مقصديّة العدل

حيدر حب الله
Spread the love

بقلم: الشيخ حيدر حب الله |
كلمة التحرير للعدد 54 من مجلة “نصوص معاصرة” جاءت بعنوان «مقصديّة العدل: هل ثمّة تحوُّل جزئيّ في الاجتهاد الإماميّ الحديث نحو المقاصديّة؟»، وفيها يعتبر رئيس التحرير الشيخ حيدر حبّ الله أنّ مراقبة المشهد منذ أقلّ من قرنٍ من اليوم يؤكِّد لنا أنّ «مقصديّة العدل» بدأت تشهد نموّاً متزايداً نسبيّاً، رغم أنّه ما يزال محدوداً.
وتحت عنوان (المطهَّري ومقصد العدل في الشريعة) يقول: يبدو المطهَّري واضحاً في أنّه بصدد جعل العدالة مرجعاً فقهيّاً في الاجتهاد، تماماً كجعل قانون الوفاء بالعقود مرجعاً. وتكشف بعض كلماته أنّه كان بصدد إيجاد نوعٍ من الانسجام داخل المنظومة الفقهيّة، وهو انسجامٌ لطالما اعتُبر خيالاً.
وأما السيستاني فقد تبنّى خيار الكلّيات الدستوريّة وأصول الشريعة (ومنها: العدل).
وكذلك توسَّع الشيخ يوسف الصانعي في تنفيذ قاعدة العدالة، ويعتقد كذلك بمبدأ الكرامة الإنسانيّة. كما يلاحظ المتابع لاجتهاداته إصراره على مبدأ السماحة والسهولة ونفي العُسْر والحَرَج في التشريعات الإسلاميّة.
وأما العلاّمة المعاصر الشيخ الأستاذ محمد رضا الحكيمي فإنه يقيم فكرته، المبثوثة في كتبه ورسائله وأعماله، ومنها: رسالته المشهورة إلى فيدل كاسترو، وكتابه الحياة، على محوريّة التوحيد والعدل في الإسلام. ويعتبر الحكيمي أنّ الامتياز البارز للتشيُّع يكمن في مسألة العدالة والدعوة للعدل، في مقابل حكّام الجَوْر. كما يفهم قضيّة عاشوراء فهماً سياسيّاً تامّاً يقع في سياق تحقيق العدل ورفع الظلم. ويعتبر الحكيمي أنّ للعدالة جوانب ثلاثة: العدالة السياسيّة؛ والعدالة الاقتصاديّة؛ والعدالة القضائيّة. وإنّ تحقيق العدل يحتاج إلى هذه العناصر الثلاثة معاً.
ومن هنا، يتصوَّر الحكيمي أنّه لا يمكن بناء الفرد السليم والصالح من دون بناء المجتمع العادل، وتحقيق العدالة في الأرض.
ومن منظور العدالة نفسه يفهم الحكيمي أنّ الإسلام لا يمكن أن يكون قائلاً بالملكيّة الفرديّة التي تبلغ حدّاً يزعزع أساس العدل في المجتمع. ويقيم الحكيمي العدل على إلغاء الفقر وإلغاء تكاثر الثروة معاً، ويراهما متلازمين، بل التكاثر هو علّة الفقر عنده. ويذهب الحكيمي أبعد من ذلك عندما يعتبر أنّ التعامل مع الظلم الاقتصاديّ لا يمكن أن يكون بالمداراة، بل لا بُدَّ أن ينبثق من تفكيرٍ ثوريّ يقلب الطاولة على رؤوس الطبقة الغنيّة الفاحشة.
وبعد دراسةٍ مقارنة بينه وبين النمط الفقهي العامّ؛ لنكتشف مقصديّة العدل عنده، وتأثيرها على الاجتهاد الشرعي، وذلك من خلال مجموعة نقاط، نكتشف أنّ بِنْية تفكير الحكيمي هي بِنْية مقاصديّة أهدافيّة.
ولعلّ بالإمكان القول: إنّ ثوريّة شريعتي السياسيّة والاجتماعيّة التأمت معها ثوريّة الحكيمي الاقتصاديّة.

Optimized by Optimole