدت السنوات العشرون الماضية عدد فيضانات أكبر بأكثر من الضعف،إذ بلغت 3254 فيضانًا مقارنة بنحو 1389 في العقدين السابقين، فضلًا عن ازدياد معدل حدوث العواصف من 1457 عاصفة إلى 2034 عاصفة.
كذلك يسجل تقرير «التكلفة البشرية للكوارث 2019/ 2020 ” زيادات كبيرة في فئات أخرى من الكوارث الطبيعية، ومنها الجفاف وحرائق الغابات وظواهر درجات الحرارة الشديدة، فيما كان هناك أيضًا ارتفاع في الأحداث الجيو-فيزيائية، ومنها الزلازل وأمواج تسونامي التي قتلت عددًا أكبر من الأشخاص أكثر من أيٍّ من الأخطار الطبيعية الأخرى.

الأمم المتحدة تسعى لتطبيق نظام تحذير مبكر.. فما هو؟
نظام الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية، هو نظام متكامل يسمح للناس في بقاع العالم كافة، بمعرفة ما إن كان الطقس الخطير في طريقه إليهم أم لا، وإن كانت حالة الطقس هذه سوف ينتج منها كارثة طبيعية، مثل الأمطار الغزيرة التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث فيضانات مدمرة.
وسوف تكون الرسائل التحذيرية في صورة رسائل نصية تصل للشخص عبر هاتفه النقال أو من خلال البريد الإلكتروني، أو عبر منصات التواصل الاجتماعي. ولن تكون الرسائل التحذيرية هي المساعدة الوحيدة التي يقدمها النظام للمستفيدين، بل سوف يحصل الشخص المعرّض للخطر على نصائح وخطوات تساعده على تفادي أكبر الخسائر خلال تلك الكارثة.

“نظام تحذير مبكر” من الكوارث الطبيعية.. فهل ينجح في الحد من الخسائر العالمية؟

نظام الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية سوف يعمل أيضًا على مراقبة الظروف الجوية وحالة الأخطار الطبيعية في الوقت الفعلي على اليابسة والبحر، والتنبؤ بفعالية بما إن كانت حالة الطقس والمناخ المستقبلية سوف تؤدي إلى كارثة أم لا. وسوف يعتمد النظام بالأساس على آليات الذكاء الاصطناعي ونماذج رقمية حاسوبية متقدمة.
ولن يكون نظام الإنذار المبكر مجرد برمجيات فقط، بل سوف يتضمن أيضًا خطط استجابة متفق عليها مع الحكومات والمجتمعات لتقليل الآثار المتوقعة، كما سوف تتاح الفرصة لكل الدول الشريكة بالتعاون في بناء هذا النظام وإدارته من أجل التحسين المستمر للاستجابات للكوارث الطبيعية المدمرة.

إنفاق 800 مليون دولار سنويًّا يحافظ على 16 مليار دولار!
أنظمة الإنذار المبكر ليست بالأمر الجديد، بل هي موجودة بالفعل في عدد كبير من دول العالم. إنما لا يزال واحد من كل ثلاثة أشخاص حول العالم محروماً من أي اتصال مع أي وسيلة تخبره إن كان سوف يتعرض لكارثة قريبة منه أم لا. فعلى سبيل المثال، 60% من سكان قارة أفريقيا لن يعرفوا حاليًا إن حدثت كارثة طبيعية بالقرب منه أم لا.
لذلك قررت الأمم المتحدة، إلى جانب عدد من الشركاء، تفعيل استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار في أنظمة الإنذار المبكر على مدى السنوات الخمس المقبلة، لا سيما في البلدان التي تشتد فيها الحاجة، مع وجود توقعات بأن تجلب هذه الأنظمة عائدًا كبيرًا على هذا الاستثمار.
وتفيد تقارير الأمم المتحدة بأن كل 800 مليون دولار تنفق سنويًّا على مثل هذه الأنظمة، تساعد على تجنب ما يصل إلى 16 مليار دولار من الأضرار كل عام في الدول النامية، بالإضافة إلى منح الناس مزيد من الوقت للاستعداد والعثور على مأوى.

البيئة
يذكر أن ميثاق غلاسكو للمناخ، المتفق عليه في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP26) في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أكد الحاجة الملحة إلى توسيع نطاق العمل لتعزيز القدرة على التكيّف، وتعزيز المرونة وتقليل التعرض لتغير المناخ. كما حث البلدان المتقدمة على التوسع بشكل عاجل وكبير في توفير التمويل المتعلق بالمناخ، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات في الدول التي تفتقر لأنظمة مواجهة الكوارث الطبيعية. فهل ينجح نظام الإنذار المبكر المزمع إطلاقه، في الحد من خسائر الكوارث الطبيعية؟

Optimized by Optimole