الطفلة مريم تحكي قصتها في “أنين الجدران”

رواية "أنين الجدران"
Spread the love

بقلم: د. صالح محروس محمد —

صادف أمس الأول اليوم العالمي لمكافحة سرطان الأطفال 15 شباط / فبراير بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية فإن 80% من الأطفال المصابين بالسرطان يعيشون فى الدول النامية..
وسط معاناة طفلة صغيرة من هذا المرض اللعين وبعد تماثلها للشفاء أرادت أن تحكي قصتها في صورة فنية أدبية رائعة ( أنيين الجدران ) لكن ما قصتها ؟
ولماذا أنين الجدران ؟ نعلم معاناة الأطفال والكبار من هذا المرض مما يمنعهم النوم و تسمع شكواهم الجدران سواء في المنزل أو المستشفي . قدمت لهذ العمل الكاتبة والروائية العمانية المعروفة بشرى خلفان تقديما جميلا ذكرت فيه انبهارها بتجربة مريم بنت خالد في الكتابة، كما ذكرت حاجة المجتمع العربي والعالمي لنشر مثل هذه التجارب المحفزة للمرضى المصابين بالسرطان، وتبعث في نفوسهم الأمل في النجاة منه، حيث جاء في تقديمها :” مريم تكتب بلغة رشيقة ومتماسكة حد الدهشة بالنسبة لفتاة في مثل عمرها. شعرت بسعادة ودفء لا يوصف، وأنا اقرأ هذا الكتاب، حينما كنت أخضع بدوري للعلاج الكيماوي . شعرت بأني لست وحدي وأن هناك الكثيرين ممن مروا بهذا الجحيم من قبلي وأن هناك من انتصر بقوة الروح والمحبة، وأن تجربة مريم يجب أن تخرج للجميع فتعلمنا كيف نتعامل مع هذا المرض، بصبر ومحبة وواقعية، هذا الكتاب الصغير في حجمه والكبير في محتواه، كان من الكتب الملهمة التي قرأتها واستمددت منها روح المقاومة”. لذلك كله فإن القارئ العربي مطالب بقراءة هذه التجربة لما لها من دور في صناعة توجه إيجابي تجاه مريض السرطان ووعي بالمرض نفسه.
وتبدأ مريم بنت خالد، قصتها فتقول أنها طفلة عمانية، كان عمرها 8 سنوات عندما شخص الأطباء إصابتها بمرض السرطان من نوع (Ewing Sarcoma) لتبدأ رحلة المعاناة مع المرض الخطير، والعلاج الكيماوي والاشعاعي لمدة سنة كاملة بين جدران المستشفيات وجدران البيت إلى أن من الله عليها بالشفاء. كان لتلك المرحلة الثقيلة على قلبهاعوالق نفسية ظلت تحملها في قلبها الصغير لأكثر من ست سنوات، مشكلة لها معاناة نفسية حتى قررت أن تخرج بها من عمق الكآبة إلى فضاء الكتابة، ومن ضيق الكبت إلى فسحة الكتب، ومن عزلة الوحدة إلى مشاركة الناس فسطرت سيرة معاناتها مع المرض في إصدارها المميز أنين الجدران، الذي أخرجته دار الفرقد السورية بحلة قشيبة.
تعد رواية أنين الجدران تجربة أدبية فريدة، إذ يعد سيرة ذاتية عن تجربة طفلة نجت بفضل الله ورحمته من بين أنياب مرض قاتل، استطاعت بعون الله أن تغلب الأمل على الألم، والرجاء على اليأس، كتبتها بيدها لتكون المشاعر صادقة والتجربة واقعية، كما تمثل التجربة رسالة إيجابية تبعثوها مريم لكل مريض يعاني من مرض السرطان بأن لا تيأس، وأنه مهما بلغ الألم منتهاه، واليأس حده، إلا أن هناك بصيص أمل في النجاة فتمسك به، وثق بالله العظيم فبيده وحده، واليقين بقدرته حبل النجاة. تحدثت الكاتبة مريم بنت خالد عن بداية معاناتها مع المرض الذي عجز الأطباء في البداية عن تشخيصه التشخيص الدقيق، ومعاناتها وأسرتها في الانتقال من مستشفى لآخر بحثا عن تشخيص للمرض، ثم بدء العلاج الكيماوي الحارق الذي كانت له مضاعفات خطيرة أدخلتها في أكثر من مرة إلى غرف العناية الفائقة، واقتربت معه من حد الموت كما ذكرت في كتابها، وصولا إلى شفائها من المرض وما نتج عنه من فرحة غامرة أنستها تفاصيل تلك الأيام العصيبة التي مرت بها.
كما تحدثت الكاتبة الصغيرة عن معاناة مريض السرطان في المجتمع العماني بشكل خاص والمجتمع العربي بشكل عام، فإضافة إلى ما يعانيه المريض من ضغوط نفسية كبيرة من وقع الألم ومن صعوبة العلاج، تجد أن المجتمع يضغط عليه بضغوط أخرى تثقل كاهله وتزيد وضعه النفسي سوءا، فتارة يطلب منه التخلي عن العلاج الكيماوي والاتجاه إلى العلاجات البديلة، وتارة أخرى تجده يوجه سهام كلماته البائسة التي تزيد وضعه سوءا وتضعف الأمل بالشفاء إن لم تقتله. وكما قيل أن في كل محنة منحة، تحكي الكاتبة مريم المنح التي حملتها لها محنة المرض، فتعرفت على أناس من أصحاب الأيادي البيضاء الذين كانت أيديهم تمتد إلى الأطفال مرضى السرطان، فتجدهم يسخرون مواهبهم لتعليم الأطفال مهارات مختلفة مثل الرسم والكتابة و غيرها من المهارات التي أصبحت مفيدة لها في حياتها بعد خروجها من عزلة المرض، كما تعلمت منهم قيم العطاء والتطوع التي ستظل ملازمة لها في حياتها ما بقيت. تختم مريم تجربتها الأدبية بنصائح مهمة خرجت بها من حصيلة معاناتها مع المرض، أن مرض السرطان في سباق مع العلاج، فكلما كان الاكتشاف مبكرا، والعلاج متواصلا فإن الأمل في الشفاء كبير بإذن الله، كما توصي أولياء أمور الأطفال بأن لا يهملون علاج أبنائهم، وتمنت الشفاء لكل مرضى السرطان في العالم بالشفاء العاجل.
فلقد حولت مريم محنتها حيث الاصابة بهذا المرض إلى منحة حيث خلق لنا كاتبة مبدعة ,وترسل بذلك رسالة أمل لكل أطفال العالم وكذلك ترسل طلب لكل رؤساء العالم بالاهتمام بالبحث عن علاج لهذا المرض والتخفيف من آلام ومعاناة مرضاه وتجار الأدوية الكيماوية الذين لا يراعون وضع المريض وكذلك عدم جدوى العلاج . رسالة إنسانية وجهتها الكاتبة الصغيرة تقول فيها للمجتمع حسوا بمرضي السرطان وأسرعوا في علاجهم .

Optimized by Optimole