الضربات الإسرائيلية تزيد مخاطر المواجهة مع حزب الله

Spread the love

بقلم: لوك بيكر وليلى بسام (رويترز) – تمثل ضربتان جويتان إسرائيليتان ضد أهداف لحزب الله في سوريا في الأسابيع الأخيرة على ما يبدو موقفا حازما على نحو أكثر وضوحا وعلنية ضد الجماعة بعد سنوات من النزال الخفي، الأمر الذي يتطلب معايرة دقيقة للمواقف كي لا تتصاعد إلى حرب لا يريدها أيهما.

وخلال أغلب فترات الصراع المستمر منذ ست سنوات ظلت إسرائيل إلى حد بعيد على الهامش رغبة منها في عدم السقوط في الفوضى الآخذة في الانتشار في شمالها الشرقي. وفي حين تحوم حولها الشبهات في تنفيذ هجمات ضد أهداف صغيرة بين الفينة والأخرى فإنها تنزع إلى عدم تأكيد أو نفي تورطها.

لكنها مصممة على منع حزب الله اللبناني، الذي خاضت ضده حربا في 2006 وتراه أكبر تهديد استراتيجي على حدودها، من استغلال دوره في الحرب السورية للحصول على الأسلحة والخبرة مما قد يعرضها للخطر في آخر الأمر.

ومنذ بدايات الصراع تركز الحركة الشيعية طاقتها على دعم الرئيس بشار الأسد في إطار تحالفها مع إيران وروسيا ملقية بآلاف من مقاتليها في أتون معركة ضد المعارضة السورية.

لكن على الرغم من أن هذه الاستراتيجية تجعل شبح حرب جديدة مع إسرائيل ليست محل ترحيب بالنسبة لحزب الله فإنها لم تغير رأيه في بلد يعتبرها ألد أعدائه أو تمنعه من تقوية موقفه تحسبا لأي صراع جديد.

وفي الأسابيع الست الماضية مثل الهجومان الإسرائيليان فيما يبدو تحولا إذ أكدا نية إسرائيل الضغط على حزب الله ووقعا في وقت نفذت فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضرباتها الصاروخية في سوريا.

وفي كلتا الحالتين كان المسؤولون الإسرائيليون أقل حذرا بشأن الاعتراف بمن يقف وراءهما.

وفي 17 مارس آذار ضربت إسرائيل موقعا قرب تدمر مما دفع الجيش السوري إلى الرد بصواريخ مضادة للطائرات زودته بها روسيا، وفي 27 أبريل نيسان استهدفت مستودعا للأسلحة في دمشق يشتبه بأن حزب الله يخزن فيه أسلحة أمدته بها إيران.

وقال وزير المخابرات الإسرائيلي إسرائيل كاتس عن الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي دون أن يؤكد صراحة تنفيذ إسرائيل له “الواقعة في سوريا تتفق تماما مع سياسة إسرائيل في العمل على منع تهريب إيران للأسلحة المتطورة عبر سوريا إلى حزب الله”.

كما استعرض حزب الله قوته فنظم جولة إعلامية على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية وهو ما جرى تفسيره على نطاق واسع على أنه رسالة مفادها أنه ليس خائفا من نشوب حرب جديدة وملمحا إلى أن صراعا مقبلا ربما يشمل هجمات على المستوطنات الإسرائيلية.

ومن شأن ضربة أكبر من جانب إسرائيل أو واحدة تخطئ أهدافها وتكون لها عواقب غير مقصودة أن تدفع بالأمور إلى حافة التصعيد مما يزيد من عدم استقرار سوريا ويغوص بإسرائيل في صراع معقد بالفعل.

وهذه نتيجة لا تريدها إسرائيل ولا حزب الله لكن في حرب تمخضت بالفعل عن كثير من النتائج غير المتوقعة تظل تلك النتيجة واردة أيضا.

*قواعد اللعبة

حزب الله هو حركة تلقى دعما من إيران وتشكلت لقتال الاحتلال الإسرائيلي للبنان بين 1982 و2000. وبراعته القتالية وعمله الواسع النطاق في مجال الرعاية الاجتماعية لصالح شيعة لبنان وتحالفه مع دول إقليمية قوية جميعها أمور ساعدته في تأمينه دورا مهيمنا له في السياسة اللبنانية.

ومنذ حرب 2006 مع إسرائيل التي أودت بحياة أكثر من 1300 شخص وشردت مليونا في لبنان وما يصل إلى 500 ألف في إسرائيل، دخل الجانبان في مناوشات لكنهما تجنبا استئناف الصراع.

ويقول كلاهما إنه لا يريد حربا أخرى لكنهما لا يخجلان من القول إنهما مستعدان لها إذا انتهى الأمر إلى وقوعها.

وأخذ حزب الله صحفيين لبنانيين الشهر الماضي في جولة على الحدود الجنوبية مع إسرائيل وسمح لهم بالتقاط صور لجنود يحملون أسلحة ويحدقون النظر عبر الحدود.

وتسير إسرائيل دوريات على طول الحدود نفسها وتدفع بطائرات بدون طيار إلى أجواء المنطقة وتعزز دفاعاتها باستمرار. وفي مارس آذار هدد الوزير الإسرائيلي نفتالي بينيت، وهو متشدد، بإعادة لبنان إلى العصور الوسطى إذا أطلق حزب الله شرارة حرب جديدة.

وقال مسؤول في التحالف العسكري الذي يدعم الأسد إن الضربات الجوية الأخيرة لإسرائيل أصابت أهدافا لحزب الله لكنه هون من الأضرار التي أحدثتها. وفيما يتعلق بالرد بغية الانتقام فرق المسؤول بين ضرب إسرائيل وحدات لحزب الله منتشرة في سوريا للقتال نيابة عن الأسد وتلك الموجودة في لبنان.

وأضاف المسؤول شريطة عدم الكشف عن هويته “إذا ضربت إسرائيل قافلة لحزب الله في سوريا فان حزب الله يقرر ما إذا كان يريد أن يرد أو لا وفقا لطبيعة ظروفه في سوريا لأنه رغم كل شيء فان سوريا دولة ذات سيادة لا يستطيع حزب الله أن يرد ويحرج النظام.

“إذا ضربت إسرائيل حزب الله في لبنان حتما سيرد. إذا رد حزب الله ما هو حجم رده الذي يمكن لإسرائيل أن تتحمله؟ هذا يمكن أن يعني تصعيدا نحو الحرب. لذلك هو يتجنب توجيه ضربات إلى قوافل حزب الله أو إلى صواريخ حزب الله في داخل لبنان ويفضل أن يضربها داخل سوريا”.

ويتفق هذا التحليل إلى حد بعيد مع رؤية إسرائيل للوضع أيضا.

فإبقاء أي تداعيات للحرب في سوريا بعيدا عن مصالحها الإقليمية هو أحد الأمور. لكن تعقب حزب الله في لبنان سيثير صراعا جديدا.

وقال دبلوماسي إسرائيلي “الاشتباك مع حزب الله هو دائما احتمال وارد”.

وعلى الرغم من شدة العداء بين الجانبين فإن خبرة الماضي جعلت فيما يبدو كلا من حزب الله وإسرائيل لديه القدرة على التحليل الثاقب لموقف الطرف الآخر وأوراق الضغط لديه.

وقال المسؤول بالتحالف الذي يدعم الأسد “أحيانا هناك الرد المدروس الذي يحافظ على توازن الردع وعلى قواعد اللعبة وفي بعض الأحيان هناك الرد الذي من شأنه أن يفتح الباب نحو التصعيد.

“في الوقت الحاضر رغبة الجانبين هي عدم الانجرار نحو الحرب ورغبة الطرفين في عدم فتح جبهة لا في الجولان ولا في الجنوب لكن في لحظة من اللحظات ممكن تطور وتيرة الأحداث ويتم تصاعد الأمور من دون رغبة من الجانبين”.

*المحور الروسي الإسرائيلي

لفتت الأفعال الإسرائيلية انتباه روسيا، وهي حليف لحزب الله في الصراع السوري لكنها أيضا تجري تنسيقا وثيقا مع إسرائيل.

وعلى مدى العامين الماضيين نسقت إسرائيل وروسيا عن كثب بشأن سوريا حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتحدثا كثيرا بالهاتف لضمان عدم حدوث سوء تفاهم وتقليل خطر وقوع مواجهة جوية لأدنى حد.

ونجح هذا النظام في أغلب الأحيان حتى إذا تطلب ذلك من إسرائيل أن توازن بدقة علاقاتها مع الولايات المتحدة وروسيا في الوقت نفسه. لكن معظم الوقائع الأخيرة أغضبت موسكو على ما يبدو.

فبعد ضربة مارس آذار استدعت روسيا السفير الإسرائيلي للتشاور وبعد هجوم مطار دمشق أصدرت وزارة الخارجية بيانا وصفته فيه بأنه غير مقبول وحثت إسرائيل على ممارسة ضبط النفس.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين “نعتبر أن جميع الدول عليها أن تتجنب أي أفعال قد تؤدي إلى زيادة التوتر في منطقة شديدة الاضطراب وندعو إلى احترام سيادة سوريا”.

وقد تصرف حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله انتباه الجماعة الشيعية عن دورها المركزي في الصراع السوري مما يقوض بالتالي حملة عسكرية تخاطر فيها روسيا بقدر كبير من مواردها ومكانتها.

ويعتقد محللون إسرائيليون أن على حكومة نتنياهو توخي الحذر.

وكتب أليكس فيشمان المتخصص في الشؤون العسكرية بصحيفة يديعوت أحرونوت الأسبوع الماضي “لا يزال يتعين على إسرائيل التزام الحذر الشديد وألا تهاجم إلا إذا كان تدمير الهدف حيويا ويتعلق مباشرة بأمن إسرائيل”.

كما قرر الوزراء الإسرائيليون، والعديد منهم لديه خلفية روسية، فيما يبدو تجنب استفزاز موسكو. وقال الدبلوماسي الإسرائيلي “لن نفعل شيئا يتسم بالتهور وعدم المسؤولية عندما يتعلق الأمر بالروس. سنتوخى أقصى درجات الحذر في سوريا”.

Optimized by Optimole