مقابلة مع رئيس الموساد السابق أفرايم هليفي

Spread the love
 رئيس الموساد السابق أفرايم هليفي
رئيس الموساد السابق أفرايم هليفي

حوار: داليا كرفيل – صحافية إسرائيلية —

•أفرايم هليفي ابن الـ88 عاماً لا يرتاح لحظة، فعشرات السنوات التي تنقل فيها في مهمات دبلوماسية سرية وقام في أثنائها بمهمات مختلفة في جهاز الموساد من بينها أربعة أعوام كان فيها رئيساً للموساد وللاستخبارات والمهمات الخاصة، جعلته لا ينام سوى ساعات قليلة، فهو يبدأ يومه في الساعة الرابعة والنصف فجراً. يشغل هليفي منصب رئيس مركز زلمان شازار لتاريخ شعب إسرائيل، بالإضافة إلى كتابته العديد من المحاضرات والمقالات.
•في العام 1988 عندما كان في الـ63 من عمره استدعاه بنيامين نتنياهو وعيّـنه رئيساً للموساد. هليفي الدبلوماسي ورجل الظل، البريطاني الأصل، كان أيضاً رئيساً لمجلس الأمن القومي (2002)، وهو يحتفظ على مكتبه بنسخة باللغة العربية من كتابه “رجل الظل”، تظهر على غلافها عبارة ليست موجودة في النسخة الأصلية: “اعرف عدوك”.

-ما الذي يثير غضبك في هذه الأيام؟

-“إننا نشهد أكبر أزمة منذ قيام الدولة. لا أذكر فترة كنا فيها نفتقر إلى هذا الحد إلى قيادة يمكن الاعتماد عليها. عندما أنظر إلى المشهد السياسي في البلد- يقال هناك 15 شخصاً بعضهم في الحكم وبعضهم في المعارضة- لا أجد أشخاصاً يمكن أن يعززوا قوة الدولة. إن الطريقة التي تنشأ فيها اليوم أحزاب حول شخص واحد هو الذي يقرر كل شيء هي مشكلة. رئيس الحكومة نتنياهو الذي يتمتع بقوة كبيرة لا يسيطر على حزبه، بينما يائير لبيد [زعيم حزب يوجد مستقبل] أو نفتالي بينت [زعيم البيت اليهودي] أو موشيه كحلون [حزب كولانو] يسيطرون على أحزابهم. إنني أنظر إليهم وأحاول تقييمهم لكنني لا أفلح.

-في سنة 2009 أعربت عن تأييدك لإجراء مفاوضات مع “حماس”، وفي 2012 وقفت إلى جانب مفاوضات مع إيران ودعمت اتفاق الدول العظمى بشأن البرنامج النووي الإيراني. ما هو الصحيح بالنسبة لإسرائيل في الوضع الحالي؟ مع من نتحدث؟ ومع من كنت ستبدأ؟

-“لا تستيطع إسرائيل أن تختار. في الماضي كانت هناك محاولات للتدخل في الواقع الفلسطيني وتتويج زعماء. ونظراً لأن كبار المسؤولين في قيادة السلطة الفلسطينية تابعون بشكل أو بآخر لإسرائيل، فإن لديها القدرة على تقديم أشخاص وإبعاد آخرين سواء من ناحية المكانة الشعبية أو من النواحي الاقتصادية والأمنية، وأن تعطيهم بطاقات VIP. لكن تجربة الماضي في بلورة شريك في المحادثات فشلت. هناك من يقول إن محمد دحلان هو الشريك. نرتب الوضع ونستطيع التحاور معه. في رأيي يجب التحاور مع أشخاص لا نعرفهم عبر نشاطاتهم الأمنية.”

-هل تستطيع أن تشرح لنا أكثر؟

-“إن إسرائيلياً كان رئيساً للشاباك وتراكمت على طاولته ملفات كثيفة عن سياسي أو قائد عسكري فلسطيني حكم عليه بالسجن في إسرائيل، لا يستطيع أن يتحاور من موقع متساو مع هذا الزعيم الفلسطيني. إن المرشحين الفلسطينيين الملائمين للتحاور مع إسرائيل هم هؤلاء الذين لم يتورطوا في القتال والإرهاب، والذين لم يتعرضوا للإذلال من جانب الإسرائيليين.

لكن يتعين على إسرائيل أن تستبعد عن جدول الأعمال الحجة القائلة بأنه ممنوع التحاور مع أشخاص أيديهم ملطخة بالدماء. في السنوات الخمس الأخيرة من الثمانينات كان جزءاً من مهمتي عرض موقف دولة إسرائيل أمام البعثات الأجنبية من الموضوع الفلسطيني. وقضيت أياماً وليالي غارقاً في جمع وثائق ومحادثات تثبت أن منظمة التحرير الفلسطينية تنظيم ارهابي. لم أكن يومها على معرفة بالاتصالات التي جرت في أوسلو، فقد كانت في منتهى السرية. لكنني اكتشفت ذات صباح أن الأيام التي قضيتها لأثبت أن منظمة التحرير الفلسطينية تنظيم إرهابي ذهبت هدراً، وأن المنظمة أصبحت شريكاً في السلام.”

-هل مروان البرغوثي شريك؟

-إذا كان الزعيم الفلسطيني البرغوثي – الذي حكم عليه بالسجن 40 عاماً لتخطيطه هجمات إرهابية – هو الشخصية الفلسطينية التي سينتخبها الفلسطينيون، فإنه يجب التحاور معه. وإذا فرضت إسرائيل قيوداً على تعيين الرئيس الفلسطيني المنتخب، فإن هذا لن ينفع. حتى نيلسون مانديلا، الرجل السياسي، ورئيس جنوب أفريقيا والحائز على جائزة نوبل للسلام، كان إرهابياً وأجرى مفاوضات عندما كان في السجن.. إذا كنت تريد الوصول إلى تسوية وإلى نوع ما من التعايش، فلا تستطيع ألا تتحاور مع الذي يمسك بزمام الأمور لدى الطرف الآخر”.

-وماذا بشأن التحاور مع زعماء قيادة “حماس” مثل إسماعيل هنية ومع زعيم حزب الله حسن نصر الله؟

-يجب التحاور مع إسماعيل هنية ومع رئيس المكتب السياسي خالد مشعل ومساعده د. موسى أبو مرزوق. في ما يتعلق بنصر الله، فإن الأمر أكثر تعقيداً. نصر الله هو إيران، لكن إذا اعتقدت حكومة إسرائيل أنها تريد التوصل إلى تسوية مع لبنان، وحزب الله هو مكون من مكونات الحكومة اللبنانية، فعلينا أن نتحدث معه. ومن دون ذلك سنخوض حرباً جديدة”.

-هل من الممكن أن يأتي أبو مازن ليخطب في الكنيست ويذهب نتنياهو إلى رام الله كما قال نتنياهو في خطابه في الكنيست؟

-عندما تدرك الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين أنها فقدت فرص تحقيق دولتها، فإن كل مفاوضات مع إسرائيل خدعة. وفي الواقع لا فائدة من المحادثات إذا لم تكن هناك فرصة لتؤدي إلى شيء ما. حينئذ يبقى هناك طريق واحد هو طريق “حماس”. إن وضع “حماس” اليوم ليس متيناً، ليس بسبب الـ1500 طلعة جوية للطيران الإسرائيلي، بل سبب ذلك الضربات التي تلقتها من مصر وأسباب أخرى. علاقاتها مع إيران مجمدة. وقد جرى القضاء على قاعدتها في دمشق. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال “حماس” صامدة. والثورة المقبلة للفلسطينيين لن يكون في استطاعة دولة إسرائيل مواجهتها من دون التوصل معهم إلى تسوية، إلا إذا صارت الزعامة الإسرائيلية مستعدة لتقديم تنازلات ليست مستعدة اليوم لتقديمها”.

-ماذا بشأن الدولة الثنائية القومية التي يتنبأ بها ممثلو اليمين؟

-“هذا الكلام مزحة. لا يمكن أن تنشأ دولة ثنائية القومية بالمعنى الصحيح للكلمة. لن تعطي إسرائيل الفلسطينيين حق الانتخاب والمساواة في الحقوق. في وقت قريب سنشهد مرحلة من الفوضى. إسرائيل ستعمل على تدمير السلطة الفلسطينية وستأخذ على عاتقها مسؤولية إطعام الفلسطينيين. وستبحث القيادة الإسرائيلية عن دعم العالم، لكن العالم لن يدعمها لأن لديه ما يكفيه من المشكلات مع أزمة المهاجرين وطلاب اللجوء في أوروبا.”

-ما رأيك بتصريحات وزير الدفاع ليبرمان، مثلاً الصيغة التي يقترحها “إعادة إعمار مقابل نزع السلاح” في قطاع غزة؟

-“إعادة الإعمار معناه حصول “حماس” على ميناء بحري ومطار وكل الأمور المدنية الأخرى. تصوّري أن “حماس” تقوم بحلّ وحداتها العسكرية وأن يتخلى أفرادها عن سلاحهم. ماذا ستفعل إسرائيل حينها وما هي الحجة التي ستدفعنا إلى اجراء مفاوضات اذا كانت “حماس” لا تهدد دولة إسرائيل؟ وهل نزع السلاح سيصل إلى درجة عدم وجود مسدس واحد في القطاع؟ أين يمكن أن نجد مجموعة كانت تقاتل ضد دولة أخرى ويمكن أن تقبل بصيغة نزع السلاح مقابل شيء لا أساس له؟”.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole