تخيلي أنك شجرة

تخيلي أنك شجرة
Spread the love

بقلم: سالي س. علي* |

تخيلي أنك شجرة
– أعني شجرة حقيقية –
تنتظر الشتاء بأسره
ليمر بعكاز قديم كالوقت
وأنت مازلت تقبعين مكانك
بشبح ابتسامة ملونة كالخريف
ليمر حبيبك
فيعبث بشعرك الأخضر قليلاً
في كل عام مرتين.

أو مرفأ
ارقدي لاطمة رصيفك بالأمواج
حزناً على كل مودع
افردي جسدك المرهق مرحباً بكل زائر
وكما المرافىء
كوني طيبة ولا تضايقي أصدقاء البحر
وضيوف الشاطئ
هذي البحار مدينتك
هذا الرصيف منزلك.

ربما بإمكانك أن تكوني قطاراً
يصرخ للسماء ويرتجي العفو
“توت، توت”
بعمق الوحشة والحنين.

لكن اعلمي
أن لا أحد سيضمد جراحك
هم عابرون يدهسون بأحذيتهم الخشنة
أشد جروحك نزفاً.

أو عودي لعالمنا الصغير
قلمي أطراف جناحيك
مناسبين لمقاس غرفتنا الضيقة
علقي عصافير تزقزق
إنذاراً من الدخلاء
ارسمي فراشة زرقاء على الجدار
وصلي أن تصبح حقيقية
ثم صلي عليها مرة أخرى
أن صلاتك سكن لها
ولك.

ابتسمي للغرباء
اخلقي حواراً بعينيك مع فتاة حزينة
فربما هي مثلنا، ليست بخير
خذي بيدك مكفوفاً واعبري به
ظلام النهار
اغسلي بدمعك زجاج السيارات المنتظرة
كالضوء الأخضر
كأقل تضحية تفعلينها لأجل خاطر الله
علّه يرد الجميل ولو لمرة.

وبعد أن تفرغي تعالِ .. تعالِ
تعالِ وأخبريني كل ما حدث
ولنتخيل معا أننا شجرتان
وأن من العادي أن نتشاجر
أنا أمسك عنقود عنب أحمر
وأحلم بالنبيذ
أنت تمسكين حبات كرز زرقاء
وتحلمين بالمرملاد
فما مشكلتك معي إذاً؟

عودي الآن إلى غرفتك
العبي لربع ساعة مع هرتك
اعبثي به.. لربع ساعة أخرى
هاتفي لنصف ساعة أخرى
– صديقاً خاصمته بلا سبب –
ثم اضممي ركبتيك إلى صدرك
كأنه ارتكان قديم للبكاء
تمثال بديع في مدينتك المحتضرة
مدينتك
التي لم يخلق مثلها في البلاد
يا حسرة على البلاد!
..

*”الفتاة التي تحب القطارات” سالي س. علي.

Optimized by Optimole