في ثورة الذكاء الاصطناعي.. البشر إلى أين؟

Spread the love

بقلم: إليسار أحمد* | إن كنت تظن أن الإنسان وحده من يقدر على التعلم والاستنتاج فأنت لم تتعرف بعد على ما يسمى “الذكاء الاصطناعي”.
الذكاء الاصطناعي هو مجموعة الأنظمة البرمجية التي تماثل العقل البشري وتعمل بطريقة مماثلة له، حيث يمكن للآلة في عصرنا هذا أن تحاكي طريقة تفكيرنا وإدراكنا كبشر. كما يمكنها أن تجارينا خصوصاً بما يتعلق بالمهمات الاستنتاجية والمهارات العملية والأعمال. فهنالك الكثير من التطبيقات التي تتفوق على أداء الخبراء والمحترفين في الكثير من المجالات التي أصبحت فيها التطبيقات بديلاً للإنسان.
صاغ عالم الكومبيوتر جون مكارثي مصطلح الذكاء الاصطناعي في عام 1956، وعرَّفه بنفسه بأنه “علم وهندسة صنع الآلات الذكية”. ويعرّف أندرياس كابلان ومايكل هاينلين الذكاء الاصطناعي بأنه “قدرة النظام على تفسير البيانات الخارجية بشكل صحيح، والتعلم من هذه البيانات، واستخدام تلك المعرفة لتحقيق أهداف ومهام محددة من خلال التكيف المرن”.
يُعرِّف الكثير من الخبراء الذكاء الاصطناعي على أنه “دراسة وتصميم العملاء الأذكياء”، والعميل الذكي هو نظام يستوعب بيئته ويتخذ المواقف التي تزيد من فرصته في النجاح في تحقيق مهمته أو مهمة فريقه.
تستخدم العديد من الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحصل على نتائج أدق بل وأفضل في عملية التنفيذ. وتم إدخال هذه التقنيات في الكثير من المجالات والصناعات والإدارات، حيث نجد هذه التقنية موجودة بكثرة خاصة في المجال الطبي، وإدارة السجلات الطبية، ونتائج التحاليل، والفحوصات ومراقبة وضع المرضى ومجاراتهم خلال فترات العلاج. كما تستخدم في تمييز الأصوات، والصور، والتحكم الآلي، وتداول الأسهم في المجال الاقتصادي، والقانون، والاكتشافات العلمية ومحركات البحث، والسيارات، وحل المشاكل، والتعامل العاطفي والمجتمعي، والتعليم والإبداع حتى.
يُقال إن بدايات الذكاء الاصطناعي بدأت مع حكايات الخيال العلمي حيث كانت الالآت تصوَّر لنا على أنها تشابه البشر وتفكر مثلهم بل وتشعر بشعور يحاكي الشعور البشري. وفي القرن العشرين بدأ القليل من العلماء باستكشاف نظريات ومناهج تتماشى مع الاكتشافات الحديثة في علم التحكم الآلي واختراع أول آلة يمكنها محاكاة عملية التفكير الحسابي البشري، وصولاً الى القرن الحادي والعشرين حيث حقق الذكاء الاصطناعي نجاحات ملحوظة وتطوراً كبيراً وتم إدخاله في العديد من المجالات.
وعلى الرغم من أن العلوم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لا يصلنا منها الا القليل في العالم العربي، إلا أنها تتطور باستمرار وسرعة حيث أن الوفرة الكبيرة للبيانات والقدرة العالية والمتسارعة في البرامج المعلوماتية وأجهزة الحاسوب (كومبيوتر). كل هذا وغيره ساهم في قدرة الخوارزميات على تجاوز الطرق البرمجية الموجودة حول المهام البشرية.
لكن لا شك أن المشاكل ترافق هذاه المعضلة البرمجية بما فيها من أنظمة وخوارزميات وفرضيات حيث أن المشاكل الصعبة التي يتعامل معها الإنسان بديهياً تحتاج الى موارد حسابية هائلة ووقت وجهد وذواكر حاسوبية قد تؤدي الى ما يسمى “بالانفجار الاندماجي”.
كما أن الكثير من المعلومات التي يعرفها البعقل البشري لا تتمثل بحقائق أو بيانات، كبديهيات أو ميول أو أحاسيس وإدراكات تتمثل في الدماغ بطريقة اللاوعي لم يستطع الذكاء الاصطناعي الوصول اليها بعد.
والجدير ذكره أنه لا توجد نظرية موحدة للذكاء الاصطناعي حيث اختلف العلماء والباحثون حول العديد من النظريات والمداخل للذكاء الاصطناعي وصلته بالبيولوجيا البشرية .
لكن السؤال الأهم هو: أيعقل أن يخرج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة البشرية؟
وأن ينقلب السحر على الساحر ونصبح تحت سيطرة أنظمة الكومبيوتر؟
فحسب ما ذكرت صحيفة “ميرو” البريطانية، فإن الخبراء حذروا من خطورة ذكاء الروبوت بعد تطور نظام الذكاء الاصطناعي. كما عبّر ستيفن هوكينغ عن قلقه من تهديد الذكاء الاصطناعي للإنسانية يوماً ما .
وأعلن مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس عن رغبته في بقاء الروبوتات غبية الى حد ما وقال: “أنا في معسكر من يشعر بالقلق إزاء الذكاء الخارق”.
وفي تشرين الأول / أكتوبر 2015 وصف المخترع الأميركي إلون موسك الذكاء الاصطناعي “بأنه من أعظم المخاطر التي تهدد الوجود البشري، كما شبّه تطوير الآلات الذكية “باستحضار الشياطين .”
لكن في المقابل يرى الكثير من العلماء أن تقنيات الذكاء الاصطناعي هي تقنيات مفيدة وتسهل من عمل الإنسان وتقدم له المساعدة وليست بخطيرة، فهي تحتاج إلى وقت طويل من التطوير التدريجي ولا تزال في بداياتها .
ويثير هذا الأمر مجموعة أسئلة هي:
هل يهدد الذكاء الاصطناعي بالاستغناء عن خدمات البشر؟
وهل أصبحت التطبيقات بديلاً للإنسان؟
ومن هو المستفيد من ذلك؟

*كاتبة سورية.

Optimized by Optimole