نصٌ جاهلٌ جداً

نصٌ جاهلٌ جداً
Spread the love

بقلم:رامة إسماعيل |

صباح جديد أُلقيه على الأشياء التي لا أعرفها
تلكَ المكدّسة بوداعة فوق كلّ شيء..
وديعٌ هو المجهول
لطالما كان كلّ ما نعرفهُ شرساً..

‏‎أعرف تمامًا هذا الليل، الذي لا يسترك ولا يفضحك
هو الملائم لسهرةٍ حالمة
وذاتهُ الملائم لاغتصابِ أكبر الأحلام.

‏‎أعرفُ لماذا تختار تلكَ النحلة، أَبي
وتشاغب شروده مراراً..
‏أعرفُ الشوارع المظلومة والظالمة والمُظلِمة
الرصيفَ الضائعَ، والمقاهي المُنتمية..

والقصائد المتعرجة، بوصلتنا إلى ما لا نعرف
وإلى ما لا نقول.
والأغاني التي لا تنتهي، تختبئ تحت العاطفة
كأنها جريمة، تتمدد تحتَ براءتنا
كأنها نشرات أخبار عربيّة.
والضحكات البدائية التي تخجل دائماً أن تستمر، أعرفها كلّها..
‏‎وفُروقَ العطور التي يشتريها أبناء مدينتي
‏‎وألوان القمصان التي يدفعون لها نصف المعاش!

‏‎أعرفُ ما الذي يجعل سائق التكسي يتمتم متفائلًا، في عِزّ يأسه.
وبماذا يُفكرُ صاحب الدكانِ الهادئ في حارتنا الفوضوية
‏‎ومن سيشتري ملابس للعيد من أبنائها.

أعرفُ العتيق، بكلّ مشاعرهِ، ومشاعرنا تجاهه
‏‎أعرفه كما أعرف البداهة
بداهة أنّك من الأشياء التي يقال عنها (كانت)‎
‏تمامًا كمعرفتي بوجهكَ (المودرن)، رغم كلّ ما هو بالٍ بيننا!
حلوٌ كـ قلبي
‏‎حزينٌ كـ نبيّ
‏‎صامتٌ كـهذي البلاد.

‏‎وطاولة الزهر في غرفة جدّي، أعرفها حدّ الشَبَه،
مثلها كلّنا، سمعنا الحكايا التي لم يقلها أصحابها، وبدّلوها ب(شيش بيش) مخنوقة.
‏‎أهزّ رأسي بوجوديتها، وأرتاح.
‏‎هذا النرّد الحُرّ، قُدوتي وقوّتي وَقُوْتي!
‏‎هذه المعرفةُ غُرابي وغربتي وغيابي.

‏‎أعرفُ اسمي، بكلّ ما في المعلومة من فزعٍ وأُلفة.

أعرفُ أن العُمر لن يكون يوماً
مُزارعاً بمريلةٍ رمادية، يقتلع ذكرياتنا الضارة
ويسقي وردة القلب لتتفتح!
وأعرفُ البستانَ الفقيرَ، الذي لا ينسى حصّتكَ في الصيف الجهنمي من النسمة الصغيرة.

أعرفُ أن الحكايات لمّت أبطالها عن الخشبة، وعلّقتهم على أُخرى!
‏‎وأنّ الخبزَ لم يعد يتقاسم دور البطولة مع الماء..
وأنّهُ سيبقى يابساً، يحمي الهوية!
وأننا بتمامِ هويتنا، سنطفو
وبغايةِ جوعنا سنُتخِمُ الموت
وبمنتهى جهلنا، سنقولُ نعرف.

رامة إسماعيل

*رامة إسماعيل كاتبة سورية.

Optimized by Optimole