الغزال والأسد

Spread the love

manuel1

بقلم: الأب مانويل مسلم* — هرب غزال من الصيادين وساقته اقداره الى مغارة اسد. اختبأ الاسد ليعطي الغزال شعورا بالامان. بعدها وقف الاسد في باب المغارة فقال الغزال في نفسه: “ويلي انا الشقي، هربت من الانسان لاقع ضحية الحيوان المفترس. وثب الاسد عليه وقتله.
عاش الشعب الفلسطيني على ارضه من سنة 1967 وحتى سنة 1987 كالغزال الطريد بدون سلطة فلسطينية، تلاحقه الادارة المدنية والعملاء.
.. وسنة 1987 استطاع الغزال بانتفاضته الاولى “انتفاضة اطفال الحجارة” ان يخيف الصيادين؛ وتألّم الشعب الفلسطيني خارج ارضه كثيرا سنة 1970 في الاردن وسنة 1982 في لبنان. وظهر ان احوال الفلسطينيين على ارضهم افضل من حال فلسطينيي الشتات؛ هنا هرب الغزال من الصيادين ولجأ الى مغارة الاسد.
بدأت نقطة هامة في تاريخ الشعب الفلسطيني وهي محادثات مدريد تبعتها محادثات اوسلو التي افرزت اتفاقية اوسلو البغيضة. سأل الناس ابو عمار حين خروجه من لبنان:” الى اين الآن انت ذاهب؟” قال:” الى فلسطين.”
حلم الشعب تحت الاحتلال 26 سنة حلم الغزال بالنجاة على يد الزعيم الراحل ابو عمار، لكن الاسرائيليين مكروا بنا.
دخل ابو عمار غزة واريحا اولا سنة 1994، وكأني بالشعب الفلسطيني –الغزال – قد هرب فعليا وبقراره الشخصي الى مغارة الاسد.
وبدأ الذلّ يلف خيوطه حول عنقنا. انتخبنا سلطة وطنية ومجلسا تشريعياً.
في عام 1996 ثم تنازلنا عن الكفاح المسلح سبيلا لتحرير فلسطين واستبدلناه بمفاوضات سلمية لمدة خمس سنوات تقوم فيها دولة فلسطينية على حدود 1967 اي اننا اعترفنا باسرائيل دولة على حدود الخط الاخضر. وقسمت اسرائيل الارض الفلسطينية التي حلمنا باقامة دولتنا عليها الى “أ _ ب _ ج” ؛ يا لتعاستنا التي كانت مبطنة كحبة اللوز بالحلوى البيضاء.
ومكرت اسرائيل بنا حتى قامت انتفاضة الاقصى سنة 2000 وأُغْلِقت الضفة الغربية وغزة بامر عسكري وتَمَّ احتلال المدن الفلسطينية من جديد التي كانت قد سلّمتها السلطة.
وفي سنة 2002 بدأت اسرائيل ببناء الجدار العنصري وعشنا منذ ذلك التاريخ الى يومنا هذا آلام التصاريح.
ثم اتضحت مأساة الغزال في رام الله حين حاصره الاسد وقتله.
وصمم الشعب- الغزال، ان يبقى في مغارة الاسد، وهنا اختبأ الاسد بعيدا عن غزة سنة 2005 وسنة 2006 اخترنا مجلسا تشريعيا جديدا ورئيسا جديدا السيد محمود عباس. ثم ابتدأ الاسد يعضنا عضا مؤلما فحدث الانفصال العظيم واستولت حماس على غزة وبدأنا نحن الفلسطينيين نُنَكّل ببعضنا. وزادت المستوطنات عددا ومستوطنين؛ وضمّت اسرائيل القدس؛ والمفاوضات لا تزال هي القرار الفلسطيني يا لعيبنا وخزينا. وضحك علينا العالم بان اعترفت هيئة الامم لنا بدولة ولا نرى لها مستقبلا في المدى المنظور بل لن يكون لها وجود الا حبرا على ورق.
ايها الفلسطينيون: ان كان ماضينا وحاضرنا لم يسركم فهل تتوقعون مستقبلا للغزال في مغارة اسد جائع ؟
سياسة قادتنا كانت خاطئة. سياستنا التي كنا في نهجها ثبت انها معْوَجّة لا يُصْلِح اعوجاجها الا نار المقاومة. فاما ان تختار يا شعبنا طريق المقاومة وتقول مع الشاعر:” ومهما شِئْتِ يا طرقي فكوني اذاةً او نجاةً او هلاكا” او اُنْدُب مستقبلك فهو إمّا عبودية او موت. وهل بين العبودية والموت من خيار!!!
ايها الفلسطيني، اخرج من اوسلو- مغارة الاسد- قبل ان يفتك بك الاسد. واعلم انك إن لم تكن ذئباً اكلتك الذئاب.

*راعي كنيسة اللاتين في فلسطين

المصدر: صفحة الأب مانويل مسلم على فيسبوك

Optimized by Optimole