الاستخبارات الإسرائيلية: إيران قد تتحرش بإسرائيل لتصعيد المواجهة مع الولايات المتحدة

Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي —

قد تبادر إيران إلى تصعيد المواجهة مع الولايات المتحدة قريباً ـ هذا هو التقدير الذي يزداد ترجيحاً لدى أجهزة الاستخبارات في إسرائيل والدول الغربية. طبقاً للتحليلات الاستخباراتية هذه، تُلاحَظ لدى النظام الإيراني خيبة أمل عميقة جرّاء عدم قدرته، حتى الآن، على إجبار الولايات المتحدة على إعادة النظر في العقوبات المشددة التي فرضتها على إيران والشركات التي تتاجر معها، وهي العقوبات التي خلقت أزمة اقتصادية خطِرة في إيران. وعلى هذه الخلفية، لا تستبعد التقديرات الاستخباراتية لجوء إيران إلى إطلاق عمليات تحرُّش عند أحد الحدود مع إسرائيل، بغية تصعيد أجواء الأزمة الإقليمية وإجبار إدارة ترامب، بالتالي،على إعادة النظر في خطواتها، بصورة عاجلة وملحة.
كانت إيران قد شرعت في تصعيد إجراءاتها في منطقة الخليج الفارسي منذ مطلع أيار/مايو المنصرم، رداً على تشديد العقوبات الأميركية التي وضعت ضغوطاً ثقيلة جداً على اقتصادها. قبل ذلك، كانت التقديرات الإسرائيلية والغربية تشير إلى أن الإيرانيين يناورون لتمرير الوقت وأنهم يأملون بأن تؤدي خسارة دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 إلى التخفيف من حدة السياسة التي تعتمدها الولايات المتحدة في مسألة المشروع النووي الإيراني. لكن سلسلة الخطوات الإيرانية التي شملت أيضاً ضرب حاويات النفط في الخليج وإرسال طائرات من دون طيارين لضرب منشآت نفطية سعودية (من دون تحمّل المسؤولية عن ذلك)، دلت على تغيير في المنحى السياسي الإيراني: إيران تصعّد من خطواتها على أمل بعودة الولايات المتحدة إلى مائدة المفاوضات.
لكن هذه النتيجة المرجوة لم تتحقق حتى الآن. لم يبدِ الأميركيون قلقاً حيال هذه التطورات ولم يبد الرئيس ترامب، حتى الآن، علامات انجرار إلى حرب تهديدات علنية مع الإيرانيين. ولم تردّ سوق النفط، أيضاً، بارتفاع حاد في أسعار النفط، مثلما كانت تتمنى إيران حيال اعتماد اقتصادها الكلي، تقريباً، على الصادرات النفطية. ولم يحصل أي تغيير في هذه الأمور حتى بعد الهجوم الثاني على حاويات النفط، الأسبوع الماضي. إيران نفسها تنفي أي علاقة لها بالهجمات المتكررة وتلمح إلى أن الأمر مجرد عمل استفزازي من جانب طرف آخر يقصد توريطها مع الولايات المتحدة.
الخطوة الوحيدة التي اتخذها الأميركيون حتى الآن هي نشر البيان – فجر يوم أمس – بشأن إرسال نحو ألف جندي إضافي آخر إلى منطقة الشرق الأوسط، حيال استمرار الأزمة. “الهجمات الإيرانية الأخيرة تؤكد المعلومات الاستخباراتية التي في حيازتنا بشأن سلوك عدواني من جانب القوات الإيرانية ومجموعات تشغلها إيران”، قال أمس القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي، باتريك شنهان، الذي سيُخلي منصبه قريباً، “وهو ما قد يعرّض مواطنين أميركيين ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة للخطر”. وفي إثر القرار بإرسال جنود أميركيين إضافيين، دعت روسيا جميع الأطراف إلى التعقل وضبط النفس.
نظراً إلى أن الأزمة تتطور بصورة بطيئة، قد تجد إيران نفسها مضطرة إلى اتخاذ مبادرة ترمي إلى تصعيدها، وهو ما يمكن أن يحصل، أيضاً، من خلال استدراج إسرائيل إلى قلب الأحداث. على هذه الخلفية يأتي ذكر السيناريو الذي يتحدث عن إجراء التفافي، بواسطة أحد التنظيمات التي تشغلها إيران في المنطقة، مثل الميليشيات الشيعية التي يوجد مقاتلوها في جنوب سورية، أو حتى عملية يقوم بها حزب الله أو عناصر مرتبطة به في الجنوب اللبناني.
في الخطاب الذي ألقاه في حفل إحياء ذكرى شهداء سفينة ألتلينا الذي أقيم أمس، تطرق رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، إلى الوضع الإقليمي، فقال: “إننا نحذر حزب الله من مغبة إخضاع الدولة اللبنانية للأجندات الإيرانية، كما نحذر لبنان من مغبة تحويله إلى قاعدة لمهاجمة إسرائيل”. وأضاف: “لسنا متحمسين للحرب، لكن الجيش الإسرائيلي جاهز ومستعد للرد على أي تهديد وعلى أي سيناريو. لن تقف دولة إسرائيل على الحياد. سنفعل كل ما هو مطلوب كي يواصل مواطنو إسرائيل النوم بهدوء”.
يقيم الجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع، تدريبين واسعين كانا قد تقررا في وقت سابق، طبقاً لخطة التدريبات السنوية. في شمال البلاد، يقام تدريب بمشاركة وحدات عسكرية نظامية وأُخرى احتياطية. وفي موازاة ذلك، بالتزامن معه، يجري تدريب واسع لسلاح الجو. وقال رئيس قسم التدريبات في سلاح الجو، العقيد (أ)، للصحافيين إن التدريب يحاكي عمليات قتالية متزامنة على جبهات متعددة ويشمل شن غارات عديدة خلال فترة زمنية قصيرة جداً وتقديم مساعدة واسعة للقوات البرية. ويتدرب الجنود، أيضاً، على اختبار جهوزية التصدي لمنظومات الدفاعات الجوية المتطورة، مثل “S 300” و”S 400″، إضافة إلى وسائل قتالية وتكنولوجية لم يحصل عليها حزب الله والجيش السوري بعد.
ويعقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية- الأمنية جلستين له هذا الأسبوع، وهو أمر استثنائي في الفترة الأخيرة بين جولتين انتخابيتين، إذ من النادر استعانة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو به في مثل هذه الأوقات عادة. ومن المقرر أن يعقد المجلس الوزاري المصغر اليوم جلسته الثانية لهذا الأسبوع.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole