كتاب “الرسوم الجدارية”

كتاب “الرسوم الجدارية”
Spread the love

دمشق – خاص “شجون عربية” – بقلم: فاطمة الموسى|

دراسة كتاب “الرسوم الجدارية”

أبرز مايوثق الحضارة السورية على مر العصور من فن وإبداع هي الرسوم، تمثلت بالرموز والنقوش التي أظهرت خفايا الحضارة السورية ، ومن خلال البحث والتنقيب تم اكتشاف الرسوم الجدارية التي يتحدث عنها هذا الكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب لعام 2019م – وزارة الثقافة السورية للباحث والدكتور غطفان حبيب ..

بدأ الباحث بالحديث عن أهمية الرسوم الجدارية التي صنعت لحاجة عقلية وفكرية، مضيفاً أن الرموز والنقوش المكتشفة التي تعود لآلاف السنين هي مادة علمية هامة للحياة في تلك الفترات.
فقال: لكل حضارة على مر الزمن، شواهد على وجودها، وشواهد على تطورها ورقيها، تثير فينا هذه الشواهد لذة البحث للكشف عن أسرار هذه الحضارات وخفاياها، وقد تركت لنا الحضارات القديمة أوابد دلت على وجودها، وأدوات دلت على تطورها وعلى درجة تقدمها.
ولكننا نستطيع القول إن جميع الأدوات التي عثر عليها في المواقع التاريخية القديمة صنعت بسبب الحاجة إليها، أدوات للدفاع عن النفس وأخرى للاستعمالات اليومية، ولكن الأهم على الإطلاق فيما تركته هذه الحضارات هو تلك المنتجات الفنية التي تدل على مستواها الفكري ودرجة رقيها، كما تدل على تجاوز مبدأ صناعة أشياء من أجل العيش فقط، بل من أجل التذوق الجمالي والتزيين (كالرسوم الجدارية)

وأكد د.غطفان على أهمية هذه الرسوم الجدارية القديمة في أنها لم تصنع لحاجة فيزيولوجية وإنما صنعت لحاجة عقلية وفكرية، وهو مايعطيها تميزاً خاصاً يدفعنا للتفكير جدياً بدراستها لكي نعود من خلالها آلاف السنين عبر الزمن علنا نستطيع الولوج إلى عقول راسميها ومعرفة طريقة تفكيرهم ومقدار تطورهم، وعلنا أيضاً نستطيع أن نعيش معهم ولو جزئياً من خلال تحليلنا لرسومهم ومعرفتنا لشيء عن تفاصيل حياتهم من خلال فك رموز تلك الرسوم، وقراءة المرحلة التي سبقت التاريخ من خلال قراءة تلك الرموز وربطها مع بعضها البعض لنؤلف من خلال هذه الرسوم الجدارية القديمة رؤية ولو جزئية عن منطقتنا في الحقبة التي سبقت التاريخ، والرابط الأقوى بين تلك الحضارات القديمة التي تعد حضاراتها حضارات الجيل الواحد.
كما فسر هذا الكتاب تلك الرسوم الجدارية القديمة المكتشفة في مناطق عديدة من سورية، وحول موضوعاتها ورموزها وأهميتها والدوافع التي أدت إلى رسمها. وحول كل مايتعلق بها من الناحية الفنية والتقنية والعلمية، وفي الحقيقة إن بعض هذه الرسوم الجدارية في سورية تحتوي على عدد من الألوان بمعنى أنها تصوير جداري وليست رسوماً فقط .
( جميع رسوم المغائر في أوروبا والتي تعود لفترة ماقبل التاريخ تحمل مساحات لوثية أقرب إلى التصوير ولكنها تسمى بمجملها رسوماً جدارية وليست تصويراً جدارياً )
ومن أقدم هذه الرسوم قال الباحث هذه الرسوم المكتشفة تعود إلى الألف العاشر قبل الميلاد، ولكنني رأيت أن أبدأ دراستي من الألف الحادي عشر قبل الميلاد أي من تاريخ التأسيس لانطلاقة ثورة الرموز الفنية في منطقتنا والتي شكلت بالتأكيد بداية لتلك الرسوم الجدارية.
وعن مصدر اسم سورية يقول الكاتب:
إن جميع المصطلحات والتسميات التي أطلقت على المساحة الجغرافية التي تعرف اليوم بإسم سورية، هي تسميات تاريخية ( أي أنها أتت بمجملها بعد بداية التاريخ) رغم أن هذه التسميات أطلقت على سورية الطبيعية التي تشمل اليوم سورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق ( أي مايعرف بـ : بلاد الشام )
ومعظم الحضارات التي سكنت منطقة مابين الرافدين امتداداً إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط وكذلك المنطقة الجنوبية منها ، هي قبائل هاجرت من شبه الجزيرة العربية في فترات مختلفة واستوطنت في هذه المنطقة التي تشمل اليوم بلدان سورية ولبنان والعراق والأردن.

وقد تطرق الدكتور عفيف البهنسي إلى هذا الموضوع بقوله: ” ولعل أقدم تسمية أطلقت على هذه المنطقة العربية “هي :
عمورو إن هذه التسمية تعني سكان الغرب ولقد أطلقها الأكاديون على إخوانهم ممن نزحوا باتجاه الغرب، وفي اللغة السومرية كان يطلق عليها اسم (مارتو). ولقد عرفت هذه المنطقة باسم بلاد عمورو، وأطلق على البحر الأبيض اسم (بحر عمورو)
وهي الحضارة التي سكنت هذه المنطقة في بداية الألف الثاني وامتدت إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد ويتابع
” وبعد ذلك أطلق على هذه المنطقة التي نتحدث عنها اسم: بلاد آرام ويبدو أن هذه التسمية هي جغرافية أيضاً، فهي تعني الأراضي العالية وذلك بالنسبة للرافدين، أو هي تعني الأراضي المرتفعة الجبلية.
فمصطلح آرام النهرين كما ورد في التوراة يعني الأقسام الشمالية من الرافدين وبالتحديد المنطقة الواقعة بين منبع البليخ وحتى الفرات، ولقد عرفت بإسم بين النهرين.
وتسمية آرام نسبة إلى الحضارة الآرامية التي استقرت في هذه المنطقة، وقد انتهت وزالت الحضارة الآرامية في العام 720 ق.م على يد صارغون شاروكين ملك آشور وزال معها الاسم ليتحول اسم المنطقة إلى: آسور عربايا وكانت ولاية سورية من حران شمالاً إلى سيناء تسمى آسورا عربايا وتشمل منطقتين: شمالية هي منطقة الجزيرة وحلب حتى حوران والليطاني، وجنوبية هي بلاد العرب.
وكلمة آسورا عربايا هي من الآشوريين الذين نسب إليهم الكاتب مسعود الخوند أ يضاً تسمية سورية عندما جاء على ذكر الاسم (اسم سورية) في الجزء التاسع من موسوعته التاريخية الجغرافية بقوله:
” إن اسم سورية يظهر بشكل شرين في آداب أوغاريت. وكانت إحدى مناطق شمالي الفرات معروفة عند البابليين بإسم سوري ويرجح جمهور العلماء أن الاسم مشتق من آشور التي مابين النهرين”
أما الدكتور عفيف البهنسي فيفترض بأن اسم سورية قد تحرف من الاسم الآشوري آسورا عربايا إلى سورية.
” تحرف اسم (آسورا) إلى اسم (سورية) وكان الإغريق أول من استعمل هذه التسمية التي وردت على لسان هير ودوت المؤرخ”
وبالتخصص بالرسوم الجدارية في سورية في فترة ماقبل التاريخ أي أنها تبدأ عملياً من تاريخ أقدم لوحة جدارية في سورية، أي من الألف العاشر قبل الميلاد والتي تتضمن القطع الفنية الحجرية المكتشفة في موقع الجرف الأحمر في الجزيرة السورية.
ولكننا لكي نغني هذه الدراسة يجب أن نعود بالتاريخ إلى قبل ذلك بكثير، بالتحديد إلى عصر الباليوليت الأعلى ، ولتحديد فترة الباليوليت الأعلى ضمن التقسيمات التاريخية للعصور الحجرية، نعود إلى تقسيمات العصور الحجرية حسب ماورد في كتاب (الصيادون الأوائل):
العصر الحجري القديم ( الباليوليت) وأصل التسمية يوناني وهو أقدم العصور الحجرية وأطولها، بدأ في افريقيا منذ حوالي 2،5 مليون سنة وانتهى في حوالي 12 ألف سنة ق.م
العصر الحجري الوسيط (الميزوليت) والتسمية من وسط وحجر، بدأ منذ حوالي 12000 سنة ق.م ، وانتهى حوالي 8000 سنة ق .م وهو عصر له صفات انتقالية بين عصر الباليوليت الذي سبقه وعصر النيوليت الذي تلاه.
العصر الحجري الحديث (النيوليت) والاسم من حديث وحجر، بدأ حوالي 8000 سنة ق .م ، وانتهى حوالي 4000 سنة ق .م وهو عصر الاستقرار الزراعة وتدجين الحيوانات.

وختم الباحث بأن الرسوم الجدارية التي اكتشفت في المواقع التي تحدث عنها في كتابه أعطت هذه المواقع أهمية أثرية وفنية وتاريخية، حيث كان لكل موقع ميزته الخاصة.

Optimized by Optimole