دينامية الطاقة المستدامة بالمغرب

دينامية الطاقة المستدامة بالمغرب
Spread the love

أحمد صلحي

مقدمة

تشكل الطاقة هاجسا للمغرب، لضمان احتياجاته وتجاوز التحديات المناخية في إطار التزامه بالمحافظة على البيئة وانتاج طاقة متجددة ونظيفة واداراتها واستهلاكها، وتركيز على حلول مستدامة لإنتاج الطاقة باستثمار أشعة الشمس وتحويل البلد الى رائد الطاقات المتجددة، فتبنى استراتيجية مستدامة للمجال الطاقي ومؤسسات لتعزيز هذا التوجه.

وكنتيجة لازدياد الطلب على الطاقة عالميا، وأمام تقديرات استشرافية لنضوب مصادر الطاقة التقليدية، وبحثا عن بدائل مستدامة، يشكل استثمار الطاقة الشمسية والتخفيف من مصادر الطاقة التقليدية المتمثلة في النفط والغاز المسؤولة عن بعثات الكاربون في الفضاء، وتجاوز الاستنزاف الموارد الطبيعية غير المتجددة وتحقيق التنمية المستدامة خدمة للتنمية المستدامة وحفاظا على حق الاجيال الحالية والمقبلة، هاجسا عالميا، ومن جانبه، انخرط المغرب في استراتيجية للطاقة المتجددة.

وفي سياق هذه الاستراتيجية، ساهم المغرب في انشاء حضائر ريحية ومحطات للطاقة الشمسية، وتمثل محطة نور ورززات قطب إشعاعي للطاقات المتجددة بالقارة الإفريقية، ويصنف كسابع محطة في العالم، وتكمن أهميتها في انها خطوة للاستدامة البيئية ومشوارا لتعززي الطاقة وتجاوز العجز الطاقي، من أجل كفالة الديمومة الطاقية وضمان احتياجات البلد.

وفي هذا الصدد، ستوفر هذه البنيات التحتية للمغرب تلبية لاحتياجاته الأساسية من الكهرباء، بتقليص التبعية الطاقية وتعزيز الطاقات المتجددة، فيما تسعى استراتيجيا لرفع التحديات المستقبلية في مجال الطاقات المتجددة وتأهيلها كرافعة للتنمية المستدامة.

التوجه نحو الطاقة المتجددة

التحولات الاستراتيجية العالمية الانتقال الى الطاقات المتجددة أو البديلة أو النظيفة لتجاوز تبعات المصادر التقليدية لاعتباراتها الملوثة بانبعاثاتها الغازية المسببة للاحتباس الحراري، وتكاليفها الاقتصادية وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري بتقلب الأسواق الدولية لتزايد الطلب عليها، فازدادت الحاجة لوسائل بديلة للطاقة، كطاقات غير قابلة للنفاذ، المتجددة والرخيصة والميسرة، وتتعدد مصادرها كالطاقة المستمدة من الشمس أو الريح أو المياه أو الأمواج … وتتصدر الطاقة الشمسية مجال انتاج الطاقة النظيفة، كمصدر للطاقة المتجددة متجدد ونظيف ومجاني، ويتيح إمكانية لاستغلاله لتجاوز اكراهات ارتفاع تكلفة الطاقة الأحفورية.

وتعد الدول النامية استثمار تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وتشكل القارة الإفريقية ابرز القارات المستثمرة في هذه الطاقة المتطورة بسرعة، فأضحت مصادر الطاقة المتجددة الخيار الاستراتيجي لتعويض التكليف الباهظة للوقود الأحفوري، ومن أجل إنجاح الاستثمار وتوظيف تكنولوجيا الطاقة المتجددة في صلب سياساتها الطاقية. وفي هذا السياق، تهيء الظروف الطبيعية والإمكانات للمغرب استثمار هذه المصادر لتوفير طاقة متجددة، وكانت البداية بالبحث عن مصادر للطاقة المتجددة وتطوير تكنولوجيا النظيفة في افق الاقتصاد الأخضر.

استراتيجية المغربية للطاقة:

ترتكز الاستراتيجية المغربية على ادماج البعد البيئي في البرامج التنموية عبر استراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، وتتوخى هدف محوري تقليص التبعية الطاقية، وتنويع مصادر ومواردها مستفيدة من معدلات الإشعاع المتميزة بالعالم في السنة، وترتكز هذه الاستراتيجية على الاستخدام الرشيد للطاقة بتطوير النجاعة الطاقية وحماية البيئة والتنمية المستدامة والاستثمار في تكنولوجيا الطاقة المتجددة المستدامة.

وتتأسس هذه الاستراتيجية التي اطلقت ملامحها الأولى 2009، على رؤية استراتيجية للسياسة الطاقية، بتأهيل المغرب كنموذج رائد في مجال الطاقة المتجددة، عبر تنويع مصادر التزود بالطاقة والاستثمار في الطاقات المتجددة وتقليص الاعتماد على الطاقة الاحفورية والتبعية الطاقية للخارج، مرتكزة على تطوير برامج ومشاريع لإنتاج وتوليد الطاقة الكهربائية عبر الاعتماد على مصادر الطاقة الريحية والشمسية.

وفي هذا الإطار، وللاستثمار في البنية التحتية للطاقة النظيفة المتجددة، تم إحداث عدة مؤسسات لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية في مجال الطاقة، كالوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية وشركة الاستثمارات في مجال الطقة ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة والوكالة المغربية للطاقة المستدامة، للإشراف على تطبيق وادارة برنامج الطاقة المتجددة في المغرب، وعلى الاستثمار في الطاقة الشمسية في كافة التراب الوطني وتمويلها وتنفيذ مشاريعها، وقد اضحى هذ القطاع في تطور مستمر في المغرب. يتوقف على استثمارات مهمة في البنية التحتية للنقل والتخزين للطاقة، وكانت البداية بإنشاء مجمعات للطاقة الريحية في مدينة طرفاية وبطنجة والدار البيضاء، ومشاريع للطاقة الشمسية بمناطق عدة ابرزها مشروع نور ورززات.

وتتوج بتدشين أكبر مشروع للطاقة الشمسية بالعالم في ورززات، وتبعد حوالي 20 كيلومتر عن المدينة، ممتدة على مساحة 3000 هكتار، والمشروع على خمسة مراحل، بانطلاقة المرحلة الاولى نور 1 وتحضير باقي المراحل على فترات، وتتوخى توليد 2000 ميجاوت بحلول 2020، على ان يوفر حوالي 38 بالمائة من احتياجات المغرب السنوية من الكهرباء، الى جانبها كان المغرب دشن مشاريع واعدة للمحطات الريحية.

لقد ساهمت هذه المشاريع المتميزة في الطاقة النظيفة في احتلال المغرب للمرتبة الثانية في مجال الطاقة الريحية، ومراتب متقدمة في الطاقة الشمسية، وستؤهل هذه المشاريع لتعزيز مكانته في مجال الاستثمار في الطاقات المتجددة،

رهانات الأمن الطاقي

يراهن المغرب على الاستثمار في قطاع انتاج الطاقة النظيفة بمشاريع متميزة في مجال الطاقة الشمسية، في المستقبل البعيد لتعزيز مكانته كقطب عالمي في هذا المجال، ونموذجا ومرجعا لتعزيز الطاقة النظيفة على حساب الطاقات الأحفورية، وفي المستقبل القريب، على رفع حصة الطاقة المتجددة الى حوالي 42 بالمائة بحلول 2020 و52 بالمائة بحلول 2030، وعلى أمل خفض استهلاك الطاقة الى 15 بالمئة في نفس السنة، وتوفير مليون طن من البترول سنويا، مع خفض الانبعاثات من ثاني اوكسيد الكاربون ب3,7 مليون طن سنويا، في التزام بالتعهدات والمساعي المغربية لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة وفق مقررات قمة المناخ.

علاوة على ذلك، يتخبط المغرب في تبعية طاقية اذ ان اكثر من 90 بالمائة من احتياجاته الطاقية مستوردة، مما يجعله في غير منئ من التبعات تقلبات السوق الدولية ، ويرفع من تكلفة استيراد الطاقة، مع تسجيل الطلب الداخلي المتزايد على موارد الطاقة بنسبة حوالي 7 بالمائة سنويا، لذلك يسعى تقليص التبعية الطاقية من 98 بالمئة في 2008 محاولات لتخفيض هذه النسبة لتصل بعد ثمان سنوات الى 93 بالمائة في أفق خفضها الى أقل من 82 بالمئة 2030 وتحقيق اكتفاء ذاتي من قدرته الكهربائية 42 بالمائة بحلول 2020 والى حوالي 52 بالمائة 2030.

وستشكل المشاريع الطاقة المتجددة بديلا لهذه التكلفة المرتفعة للطاقة غير المتجددة، ومن اجل تعزيزها أمنها الطاقي، انسجاما مع التركيز العالمي على تحقيق استدامة طاقية بالاعتماد على الطاقات المتجددة، مما يؤهل المغرب ليشكل احد افضل المطورين ف هذا المجال افريقيا وعالميا.

إجمالا، ستشكل هذه المشاريع والاستراتيجيات فرصة لتنمية اقتصادية وتأهيل للسياسة الطاقية ورفع مساهمات الطاقات الخضراء والمتجددة وتعزيز النجاعة الطاقية، مما سيؤهلها كرافعة تنموية بالمملكة.

Optimized by Optimole