“زيتون: وصفات من المطبخ الفلسطيني”

Spread the love

صدر كتاب “زيتون: وصفات من المطبخ الفلسطيني” للكاتبة البريطانية – الباكستانية ياسمين خان في فبراير – شباط 2019 عن دار نشر دبليو نورتون ويقع في 256 صفحة. وقد كتب مايوخ سن مراجعة له في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية نقلها إلى العربية إبراهيم عبدالله العلو كما يلي:

عندما عادت المؤلفة ياسمين خان إلى لندن في تشرين الثاني – نوفمبر 2016 بعد موسم قطاف الزيتون في الضفة الغربية المحتلة واجهت مشكلة عويصة: لم تتمكن من الكتابة برغم محاولاتها الحثيثة.

توجب عليها تقديم مخطوط كتابها عن فن الطهي الفلسطيني في الربيع اللاحق ولكن مشاهد حواجز التفتيش العسكرية الإسرائيلية والجنود تزاحمت في مخيلتها طوال رحلتها في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبصفها كاتبة شعرت بالحرج البالغ وهي تقاوم دافعاً من الرقابة الذاتية قبل أن تلامس كلماتها بياض الصفحات.

وتستذكر خان مؤخراً ما شاهدته في نيويورك: “لقد راعني ما رأيته هناك. وتساءلت أيضاً ماذا أفعل هناك. أحاول تأليف كتاب عن الطهي. ألا يبدو ذلك الأمر تافهاً؟”.

وتوصلت إلى استنتاج عبر مطالعة كتابات انثوني بوردين حيث حفزت كلماته الدافقة طاقتها. وتساءلت فيما بينها: “توقفي عن المشاعر السلبية وحاولي إنجاز شيء جميل رغم الألم”.

يوثق كتاب “زيتون: وصفات من المطبخ الفلسطيني” الذي يصادف نشره في الولايات المتحدة من طرف دار نشر نورتون هذا الأسبوع رحلات الآنسة خان ويلقي الضوء على جمالية المطبخ الفلسطيني والحقائق السياسية المحيطة به.

وتصف عملها “بالأنثروبولوجيا الطهوية” باستخدام الطعام كوسط لرعاية التفهم الثقافي. ” اهتممتُ بوصف مجموع التجارب الحياتية عبر الطعام مما يعني نقل دقائق التحديات إضافة إلى الجوانب اللذيذة.”

الكاتبة البريطانية الباكستانية ياسمين خان

شاهدت ياسمين خان البالغة من العمر 37 سنة جمالاً رائعاً خلال رحلتين بحثيتين لإنجاز هذا الكتاب. وافتتنت بجودة المنتج. بدا أن القرنبيط ينمو بصورة أكبر من أي شيء شهدته من ذي قبل.

وترى أن رؤوس القرنبيط التي رأتها في سوق الخضار بالقرب من شقة أختها في بروكلين تبدو صغيرة بالمقارنة.

تقوم السيدة خان بتقطيع القرنبيط إلى زهيرات صغيرة وتحمصّها في الفرن ثم تضعها وسط وعاء من الحساء الذي صنعته صبيحة ذلك اليوم من القرنبيط المقلي الممزوج بالبطاطا والثوم والكركم.

يمكن تقسيم الطعام الفلسطيني إلى ثلاثة أقسام: هناك الطهي المرتكز إلى الخبز واللحم في الضفة الغربية التي تضم القدس الشرقية وتصل إلى نهر الأردن. وطعام الجليل الموجودة في داخل ما يسمى “إسرائيل” وتشمل مدن مثل الناصرة الذي يشابه كثيراً المطبخ الشامي مثل الكبة والتبولة. وهناك طهي قطاع غزة المحاذي لمصر والذي يعتمد كثيراً على الأسماك والمقالي. ومن بين أشهر أطباق غزة زبدية الجمبري (القريدس) وهي يخنة بندورة مبهرة بالفلفل الحار والشبت إضافة إلى الجمبري المقلي.

تقول ياسمين إن ما يوحّد هذه الأنواع المختلفة من الطهي الفلسطيني هو حب الزيتون واللبن. وتضيف ملعقة من اللبن فوق كوم من الجزر المحمر وبعضه أرجواني كالخوخ وبعضه أصفر مشقر وتنثر عليه السمسم والحبة السوداء وتغطي سطوحه باللبن قبل أن تسفح عليه زيت الزيتون.

وقعت ياسمين في حب المطبخ الفلسطيني عندما زارت الضفة الغربية قبل عشر سنوات عندما عملت في منظمة بريطانية لحقوق الإنسان تلتزم بمبادرات محاربة الفقر. تركت ياسمين المنظمة في عام 2011. وفي عام 2018 قامت “إسرائيل” بإضافتها إلى 20 منظمة للقائمة السوداء لدعمها لمقاطعة “إسرائيل” اقتصادياً وثقافياً وأكاديمياً.

وتضيف خان: “كانت أياماً عصيبة. لم يكن من السهل رؤية الجهاز الطبيعي للإحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية”.

واكتشفت أن الطعام يهدئ من روعها. ومع مغيب الشمس كل مساء تجلس إلى مائدة الطعام في القرى والمقاهي تتناول الحمص الناعم كالحرير والبقلاوة ذات الوريقات المقرمشة والقطر المتساقط كالألماس. تقول: “من بين الأمور الفريدة في الشرق الأوسط وبغض النظر عما يحدث إكرام الضيف بالطعام والشراب”.

درست ياسمين الحقوق وتدربت كمحامية في البداية ولكنها سئمت ذلك العمل. تقول: “بذلت كل جهودي في دراسة ذلك التخصص ولكنني شعرت بالإرهاق في سن الثلاثين.” ثم تحولت إلى الطعام.

طبق “المسخّن” الفلسطيني من أشهى الأطباق

نشأت ياسمين في برمنغهام في بريطانيا من أب باكستاني وأم إيرانية ونشرت كتاب “حكايا الزعفران” في عام 2016. وهو كتاب طهي إيراني مفعم بالإشارات الذاتية التي تحيله إلى مذكرات.

ولكن كتابة “زيتون” كانت تجربة مختلفة. فبدلاً من النظر إلى الداخل كما فعلت في أثناء كتابة “حكايا الزعفران” رأت نفسها وسيطاً في “زيتون” يذوب ويتلاشى وتكتب ما شاهدته كغريبة.

كانت على دراية بالطبيعة المحفوفة بالمخاطر لعملها كغير فلسطينية تكتب عن الطعام الفلسطيني. “لا أعلق كثيراً وكل ما يقال في الكتاب هو صوت الفلسطينيين”.

وحرصت على إغفال أي مصادر إسرائيلية في الكتاب وهو غياب أمِلت ياسمين أن يرسل رسالة: “لا يصغي الكثيرون للأصوات الفلسطينية دائماً. أصغوا”.

ينضم كتاب “زيتون” إلى سلسلة من كتب الطهي المكتوبة بالإنكليزية ذات الإسم الفلسطيني على غرار كتاب ليلى حداد “مطبخ غزة” (الذي نشر عام 2013) و”المائدة الفلسطينية” لريم قسيس (الذي نشر عام 2017).

وعلى مدار سنوات طويلة كان الكتاب الوحيد المكتوب بالإنكليزية عن الطهي الفلسطيني “الطهي الفلسطيني التقليدي” لكريستيان ناصر الذي نشر عام 2000 والذي استندت إليه خان كثيراً أثناء بحثها.

تتواجد كتب الطهي الفلسطيني خارج نطاق الشرق الأوسط وتماثل كتاب جودي كالا “فلسطين على طاولة” و”بلدي” المنشورين خلال السنوات الثلاثة الماضية. تقول الآنسة كالا المقيمة في لندن: “إذا نظرت عن كثب إلى هذه الكتب ترى سعيها للمحافظة على تراثنا حياً في العالم الذي يحاول إخفاءنا. ونحن لن نذهب إلى أي مكان”.

ينسب سامي التميمي وهو الطاهي الفلسطيني المقيم في لندن والذي كتب كتاب “القدس” مع الطاهي الإسرائيلي يوتام أوتولينغي- وهو كتاب الطهي المنشور عام 2012 والذي أثار ضجة كبيرة حول المطبخ الشرق أوسطي خارج المنطقة- الإهتمام المتصاعد بكتب الطهي الفلسطينية إلى تلاقي العوامل الثقافية والسياسية.

يقول التميمي المولود في القدس: “لم يكن السوق مهيئاً لذلك قبل 10 سنوات”. خلفت صور وسائل الإعلام انطباعاً بأن جميع الفلسطينيين يحيون بين الدمار والخطر. ويعزى انتشار النظرة العادلة للثقافة الفلسطينية إلى وسائل التواصل الإجتماعي مما يسمح للغرباء “لرؤية أن الفلسطينيين أناس عاديون يحيون حياة طبيعية”.

وبالنسبة إلى خان كان تسليط الضوء على المرونة التي شهدتها في المطبخ الفلسطيني عنصراً حيوياً في مشروعها. وواجهت تحديات عدة في مهمتها. حيث تلقت في بريطانيا رسائل من غرباء على وسائل التواصل الإجتماعي تقول إن الطعام الفلسطيني مجرد وهم.

“يواجه الفلسطينيون مثلهم مثل جميع الناس في شتى أنحاء العالم تحديات كبرى ولكنهم بشر يستمتعون بحياتهم”.

قضت ياسمين معظم الصباح في بروكلين وهي تعد طبق “المسخّن” حيث تقوم بتتبيل البصل والدجاج بالسماق ثم تحمّر الدجاج حتى تسيل السوائل منه ويطهى البصل حتى يتحول ليناً حلواً. ثم تصفه على طبق مفروش بالخبز وتدلق عليه العصارة الموشاة بلون السماق الجميل.

يمثّل هذا الطبق جوهر المطبخ الفلسطيني والمتميز بنكهاته اللاذعة ويمنح السماق الدجاج طعماً مميزاً.

المصدر: “نيويورك تايمز” عن الميادين نت

Optimized by Optimole