عن الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة

Spread the love

بقلم: فاطمة الموسى* |

أصبح استخدام الطاقة التقليدية مكلفاً للبيئة والإنسان، وأصبح استخدام الطاقة المتجددة هو الأمر الأجدى اليوم. فالإستخدام المكثف للطاقة التقليدية والتي تعتمد على الوقود الأحفوري البترول ومشتقاته والفحم والغاز الطبيعي، تسبب بأضرار خطيرة للإنسان والبيئة وجميع الكائنات الحية وأدى إلى تلوث بيئي لم يشهد له مثيل وإلى الإحتباس الحراري وإرتفاع درجة حرارة الأرض والأمطار الحامضية، وإلى العديد من الكوارث البيئية التي بدأت ولا يعرف متى تنتهي، بالإضافة إلى المشاكل الصحية والتي يصعب تعدادها، مما أدى إلى البحث عن مصادر للطاقة البديلة والنظيفة والتي تحقق التنمية المستدامة ولا تؤثر سلباً، على صحة الإنسان والبيئة. وهذا ما يتحقق في الإعتماد على مصادر الطاقة المتجددة التى تتولد بصورة طبيعية وبصفة مستدامة ومن دون أن ينتج عنها أي نوع من أنواع النفايات الضارة.
وتنتج الطاقة المتجددة من الرياح والمياه والشمس, كما يمكن إنتاجها من حركة الأمواج والمد والجزر أو من طاقة حرارة أرضية، وكذلك من بعض المحاصيل الزراعية والأشجار المنتجة للزيوت.
الطاقة المتجددة ماهي إلا الطاقة التي تنتج من الموارد الطبيعية التي تتجدد أو التي لا يمكن أن تنفد (الطاقة المستدامة). ومصادر الطاقة المتجددة، تختلف عن الوقود الأحفوري والذي يضم البترول والفحم والغاز الطبيعي أو الوقود النووي الذي يستخدم في المفاعلات النووية. ولا تنشأ عن الطاقة المتجددة في العادة مخلفات كثاني أكسيد الكربون أو غازات ضارة ولا تعمل على زيادة الاحتباس الحراري.
أكثر إنتاج للطاقة المتجددة يـُنتج في محطات القوى الكهرمائية بواسطة السدود أينما وجدت الأماكن المناسبة لبنائها على الأنهار ومساقط المياه، وتستخدم الطرق التي تعتمد على الرياح والطاقة الشمسية طرقاً على نطاق واسع في البلدان المتقدمة وبعض البلدان النامية؛ لكن وسائل إنتاج الكهرباء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة أصبح مألوفاً في الآونة الأخيرة، وهناك بلدان عديدة وضعت خططاً لزيادة نسبة إنتاجها للطاقة المتجددة بحيث تغطي احتياجاتها من الطاقة بنسبة 20% من استهلاكها عام 2020. وفي مؤتمر كيوتو في اليابان إتفق معظم رؤساء الدول علي تخفيض إنتاج ثاني أكسيد الكربون في الأعوام المقبلة، وذلك لتجنب التهديدات الرئيسية لتغير المناخ بسبب التلوث واستنفاد الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى المخاطر الاجتماعية والسياسية للوقود الأحفوري والطاقة النووية.
إزداد مؤخراً ما يعرف باسم “تجارة الطاقة المتجددة” والتي تعتبر من الأعمال التي تتدخل في تحويل الطاقات المتجددة إلى مصادر للدخل والترويج لها.
فالطاقة التقليدية هي مركبات مستنفدة لا يمكن إنتاجها ثانية أو تعويضها مجدداً في زمن قصير. بينما الطاقات المتجددة أي التي لا تنضب وتشمل العديد من الطاقات التي يمكن الاستفادة منها وهي طاقة الرياح والهواء والطاقة الشمسية وطاقة المياه أو الأمواج والطاقة الجوفية في باطن الأرض وطاقة الكتلة الحيوية.
مثلاً طاقة المياه هي الطاقة المتولدة من تدفق المياه أو سقوطها في حالة الشلالات (مساقط المياه) كما هو الحال في السدود. وكذلك طاقة الأمواج في البحار، حيث تنشأ الأمواج نتيجة لحركة الرياح وفعلها على مياه البحار والمحيطات والبحيرات.
ختاماً يمكننا القول بأنه توجد جهود في شتى دول العالم المتقدمة والنامية يهدف لتطوير الاستفادة من جميع أنواع الطاقة المتجددة واستثمارها، وللحفاظ على صحة الإنسان من ناحية والمحافظة على البيئة من ناحية أخرى، بالإضافة إلى إيجاد مصادر وأشكال أخرى من الطاقة تكون لها إمكانية الاستمرار والتجدد، والتوفير بتكاليف أقل، في مواجهة الطلب الكبير على الطاقة والنمو الاقتصادي السريع والمتزايد.
إن التنمية المستدامة لهي الهدف الأساسي والأسمي للعالم، دولاً ومؤسسات اقليمية ودولية، ولا يغيب عن أحد أن الطاقة هي العنصر الفاعل لكل نمو وتنمية، فهي العنصر الأساسي لكافة قطاعات الاقتصاد ورفيقة حياة الإنسان. كما لا يغيب عن أحد أن جلّ الطاقة المستخدمة في العالم أجمع هي طاقة تقليدية وغير مستدامة، فضلاً عن أنها ملوّثة للبيئة وتسبب انبعاثات ضارة. ولما كانت التنمية المستدامة تقوم في المقام الاول على حماية البيئة، وضمان الاستخدام الأمثل والتوزيع العادل للموارد بين الجيل الحالي والأجيال اللاحقة، فإن مثل هذه الطاقة التقليدية لا تسمح بتحقيق تنمية مستدامة.
من هنا تدعو المنظمات الدولية إلى ضرورة التزام الحكومات بتنفيذ وعودها في تحقيق تنمية عادلة ومستدامة، وبدأ البحث جلياً عن مصادر جديدة ومتجددة للطاقة، تحافظ على البيئة وتضمن استدامتها، وتحقق العدالة بين الأجيال المتلاحقة وتوفر فرص عمل جديدة، وتلبّي الطلب المتزايد على الطاقة، ومن ثم تحقق تنمية مستدامة. وباشرت العديد من الدول في خطوات واسعة نحو اقامة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة ولا سيما طاقتا الشمس والرياح. ولعل ألمانيا هي الدولة الرائدة في هذا المجال حتى أنها وصفت بـ”المعجزة الخضراء”.

*كاتبة ومراسلة سورية مقيمة في دمشق.

فاطمة الموسى

Optimized by Optimole