هل أضعف الخلاف بشأن قانون الانتخاب التحالف بين حزب الله و”التيار الوطني الحر”؟

Spread the love

أسفر الخلاف بين “التيار الوطني الحر” وكل من حزب الله وحركة أمل الشيعيين بشأن قانون الانتخاب عن توتر في العلاقات وشحن طائفي يهدد التحالف بين الجانبين.

بقلم: د. هيثم مزاحم — ما عادت العلاقة بين حزب الله و”التيار الوطني الحر” قوية كما كانت قبل انتخاب زعيم التيار ميشال عون رئيساً للجمهوية في 31 تشرين الأول أكتوبر 2016، الانتخاب الذي ما كان ليتم لولا إصرار حزب الله الذي ربط تأمين النصاب لجلسة الانتخاب في مجلس النواب بالتوافق على انتخاب عون، وذلك على مدى أكثر من عامين ونصف العام.

وهناك شعور في أوساط أنصار حزب الله بالندم على انتخاب عون الذي كان يعارضه رئيس مجلس النواب نبيه بري، مفضلاً انتخاب زعيم تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية، وهو حليف بارز لحزب الله وأحد أركان تحالف 8 آذار. هذا الشعور تعززه مواقف رئيس “التيار” وزير الخارجية جبران باسيل، وهو صهر عون، وبخاصة بشأن قانون الانتخاب، وعدم مراعاته لمصالح حلفائه السابقين في حزب الله وحركة أمل و8 آذار.

وتأخذ بعض الأوساط الشيعية على باسيل بأنه يريد تحقيق طموحاته السياسية ومصالح حزبه الانتخابية تحت شعار “استعادة حقوق المسيحيين”، ولو كان ذلك على حساب استقرار البلاد ووحدته الوطنية، وذلك بسبب اقتراحاته لقوانين انتخاب تعزز الطائفية.

مصدر إعلامي قريب من حركة أمل، طلب عدم كشف اسمه، قال لـ”شجون عربية” إن العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر قد أصابها بعض الفتور، واصفاً سلوك باسيل تجاه بري وفرنجية بأنه “كيدي” يقوم على الانتقام منهما بسبب معارضتهما انتخاب عون وتصويت كتلتيهما بأوراق بيضاء في جلسة انتخابه.

ويصر باسيل على القانون التأهيلي الذي يقضي بأن ينتخب المواطنون وفق انتماءاتهم المذهبية في القضاء في المرحلة الأولى بينما يتم الانتخاب في مرحلة ثانية في دوائر أوسع وفق نظام نسبي.

وتكمن مشكلة القانون بتمييزه الطائفي ومنع نحو 10% من الناخبين من ممارسة حقهم في التصويت على صعيد القضاء في المرحلة الأولى من الانتخابات، في حال عدم وجود مقاعد مخصصة لمذاهبهم في القضاء الذي يصوّتون فيه. كما يؤخذ على القانون بأنه يتيح احتكار التمثيل داخل كل طائفة، بحصره تأهيل إثنين فقط عن كل مقعد للتنافس عليه في المرحلة الثانية، مما يمكّن القوى الكبرى داخل كل طائفة من احتكار التأهل عن مقاعد الطائفة، وبالتالي انعدام المنافسة في المرحلة الثانية.

وكان وفد كبير من حزب الله برئاسة نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم قد زار عون في 9 نيسان أبريل لبحث قانون الانتخاب، حيث أصر باسيل على موقفه رافضاً قانون النسبية الكاملة الذي يقترحه حزب الله، فخرج الوفد مستاء، بحسب مصدر إعلامي قريب من حزب الله، تحدث لـ”شجون عربية”، طالباً عدم الكشف عن اسمه.

ويأتي فشل التوافق على قانون انتخابي مع اقتراب مهلة انتهاء العقد العادي لمجلس النواب في 31 أيار مايو الجاري وانتهاء ولاية هذا المجلس في 20 حزيران يونيو المقبل.

وكان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله قد دعا في خطاب له في 2 أيار مايو إلى عدم دفع البلد إلى حافة الهاوية وتجنّب الوقوع في الفراغ، والتوافق على قانون للانتخاب، وعدم تصويت الحكومة على قانون تعارضه طائفة من اللبنانيين. لكن عون رد بتأكيده على الاحتكام إلى المادة 65 من الدستور، بما يعني طرح القانون الانتخابي على التصويت في مجلس الوزراء، وهو مؤشر كبير على توتر العلاقة بين الجانبين.

ويرى بعض المحللين أنه برغم حرص الطرفين على إظهار صلابة العلاقة بينهما، إلا أن العاصفة الانتخابية قد هزَّته.

مصدر مطلع قريب من حزب الله، طلب عدم كشف إسمه، قال لـ”شجون عربية” إن علاقة حزب الله مع عون وتياره “استراتيجية”، برغم وجود بعض الخلافات السياسية بينهما مثل الخلاف بشأن قانون الانتخاب.

المحلل السياسي اللبناني توفيق شومان قال لـ”شجون عربية” إن “هناك مساحة من التباينات حالياً بين حزب الله والتيار والوطني الحر، أبرزها محاولة التيار احتكار التمثيل المسيحي مع “القوات اللبنانية” مما يلغي حلفاء مسيحيين مثل سليمان فرنجية”. وأضاف: “أعتقد بوجود نوع من العتب على الوزير جبران باسيل، الذي يرفع وتيرة البعد الطائفي في خطابه السياسي، حيث شكل قانونه الإنتخابي القائم على انتخاب الطوائف لممثليها في مجلس النواب، ودعوته لإنتخاب شخصية مسيحية لرئاسة مجلس الشيوخ ذروة هذا الخطاب”.

الجدير ذكره أنه خلال نقاشات اتفاق الطائف، كان هناك تفاهم غير مكتوب لمنح الدروز رئاسة مجلس الشيوخ بمجرد تأسيسه. لكن باسيل يصر على إعطاء هذا المنصب للمسيحيين بحجة المساواة حيث أن للمسلمين رئاستين (رئيس الوزراء ورئيس البرلمان) في حين أن المسيحيين يشغلون رئاسة الجمهورية فقط. ويرد القادة الدروز بأن المسيحيين يشغلون أيضاً مناصب رئاسية ومناصب رفيعة أخرى مثل محافظ مصرف لبنان، قائد الجيش اللبناني، رئيس المجلس الدستوري، إلخ.

يستبعد شومان احتمال انسحاب أي من الطرفين من ورقة التفاهم الموقعة بينهما في العام 2006، “فالتيار الوطني الحر يحافظ على خطابه الإستراتيجي الداعم للمقاومة، وتجلى ذلك خلال زيارة الرئيس عون إلى مصر وفي كلمته أمام القمة العربية في الأردن. فالخطاب الإستراتيجي للتيار الوطني الحر يؤكد ثبات العلاقة مع حزب الله بصرف النظر عن تعقيدات السياسة المحلية. وهذا الجانب الأخير يتفهمه حزب الله، مما يعني أن الطرفين يدركان أن التباينات في القضايا الصغرى لا يلغي المشتركات في القضايا الكبرى”.

ويخشى حزب الله وحركة أمل بزعامة بري، الممثَلَين للشيعة في الحكومة والبرلمان، أن يؤدي عدم التوافق على قانون انتخاب أو على التمديد التقني للبرلمان إلى حصول فراغ تشريعي في 21 حزيران يونيو المقبل مع انتهاء ولاية المجلس الحالي.

ويتوقع المصدر القريب من حزب الله انسحاب حزب الله وحركة أمل وحلفائهما من الحكومة في حال صوتت على قانون انتخاب من دون توافق أو انتهاء ولاية البرلمان من دون الاتفاق على القانون، لإفقادها الميثاقية أو عدم حضور وزرائهما جلساتها والضغط على رئيسها سعد الحريري لعدم الدعوة إلى جلسات في غيابهما، مما يعطل عمل مجلس الوزراء إلى حين إجراء انتخابات نيابية جديدة ستجري وفق القانون النافذ أي قانون الستين، ما يعتبر ضربة لعهد الرئيس عون الذي تعهد بإقرار قانون جديد يضمن عدالة التمثيل.

وزير شيعي، طلب عدم كشف إسمه، بدا أكثر تفاؤلاً، وقال لـ”شجون عربية” إن تسوية ما ستحصل في النهاية وسيتم التوصل إلى قانون للانتخاب يرضي جميع الأطراف وتجنّب الفراغ.

وجاء كلام السيد نصرالله في ذكرى عيد التحرير في 25 مايو أيار الجاري بشأن قانون الانتخاب ليعطي بعض التفاؤل حيث قال: “الوقت يضيق ولكن ما زلنا نأمل التوصل إلى قانون جديد وخلال اليومين الماضيين طرحت بعض الأفكار الجديدة التي يمكن أن توصل الى نتيجة طيبة. وهناك بعض المبادرات الجديدة ونحن سبق وقلنا: لا للفراغ، لا للتمديد، ولا للستين، ويجب التوصل الى قانون جديد.” وأضاف نصرالله: “عندما يقول الرئيس عون إن القوى أمام فرصة حتى 20 حزيران(يونيو) فالطبيعي هناك عقد إستثنائي لمجلس النواب.”

لا شك أن الوقت يضيق جداً أمام القوى اللبنانية للتوافق على قانون للانتخاب، فاحتمال تصويت الحكومة على قانون باسيل مستبعد جداً بسبب رفضه من قبل حزب الله وحركة أمل والدروز وفرنجية، فيما اتفق جميع الأطراف على رفض التمديد لمجلس النواب، مما جعل الجميع أمام خيارين لا ثالث لهما، هما إما التوافق على قانون تسوية أو الفراغ، وبالتالي على الحكومة إجراء الانتخابات وفق قانون الستين الأكثري، لتفادي الفراغ التشريعي.

Optimized by Optimole