“حيث يسقط الزهر: مرتين” عن عمر الخيام

Spread the love

إليسار أحمد/
لعلك قد قرأت له..أو قرأت عنه..أو تعرفت عليه من خلال ألحان السنباطي و صوت أم كلثوم عندما غنت مقاطع مختارة من رباعياته المترجمة إلى العربية ..
إنه غياث الدين أبو الفتوح عمر بن ابراهيم الخيام..عالم الفلك والرياضيات والشاعر الفارسي المعروف بأبعاده الفلسفية المتأرجحة بين الفلسفة والتصوف والإلحاد..!
ولد الخيام في مدينة نيسابور وهي اليوم إحدى المدن الإيرانية..انحدر من عائلة مسلمة غير متعصبة دينياً ..
ذهب إلى مدينة سمرقند عندما بلغ عامه ال20 حيث تواصل مع صديق والده الذي كان حاكم وقاضي المدينة..
وسرعان ما اكتشف لديه موهبة غير عادية في علم الأرقام فوظفه في مكتبه.
نشر الخيام في عامه ال22 واحدة من أعظم أعماله وهي رسالة حول إظهار مشاكل الجبر والموازنة..
أظهر فيها أن المعادلة التكعيبية يمكن أن يكون لها أكثر من حلٍ واحد ..
وأوضح أيضا كيف يمكن استخدام القطوع كالقطع المكافئ والدوائر لاعطاء حلول هندسية للمعادلات التكعيبية..
في عام1073 تلقى الخيام دعوة إلى مدينة أصفهان الفارسية من قبل السلطان ملك شاه..
لإعداد جدول زمني من شأنه أن يعمل بطريقة دقيقة للأبد وبالفعل كان هذا العصرهو العصرالذي حُدد فيه طول السنة بشكل دقيقٍ ومنتظم.
حيث قدم السلطان تقويم عمر الخيام للامبراطورية السلجوقية في 15 أيار/مايو ومازال مستخدماً حتى يومنا هذا..

اشتهر الخيام بمقطوعة أطلق عليها اسم الرباعيات:وهي مقطوعة شعرية فارسية مكونة من أربعة أبيات يكون الشطر الثالث فيها مطلقا بينما
الثلاثة الأخرى مقيدة ..ولعل سبب نجاحها الباهر كان فيما تعكسه من تجربة وخبرة وفهم للحياة.
تناولت الرباعيات مواضيع متعددة كالساقي , والعود, والزهور, والخمر والحانة وأكثر معانيها ينطوي على قصر العمر و ظلم الدنيا و أهمية اغتنام الحياة بما فيها.
ويقال :
أنه كان يتغنى برباعياته أثناء عمله ووقت فراغه حيث نشرها عنه من سمعها من اصدقائه وبعد عدة ترجمات وصلت إلينا بشكلها الحالي.
لكنها لم تنجو من بعض الإضافات و الضياع..ومن جهة أخرى يزعم الكثيرون أن الرباعيات لا تعود للخيام فعليا!
حيث يلمس فيها البعض نوعا من اللهو والتمسك بزهو الحياة الفانية في حين أن الخيام كان يُعرف بأخلاقه الجليلة ..
شكلت الرباعيات مادة غنية مثيرة للاهتمام لدى الكثير من الادباء فمنهم من وجد فيها معاني الإلحاد والتمرد والمجون يقول :

فانعم من الدنيـا بلذّاتـهـا

من قبل أن تسقيك كفّ القدر

أطْفِئْ لظى القلب ببرد الشراب

فإنمـا الأيام مثــل السحاب
.
ومنهم من لمس فيها المعنى التصوفي القدري حيث يقول :
يـــــاعالم الأسرار علم اليقين

ياكاشف الضر عن البائسين

فئنا إلى ظلك فــــــــاقبل عن

عـــبــــادك تــــوبة التـــائبين
وقد عاش “عمر الخيام” معظم حياته داخل نيسابور وسمرقند، واشتهر بعلمه وبرباعياته التى لم يتم جمعها فى عصره لما تحويها من جرأة شديدة
وحكمة بالغة، وإنما ظهرت بعد مرور ثلاثة قرون على وفاته فى سنة 865 هجرية، حيث ترجمة إلى الإنجليزية لتنتشر فى الغرب، ثم قام
الشاعر أحمد رامى بترجمتها من الفارسية إلى العربية.

كما كان للخيام العديد من الرسائل الفلسفية منها :
( الرسالة الأولى في الوجود) و(رسالة في الكون والتكليف)
و كان له أيضا رسالة في الموسيقى ومؤلفات متنوعة وكثيرة.
توفي الخيام عن عمر ناهز 83 عاما..
في مثل هذا اليوم 4 ديسمبر عام 1131 ودفن في قبر كان قد اختاره مسبقا حيث قال:
سيكون قبري في موضع تنتشرالأزهار عليه كل ربيع””
..وبالفعل..رحل الخيام..و دُفن في بستان حيث تتساقط الزهور مرتين في العام..

Optimized by Optimole