مفهوم الدولة المعاصرة وإمكانيات التأصيل الفقهي.. الإخوان المسلمون نموذجاً – ندوة

Spread the love

rifai

“شجون عربية” — استضاف مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي في بيروت ممثل حركة الجهاد االإسلامي في لبنان، أبو عماد الرفاعي، في لقاء حواري حول: مفهوم الدولة المعاصرة وإمكانيات التأصيل الفقهي – الإخوان المسلمون نموذجا ، وحضر اللقاء حشد من الشخصيات الفكرية والسياسية والدينية والإعلامية ، وقدم للقاء وأداره قاسم قصير مشيرا إلى أن هذا اللقاء هو بداية لقاءات حوارية حول نظرة الحركات الإاسلامية إلى الدولة المعاصرة ، ومن ثم تحدث مدير الأبحاث في المركز الشيخ محمد زراقط عارضا الأسباب التي دعت المركز إلى اختيار هذا الموضوع وأهمية تقديم رؤى إسلامية حول القضايا المتعلقة بالدولة وتحدياتها.
ومن ثم تحدث أبو عماد الرفاعي ومما قاله : يتشكل مفهوم “الدولة” ركيزة الفكر السياسي المعاصر؛ وفي عالمنا العربي والإسلامي، شكل هذا المفهوم ساحة المعركة والمواجهة بين تيارات الأمة الفكرية، ولا سيما في مرحلة ما بعد سقوط “السلطنة العثمانية”، إثر الهجمة الغربية العسكرية والحضارية، ضد وطننا العربي والإسلامي. ويزيد من حدّة المواجهة فشل النظام السياسي الذي يحكم بلادنا، منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، في التعبير عن حضارة الأمّة، وهويتها، إضافة إلى فشل نموذج “الدولة القطرية” في تحقيق أهدافه المعلنة في التنمية والتحرير؛ وقد أثبتت الكثير من المحطات في تاريخنا المعاصر زيف ادعاءات “السيادة” و”الاستقلال” التي تدعيها “الدولة القطرية”.
يمثل ما يشهده عالمنا العربي اليوم من اضطرابات ومجازر، بعد موجة “الثورات” ضد الأنظمة، منذ عام 2011 وإلى اليوم، وصولاً إلى إعلان “الخلافة” على يد “تنظيم داعش”، ذروة التأزم في العلاقة بين الهوية الإسلامية للأمة ومفهوم “الدولة الحديثة”.
في الواقع، ولئن كان مصطلح “الإسلام السياسي” تم اشتقاقه لوصم “الحركات الإسلامية” واتهامها بالسعي للوصول إلى السلطة لأهداف وأجندات خاصة بها، إلا أن العديد من الحركات الإسلامية لا تخفي أن أولويتها هي إقامة “الدولة الإسلامية”، وأن هذا الهدف يتقدم على ما سواه لديها.
ومن ثم تناول في مداخلته أربعة عناوين أساسية: مفهوم “الدولة الحديثة”، وأسس التأصيل الفقهي، وموقف “جماعة الإخوان المسلمين” من “الدولة الحديثة”، وبيان توافق أو تناقض هذا الموقف مع الأسس الفقهية، وصولاً إلى استخلاص النتائج.
وحول نظرة الإخوان للدولة قال : تُعتبر “جماعة الإخوان المسلمين” أولى الحركات الإسلامية التي أخذت على عاتقها الاستجابة لتحدي إلغاء منصب الخلافة، على يدي مصطفى كمال أتاتورك، في آذار 1924. فالجماعة نشأت عام 1928.
منذ البدايات الأولى، رأت الجماعة أن (الخلافة) نظام تاريخي غير ملزِم دينياً؛ ولذلك، لم ترفع شعار (إعادة نظام الخلافة)، بل طرحت شعار (إقامة الحكومة الإسلامية). وفي ذلك، يقول حسن البنا إن الوصول إلى الخلافة (الإمام الواحد) يحتاج إلى خطوات عدة، منها: التعاون التام بين الحكومات الإسلامية، ثم إبرام المعاهدات، ثم تشكيل عصبة الأمم الإسلامية، وصولاً إلى الخلافة.
في التأصيل الفقهي “للحكومة الإسلامية”، يمكن التمييز بين ثلاثة اتجاهات داخل “جماعة الإخوان المسلمين”، تتباين فيما بينها تبايناً حاداً: اتجاه يمثله الإمام حسن البنا والمستشار عبد القادر عودة والشيخ يوسف القرضاوي ومرشدون عامون. واتجاه يمثله الأستاذ سيد قطب. واتجاه ثالث يمثله المرشد العام الثاني للإخوان المسلمين: الشيخ حسن الهضيبي.
وتجدر الإشارة هنا إلى مسألة هامة، تثير الانتباه، وهي أنّ جماعة الإخوان المسلمين، في حين أنها تنكرت لمقولات الهضيبي في مصر، إلا أنها في السودان (مع د. الترابي) وتونس (الغنوشي) وتركيا (حزب العدالة والتنمية / أردوغان) تبنّت هذه المقولات وطوّرتها.
وباستقراء أدبيات الإخوان، يمكن للمرء أن يخلص إلى أن الجماعة توصلت، بعد مخاض عسير، إلى تبني الصورة التالية للدولة الإسلامية: إنها جمهورية، دستورية، برلمانية، ديموقراطية (شورى)، مدنية، تقبل بتداول السلطة، وتعدد الأحزاب. باختصار: تبنت “جماعة الإخوان المسلمين” المفهوم الغربي لـ “الدولة الحديثة”.
يمكن القول إن الصّورة النّهائية التي وصلت إليها تلك المفاهيم، بصورتها الحاليّة على الأقل، لم تكن “أسلمة” للمفاهيم الغربية، بقدر ما كانت “تغريباً” للمفاهيم الإسلامية.
وبعد أن عرض للإاشكالات التي تواجه نظرة الحركات الإسلامية للدولة المعاصرة دعا إلى إعادة قراءة “الدولة الحديثة” كظاهرة تاريخية؛ وكذلك إلى قراءة النصوص الإسلامية وفق سياقاتها، خارج الأطر التاريخية والأيديولوجية، للوصول إلى حقيقة النظرية السياسية في الإسلام.
لأن أولوية إقامة الدولة الإسلامية يجب أن تحل محلها أولوية بناء المجتمع المسلم، وهو الذي يقيم إدارته السياسية وفق المنظور الشرعي الإسلامي.
على المستوى السياسي، يجب أن تحلّ أولوية مواجهة الهجمة الغربية والمشروع الصهيوني في فلسطين، بدلاً من صرف الدماء في سبيل الوصول إلى السلطة، وهو أمر لن يقدم ولن يؤخر، لأنه محكوم بالمنظومة السياسية الدولية، التي لا يمكن مواجهتها إلا بالتنمية المجتمعية وبالمقاومة.
وبعد ذلك جرى حوار موسع شارك في الحضور وطرحت خلاله العديد من النقاط الاشكالية حول مفهوم الدولة والنظرة الإسلامية لها.

Optimized by Optimole