كشمير معزولة عن العالم بعد شهر من إلغاء الهند لوضعها الخاص

Spread the love

هيثم مزاحم /
لا يزال التوتر على أشده بين الهند وباكستان رغم مرور شهر على إلغاء الهند الوضع الخاص
مرّ شهر على إعلان السلطات الهندية عن إلغاء المادة 370 من الدستور التي تمنح إقليم جامو – كشمير وضعاً خاصاً، وفرضها حظراً كاملاً على الإقليم وقيوداً على سكانه في تنقلاتهم واتصالاتهم. ورغم إعلان الهند عن تخفيف هذه القيود إلا أن الاتصالات الهاتفية والإنترنت والبث التلفزيوني لا تزال مقطوعة في المنطقة، ويمنع دخول الصحافيين الأجانب إليها.

فقد ألغى مرسوم رئاسي صدر في 5 آب- أغسطس المادة 370 من دستور الهند التي تضمن حقوقًا خاصة لولاية جامو – كشمير ذات الأغلبية المسلمة، وهي الشطر الخاضع لسيطرتها من الإقليم، بما في ذلك الحق في دستورها الذاتي واستقلالها في سن قوانين بشأن جميع المسائل باستثناء الدفاع والاتصالات والشؤون الخارجية.

وقد فرضت السلطات الهندية حظراً كاملاً على الولاية لمدة 30 يوماً حيث قطعت الاتصالات الهاتفية والإنترنت والبث التلفزيوني في المنطقة، وفرضت قيوداً على التنقل والتجمع، ومنعت الصحافيين من دخول المنطقة. حتى أنها منعت وفداً من حزب المؤتمر الهندي العريق من دخول الإقليم وأجبرته على العودة من مطار سيريناغار في كشمير.

وخلال هذا الشهر، دارت في مدينة سريناغار مركز الإقليم صدامات عديدة بين مئات المحتجين على القرار الهندي، والشرطة التي ردت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وكريات من بنادق الضغط باتجاههم.

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان صرّح الأربعاء الماضي قائلاً إن “خطوات الهند تعد انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، كما أنها تشكل تهديداً جاداً للأمن والسلام الإقليمي”، محملاَ المجتمع الدولي مسؤولية منع الهند من الإجراءات غير القانونية والسياسات العدوانية. وشدد على ضرورة رفع حظر التجول في كشمير فوراً.

كلام خان جاء خلال لقائه الأربعاء، في العاصمة إسلام آباد، بوزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، حيث بحثوا “بحث الأوضاع الراهنة الناجمة عن خطوة الهند لإلغاء وضع الحكم الذاتي لجامو وكشمير، والوضع الإنساني المتدهور في كشمير”.

يشار إلى أن السعودية والإمارات العربية المتحدة تحاولان مساعدة باكستان على نزع فتيل التوترات مع الهند حول كشمير المتنازع عليها. فقد كانت دول الخليج العربية ملتزمة بهذه القضية، متسلحة بتجارة سنوية مع الهند بأكثر من 100 مليار دولار. لكنها لا تضغط بما يكفي على نيودلهي لتغيير سياساتها في كشمير وإلغاء مرسوم ضم الإقليم.

وقد سلّط خان أمس الخميس الضوء في مجموعة تغريدات على موقع تويتر على “محنة الشعب الكشميري”. وقال “اليوم هو اليوم الثاني والثلاثون من حصار جامو وكشمير التي تحتلها الهند من قبل قوات الاحتلال الهندية لحكومة مودي”. وأضاف أنه “تحت غطاء الحصار، قتلت القوات الهندية وجرحت وأساءت معاملة الرجال والنساء والأطفال الكشميريين. وتم نقل الرجال وإلقائهم في السجون في جميع أنحاء الهند”.

كما أثار خان مسألة آثار حظر التجول وتعتيم الاتصالات، قائلاً: “لقد نفدت المستشفيات من الإمدادات الطبية؛ هناك نقص في الضروريات الأساسية، لكن انقطاع الاتصالات أدى إلى حرمان الكشميريين من إيصال صوتهم إلى العالم الخارجي وعائلاتهم. الرعب يجد طريقه إلى وسائل الإعلام الدولية”.

وتساءل رئيس الوزراء الباكستاني في سلسلة من التغريدات شديدة اللهجة عن سبب صمت العالم لما قال إنه “انتهاك الهند لجميع القوانين الدولية بما في ذلك القوانين الإنسانية”. وأضاف: “لماذا يصمت العالم؟ هل تموت إنسانية المجتمع الدولي عندما يتعرض المسلمون للاضطهاد؟ ما هي الرسالة التي يتم إرسالها إلى 1.3 مليار مسلم في جميع أنحاء العالم؟”.

وقد أدت خطوة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي المفاجئة بسحب الامتيازات الخاصة لإقليم كشمير إلى زيادة التوتر مع باكستان المجاورة، التي قالت إنها ستخفض من علاقاتها الدبلوماسية مع الهند.

ويرى مراقبون أن خطوات نيودلهي من شأنها السماح للهنود من ولايات أخرى بالتملك في الإقليم، وبالتالي إحداث تغيير في التركيبة الديموغرافية للمنطقة، لجعلها ذات أغلبية غير مسلمة.

ويرى الباحث في مركز الأمن والتعاون الدولي بجامعة ستانفورد الأميركية أصفانديار مير أن خطوة نيودلهي المثيرة للجدل بإلغاء الوضع الخاص لمنطقة جامو وكشمير المتنازع عليها، “تمثل لحظة مهمة في السياسة الإقليمية لجنوب آسيا، وأن هذا القرار كان دافعه السياسة الداخلية الهندية”. وقال إن “آثار هذا القرار سوف تتجاوز الهند وسوف يجبر عدداً من الدول -بما فيها باكستان والصين والولايات المتحدة- على إعادة ضبط سياساتها الخارجية، وسيراقب اللاعبون الرئيسيون الآخرون -مثل تنظيم القاعدة- التطورات عن كثب”.

وأضاف مير أن القرار سيزيد النزاع في جنوب آسيا، إذ ترى باكستان أن الوضع الراهن الذي استمر سبعة عقود قد انتهك رمزياً، وهذا الشعور ينبع جزئياً من رد الفعل السياسي المعاكس في وادي كشمير على التغيير. كما تخشى أن الهند قد تشجع الهجرة إلى المناطق ذات الأغلبية المسلمة في كشمير التي يميل سكانها إلى الاستقلال، أو إلى باكستان، وبهذه الطريقة تتغير ديموغرافية الإقليم.

كما سيؤثر قرار الهند على جهود الولايات المتحدة للتوصل إلى تسوية مع حركة طالبان الأفغانية، وسحب قواتها من البلاد، إذ يمكن أن تساعدها إسلام آباد في ذلك بسبب نفوذها لدى “طالبان”.

وقد تستفيد الجماعات المتطرفة من قرار الهند للتعبئة والتحشيد في كشمير وباكستان والدول الإسلامية الأخرى. فقد أصدر زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في أوائل يوليو/تموز الماضي، رسالة ضد الهند بعنوان “لا تنسوا كشمير”، وستكون خطوة الهند الاستفزازية بشأن كشمير فرصة إستراتيجية لتوسيع مشروع “القاعدة” الجهادي في كشمير، إضافة إلى تنظيمات أخرى كـ”داعش” و”جيش محمد” وغيرهما قد تستهدف الهند أو مصالحها في الخارج.

يشار إلى أن اسم “جامو كشمير”، يطلق على الجزء الخاضع لسيطرة الهند، ويضم جماعات تطالب بالانفصال وتقاوم “الاحتلال الهندي” منذ عام 1989. ويطالب معظم سكان الإقليم المسلمون بالاستقلال عن الهند، أو الانضمام إلى باكستان، وذلك منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، واقتسامهما الإقليم ذي الغالبية المسلمة. وقد خاضت باكستان والهند ثلاثة حروب في أعوام 1948 و1965 و1971، ما أسفر عن مقتل نحو 70 ألف شخص من الطرفين.

وتتهم جهات حقوقية وكشميرية وباكستانية الهند بأنه، منذ بداية التمرد في عام 1989، قُتل أكثر من 100 ألف كشميري، وتعرضت أكثر من 10 آلاف امرأة للاغتصاب، في جامو-كشمير.

ورغم التوتر والمخاوف من اندلاع حربي بين الهند وباكستان، فقد أكد رئيس الوزراء الباكستاني أن بلاده لن تشرع في نزاع عسكري مع الهند، محذراً من خطر اندلاع حرب نووية بين الدولتين. وقال خان في مؤتمر السيخ الدولي في مدينة لاهور في شرق باكستان يوم الاثنين “نحن دولتان مسلحتان بالسلاح النووي اذا زاد التوتر فثمة خطر على العالم من هذا”.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد عرض وساطته لحل الخلاف الهندي – الباكستاني ورفع التوتر بين البلدين حيث قال إنه سيناقش الموضوع مع رئيس الوزراء الهندي على هامش قمة مجموعة السبع في فرنسا التي عقدت الأسبوع الماضي.

المصدر: الميادين نت

Optimized by Optimole