معرض القاهرة الدولي للكتاب: حركة بلا بركة

معرض القاهرة الدولي للكتاب: حركة بلا بركة
Spread the love

بقلم: راندا موسى — يعد معرض القاهرة الدولي للكتاب حدثاً ثقافياً وفكرياً مهماً للغاية، ليس مصرياً وإنما دولياً لمشاركة دول عربية وإفريقية وأجنبية فيه. انطلق المعرض في دورته الـ48 هذا العام تحت شعار “الشباب وثقافة المستقبل”، وذلك يوم الخميس 26 يناير كانون الثاني الماضي وهو مستمر حتى يوم الجمعة 10 فبراير شباط الجاري. وقد اختير الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور ليكون شخصية المعرض.

المشاركات الدولية
يشارك في المعرض 35 دولة، من بينها 17 دولة عربية وخمس دول أفريقية، هي جنوب السودان، الكاميرون، إريتريا، الصومال، إثيوبيا، و13 دولة أجنبية هي: الولايات المتحدة، أندونيسيا، اليونان، ألمانيا، روسيا، فرنسا، إيطاليا، الصين، براغواي، تشيكيا، أذربيجان، كازخستان، الهند.
وقد وصلت دور النشر إلى 670 ناشراً، منهم ست ناشرين أفارقة، و13 ناشراً أجنبياً، و200 ناشر عربي، و451 ناشراً مصرياً بينهم سبع مؤسسات صحفية كبرى، و13 مؤسسة حكومية، في حين وصل عدد مكتبات سور الأزبكية، المكان الأشهر للكتب في القاهرة، إلى 119 كشكاً.
المملكة المغربية هي ضيفة الشرف لهذا العام. أما المشاركة السورية فكانت أقل من نظيراتها من الدول العربية مثل لبنان والعراق والأردن والمغرب وليبيا والسعودية والكويت والجزائر، حيث واجهت أغلبية دور النشر السورية صعوبة في تأخر التأشيرات وهو ما أدى إلى تأخر موعد وصول مندوبيها للمشاركة في المعرض.
أما مشاركة السعودية والتى جاءت في أجواء يشوبها قليل من التوتر في العلاقة بين البلدين لتنقل صورة حضارية بمشاركة المملكة بأجنحة عدة. كما تم تخصيص إحدى صالات العرض بشكل مستقل لإصدارتها وكتبها وثقافتها، فضلاً عن وجود الأمن والحراسة الخاصة على الجناح الخاص بالمملكة.
تضمن المعرض العديد من الفعاليات الثقافية التي تتوالى طوال أيام المعرض، اشتملت على المقاهي الثقافية، والموائد المستديرة، والندوات، والمؤتمرات، وملتقيات الشباب، كاتب وكتاب، اللقاءات الفكرية، الأمسيات الشعرية، بيت العرب، شخصية المعرض، وأيضاً الأنشطة الخاصة بالأطفال التي تميز بها المعرض في العديد من الأماكن الحكومية والخاصة. وناقشت الاحتفاليات العديد من الموضوعات المطروحة على الساحة من ملفات اجتماعية وشبابية واقتصادية وسياسية ودينية وغيرها.

مشاركة الأزهر الشريف
يشارك الأزهر الشريف لأول فى معرض القاهرة الدولي للكتاب، ويتضمن الجناح جامعة الأزهر الشريف، وقطاع المعاهد الأزهرية، ومركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، ومركز الأزهر للترجمة، وإصدارات مكتبة الأزهر ومجلة نور الأطفال، والرابطة العالمية لخريجي الأزهر.
ومن خلال زيارة ركن إصدارات جامعة الأزهر تبرز وثيقتان تاريخيتان، الأولى “صورة أمن عالي لديوان الداخلية للعفو عن الشيخ محمد عبده 1306هـ /1889م، والثانية حجة توسيع الجامع الأزهر بتاريخ 117هـ.
وقدم ركن الأزهر جزءاً خاصاً للأطفال للقراءة والتلوين، كما قدم لهم إصدارات مجانية من مجلة نور للأطفال. وقام جناح الأزهر بالتعريف بدور الأزهر ووزع بوسترات تعريفية، منها المتعلق بترميم وصيانة المخطوطات في الأزهر، وما قدمه من إنجازات تمثلت في ترميم ما يزيد على 40 ألف ورقة ما بين مخطوطات ومطبوعات يدوياً وآلياً، وترميم 34 خريطة مختلفة المقاسات وتوثيق 150 خريطة، وتجليد 6000 كتاب ما بين تجليد عربي وإفرنجي.
وعمل جناح الأزهر على توزيع العديد من اللوحات والبوسترات عن ذاكرة الأزهر الشريف يبرز منها دوره في نشر الوسطية، والحفاظ على الهوية الإسلامية حول العالم، وتقديم تعريف بمكتبة الأزهر التي تضم مكتبتي الأزهر القديمة والحديثة بما فيهما من كتب نادرة.
وكانت مشاركة الأزهر الشريف هذا العام بالعرض فقط وليس البيع، على أن تتم المشاركة بالبيع في العام المقبل. كما أقام جناح الأزهر بانوراما تكنولوجية حديثة تقدم تاريخ نشأة الأزهر، إضافة إلى عقد بعض الندوات الثقافية التي تركز على حقوق المرأة، ودور الأزهر في الفترات الرئاسية المختلفة.

تعويم الجنيه وأسعار الكتب
لعب انخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي دوراً كبيراً في تراجع حركة البيع داخل المعرض، فقد أثّر ارتفاع سعر الدولار على حركة الطلب على الشراء. ولم يختلف المعرض كثيراً من حيث التنظيم عن العام الماضي، واتفق الكثيرون على أن سعر الكتاب قد ارتفع ما يقارب الأربعة أضعاف عن العام الماضي، فضلاً عن غلاء إيجار مكان عرض الكتب عن العام الماضي، ما أسفر عن ضعف حركة البيع.
الكاتب الصحافي مصطفي عبد الرازق قال للميادين نت “إن أسعار دور النشر الحكومية مثل الهيئة العامة لقصور الثقافة حيث مجموعة تولستوي موت إيفان إيليتش بأربعة جنيهات قبل الحسم، في حين أنها في دار الجمل بـ180 جنيه بعد الحسم، وفي الهيئة العامة للكتاب يوجد كتاب تاريخ وقواعد الحضارات لفرناند برودويل ب17 جنيهاً قبل الحسم في حين أنه في جناح مركز دراسات الوحدة العربية بأكثر من 400 جنيه أي 22 دولاراً بعد الحسم ضمن إصدارات المنظمة العربية للترجمة، وفي المركز القومي للترجمة يوجد كتاب “هكذا تكلم زرادشت” لنيتشه بـ12 جنيه قبل الحسم ولكنه ضمن إصدارات دار الجمل بلغ 270 جنيه بعد الحسم”.
وقد لاحظت الهيئة العامة للكتاب البطء الشديد والإقبال الضعيف على حركة الشراء فلجأت مع هيئة قصور الثقافة والمركز القومي للترجمة إلى تخصيص نسبة حسم تصل إلى 90% للطلاب و50% للصحافيين وأعضاء اتحاد الكتاب حتى أصبحت هي الأكثر إقبالاً بين دور النشر الأخرى.
وقد صرح د. هيثم الحاج، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، في مؤتمر صحافي قائلاً “إن مبيعات الهيئة في معرض القاهرة الدولي للكتاب قد تجاوزت مبيعات العام الماضي بنسبة 47.5% بعد خمسة أيام من افتتاح المعرض، فعلى إحدى مداخل الجناح الخاص بالهيئة وضعت لافتة كُتب عليها “أي كتاب بجنيه” وهو ما جعل زوار المعرض يتهافتون عليها لشراء هذه الكتب التي غلبت عليها روايات للأطفال والقصص الشعرية، بالإضافة إلى عدد من الكتب المسرحية والمترجمة للأطفال.
الأمر نفسه قامت به بعض دور النشر الخاصة بسور الأزبكية وشملت كتيبات قصص وتلوين للأطفال، وبعض الروايات إضافة إلى بعض الكتب القديمة للتشجيع على الشراء”.
وفي مكتبة الأسرة التابعة للهيئة العامة للكتاب، فإن أسعار الكتب رخيصة تبدأ من ثلاثة جنيهات، وأن الكتب التي تترواح عدد صفحتها ما بين 500 إلى 600 صفحة، سعرها ما بين 7 و10 جنيهات، أما الأغلى فيبلغ سعره 20 جنيهاً.
أما دور النشر الأخرى، وخاصة دور النشر اللبنانية والسورية، والناشرون العرب، فشهدت أسعار الكتب ارتفاعات جنونية حيث وصلت قيمة بعض الكتب إلى 9 آلاف جنيه بعد الحسم فجاء كتاب “بحار الأنوار” للمجلسي في طبعة جديدة ضمت 110 مجلدات، فى المرتبة الأولى من حيث الأغلى سعراً فى المعرض، حيث تم بيعه مقابل 9 آلاف جنيه.
وأرجع الكثيرون هذا الارتفاع إلى تحرير سعر الصرف وارتفاع سعر الدولار لنحو 20 جنيهاً، وهو ما أثّر بالسلب على حركة البيع، وجاء كتاب «مسند أحمد بن حنبل»، 52 مجلداً، بتحقيق شعيب الأرنؤوط، فى المرتبة الثانية من حيث الأعلى سعراً، حيث سجل 7 آلاف جنيه قبل الحسم، و6300 جنيه بعد الحسم، فى إحدى المكتبات السلفية. وفي المرتبة الثالثة جاء كتاب تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والإعلام لابن كثير الدمشقي والمسمى بجامع المسانيد والسنن، والذي بدأ سعره من 4 ألف جنيه في بعض دور النشر، فيما جاء كتاب مجمع الزوائد ونبع الفوائد لإبن حجر الهيثمي في المرتبة الرابعة بـ3700 جنيه.
ومن الملاحظ أن ارتفاع الأسعار قد تسبب في ركود بيع الكتب خاصة المجموعات الكبيرة. وكان توافد المواطنين على دور النشر والمكتبات الإسلامية قد اقتصر على شراء الكتب الدينية بأسعار تترواح بين 100 و250 جنيه. وكان التوافد كبيراً من المتخصصين والباحثين في الشأن الإسلامي، وخاصة الطلاب الآسيويون الذين يدرسون في جامعة الأزهر الشريف، على شراء الكتب الإسلامية.
وقد أشار محمد زكي، من دار مجموعة النيل العربية للنشر في حديث للميادين نت إلى أن حركة البيع والشراء متراجعة جداً عن العام السابق، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار، على الرغم من تقديم بعض الحسومات، وكانت إيجارات المكان داخل المعرض مرتفعة جداً بحيث وصلت تكلفة المساحة المتوسطة إلى 20 ألف جنيه طوال فترة المعرض.

وذكر أحمد سليم، من مكتبة الوفاء القانونية ومقرها مدينة الاسكندرية للميادين نت أن إعلانات ودعايات المعرض اقتصرت على القاهرة فقط وأهملت باقي المحافظات، وأكد على أن حركة البيع متوسطة حيث أن العام الماضي كان أفضل بكثير من هذا العام.
وقال أحمد من مكتبة الأنجلوالمصرية للميادين نت إن تراجع الإقبال على المعرض يرجع إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وإن أسعار الكتب الجديدة وخاصة تلك التي صدرت في آخر ثلاثة شهور حيث انخفاض القيمة الفعلية للجنيه المصري وارتفاع سعر الدولار، لأن كل الطباعة الورقية تعتمد على ورق مستورد بالأساس بالعملة الصعبة هو ما تسبب في ارتفاع أسعار الإصدارات الجديدة من الكتب، لكن باقي الإصدارت من الأعوام السابقة بقيت أسعارها كما هي.
واجتمعت آراء بعض الزوار على ذلك، فقالت نهى وهي طالبة في جامعة الأزهر للميادين نت “إن أكثر ما حصلت عليه كات من الروايات حيث أن أسعارها مناسبة إلى حد ما، وأن الطلب أصبح كبيراً فى تلك الفترة على قراءة الروايات، وهناك كثير من الأعمال المترجمة وعليها إقبال كبير بين أوساط الشباب”.
أما ندى، وهي طالبة فقالت للميادين نت إن حسومات الهيئة العامة للكتاب هي الأفضل والأنسب على عكس دور النشر الأخرى وخصوصاً الإصدارات الحديثة.
وقالت نورهان، وهي طالبة كررت زياراتها للمعرض للميادين نت إن الإقبال على المعرض ليس كبيراً، وجذبتها أسعار سور الأزبكية والمجموعات القصصية فيها أرخص من دور النشر الأخرى، فضلاً عما تقدمه الهيئة من تخفيضات لتشجيع الشراء، وأضافت أن هناك العديد من الأماكن تقدم الكتب الجامعية وهو ما يفيد الطلبة بشكل كبير.
فعلى الرغم من تصوير العديد من وسائل الإعلام للحضور الهائل وتوافد الكثيرين إلى معرض الكتاب، لكن يبدو الحضور قليلاً مقارنة بعدد السكان وأعداد الطلبة في المراحل الدراسية المختلفة، وخاصة أن المعرض يتزامن مع فترة إجازة منتصف العام الدراسي.

راندا موسى كاتبة مصرية.

المصدر: الميادين نت

Optimized by Optimole