«المسبار» يستعرض السلفية في كردستان العراق بأقلام كردية

«المسبار» يستعرض السلفية في كردستان العراق بأقلام كردية
Spread the love

تناول الإصدار الشهري لمركز المسبار للدراسات والبحوث، الأخير «السلفية في كردستان العراق: التاريخ – الأعلام – الانتقادات»، جذورها التاريخية، وتياراتها المختلفة، ومرجعياتها، وعلاقتها مع السلطة الحاكمة، ومواقفها السياسية من القضايا الشائكة، وحجم حضورها في المجتمع الكردستاني، ووسائل الإعلام التي تملكها ورؤيتها للمرأة.
وكي تكون دراسات الكتاب، أكثر ملاصقة لواقع مجتمعاتها، جاءت بأقلام كردية، يمثل بعضها شهادات داخلية، من مختلف مناطق كردستان العراق.
وتناول أستاذ علم الاجتماع في جامعة سوران (أربیل) إبراهیم ملا زاده في دراسته البنیة الفكریة للسلفية الكردية، وحصرها ضمن المركزیة الإثنية، وقدم تحلیلاً في إطار أساسین: الأول فكرة الفرقة الناجیة، والثاني: الغربة في مجتمع الأم.
و تتلخص المنهجیة المعتمدة في هذا البحث في نظریة التشكیل، إذ یتم دراسة أسباب تشكیل المركزیة الإثنية والتقرب من تطور العلاقة بین السلفیة والعنف من طریق إیجاد مدی ومستوی تأثیر النصوص والواقع الذي یعیش فیه وتزدهر فیه السلفیة.
وتحدث الباحث عن الطبيعة السلفية، مشيراً إلى أن جمیع أبعادها، تقتبس وجودها من الماضي بأوجهه الدینیة المختلفة، بتفصیل أدق إنها تعمل علی استرجاع الماضي ثقافیاً ودینیاً علی المستویین العملي والنظري. ويرى أن مشروع هؤلاء قد يشكل إشكالیة حقیقیة موجودة في المجتمع الكُردي، المتسم بالتنوع الدیني، من نواحٍ عدة، أولاً: إحیاء محطات من التراث الدیني، التي لم یعتد علیها الإنسان الكُردي، قد تشكل حال غیر صحیة، وخطراً علی الثقافة الكُردیة والتراث الكُردي. ثانیاً: بمجرد أن تكون سلفیاً، یعني أن تحمل أسماء عربیة إسلامیة.
وصل الباحث – من خلال مقابلات أجراها مع شخصيات سلفية، ومن خلال مراقبة بعض خُطب السلفیین – إلی أن المركزیة الإثنية هي الإطار النظري الأنسب لمعرفة بنیة الجماعات السلفیة في كُردستان، والتي تلجأ عادة، إما إلی العنف الخشن، أو إلی العنف المرن بشكل دائم.
ويرى الباحث أن هذا الفكر الذي يتقوقع في إطار الإثنية السلفية، یمكن أن يشكل تهدیداً للمجتمع الكُردي من ناحیة إمكان اللجوء إلی صنفین من العنف، وهما: العنف الخشن والعنف المرن. وكذلك بموجب إشارات كثیرة للحیاة الیومیة للسلفیین والذين تمت مراقبتهم، بأنهم أصبحوا جسراً لتعریب الثقافة والفكر بجلب الثقافة الخلیجیة للمجتمع الكُردي، وتهمیش الأسماء الكُردیة، وبروز الكنیة العربیة مثل: «أبو فلان» أو «ابن فلان»، والتي هي غریبة عن المجتمع الكُردي.
من جهته، يعتقد مدير قسم الدراسات الإسلامية في مركز كردستان لدراسة الصراع والأزمات إدريس سيويلي، في دراسته إن حضور السلفیة في كردستان كجزء من التیار الإسلامي، أصبح أكثر قوة من أي وقت آخر. واستعرض الباحث تاریخ ظهور السلفیة بأنواعها وتياراتها، وما نتج عنها من الاتجاهات والشخصیات في كردستان العراق.
وأشار الباحث إلى أن أول ظهور للسلفیة في كردستان كان السلفیة المدخلیة. إذ ظهر هذا التیار علی یدي الملا حمدي عبدالمجید إسماعیل السلفي (١٩٣١-٢٠١٢). ثم السلفية السياسية، وتم تبني هذا الطرح من قبل حركة «النهضة الإسلامیة» عند إعلانها في 22-11-1992 بقیادة صدیق عبدالعزیز محمد (١٩٣٩- ). ثم تناول جذور السلفیة الجهادية في كردستان التي تعود إلى نهایة السبعینات وبدایات الثمانینات من القرن الماضي، مشيراً إلى أن أدبیات جماعة الجهاد المصریة ومجموعات أخرى وخطب عبدالحمید كشك وعبدالله عزام كانت تصل بكمیات قلیلة وبسریة إلى أربيل، وكانت تنتشر بین شباب هذه المدینة، واعتبرها الباحث من أسباب تشكل نخبة من حاملي الأفكار المتطرفة.
وفي سياق متصل، يرى الباحث الكردي العراقي المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية محمد حریري، أنه لا یمكن أن نتحدث عن السلطة الكردیة كوحدة عضویة واحدة، لذا یجب أن نعرف أن إقليم كردستان العراق، على رغم الادعاءات المتكررة عن توحید الإدارتین، فإنه ما یزال منقسماً إلى إدارتین أو منطقتین كما یسمیه الناس: بـ«المنطقة الصفراء»، التابعة للحزب الدیموقراطي الكردستاني (مسعود البرزاني)، و«المنطقة الخضراء»، التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني (جلال الطالباني). لذا فإن معالجات وعلاقات السلطة مع القوی السلفیة قد تختلف من هنا إلى هناك، مشيراً إلى أن العلاقة بین الإسلامیین السلفیین والسلطة الكردیة اتسمت بقدر كبیر من البراغماتیة النفعیة والمصلحیة، بحسب ما تملیها المصلحة والمنفعة.
ويخلص الباحث إلى أن السلطة الكردیة لیس لدیها استراتیجیة واضحة في التعامل مع الملف السلفي في كردستان، لأن تعاملاتها إما أمنیة قصیرة المدی والنظر، أو مصلحیة سیاسیة لا تتسم ببعد النظر. فهي علی حدود الوطن تحارب «داعش» باعتباره أشرس جماعة سلفیة جهادیة، وفي الداخل تترك كل الأبواب مفتوحة علی مصراعيها، أمام جماعات سلفیة تدعي أنها سلمیة ودعویة، لكنها تبث مفاهیم مشتركة مع أیة جماعة سلفیة جهادیة، بوعي أو من دونه، فخطر الجماعات الجهادیة بادٍ لكل من یعقل.

المصدر: الحياة

Optimized by Optimole