البنك الدولي: الإمارات والأردن وتونس الأفضل عربياً في الطاقة المستدامة

البنك الدولي: الإمارات والأردن وتونس الأفضل عربياً في الطاقة المستدامة
Spread the love

بقلم: عبدالهادي النجّار — أشار تقرير دولي إلى وجود تباينات كبيرة بين الدول العربية في سياساتها الهادفة لاستدامة قطاع الكهرباء، مع وجود ضعف ملحوظ في ترتيباتها لتعزيز كفاءة الطاقة. التقرير الجديد الصادر عن البنك الدولي بعنوان «مؤشرات تنظيمية للطاقة المستدامة» يصنف أداء السياسات لـ 111 بلداً في ثلاثة مجالات، هي: الحصول على الطاقة، وكفاءة الطاقة، والطاقة المتجددة.
يهدف التقرير إلى مساعدة الحكومات على تقدير ما إذا كان لديها سياسة وإطار تنظيمي فاعلين في دفع عجلة التقدم في مجال الطاقة المستدامة، وهو يحدد المجالات التي يمكن بذل مزيد من الجهد فيها لاجتذاب الاستثمارات الخاصة. كما أنه يوفر أداة تتيح لكل بلد تقييم أدائه مقارنة بالبلدان الأخرى، ورصد ما تحقق من تقدم على مر الزمن.
يتضمن التقرير 27 مؤشراً و80 مؤشراً فرعياً، ويتناول بالفحص أكثر من 3000 وثيقة عن القوانين واللوائح والسياسات. كما أن بياناته متاحة على منصة إلكترونية تتيح للمستخدمين تحري المعلومات التي يحتاجونها عن قطاع الكهرباء في أي بلد وإطار سياساته العامة.
ففي أفريقيا جنوب الصحراء، ما زال 600 مليون شخص يعيشون من دون كهرباء. و40 في المئة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء لم تتخذ تقريباً أياً من تدابير السياسات اللازمة لتسريع الحصول على الطاقة، مقارنة بأقل من 10 في المئة من البلدان الآسيوية. وتشمل الاستثناءات كينيا وتنزانيا وأوغندا التي لديها أطر قوية للسياسات.
ويشير التقرير إلى أنه من أجل تحسين فرص الحصول على الكهرباء، يجب أن يكون هناك توازن أفضل بين القدرة على جعل الكهرباء ميسورة التكلفة للعملاء، وعدم تقويض الجدوى المالية للمرافق التي تحتاج إلى استثمارات.
ويذكر أنه في العديد من البلدان، لا يولي واضعو السياسات القدر نفسه من الاهتمام لكفاءة الطاقة الذي يمنحونه للطاقة المتجددة، لا سيما في الدول النامية. فتدابير كفاءة استخدام الطاقة عادة هي أكثر السبل فعالية من حيث التكلفة لتحويل قطاع الطاقة إلى صديق للبيئة. وتتصدر الولايات المتحدة دول العالم في كفاءة الطاقة تليها الدنمارك ورومانيا فكندا ثم كوريا الجنوبية. ويرى التقرير أن التدابير الرامية إلى تعزيز الطاقة المتجددة، مثل الأهداف والحوافز والمؤسسات، منتشرة على نطاق واسع. فلم يعد التحدي يتمثل في كيفية بناء محطات للطاقة المتجددة، ولكن في كيفية ضمان الاندماج الكامل للقدرات المتنامية للطاقة المتجددة في منظومة الكهرباء واستخدامها في توليد الكهرباء.
ولذلك نرى معظم دول شمال أوروبا في طليعة دول العالم التي وضعت الأطر التشريعية وتبنت السياسات المتصلة بمصادر الطاقة المتجددة، على رغم أنها لا تزال تعتمد على الفحم لتوليد نحو ثلث حاجتها من الكهرباء. الدنمارك تأتي في صدارة الدول التي تدعم الطاقة المتجددة، بحيث تغطي الرياح حالياً نحو 43 في المئة من حاجتها للكهرباء. وتأتي هولندا في المرتبة الثانية وهي تعتمد، إلى جانب الفحم، على الغاز بنسبة 51 في المئة، وعلى مصادر الطاقة المتجددة المختلفة بنسبة 15 في المئة. وتليهما ألمانيا وسويسرا وبريطانيا.
إن نتائج التقرير الإجمالية تظهر ريادة دول الشمال في الطاقة المستدامة، إذ تأتي الدنمارك أولاً تليها كندا والولايات المتحدة ثم هولندا وألمانيا. كما يوجد عدد متزايد من البلدان النامية، مثل المكسيك والصين وتركيا والهند وفيتنام والبرازيل وجنوب أفريقيا، تبرز في ريادة الطاقة المستدامة من خلال تطبيق سياسات لمساندة الحصول على الطاقة، والطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة.
التقرير تضمن تقييماً لسياسات الدول العربية باستثناء العراق وسورية وليبيا وفلسطين وعُمان وجيبوتي وجزر القمر. ومن بين الدول العربية الخمس عشرة التي لحظها التقرير نجد أن كل الدول تحقق لمواطنيها إمكانيةً جيدةً للحصول على الطاقة الكهربائية باستثناء السودان، وموريتانيا، واليمن، والصومال التي جاءت في ذيل القائمة عربياً وعالمياً.
في مؤشر كفاءة الطاقة، تونس هي الوحيدة بين الدول العربية التي اتخذت ترتيبات جيدة لتعزيز الكفاءة، وبدرجة أقل تأتي الإمارات في المرتبة الثانية ثم الأردن والجزائر والسعودية وقطر ومصر والمغرب ولبنان على التوالي. أما بقية الدول، بما فيها البحرين والكويت اللتان تتمتعان بدخل مرتفع، فتعتبر سياساتها لتعزيز كفاءة الطاقة سيئة. وهذا يستدعي من جميع الدول العربية إعادة النظر في ترتيبات الكفاءة لخفض الفاتورة الوطنية التي تدفعها لخدمات الطاقة، وفي الوقت ذاته خفض الانبعاثات الملوثة للبيئة والمسببة للاحتباس الحراري.
أما في مؤشر الطاقة المتجددة، فتعتبر السياسات التنظيمية التي تتبناها الأردن هي الأفضل عربياً، تليها الإمارات في المرتبة الثانية، وهي سياسات جيدة مقارنة ببقية دول العالم. وتأتي بعدهما مصر والمغرب بسياسات تنظيمية معقولة، وبدرجة أقل الجزائر وتونس وبقية الدول. ومن اللافت أن نجد دولاً ذات دخل مرتفع أو فوق الوسط، هي السعودية ولبنان والبحرين، بين الدول التي تحتاج لمراجعة سياساتها التنظيمية الخاصة بالطاقة المتجددة في شكل عميق.
إجمالاً، جاءت الإمارات في المرتبة الأولى عربياً (المرتبة 28 عالمياً) وفقاً لمؤشراتها التنظيمية للطاقة المستدامة وتنافسها الأردن في المرتبة الثانية. أما تونس فحلّت في المرتبة الثالثة لحاجتها إلى مراجعة سياساتها التنظيمية الخاصة بالطاقة المتجددة، وتليها مصر ثم المغرب والجزائر، وفي مراتب متوسطة نجد قطر ثم السعودية فالكويت ولبنان، وتليها البحرين ثم السودان فاليمن وموريتانيا والصومال.
وجاءت السعودية في المرتبة الأولى عربياً في كمية الكهرباء التي تم توليدها إذ بلغت نحو 275 تيراواط. تلتها مصر بـ 168 تيراواط، فالإمارات بـ 110 تيراواط. أما من ناحية الحصص الفردية بعد الأخذ في الاعتبار تعداد السكان، فنجد قطر في الصدارة إذ بلغت حصة الفرد 17.3 ميغاواط في 2014، تليها الكويت بـ 16.7 ميغاواط ثم الإمارات بـ 12 ميغاواط فالبحرين بـ 11.8 ميغاواط والسعودية بـ 8.7 ميغاواط. من الواضح أن حصص الأفراد في الدول الخليجية تبلغ أضعاف المتوسط العالمي، وهذا الفارق الكبير ربما يشير إلى حصول هدر غير مبرر في استهلاك الكهرباء أكثر مما يدل على رغبة الحكومات في تلبية الحاجات الفعلية للمواطنين، بما في ذلك متطلبات الخدمات العامة والمؤسسات الصناعية والتجارية.
الوفرة في كمية الكهرباء خليجياً تعكسها أرقام انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، فنجد أن قطر التي جاءت في الصدارة بأعلى حصة فردية في الكهرباء تتصدر دول العالم بأعلى حصة فردية في الانبعاثات التي تصل إلى 39.74 طن في السنة، أي ما يزيد عن ثمانية أضعاف المتوسط العالمي الذي يبلغ 4.75 طن للشخص الواحد سنوياً. وهذا الوضع ينطبق أيضاً على الكويت والإمارات والبحرين والسعودية.
مصادر الطاقة المستخدمة في توليد الكهرباء عربياً هي في مجملها من الوقود الأحفوري، وأهمها الغاز الذي يعتبر نظيفاً نسبياً مقارنةً بأنواع الوقود الأحفوري الأخرى، وهو ساهم في توليد 60 في المئة من كهرباء 2014، علماً أن قطر والإمارات والبحرين وتونس والجزائر هي الأكثر اعتماداً على الغاز لتأمين احتياجاتها من الكهرباء. في المرتبة الثانية يأتي زيت الوقود (الفيول الثقيل) بمساهمة مقدارها 31 في المئة، وعليه تعتمد موريتانيا والكويت وبدرجة أقل مصر والسعودية والأردن.
بعيداً عن التصريحات الرسمية، يبدو أن أرقام الطاقة العربية في تقرير المؤشرات التنظيمية للطاقة المستدامة الصادر عن البنك الدولي تتحدث لغة أخرى. فقلة من الدول حققت مؤشرات جيدة مقارنة ببقية دول العالم، ويصبح الأمر محرجاً عندما يرتبط بحماية البيئة، فكفاءة الطاقة غير ملحوظة في السياسات العربية، أما الطاقة المتجددة وتطبيقاتها فهي غائبة أو متدنية في معظم البلدان.

المصدر: صحيفة الحياة

Optimized by Optimole