الخرطوم: مؤتمر “طرق الحج الأفريقي” يوصي بنشر اللغة العربية في النيجر

Spread the love

niger-amazigh-school

“شجون عربية” – الخرطوم – د.محمـد عبدالـرحمـن عريـف* — نظم مركز البحوث والدراسات الافريقية، في رحاب جامعة إفريقيا العالمية، مؤتمر (طرق الحج الأفريقي) علي مدى يومين (28-29) تشرين الثاني/ نوفمبر. وإختتم أعماله بقاعة افريقيا للمؤتمرات، حيث أصدر المؤتمر عددًا من التوصيات أبرزها تعزيز ودعم اللغة العربية في النيجر.
يعتبر الإسلام دين الغالبية العظمى لسكان النيجر. فتشير أكثر الإحصائيات إلى أن نسبة المسلمين في جمهورية النيجر تبلغ95%من مجموع السكان، والنسبة المتبقية موزعة بين المسيحيين والوثنيين. ومن الناحية الرسمية، فإن النيجر عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي. لكن دستور الدولة الرسمي الذي أقر في المؤتمر الوطني الذي عقد في عام1991م أن النيجر دولة علمانية (لاييك)، أي لا دينية على الرغم من المعارضة الشديدة لهذه الفقرة من الدستور وعلى الرغم من قيام الجمعيات الإسلامية وبعض الشخصيات بالمطالبة بإلغاء هذه العبارة من الدستور. إلا أن ذلك لم يغير من الواقع شيئًا.
تعد اللغة العربية في النيجر، إحدى اللغات الوطنية المعترف بها دستوريًا، ولذلك نجد جوازات السفر الصادرة عن حكومة النيجر تُكتب باللغتين الفرنسية والعربية. كذلك صدور بعض الصحف باللغة العربية.
وانتشر في جمهورية النيجر بعض الجمعيات الدينية التي تتخذ الإسلام منهج عمل لها إضافة إلى الجمعية الإسلامية النيجرية التي كانت موجودة من قبل، وهي جمعية حكومية شبه رسمية ترعى المصالح والشؤون الدينية وتشرف على المساجد وعلى موسم الحج والقضايا التي تهم المسلمين.
توج وجود الإسلام في النيجر بموافقة “المؤتمر الإسلامي” في لاهور بباكستان عام1971م على إنشاء جامعة إسلامية في غرب القارة الإفريقية يكون مقرها دولة النيجر لموقعها المتوسط بين دول المنطقة، وللنسبة الكبيرة للمسلمين فيها. وبدأت الدراسات لتنفيذ هذا المشروع بعد المؤتمر مباشرة، وتم افتتاح الجامعة فعلاً عام1986م وابتدأت بكلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية.
وعلى الرغم من انتشار مظاهر التمسك بالإسلام، ومن بينها رحلات الحج، في الغرب الافريقي، فنجد أن الظروف رسخت أن يظل الغرب الافريقي بعيدًا عن التأثير وذلك للعديد من الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية في هذه البلاد. وان كان عموم الغرب الافريقي تردد على رحلات الحج وما يعود منها من منافع، وإن لم تكن رحلات الحج هي الوحيدة التي حفظت الإسلام في البلاد، إلا أنها كانت من بين مدراس عدة قاومت التنصير في عموم افريقيا. لقد كان رسوخ الإسلام في الغرب الافريقي، وتقبل الأفارقة له من العوامل الأساسية التي جعلت الإرساليات التبشيرية تحجم عن التبشير في الشمال.
حديثًا وجد الاستعمار أن اللغة العربية هي لغة التعامل والثقافة مما جعل السلطات الاستعمارية تضطر إلى استعمالها في بداية سيطرتها على البلاد، وذلك في المراسلات وعقد الاتفاقيات بين السلطات المحلية وسلطات الاستعمار. وكانت بعض المدن تمثل مراكز تعليم الدين الإسلامي واللغة العربية في البلاد.
لكن سرعان ما اعتبر العربية من أسباب المعرقلة لهم, وانطلاقًا من هذه الفكرة كثفت السلطات الاستعمارية جهودها في مكافحة تعليم اللغة العربية في النيجر وغيرها من المستعمرات الفرنسية ذات الأغلبية الإسلامية في غرب إفريقية واستخدمت لذلك وسائل عدة منها فرض قيود صارمة لاستيراد الكتب العربية من البلدان الإسلامية، وحتى الحجاج منعوا من حمل الكتب الدينية والعربية معهم عند رجوعهم من الحج، وأصبح وضع الحجاج صعب، والحمل ثقيل في حمل هذه الرسالة، وتم منع افتتاح المدارس العربية إلا بعد حصول على إذن من السلطات، مع التشديد في شروط الحصول عليه. إحصاء كتب العلماء بغرض حصرها وفرض الرقابة عليها.
كما أن الصراع الاقتصادي والفكري بين العالم العربي والأوروبي كان واضحًا في أرشيف الوثائق التي تم العثور عليها، حيث كان هناك تخوف من عمليات التوسع للخلافة العثمانية والأفكار التي كان يحملها القادمون من الحج معهم.
ينبغي على القائمين بتعليم اللّغة العربية في المدارس العربية بغرب أفريقيا الاستفادة من المنهج التكاملي للحاق بركب التّقدّم والتّطور في ميدان تعليم اللّغات وتعلّمها، وتكيّفًا لطبيعة اللّغة العربية نفسها. أبرز ما تتّسم به اللّغة، كونها وحدة متكاملة.
ضرورة عودة البعثات العلمية للدراسات الجامعية في اللغة العربية والإسلامية من البلاد العربية علما بأن هذه البعثات نوعان: الرسمية وغير الرسمية، الأولى هي التي تنظمها الحكومة فترسلها للدراسة وهي في يومنا هذا لا تكاد توجد، لأن اللغة الفرنسية في النيجر على الرغم من أنها هي اللغة الأولى فإنها تشعر بالمنافسة الشديدة من قبل العربية.
العودة لتشجيع الطلاب الافارقة أثناء دراستهم في البلاد العربية، بأن يشاركون في المطارحات والمسابقات الأدبية الشعرية وغيرها ويفوزون بجوائز أدبية في جامعات امثال (كلية الدعوة الإسلامية والمدينة المنورة والجامعة الإسلامية بالنيجر، وجامعة الأزهر الشريف بمصر).
اعادة وصول كثير من كتب الأدب العربي الجيدة من العصر الحديث، شعره ونثره إلى النيجر ومكتباتها التجارية، مع انتشار التعليم النظامي العربي الإسلامي العالمي مثل الجامعة الإسلامية بالنيجر وكلية البنات للدراسات الإسلامية والعربية ومعاهد عليا، علمًا بأن في جميع أقسام اللغة العربية تدرس مادة الأدب العربي الإفريقي فظهرت عند الأدباء في النيجر والطلاب موجات قوية الاهتمام بهذا الأدب الإسلامي الإفريقي والتخصص فيه في رسائل ماجستير ودكتوراه.
وجود وسائل حديثة للنشر منها: الصحف العربية كالواحة والتواصل والسلام، يديرها ويكتب فيها المثقفون النيجريون بالثقافة العربية الإسلامية، مع اهتمام هذه الصحف والجرائد بتكوين وعي إسلامي صحيح.
في النهاية اقول أن القرآن الكريم يمثل المنبع الأول والمهم للنيجري العربي، ويمثل غذاؤه، ومصدره، وقوته. وكذلك الحديث الشريف. وبناء عليه فمواسم ورحلات الحج والعمرة إلى الأراضي الحجازية ما زالت تمثل فرصة لتنمية رصيد اللغة عند هذه الشعوب، فلما البعد عنها؟ وعدم استغلالها الاستغلال الأمثل؟.

* د.محمـد عبدالـرحمـن عريـف.. كاتب وباحــث في تاريخ العرب الحديث والمعاصر وتاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية. عضو الاتحاد الدولي للمؤرخين.

Optimized by Optimole