فيلم كوروني طويل

Spread the love

بقلم: ريما شهاب _ كاتبة لبنانية/

” الأرض تحتاج إلى صدمة تعيدها إلى صوابها” قول رددته لسنوات طويلة ولم أكن أتوقع حصول هكذا صدمة مفاجأة وكأننا خرجنا من الكوكب لندخل إلى فيلم تشويقي ضبابي النهاية من النوع الذي لم يستهويني أبداً.
كنت قد قصدت بقولي أننا قد أصبحنا أشبه بآلات مُستهلَكة تؤدي أعمالاً أو خدماتٍ يومية سريعة ولساعات طويلة ما يجعلنا ننسى أننا كائنات بشرية نحتاج إلى القليل من الفراغ والهدوء لنستجمع أنفسنا ونفكر بما هي الأهداف التي نريدها بالفعل من خلال هذا الوجود أو لنستمتع ببعض الهوايات التي نحب.
هذه السرعة التي لبستنا جعلتنا ننسى كيف نمنح أنفسنا بعض الوقت لنستجمع دواخلنا ونحصنها، جعلتنا ننسى كيف نحضن أحباءنا وأطفالنا وكبارناونستمع إليهم، كيف نجلس معهم لنتقاسم سوية الأفراح والأحزان التي أصبحت ملذات هامشية كالوجبات السريعة التي نتناولها لا مذاق ولا نكهة ولا استمتاع.
رغم حالة الرعب التي تتملك الكوكب من مشرقه إلى مغربه، إلّا أنني أشعر أن نافذة نور تُلمح في الأفق، فترى العائلات عادت لتتجمع في المنزل سوية، يحييون الفراغ الكوني بالتسامر واللعب والتجمع على سفرة واحدة كما لو أنهم يعيدون تقبل ومعرفة بعضهم بعضاً. كلّ منا يعيد حساباته الخاصة ويستذكر النعم التي كان يعيشها يومياً ويتذمر منها قائلاً أنه غير سعيد ويشعر بالروتين والملل رغم حصوله على كل شيء فلا العمل يسعده ولا السفر أو الخروج مع الأصدقاء يشعره بالتجدد والفرح. يبدو أن هذه الأزمة بعيداً عن ما سيصدر عنها في النهاية من تغييرات في العالم بالنسبة لموازين القوى الاقتصادية ومن مخلفات صحية أودت بحياة الكثيرين إلّا أن نافذة أمل إيجابية أراها من ناحية الإنسان كفرد وإعادة تقديره لما أكرم عليه الله من نعم كان قد اعتبرها تحصيلاً حاصلاً إلا أنه كما أعتقد بعد نهاية هذا الفيلم الكوروني سيعود لتقدير ما لديه والاستمتاع بكل دقيقة من حياته التي ستعود اسماً على مسمى بإذن الله عزّ وجلّ.

Optimized by Optimole